احتفالات عيد التحرير.. "التعليم العالي" تشهد إنجازا تاريخيا بسيناء في عهد السيسي    رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الرئيس السيسي بذكرى تحرير سيناء    ارتفاع أسعار الذهب بشكل طفيف وسط التركيز على البيانات الاقتصادية الأمريكية    ضربة قوية للتجار.. كيف أثرت حملة مقاطعة الأسماك على الأسواق في بورسعيد والإسكندرية؟ تعرف إلى الأسعار الجديدة    محافظ بورسعيد: تواصل أعمال تطوير وتوسعة ورفع كفاءة شارع محمد حسني| صور    محفظة أقساط شركات التأمين تسجل 8.38 مليار جنيه خلال يناير 2024    البترول: تجهيز غرفة أشعة مقطعية للمستشفى الجامعي بالإسكندرية    "الري": بدء إنشاء 50 بحيرة جبلية للحماية من أخطار السيول بجنوب سيناء    عاجل.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين للقيام بعمليات في غزة    بوريل: مدن غزة دمرت أكثر من مدن ألمانيا بالحرب العالمية الثانية    ريانة برناوي أول رائدة فضاء سعودية ضيفة «يحدث في مصر» الليلة    بسبب الحرب على غزة.. كل ما تحتاج معرفته عن احتجاجات الجامعات الأمريكية    تكذيبا للشائعات.. إمام عاشور يغازل الأهلي قبل لقاء مازيمبي بدوري الأبطال| شاهد    مروان عطية يصدم الأهلي قبل مواجهة مازيمبي الكونغولي    بعد عودة الشناوي.. تعرف على الحارس الأقرب لعرين الأهلي الفترة المقبلة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24-4-2024 والقنوات الناقلة    "لا يرتقي للحدث".. أحمد حسام ميدو ينتقد حكام نهائي دوري أبطال آسيا    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بحدائق أكتوبر    وكيل تعليم بورسعيد: الامتحانات مهمة وطنية يحب أداؤها على أكمل وجه    الكونجرس الأمريكي يقر قانون حظر تيك توك    تفاصيل الحالة المرورية بالمحاور والميادين صباح الأربعاء 24 أبريل    اليوم.. استكمال محاكمة المتهمين باستدراج طبيب وقتله بالتجمع الخامس    مصرع مُسنة دهسا بالقطار في سوهاج    عاجل:- تطبيق قرار حظر الصيد في البحر الأحمر    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    طرح فيلم ANYONE BUT YOU على منصة نتفليكس    نجوم الغد .. أحمد ميدان: هذه نصيحة السقا وكريم لى    دعاء الحر الشديد.. 5 كلمات تعتقك من نار جهنم وتدخلك الجنة    تقديم خدمات طبية لأكثر من 600 مواطن بمختلف التخصصات خلال قافلتين بالبحيرة    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    تجديد منظومة التأمين الصحي الشامل للعاملين بقطاعي التعليم والمستشفيات الجامعية بسوهاج    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    اليوم.. «خطة النواب» تناقش موازنة مصلحة الجمارك المصرية للعام المالي 2024/ 2025    8 مليارات دولار قيمة سلع مفرج عنها في 3 أسابيع من أبريل 2024.. رئيس الوزراء يؤكد العمل لاحتياط استراتيجي سلعي يسمح بتدخل الدولة في أي وقت    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    تاريخ مميز 24-4-2024.. تعرف على حظك اليوم والأبراج الأكثر ربحًا للمال    مفوض حقوق الإنسان أكد وحدة قادة العالم لحماية المحاصرين في رفح.. «الاستعلامات»: تحذيرات مصر المتكررة وصلت إسرائيل من كافة القنوات    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    الذكرى ال117 لتأسيس النادي الأهلي.. يا نسر عالي في الملاعب    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    الشيوخ الأمريكي يوافق على 95 مليار دولار مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا    الصين تعارض إدراج تايوان في مشروع قانون مساعدات أقره الكونجرس الأمريكي    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    هل يجوز طلب الرقية الشرعية من الصالحين؟.. الإفتاء تحسم الجدل    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ساعة ونص".. أزمة ضيق الوقت وانعدام المنطق
