قدم تامر حبيب من خلال الرومانسية والتعمق داخل الذات الإنسانية فيلم واحد صحيح الذي رسم شخصياته متعددة الأبعاد ولكنه استنسخ نفسه من جديد. فقدم من قبل العلاقات الإنسانية العاطفية في سهر الليالي الذي لقي نجاحا وضجة كبيرة، واستمرت أعماله علي هذا المنوال إلا أن هذه المرة قد جانبه الصواب في حق هذا السيناريو - الذي تخلله بعض الثغرات التي كان علي المخرج تفاديها - ولم يتبق هذه المرة سوي الضجة ! دونجوان عبد الله «هاني سلامة» مهندس ديكور دونجوان ناجح في عمله ذو شخصية قوية تربطه علاقة بأربع نساء ولكنه يحب منهم أميرة المسيحية المتدينة «كندة علوش» التي ترفض تماما زواجه بها لانه مسلم و حتي لا تكرر قصة ابيها الذي اسلم ليتزوج بمسلمة وترك اسرته وسبب جرحا عميقا في قلب والدتها.. فيوافق علي الزواج بمريم «ياسمين رئيس» لكونها أفضل الفتيات التي تناسبه كزوجة ثم فجأة يترك الفرح ويمشي دون سابق انذار . وقد نجح الفيلم في تشتيت من يريد أن يتحدث أو يكتب عنه و في الحقيقة قد ترددت كثيرا في الكتابة عن هذا الفيلم لما شعرت به من حيرة في رؤيتي للفيلم . فهو يعرض علاقات وأوضاعا نضطر أن نقبلها حتي نحافظ علي من نحب ولكن ينقصه الحبكة الجيدة في تقديم هذه الفكرة فقدم بعض الشخصيات بشكل غير مكتمل وأهمل الجوانب المهمة بها برغم أن القصة مليئة بالأبعاد الإنسانية والشحنات العاطفية . فالسيناريو هو هيكل العمل وعموده الفقاري، و قد استخدم الكاتب اسلوب الحكاية المركبة التي تتفرع إلي حكايات بسيطة أصغر يربط بينها رابط عضوي هو بطل القصة. كما استخدم أسلوب السرد الذاتي بوجود سارد داخلي وهو الشخصية الفاعلة في القصة من خلال دور هاني سلامة وبسمة الذي قدم كل منهما وجهة نظره فيسرد علاقته بالآخر . مرأة المجتمع واذا كانت السينما مرآة المجتمع و تعكس كل مافيه الا أن الإنسان دائما لا يريد أن يري عيوبه ولا يريد أن يواجهه أحد بها وقد رأينا هذا من خلال الحوارالفج في بعض المشاهد واستخدام ألفاظ لم نعتد سماعها من قبل في محاولة منه لتقديم الواقع الذي جاء بمثابة مفاجأة للجمهور فهو حوار واقعي يدور بين الأصدقاء فعلا ولكن الجمهور لم يتقبله، وكان علي المخرج تفاديه ومع ذلك فالقصة جيدة ولكن ظلمها طريقة سردها! «هاني سلامة» أداؤه جيد في هذه الشخصية ولكنه اعتاد تقديم هذا الشكل من الشخصيات فقد سبق وقدم في العديد من اعماله دور الدونجوان فهذا الفيلم بالنسبة له ما هو الا نسخة جديدة ومعالجة بطريقة مختلفة من فيلم «السلم والثعبان» . «رانيا يوسف» وضعت نفسها في هذا القالب فهي تجيد تقديم هذه الأدوار فسبق وقدمته في مسلسل أهل كايرو ولم يضف لها هذا الدور اي جديد، وشخصية فريدة التي قدمتها من الشخصيات التي اهملها السيناريو ولم يقدمها بطريقة أشمل وأعمق . «كندة علوش» قدمت احاسيس المرارة والحيرة في الاختيار ما بين دينها وحبيبها، فقد كان أداؤها أقرب للجمود وهي أيضا ظلمت في السيناريو من خلال عرض شخصيتها , ولكنها أوصلت المعاناة والقلق الذي كانت تعاني منه للمشاهد من خلال أحاسيسها المعبرة عما هي فيه من مأزق . «بسمة» جسدت دور نادين الصديقة الحميمة التي تخفي حبها لصديق عمرها حتي لا تفقده إذا عرف ما تكنه له من مشاعر فجسدت هذا النموذج بصدق وبأسلوب جيد جعلها تتميز عن باقي بطلات الفيلم . «ياسمين رئيس» تعلن عن ميلاد فنانة موهوبة فوجهها البريء كان ملائما لهذا الدور، فهي تجسد مريم المذيعة البسيطة التي تقع في غرام عبدالله وساعدتها ملامحها في تقديم هذه الشخصية . الإخراج اهتم المخرج «هادي الباجوري» في أول اعماله السينمائية بالتكوين الفني ومزج العناصر داخل الكادر فكانت الصورة جيدة ومبهرة والديكور جاذبا للعين ويرجع ذلك لكونه مخرج «إعلانات و كليبات» حيث إنه اهتم بجمال الصورة أكثر وهذا ما فعله من قبل المخرج سعيد الماروق في اول اعماله السينمائية «365» يوم سعادة، كما استطاع ادارة الممثلين مع كونها التجربة الأولي له في عالم السينما. نهاية غير متوقعة كانت النهاية مخالفة تماما لتوقعات المشاهد فمهما بلغت قمة الاستهتار فليس من المعقول أن يترك الفرح دون أي مبرر ويقرر أن يذهب إلي نادين وابنتها بمجرد علمه أنها تحبه، ويكون رد فعل والدته الدهشة دون أخذ أي موقف وتتركه يعبر وكأن شيئا لم يكن وهي قابعة في مكانها. فقد كانت النهاية مخيبة للآمال ومشوهة وأخلت بأحداث الفيلم فكان من الممكن أن تقلب الفيلم رأسا علي عقب إذا كانت غير ذلك. فواحد صحيح فيلم يثير الإحباط وفشل أن يكون صحيحا فهو حدوتة جيدة ظلمها الحبكة والإخراج .