بدء نقل جميع مقار إدارات ولجان الفتوى بمجلس الدولة للمقر الجديد    تعرف على سعر الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الإثنين 5 مايو 2025    أسعار النفط تهبط بأكثر من 3% عقب إعلان "أوبك+" تسريع وتيرة الإنتاج    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    أسعار الفاكهة اليوم الاثنين 5-5-2025 في قنا    وقت تطبيق الحد الأدنى للأجور.. ما هو موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025؟    جامعة قناة السويس تنظم ورشة عمل لتفعيل بروتوكول التعاون مع جهاز تنمية المشروعات    الأمم المتحدة: خطة إسرائيل لدخول وتوزيع المساعدات فى غزة تتعارض مع المبادئ الإنسانية    الإبادة مستمرة ..15 شهيدا و10 مصابين غربى مدينة غزة والصحة العالمية تحذر :الوضع كارثي    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    مجلس الأمن يبحث اليوم بجلسة طارئة مغلقة تصاعد التوترات بين الهند وباكستان    الزمالك يخشى مفاجأت البنك الأهلي    جدول ترتيب الدوري المصري 2024-25 قبل مباريات اليوم الإثنين    إصابة 9 أشخاص فى حادث تصادم بين سيارتين بالمنوفية    الطقس اليوم الإثنين 5 مايو 2025.. ارتفاع تدريجي في الحرارة وتحذيرات من الشبورة    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    حبس الشخص المتهم بالتحرش بطفلة من ذوى الهمم فى المنوفية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 5-5-2025 في محافظة قنا    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن رفقة أولادها    أحمد علي: المنافسة على لقب الدوري اشتعلت بعد خسارة بيراميدز وفوز الأهلي    الجيزة تحدد موعد امتحانات الفصل الدراسى الثانى لطلبة الصف الثالث الإعدادى .. اعرف التفاصيل    ممثل الحكومة عن تعديلات قانون الإيجار القديم: لدينا 26 حكمًا بعدم الدستورية    «المركزي»: صافي الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي تتتخطى ال15 مليار دولار    الكابينت الإسرائيلي يعطي الضوء الأخضر لعملية عسكرية موسعة في غزة    وفاة طالبة جامعة الزقازيق بعد سقوطها من الطابق الرابع| بيان هام من الجامعة    محافظ الغربية يشيد بالاستجابة السريعة لفرق الطوارئ في مواجهة الأمطار    جامعة القاهرة تشهد حفل ختام مهرجان "إبداع 13" تحت رعاية رئيس الجمهورية    نيكول سابا تكشف عن تغيرات عاطفية طرأت عليها    بعد تأجيل امتحانات أبريل 2025 لصفوف النقل بدمياط بسبب الطقس السيئ.. ما هو الموعد الجديد؟    تعرف على ضوابط عمالة الأطفال وفقا للقانون بعد واقعة طفلة القاهرة    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    سوسن بدر ضيف شرف فيلم «السلم والثعبان 2»    إصابة سائق بطلق ناري في مشاجرة بسبب خلافات مالية بسوهاج    انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف بالهاون    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    هل يشارك زيزو مع الزمالك في مواجهة البنك الأهلي الليلة؟    «المصرى اليوم» تحاور المكرمين باحتفالية «عيد العمال»: نصيحتنا للشباب «السعى يجلب النجاح»    الأمم المتحدة ترفض خطة إسرائيلية بشأن المساعدات إلى غزة    أشرف نصار ل ستاد المحور: توقيع محمد فتحي للزمالك؟ إذا أراد الرحيل سنوافق    زوج شام الذهبي يتحدث عن علاقته بأصالة: «هي أمي التانية.. وبحبها من وأنا طفل»    عمرو دياب يُحيى حفلا ضخما فى دبى وسط الآلاف من الجمهور    زي الجاهز للتوفير في الميزانية، طريقة عمل صوص الشوكولاتة    تفاصيل اتفاق ممثل زيزو مع حسين لبيب بشأن العودة إلى الزمالك    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    ادعى الشك في سلوكها.. حبس المتهم بقتل شقيقته في أوسيم    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    مبادرة «أطفالنا خط أحمر» تناشد «القومي للطفولة والأمومة» بالتنسيق والتعاون لإنقاذ الأطفال من هتك أعراضهم    لهذا السبب..