عماد الدين حسين: أسوأ شىء تفعله الحكومة والنظام الحالى ان تحمل جماعة الإخوان المسئولية عن كل المشاكل الموجودة فى مصر. نعم الإخوان ارتكبوا اخطاء وخطايا كثيرة فى فترة حكمهم وبعد خروجهم، لكن تحميلهم أوزار كل المصائب قد يريح البعض قليلا الآن لكنه سيؤدى إلى كارثة فى المستقبل. قد يكون أحد عناصر الإخوان أشعل عود الكبريت فى حريق أسوان بين الهلايل والدابودية لكن الموضوعية تقتضى القول ان مثل هذه الأحداث تتزايد فى المجتمع المصرى بوتيرة متسارعة قبل تولى الإخوان الحكم وحتى قبل ان يسقط حسنى مبارك. المتهمون فى جريمة أسوان كثر لكن المتهم الأول هو نظام حسنى مبارك الذى نفذ عملية التجريف المنظمة والشاملة للمجتمع المصرى منذ بدء ما سمى بالانفتاح الاقتصادى عام 1974 فى عهد انور السادات وحتى تنحى مبارك عن السلطة فى 11فبراير 2011. سيقول البعض وما هو ذنب مبارك والجريمة وقعت بعد عزله بأكثر من ثلاث سنوات. مبارك ظل فى الحكم ثلاثين عاما وحصل على كل الفرص لينجح ويحول مصر إلى دولة ناجحة أو على الأقل وضعها على طريق النجاح مثل دول كثيرة فى كل قارات العالم، كانت احوالها أسوأ منا بمراحل من كوريا واندونيسيا وماليزيا وفيتنام فى آسيا إلى البرازيل فى أمريكا الجنوبية إلى بعض الجيران فى أفريقيا مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا. لكن مبارك ترك بلدا فى اسوأ حال مقارنة ببقية الامم. أخطر جريمة ارتكبها مبارك هى إفساد التعليم وتحويله إلى مؤسسة لتفريخ العاطلين ومنعدمى الكفاءة والمتطرفين والظلاميين والإرهابيين والعشوائيين والوصوليين والمنافقين. قليلون فقط هم من دخلوا تعليم مبارك خصوصا منذ بداية التسعينيات وخرجوا محتفطين بعقولهم النقدية والمتحررة والقادرة على التفكير والابداع. انشغل مبارك فقط باستمرار نظامه ومحاولة نقله لابنه، لكنه وهو يفعل ذلك اكتشف ان افضل طريقة هى تجهيل الناس بإفساد التعليم وإنهاكهم جسديا بعدم الانفاق على قطاع الصحة. منظومة التعليم تدهورت بأكملها لأسباب متعددة تخص التلميذ والمدرس والمنهج، بل والمبنى، والحصيلة النهائية انه صار لدينا بعض التلاميذ والطلاب لا يعرفون حتى كتابة اسمائهم وهم فى المرحلة الاعدادية، ينجحون ويمرون للصف والمرحلة الأعلى لأن امكانيات البلد لا تتحمل ان يرسبوا ويظلوا اعواما اخرى فى نفس الصف. هذا التعليم المنهار افرز طلابا يسلمون عقولهم لأى شخص أو تنظيم يضحك عليهم ويخدعهم باسم الدين أو باسم الوطنية حاصر مبارك الاحزاب المدنية وبدلا من تقويتها نفذ معاهدة مع الشيطان انتهت بأنه سلم الشارع السياسى والنقابى والمدنى للمتطرفين، وكانت النتيجة انه هو وليس حسين طنطاوى من سلم البلد للإخوان عمليا. تجريف الشخصية المصرية عبر اهمال التعليم والصحة مصحوبا بإعلام يمجد «الرئيس المفكر والحكيم» ومع غياب الدولة وتقاعسها أو عجزها عن اداء دورها وانتشار الفساد وبدء تفكير الاطراف مثل سيناء والنوبة فى الحلول الفردية، ومع غياب العدالة الاجتماعية وتجبر الشرطة وانصرافها لحماية الحاكم ونطامه وليس الشعب وافراده، وانتشار السلاح كل هذه المنطومة افررت الخريجين والطلاب الذين كانوا الشرارة التى اشعلت حريق الهلايل والدابودية. مرة اخرى: الإخوان ومعهم بقية المتطرفين يمثلون خطرا فعليا على مصر لكنه ليس الخطر الاول أو الرئيسى. الخطر الكبير هو الجهل والتخلف والمرض والفقر والفساد وبقايا دولة مبارك الفاشلة. هذا التحالف هو الذى يمثل الخطر الأكبر على الرئيس القادم لمصر.