عندما أستمع إلى الأسباب التي يطرحها الإخوان لترشيح مرسي وعدم ترشيح شفيق أشعر أنهم إما لا إدراك لديهم، وإما أنهم يعتبرون الشعب عبيطًا. فهم يخوِّفون الشعب من عودة النظام القديم وبلطجة أمن الدولة والشرطة والبطش بالمعارضة، رغم أنهم يعلمون أن المجلس العسكري لن يترك لهم الوزارات السيادية، خصوصًا الدفاع والداخلية والعدل، وسيبقى البطش كما هو بنفس أدواته وأفراده. كذلك يتمحَّكون يتمسَّكون ويتمسَّحون بالثورة والثوار، ويقولون ببجاحة "حتى نحقق أهداف الثورة"، فهل نسي الأفاضل أنهم لم يظهروا في الميدان منذ تنحي مبارك إلاّ ليحتفلوا بنجاح الثورة؟ وهل نسوا أنهم اتهموا المتظاهرين في محمد محمود بالعِمالة وبأنهم مدمنو مخدرات ومتعاطو ترامادول، وتركوهم يذوقون طعم الدم ويشتمُّون رائحة الموت ستة أيام بلا توقُّف، بهدف الوصول إلى كرسي البرلمان؟ وهل نسوا أنهم بمجرد وصولهم إلى كرسي البرلمان نسوا أو تناسَوا قضايا الثورة الأصلية وأثاروا ما تعفُّ الذاكرة عن اختزانه؟ ثم يتشدق مرشَّحهم مرسي بأنه "على استعداد" لأن يكون له نائب من خارج الإخوان، بالإضافة إلى أشياء أخرى مسبوقة ب"لا مانع" أو "من الأرجح" أو أي صيغ تجعل الأمر غير ملزم، حتى إذا جاء وقت الجد قالوا بكل بساطة إنهم لم يعِدُوا أحدًا بشيء. فهكذا الإخوان دائمًا، يضعون عُذر نقض العهد قبل أن يأخذوا العهد على أنفسهم، ولك أن تراجع وعودهم في ما يخصّ نسبتهم التي سينافسون عليها في البرلمان، ووعدهم بعدم الترشُّح في انتخابات الرئاسة، ووعدهم بأن يرشِّحوا مَن يرون أن له شعبية كبيرة في المصريين (هل تذكر الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل؟). كما أنهم يقولون إنهم لم يسعوا إلى السيطرة على أي مؤسسة من مؤسسات الدولة. وهذه بالفعل حقيقة، فهم لم يسيطروا على هذه المؤسسات، ولن تجد فيها رئيس مجلس إدارة إخوانيًّا... ولكنهم ليسوا بهذه السطحية، فهم في البداية يسيطرون على الأجهزة والهيئات التي تعيِّن هؤلاء الرؤساء، فسيطروا على مجلسَي الشعب والشورى، ويعملون على السيطرة على الدستور وعرقلة أي جهود تُبذَل لتخليصه من براثنهم، وكذلك السيطرة على الرئاسة، بل إنهم لم يتركوا اتحاد طلاب الجامعات فعرقلوا تغيير لائحته بما يضمن أن تكون الانتخابات فيه نزيهة، ويريدون أن تجري الانتخابات على أساس دستور 71 الذي ظل طلبة الجامعات يعانون منه عقودًا. فكيف يكون الحال بعد أن ينساق الناس وراء دعايتهم ضدَّ شفيق التي أصلها الإلهاء عن عيوبهم؟ نحن في طريقنا -إذا استولى الإخوان على الرئاسة- إلى صورة كربونية من النظام القديم: رئيس جمهورية، هو رئيس حزب الأغلبية في البرلمان، ورئيس للبرلمان لا يتخذ من القرارات إلا ما يتوافق مع أهداف حزبه/جماعته، وأعضاء في الحزب/الجماعة هم رجال أعمال ومليونيرات وأصحاب مصالح اقتصادية منتشرة في المجتمع ككل. لا فرق إطلاقًا، إلاّ اللِّحَى، وأحيانًا يحلقونها. موقفي واحد وثابت منذ علمت باحتمالية -ناهيك بتأكيد- الإعادة بين مرسي وشفيق، وهو أنني سأقاطع الانتخابات، لأن الكتلة الانتخابية كلما ازدادت ازدادت معها شرعية المرشَّح الفائز، فهي شرعية التأييد الشعبي الذي يحتاج إلى عدد ضخم من الناخبين. أما إذا كان العدد قليلاً فمن المنطقي أن تكون الاحتجاجات كثيرة، ومن الواضح أننا في المرحلة القادمة إذا حُكِمنا من أحد هذين، سنحتاج كثيرًا إلى هذه الاحتجاجات. Digg Digg