ايداع الطفلة "شهد " في دار رعاية بالدقهلية    قداسة البابا يلتقي مفتي صربيا ويؤكد على الوحدة الوطنية وعلاقات المحبة بين الأديان    انتهاء الورشة التدريبية لمدربى كرة القدم فى الشرقية برعاية وزارة الرياضة    مجلس الشيوخ يناقش اقتراح برغبة بشأن تفعيل قانون المسنين    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    برج الميزان.. حظك اليوم الإثنين 5 مايو: قراراتك هي نجاحك    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    مساعد وزير الصحة ووكيل صحة سوهاج يتفقدان مستشفى ساقلته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى هاشم يكتب: إرهاب الصحافة
نشر في الجريدة يوم 28 - 08 - 2013

"قف مكانك" سمعها عبد الرحمن وصديقه عماد من عسكري الجيش الذي يقف في الكمين في شارع مصطفى النحاس بعد أداء عمله في تغطية فض اعتصام ميدان رابعة العدوية.. لم يهتز عبد الرحمن ولا صديقه لأنهما صحفيان.. أفصحا عن هويتهما.. بدأ العساكر يفتشون حقيبتهما ووجدوا فيها الكاميرا.. هنا، نظر إليهما العساكر بحذر وكأنهما متهمان.. ذهبوا بحقيبتيهما إلى لواء الجيش الذي كان يجلس بجانب الطريق على الكرسي.. وبعد التحقيق معهما ومسح الصور الخاصة بفض الاعتصام والقتل، طلب عبد الرحمن منه أن ينصرفا ويأخذا حقائبهما، إلا أنه قال سأرسلكما إلى الشرطة وهم الذين سيقررون مصيركما.. وبالفعل أمر عساكره باقتيادهما إلى كمين قريب للشرطة.. وهناك تعاملوا معهم كأنهم "أسرى حرب"، ومن "أعداء الوطن".
بدءوا معهما بالصفع على الوجه ثم تطور الأمر.. أترك لكم عبد الرحمن ليحكي عما حدث معهما من جانب الشرطة قائلا"تم تهديدنا بالقتل أكثر من مرة مع تشبيهنا بحيوانات لا تستحق العيش، وتم ضربي بشومفي الرأس أسفر عن فتحها، ولكن الحمد لله النزيف وقف بعد 4 ساعات حتى أنسيارة الإسعاف كانت بالقرب من الكمين لكنها خشت أن تسعفني لوجود لواء من الجيش يقف بجانبها".
يضيف عبد الرحمن أنه لم يفرج عنهما إلا بعد نحو 4 ساعات، بعد مجيء لواء جيش آخر أمر بالإفراج عنهما واعتذر لهما عما حدث معهما، وأمرهما بالرجوع إلى اللواء الذي أخذ حقائبها للحصول عليها مرة أخرى.
لم يستطع عبد الرحمن وصديقه عماد الحصول على حقائبهما لأنه تم إخبارهما بأنه تم تسليمها لقسة شرطة أول مدنية نصر.. الأدهى أنه لم يتم إعطائهما أي مبلغ من المال الذي كان بحوزتهما كما لم يستعيدا هواتفهما.
حكى لي عبد الرحمن قصته بعدها بنحو 10 أيام وكان متأثرا جدا بما حدث له.. باغتني بالسؤال "هل تعتقد أن بلدا يحدث لك فيها كل هذا تستحق أن تعيش فيها بالرغم أنهم جميعهم يعلمون أننا صحفيان.. يكفيني أكره البلد دي مليون مرة، وفعلا كرهتها أو بمعنىأصح مش ناوي أعيش فيها.. ممكن أغير كلامي بعدين بس حاليا ربنا العالم".
آلمني كثيرا كلامه الأخير معي.. لكن هذه قصة أحد الزملاء في المهنة، ومثله الكثيييير.. فمنهم من تم قتله ومنهم من تم اعتقاله وسحله، ومنهم من ينتظر.. فما يحدث هو علامات غير مبشرة لما سيحدث في المستقبل.
فبمجرد إلقاء الفريق أول عبد الفتاح السيسي خطاب عزل الدكتور محمد مرسي من منصبه كرئيس للجمهورية في 3 يوليو، ومع انتهاء كلمات بنود الخطاب الذي كان في نهايته وضع ميثاق شرف إعلامي كانت سيارات الشرطة تحيط مباني القنوات الإسلامية داخل مدينة الإنتاج الإعلامي، تفتش داخل هذه القنوات وتقبض على من فيها من صحفيين ومقدمي البرامج.