نشر في القاهرة يوم 23 - 10 - 2012


تطابق الزمنين الفعلي والسينمائي منح الفيلم الإثارة والرشاقة في السرد.. لكن تسبب أيضا في معظم مشكلاته الفنية* يظل الفيلم رغم الملاحظات عملا جيدا متماسكا يواصل فيه السينمائيون الشبان تشريح المجتمع في مرحلة شديدة التعقيد يبدو أن لعبة الدراما الأرسطية، ذات الشخصيات المتعددة، راقت للسيناريست أحمد عبدالله والمنتجين من "آل السبكي"، الذين قدموا معا من قبل فيلمين ينتميان لتلك النوعية: "كباريه" و"الفرح"، وكلاهما من إخراج سامح عبدالعزيز، ثم يقدمون الآن في دور العرض فيلم "ساعة ونص"، الذي ينتمي بدوره لنفس النوعية، لكنه هذه المرة من إخراج وائل إحسان، الذي اشتهر بصناعة ما يسمي ب"السينما التجارية"، وجاءته الفرصة ليقدم عملا ينتمي لفن السينما الحقيقي. كثير مما قلت في الفقرة السابقة ليس دقيقا، فالأفلام الثلاثة المذكورة لا تلتزم بقواعد الدراما الأرسطية، وأشهرها وحدة المكان والزمان والحدث، بما يكفي لوضعها باطمئنان تحت خانتها، لكنني - وغيري - نستخدم تلك التسمية للإشارة إلي الأفلام التي تحاول - بشكل عام - الالتزام بالوحدات الثلاث، مع بعض الاستثناءات.. كما أنه لا يوجد - في رأيي - ما يسمي بالسينما التجارية، لأن كل الأفلام تُصنع لكي تربح، إذن فكلها تجارية، لكننا - مرة أخري - نستخدم تلك التسمية للإشارة إلي الأعمال التي تنحاز للمعايير والحسابات التجارية أكثر من الفنية. وفيما يتعلق بفيلم "ساعة ونص" تحديدا، يتمثل المكان الواحد في قطار الصعيد، والمحطة التي تنتظره عليها العديد من الشخصيات، وهي محطة "الفشن" في بني سويف، لكن هناك مشاهد تدور في أماكن أخري.. ويتمثل الحدث الواحد في تعرض كل من في القطار، والمحطة أيضا، للخطر بسبب سرقة القضبان الحديدية التي يسير عليها، لكن هناك أحداثا فرعية أخري، وهذا هو ما قصدته بعدم الالتزام الكامل بقواعد الدراما الأرسطية. التزام صارم أما الوحدة التي يلتزم بها الفيلم بصرامة، فهي وحدة الزمان، ولا يكتفي بأن يجعلها ليلة واحدة أو يوما واحدا كما حدث في الفيلمين السابقين، بل يقلصها إلي ساعة ونصف الساعة فقط، ويقدم علي توحيد الزمن السينمائي مع الزمن الفعلي، في تجربة فريدة في تاريخ السينما المصرية.. ففي حدود معلوماتي، لم يحدث أن تطابق الزمنان السينمائي والفعلي في أي فيلم مصري سابق، وإن كان ذلك قد حدث في أكثر من فيلم عالمي من قبل. في "كباريه" و"الفرح" وأفلام أخري، مثل "ليلة ساخنة" و"أرض الأحلام" و"البحث عن سيد مرزوق"، تدور الأحداث في يوم واحد، أو ليلة واحدة، لكن يظل الزمن السينمائي في كل الأحوال ساعتين تقريبا.. أما هنا، فالزمن السينمائي هو نفسه الزمن الفعلي: 90 دقيقة، مما منح الفيلم الإثارة والمتعة والرشاقة في السرد، لكن ذلك تسبب أيضا - وللأسف - في معظم ما عاناه الفيلم من مشكلات، كما سأوضح في السطور التالية. يبدأ الفيلم في السابعة صباحا، قبل ربع ساعة من انطلاق القطار في السابعة والربع، حيث نتابع في تلك الدقائق الشخصيات التي ستستقل القطار أو تنتظره علي المحطة، ثم تكون لدينا 75 دقيقة من الأحداث التي تدور في القطار وعلي المحطة قبل وقوع حادث انقلاب القطار في النهاية بسبب سرقة القضبان. المشكلة الرئيسية مشكلة "ساعة ونص" الرئيسية في رأيي أن صناعه "حشروا" الكثير جدا من الشخصيات والخطوط الدرامية في ذلك الوقت القصير، وكانت النتيجة الطبيعية أن بعضها لم يحصل علي حقه من الرسم والتعميق الكافيين، وبالتالي لم يحدث التأثير المطلوب في