شقة مي زيادة التي شهدت صالونها ولقاءاتها بكبار الكتاب ومنهم العقاد وطه حسين، معروضة للبيع للتجار، يحدث هذا دون أن يتحرك أحد من وزارة الثقافة المصرية لأن الشقة في مصر، أو اللبنانية لأن صاحبتها من لبنان. عرف الناس بهذا البيع من خلال حالة كتبها على الفيس بوك نبيل سيف رئيس تحرير الموقع الإلكتروني أخبار حصري تتناول موعد البيع ومقتنياته النادرة: " مساء اليوم السبت (24 اكتوبر 2015) هاحضر مزاد مغلق وشخصى جدا جدا فى شقة بشارع علوى بوسط القاهرة امام مبنى الاذاعة القديم الشقة دى مغلقة منذ 1941 تخيلوا...............!!!!! والمفاجأة انها شقة الاديبة "مى زيادة "الى توفيت بمرض الجنون سنة 1940 ،وهى اديبة لبنانية عاشت فى مصر وعشقها العقاد وكل أدباء مصر وانتهى بمأساة وفاتها بالجنون وغدر الجميع بها. الشقة فيها بلاوي وكراتين وأوراق ورسائل من العقاد وطة حسين ،وامراء وعظماء لأنها كانت جميلة جدا.... أهم كرتونة اللى فيها كل ملفاتها الطبية وتقارير علاجها ووفاتها وواضح ان الورثة هما الى جمعوا الكرتونة دى لان فيها حتى مصاريف جنازتها وحساب الحانوتي القبطى. انا عاينت الشقة من يومين بس على السريع لأني كنت مرتبط بمواعيد ،وللأسف دى جزء من تاريخ مصر الأدبي، ها يتوزع مساء اليوم على أصحاب النصيب، وخاصة أنها كانت عاشقة للمزيكا فعندها كام جرافون واسطوانات كتير ،والطريف ان عندها حاجت بخط سيد درويش ،وتذاكر حفلات مسرحيات للريحاني ويوسف وهبي. كمية الصور لها حوالى 2000 صورة مع كل عظماء مصر ،غير الكتب، لدرجة أن ملابسها العتة اكلتها بعد كل تلك السنوات انما احذيتها ومتعلقاتها الشخصية سليمة. جواز سفرها، وبطاقتها الشخصية ، وخطابات الغرام بينها وبين جبران خليل جبران متعة وسباحة فى الزمن الجميل. واضح أننى سوف اجد مفاجآت تانية لان الكراتين فى باقى الغرف لسة لم تفتح ،والشقة كلها 4 غرف منهم غرفة مكتبة فيها 2000 كتاب مثلا كلها اهداءات ،ومخطوطات وبلاوى متلتلة عايزة متحف. بقول الكلام دة لاننا فعلا فى كارثة ،اسمها تاريخ مصر بيتباع على عينك يا تاجر". أما إبراهيم عبدالمجيد فقد نادى بحملة لإنقاذ هذا التراث العظيم: "حملة يا كتاب . حملة يامبدعين يمكن حد يسمعنا . ساعات وتتباع شقة مي زيادة بما فيها من مقتنيات وكتب وخطابات من اعظم الادباء . فضلا عن مقتنياتها الشخصية . حملة يامبدعين يمكن مسؤول يجري بخمسة ستة مليون من اللي بيصرفوهم ع العشا ويشتروا الشقة ويحولوها متحف يعوض كل الفلوس .كل واحد وواحدة يكتب حاجة علي صفحته . آه يا بلد" غف ويكبيديا فقد ولدت مي زيادة في الناصرة. وهي ابنة وحيدة لأب لبناني وأم فلسطينية أرثوذكسية. تلقت دراستها الابتدائية في الناصرة، والثانوية في عين طورة بلبنان. عام 1907، وانتقلت مع أسرتها للإقامة في القاهرة. ودرست في كلية الآداب وأتقنت اللغة الفرنسية والإنكليزية والإيطالية والألمانية ولكن معرفتها بالفرنسية كانت عميقة جداً ولها بها شعر. في القاهرة، عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته، عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها. فيما بعد، تابعت دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة. نشرت مقالات أدبية ونقدية واجتماعية منذ صباها فلفتت الأنظار إليها. كانت تعقد مجلسها الأدبي كل ثلاثاء