قيل حينها إن هذه القنوات ستغلق لعدة أيام كإجراء احترازي ثم ستعود ويفرج عن المعتقلين من العاملين في هذه القنوات.. مر أكثر من شهر ونصف ولا تزال هذه القنوات مغلقة بأمر إداري.
الاعتداء على الصحفيين تزايد بعدها بشدة.. حيث قتل حتى الآن نحو 7 من الصحفيين، منهم مصور بريطاني تابع لشبكة "سكاي نيوز"، واعتقل العشرات حتى الآن منهم مراسل تركي، كما تم الاعتداء من قبل قوات الأمن على العشرات إن لم يكن المئات،ولم يستثنى من كل ذلك المراسلين الأجانب.
كان نظام مرسي قد قتل الحسيني أبو ضيف، أما نظام السيسي فقد قتل نحو 7 من الصحفيين والمصورين منهم أحمد عاصم المصور بجريدة الحرية والعدالة، وتامر عبد الرؤوف مدير مكتب الأهرام في البحيرة، وأحمد عبد الجواد الصحفي بجريدة الأخبار الذي لقي حتفه أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، ومصعب الشامي المصور بشبكة رصد.. فرق رد الفعل من قبل النقابة العامة للصحفيين أو من القوى السياسية أو من النشطاء كبيرا جدا، هذا إن كان هناك رد فعل من الأساس على القتل في ظل النظام الحالي، وهو ما يعطي فرصة لأي حاكم أن يصبح ديكتاتورا في ظل عدم الدفاع عن حقوق الصحفيين.
ما يجب ذكره هنا أيضا أنه كانت هناك حالة عداء في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ضد الصحفيين المصريين، وكانوا يرحبون بالصحفيين الأجانب أو الصحفيين الذين يعرفونهم أو الذين يتوقعون منهم أن "يكتبوا ما يكون في صالحهم أو الحقيقة على الأقل"، وهناك أكثر من حالة اعتداء من جانب المعتصمين ضد عدد من الصحفيين.
بعيدا عن الاعتداء المتزايد على الصحفيين، هناك نوع آخر من التقييد على حرية الصحافة، فقد منعت السلطات الكثير من الكتاب من الكتابة في الصحف القومية، واستعادت الصحف القومية والخاصة "مقص الرقيب" لحذف كل ما من شأنه أن يدين أو يهاجم أو ينتقد "العسكر"، وفي الأحداث الميدانية لا يتم نشر الشهادات التي تدين قوات الأمن أو يتم حذف هذه الشهادات ويتم الاكتفاء بنشر شهادات تدين المعتصمين أو المتظاهرين فقط، ويحدث مثل ذلك في الصور الصحفية.
وبعد عقد عدة مؤتمرات صحفية عالمية من قبل مؤسسة الرئاسة أدانت فيه تغطية القنوات العالية ووكالات الأنباء للأحداث في مصر واتهمتها بأنها منحازة لما وصفته "الإرهاب"، أصبح الصحفيون الأجانب في مصر في معرض الخطر أيضا من قبل المواطنين العاديين.
ما يمارس على الصحافة والصحفيين في هذه الأيام هو نوع من الإرهاب عليها حتى تكون بوقا للنظام الجديد، وما تمارسه الكثير من الجرائد والقنوات الفضائية – سواء كانت حكومية أو خاصة – بتناولها الإعلامي المنحاز للسلطة الحالية هو نوع جديد من الإرهاب لمواطنين تهمتهم الوحيدة أنهم يتبعون تيارا سياسيا معينا، تتم "شيطنته" بقوة، والتحريض عليه، وهو ما يؤدي إلى خطر حقيقي يهدد الأمن القومي.
وبالرغم من أنه تم إغلاق العديد من القنوات الفضائية ل"تحريضها على الفتنة"، إلا أن ما يحدث الآن من تحريض وتأليب المصريين على بعضهم البعض عبر خطاب إعلامي عنصري، لا يجد صدى لدى السلطة الحالية بل تدعمه بقوة، وهو ما يدعونا إلى عدم التفاؤل والاستعداد لمرحلة مقبلة من المطالبة بالحقوق الأساسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.