المشاهد.. وأبرز مثال علي ذلك، خط الشابين اللذين من المفترض أنهما عائدان من ليبيا بخفي حنين (محمد رمضان وكريم محمود عبدالعزيز)، ووالد ووالدة أحدهما (محمود الجندي وأحلام الجريتلي) اللذان ينتظران عودتهما علي المحطة بفارغ الصبر لحل مشكلاتهما المادية، لكنه يموت فجأة ودون أي تمهيد - في مشهد شديد الفجاجة - قبل أن يحقق أحلامهما، وقبل أن يقنع المشاهد بمأساته وصديقه، وقبل حتي أن يموت في الحادث مع باقي الركاب. ومن الخطوط الدرامية التي ظلمها المؤلف والمخرج معا، خط الشاب المعاق ذهنيا ووالدته (هالة فاخر)، اللذين يفشلان في كسب تعاطف المشاهد كنتيجة مباشرة لعدم الاهتمام بتوضيح وتعميق أبعاد مأساتهما، وكذلك خط سائق القطار (محمد فريد) وابنته (ناهد السباعي)، والذي لم يحصل علي أي اهتمام بدوره رغم تأثيره البالغ علي الأحداث، فمن الأسباب الرئيسية لانقلاب القطار، انشغال السائق عن إنقاذه بتعنيف ابنته هاتفيا علي سوء سلوكها، لكن ذلك لم يكن مقنعا علي الإطلاق، وكان بحاجة للمزيد من التعميق. كما تسبب "ضيق الوقت" في مشكلات تتعلق بالمنطق علي خطوط درامية أخري رغم حسن رسم شخصياتها وإعطائها العمق الكافي.. وأهم مثال علي ذلك، خط خفير السكة الحديد (أحمد بدير) وزوجته (سمية الخشاب في أسوأ حالاتها شكلا وموضوعا)، فليس من المنطقي علي الإطلاق أن يتبادل الخفير حديثا طويلا مع زوجته عن نهمها هي وعجزه هو الجنسي، ثم يخرج إلي عمله في مراقبة القضبان، ثم يعود إلي المنزل ليتبادل معها حديثا طويلا آخر عن مشكلات زواج ابنته من زوجته الأولي، ثم يخرج مرة أخري إلي عمله، ثم يعود ليضبطها مع عشيقها، لتنشب معركة بين الرجلين يموت الخفير علي إثرها، وكل ذلك في أقل من ساعة ونصف الساعة! المنطقي والمعقول وليس من المنطقي أيضا أن يضبط العشيق (محمد إمام)، وهو في نفس الوقت أحد أفراد عصابة سرقة القضبان، موعد لقائه مع عشيقته في نفس وقت السرقة التي من المفترض أن تستغرق وقتا لأنها تستلزم فك القضبان وحملها.. ليس من المعقول أن تتم السرقة ثم يجري اللقاء الحميم في أقل من 90 دقيقة، وليس من المعقول أن ينشغل بغير هذه السرقة "الثقيلة" في ذلك الوقت القصير. وهناك بعض الشخصيات التي أعتبرها "ضيفة" علي الفيلم لفرط ما كانت سطحية، فضلا عن عدم خضوعها لأي منطق، مثل الملحن وصديقه الشاعر (محمود البزاوي)، اللذين ينتظران مدير أعمال أحد المطربين ليسمع إحدي أغنياتهما، عسي أن يقنع بها المطرب.. ومصر كلها تعرف أن الثامنة أو حتي التاسعة صباحا ليس موعدا يعمل فيه الفنانون أو يسمعون فيه الأغاني، كما أنه ليس من المعقول أن تكون محطة القطار - بما هو معروف عنها من ضوضاء - مكانا لأداء أو سماع الأغاني، كما حدث في الفيلم عندما جلست ابنة سائق القطار وصديقتها (يارا جبران) علي رصيف المحطة مع الملحن والشاعر، دون أي مبرر أو سابق معرفة، لسماع إحدي أغنياتهما، في واحد من أضعف مشاهد الفيلم. ورغم هذه الملاحظات، وغيرها، يظل "ساعة ونص" عملا جيدا متماسكا، ويواصل فيه الجيل الجديد من السينمائيين - ولا أقصد المؤلف والمخرج فقط، بل الممثلين والفنيين أيضا، وأبرزهم هنا مدير التصوير سامح سليم والمونتير شريف عابدين ومهندسا الديكور المتميزان علي حسام وبهاء عدنان - تشريح المجتمع في هذه المرحلة شديدة الصعوبة والتعقيد التي تشهد المزيد من التفسخ الاجتماعي والانهيار الاقتصادي علي خلفية الفراغ السياسي والدستوري والانفلات الأمني.. وهذا في رأيي هو الدور المأمول للسينمائيين : التعبير عن المجتمع الذي يعيشون فيه ورفع الصوت بمشكلاته في وجه المسئولين عنها دون محاولة البحث عن حلول ، لأن ذلك ليس دور السينما .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.