من كل أسبوع وقد امتازت بسعة الأفق ودقة الشعور وجمال اللغة. نشرت مقالات وأبحاثاً في كبريات الصحف والمجلات المصرية، مثل للمقطم، والأهرام، والزهور، والمحروسة، والهلال، والمقتطف. أما الكتب، فقد كان «باكورة» إنتاجها في عام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية وأول أعمالها بالفرنسية كانت بعنوان "أزاهير حلم". ظهرت عام 1911 العربية من اللغات الألمانية والفرنسية والإنجليزية. وفيما بعد صدر لها "باحثة البادية" عام 1920، و"كلمات وإشارات" عام 1922، و"المساواة" عام 1923، و"ظلمات وأشعة" عام 1923، و"بين الجزر والمد" عام 1924، و"الصحائف" عام 1924. أما قلبها، فقد ظل مأخوذاً طوال حياتها بجبران خليل جبران وحده، رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة. ودامت المراسلات بينهما لعشرين عامًا منذ 1911 وحتى وفاة جبران في نيويورك عام 1931. واتخذت مراسلاتها صيغة غرامية عنيفة وهو الوحيد الذي بادلته حباً بحب وإن كان حباً روحياً خالصاً وعفيفاً. ولم تتزوج على كثرة عشاقها. الفاجعة أن أقاربها ألقوا بها في مستشفى حتى ماتت: "قضت بعض الوقت في مستشفى للأمراض النفسية وذلك بعد وفاة الشاعر جبران خليل جبران فأرسلها أصحابها إلى لبنان حيث يسكن ذووها فأساؤوا إليها وأدخلوها إلى «مستشفى الأمراض العقلية» مدة تسعة أشهر وحجروا عليها فاحتجّت الصحف اللبنانية وبعض الكتاب والصحفيون بعنف على السلوك السيء لأقاربها، فنقلت إلى مستشفى خاص في بيروت ثم خرجت إلى بيت مستأجر حتى عادت لها عافيتها وأقامت عند الأديب أمين الريحاني عدة أشهر ثم عادت إلى مصر.
عاشت صقيع الوحدة وبرودة هذا الفراغ الهائل الذي تركه لها من كانوا السند الحقيقي لها في الدنيا. وحاولت أن تسكب أحزانها على أوراقها وبين كتبها. فلم يشفها ذلك من آلام الفقد الرهيب لكل أحبابها دفعة واحدة. فسافرت عام 1932 إلى إنجلترا أملاً في أن تغيّر المكان والجو الذي تعيش فيه ربما يخفف قليلاً من آلامها. لكن حتى السفر لم يكن الدواء. فقد عادت إلى مصر ثم سافرت مرة ثانية إلى إيطاليا لتتابع محاضرات في «جامعة بروجيه» عن آثار اللغة الإيطالية. ثم عادت إلى مصر. وبعدها بقليل سافرت مرة أخرى إلى روما ثم عادت إلى مصر حيث استسلمت لأحزانها. ورفعت الراية البيضاء لتعلن أنها في حالة نفسية صعبة. وأنها في حاجة إلى من يقف جانبها ويسندها حتى تتماسك من جديد"، وقد عادت مي للقاهرة وتوفيت في مستشفى المعادي عن عمر 55 عاماً. وقالت هدى شعراوي في تأبينها «كانت مي المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة». وكُتبت في رثائها مقالات كثيرة بينها مقالة لأمين الريحاني نشرت في «جريدة المكشوف» اللبنانية عنوانها «انطفأت مي». وقد رثاها العقاد بقصيدته المشهورة: أين في المحفل ميٌّ يا صحاب؟ ... عوّدتنا ها هنا فصل الخطاب عرشها المنبر مرفوع الجناب ... مستجيب حين يدعي مستجابْ رحمه الله علي ميّ خصالا ... رحمه الله علي ميّ فعالا رحمه الله علي ميّ جمالا ... رحمه الله علي ميّ سجالا كلما سجل في الطرس كتابْ فهل سيتحرك أحد لإنقاذ ميراث مي وجزءا أصيلا من تراث مصر في هذه الحقبة الزاهية؟ النداء للمثقفين.. لوزارتي الثقافة المصرية واللبنانية.. لمن يستطيع المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية