أحدهما دخن الشيشة في المحاضرة.. فصل طالبين بالمعهد الفني الصناعي بالإسكندرية    اليوم، آخر موعد لاستقبال الطعون بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    محافظة الجيزة يتفقد أعمال إصلاح الكسر المفاجئ لخط المياه الرئيسي بشارع ربيع الجيزي    القانون يحدد عقوبة صيد المراكب الأجنبية في المياه الإقليمية.. تعرف عليها    بعد هجوم رفح، أول تعليق من ترامب بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة    اللقاء المرتقب يجمع مبعوث ترامب وكوشنر بوسيط أوكرانيا    "المجلس الأيرلندي للحريات المدنية" يتهم "مايكروسوفت" بمساعدة إسرائيل في إخفاء أدلة تتبع الفلسطينيين    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    خبر في الجول - انتهاء مهلة عبد الحميد معالي ل الزمالك في "فيفا" ويحق له فسخ التعاقد    وليد صلاح الدين: لم يصلنا عروض رسمية للاعبي الأهلي.. وهذا سبب اعتراضي على بسيوني    ظهور تماسيح في رشاح قرية الزوامل بالشرقية.. وتحرك عاجل من الجهات المختصة    تواصل عمليات البحث عن 3 صغار بعد العثور على جثامين الأب وشقيقتهم في ترعة الإبراهيمية بالمنيا    حلمي عبد الباقي يكشف تدهور حالة ناصر صقر الصحية    مشاجرة بين طالبات وزميلتهم تتحول إلى اعتداء بالضرب عليها ووالدتها    محمد رجاء: أراجع كتاباتي مع خبراء نفسيين.. والورد والشيكولاتة ليست نقاط ضعف النساء فقط    «يوميات ممثل مهزوم» يمثل مصر في المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء بالجزائر    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    بيراميدز يتلقى إخطارًا جديدًا بشأن موعد انضمام ماييلي لمنتخب الكونغو    فيديو اللحظات الأخيرة للسباح يوسف محمد يحقق تفاعلا واسعا على السوشيال ميديا    رويترز: طائرة قادمة من الولايات المتحدة تقل مهاجرين فنزويليين تصل إلى فنزويلا    هجوم روسي على كييف: أصوات انفجارات ورئيس الإدارة العسكرية يحذر السكان    النيابة الإدارية يعلن فتح باب التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية لخريجي دفعة 2024    وزير الأوقاف ناعيًا الحاجة سبيلة عجيزة: رمز للعطاء والوطنية الصادقة    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    الإسكان تحدد مواعيد تقنين الأراضى بمدينة العبور الجديدة الإثنين المقبل    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    قناة الوثائقية تستعد لعرض سلسلة ملوك أفريقيا    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    استئناف المتهمة في واقعة دهس «طفل الجت سكي» بالساحل الشمالي.. اليوم    بالأسماء.. إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ب بني سويف    ضياء رشوان: موقف مصر لم يتغير مللي متر واحد منذ بداية حرب الإبادة    الطب البيطري: ماتشتريش لحمة غير من مصدر موثوق وتكون مختومة    أهلي بنغازي يتهم 3 مسؤولين في فوضى تأجيل نهائي كأس ليبيا باستاد القاهرة    محافظ سوهاج يشيد بما حققه الأشخاص ذوي الهمم في يومهم العالمي    أزمة مياه بالجيزة.. سيارات شرب لإنقاذ الأهالي    وزير الثقافة يُكرّم المخرج خالد جلال في احتفالية بالمسرح القومي.. صور    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق النار شرق جباليا شمال قطاع غزة    استشاري يحذر: الشيبسي والكولا يسببان الإدمان    تصادم موتوسيكلات ينهى حياة شاب ويصيب آخرين في أسوان    العناية الإلهية تنقذ أسرة من حريق سيارة ملاكى أمام نادى أسوان الرياضى    الشباب والرياضة: نتعامل مع واقعة وفاة السباح يوسف بمنتهى الحزم والشفافية    آثار القاهرة تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    ألمانيا والنقابات العمالية تبدأ مفاوضات شاقة حول أجور القطاع العام    مصر تستورد من الصين ب 14.7 مليار دولار في 10 أشهر من 2025    حلمي عبد الباقي: لا أحد يستطيع هدم النقابة وكل ما يتم نشره ضدي كذب    أسامة كمال عن حريق سوق الخواجات في المنصورة: مانبتعلمش من الماضي.. ولا يوجد إجراءات سلامة أو أمن صناعي    هيئة قضايا الدولة تُنظم محاضرات للتوعية بمناهضة العنف ضد المرأة    قرارات جديدة تعزز جودة الرعاية الصحية.. اعتماد 19 منشأة صحية وفق معايير GAHAR المعتمدة دوليًا    هل يجوز التصدق من أرباح البنوك؟| أمين الفتوى يجيب    لأول مرّة| حماية إرادة الناخبين بضمان رئاسى    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    توافد الناخبين للتصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالإسكندرية| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأوجه المتغيرة لانفصام الشخصية.
نشر في البداية الجديدة يوم 08 - 01 - 2014


إيدن كورفين
ترجمة زينب عاطف
يدمر انفصام الشخصية حياة الملايين في العالم، وقد أحبط جهود الباحثين الساعين لاكتشاف سبب واحد له. حان الوقت لتفكير جديد معقد..
الأوجه المتغيرة لانفصام الشخصية.
يبلغ بول من العمر 21 عامًا. وهو يعتقد أنه بدأ يسمع أصواتًا في رأسه منذ بضع سنوات، لكن يصعب تذكر الوقت تحديدًا لأنها بدت وكأنها تزيد قوةً مع الوقت؛ فهي تهمس بإلحاح، وتعلق على أفعاله، وتحاول التحكم في أفكاره ومشاعره. إن التعايش معها معركة مستمرة، تسببت في تركه للجامعة وتوقفه عن رؤية أصدقائه. تلقى علاجًا في المستشفى ووُصفت له عقاقير مضادة للذهان، لكنه يرى كل هذا جزءًا من مؤامرة.
يتحكم الذهان في رؤية بول للعالم. تعطل هذه الحالة العقلية الإدراك وتفسير الواقع، وتتسم بالهلاوس والأوهام. يعرف الأطباء أن الذهان علامة على العديد من الحالات المرضية التي تتراوح من تلك التي يسببها اضطراب الإلكتروليت إلى الصرع والخَرَف واضطرابات المناعة الذاتية النادرة.
في حالة بول استُبعدت هذه الحالات سريعًا، وبعد ذلك استُبعِدت أيضًا الأسباب الأخرى قصيرة الأمد أو المتعلِّقة بالحالة المزاجية أو العقاقير، شُخِّصت حالة بول بانفصام الشخصية، وهو واحد من مجموعة من الاضطرابات التي من سماتها الذهان. إلا أن انفصام الشخصية يؤثر أيضًا في استجابة بول العاطفية واللفظية، والتحفيز والإدراك لديه. تمثل هذه الأعراض الوظيفية أكثر سمات المرض إعاقة له؛ لأنها تضعف قدرته على التفاعل مع الآخرين، والحفاظ على العلاقات الاجتماعية والعمل.
ما انفصام الشخصية إذن؟ في أواخر القرن التاسع عشر حدَّد الطبيب النفسي الألماني إميل كريبلين أعراض ومظاهر مرض أطلَق عليه فيما بعد الطبيب النفسي السويسري يوجين بلولير انفصام الشخصية. رأى بلولير أن هذا مصطلح شامل لمجموعة من الأمراض. وبالرغم من محاولات تعريف الأنواع الفرعية أو تحديد أشكال معينة للمرض، فلا يزال انفصام الشخصية يُعامَلُ على نطاق واسع على أنه مرض واحد، وهو يصيب 1 بالمائة تقريبًا من البالغين.
لذا، ربما تتمثل الإجابة الأكثر إيجازًا وأمانة على سؤال «ما انفصام الشخصية؟» في أننا لن نعرف ذلك حقيقةً إلا عندما نستطيع تعريف أساسه الحيوي العصبي. حتى الآن يمثل الذهان تحديًا ضخمًا أمام أبحاث علوم الأعصاب لأنه يزعزع معتقداتنا بشأن طريقة رؤيتنا للعالم وفهمنا للمخ.
مع ذلك، فقد علمنا بعض الأشياء؛ فهذا المرض قابل للتوارُث بدرجة كبيرة، ويكون أكثر شيوعًا لدى ذرية كبار السن. تزيد احتمالات ظهوره بعد حدوث مشاكل في الولادة وغيرها من عوامل الخطر، منها التعرُّض للإساءة في الطفولة واستخدام مخدِّر الحشيش في وقت مبكر من سن المراهقة والتهميش الاجتماعي. نعلم أيضًا أن من يُصابون بالفصام يميلون إلى الإصابة بتأخُّر غير واضح في تطور المهارات اللغوية والحركية والاجتماعية في مرحلة الطفولة المبكرة، يسبق ظهور الأعراض بسنوات عدة، وهذا يقترح أن السبب يتعلق بالنمو العصبي.
تعتبر القدرة على تمييز الذهان عن غيره من الأمراض مهمة؛ لأنها تسمح للباحثين بتطوير أدوية لفصام الشخصية، منها العقاقير المضادة للذهان، وتجعل التدخل النفسي ممكنًا. لكن بالرغم من العلاج، فإن المصابين بانفصام الشخصية ينتهي بهم الحال بالإصابة بمشاكل صحية خطيرة؛ فيكون متوسط أعمارهم المتوقعة أقل من المعتاد في العالم المتقدم بنحو 20 عامًا.
أحد أسباب إعاقة التقدم في الأبحاث هو أن المصابين بانفصام الشخصية مجموعة متنوعة، ولا عجب في ذلك حيث إن الأعراض تشتمل على الهلاوس أو الأوهام أو التفكير المختل أو السلوك المضطرب أو مشاكل التحفيز، ويمكن أن يصاب شخص ما بمشكلتين فحسب من هذه المشاكل. كذلك يعاني ما يقرب من 20 بالمائة من المرضى نوبة واحدة، وتكون حالة ثلث المرضى تقريبًا مزمنة ويستجيبون جزئيًّا فقط للعلاج.
بالرغم من هذا التنوع، فلا يزال معظم الباحثين والأطباء ينظرون إلى انفصام الشخصية على أنه مرض واحد. يعارض الباحثون حاليًّا — بما فيهم فريقي — هذا الافتراض، وذلك بالاستعانة بما نعرفه عن الجينوم البشري. إن الجينوم، أو «كتاب الحياة»، مليء بالأخطاء التحريرية والمطبعية، وتكثر الصفحات المحذوفة أو المكرَّرة به. إلا أن هذا أفاد الباحثين؛ إذ انبثقت الاكتشافات الأولى من هذه الصفحات.
على مدار السنوات الخمس الماضية أظهرت أدوات تحليل الجينوم أن الطفرات البنيوية (حيث يتكرر جزء من الجينوم أو يُحذَف، بما قد يؤدي إلى خلل أو تغيُّر في إنتاج البروتين) تكون أكثر شيوعًا لدى المصابين بانفصام الشخصية، ومع أن كل طفرة تكون نادرة لدى المصابين بانفصام الشخصية، اكتشف الباحثون لدى نحو 5 بالمائة من المرضى عشراتِ المناطق في الجينوم تحدث فيها مثل هذه التغيُّرات، وبناء على المنطقة يزيد هذا التغير من خطر الإصابة بانفصام الشخصية من ثلاثة أضعاف إلى عشرين ضِعفًا، بعض المناطق كبيرة وتحتوي على العديد من الجينات، لكن البعض الآخر صغير ولا يؤثر إلا على جين واحد.
هذا ما كنا نعتقد. في الواقع تزيد كل طفرة بنيوية متكررة — يطلق عليها تفاوت في عدد النسخ — خطر الإصابة بنطاق من اضطرابات النمو، منها التوحد وإعاقات التعلم والصرع. لكن بينما يحتمل أن يسهم التفاوت في عدد النسخ بشدة في مرض الإنسان، فإنه يمثل نوعًا واحدًا فحسب من التفاوتات في الجينوم؛ لذا ربما تكون الأشكال الأخرى من التفاوت الأكثر شيوعًا مهمة أيضًا. بما أنه أصبح من الممكن حاليًّا رسم تتابعات الجينوم على نطاق واسع، نستطيع البحث عن تغيرات على مستوى قواعد النيوكليوتيدات الفردية، والمسئولة عن معظم الفروق الوراثية بين البشر.
يتراوح هذا التفاوت من اختلافات النيوكليوتيدات الموجودة في 5 إلى 50 بالمائة من السكان، وحتى التغيرات الفردية الفريدة. يعتمد تأثير التغيُّرات بدرجة كبيرة على ما إذا كانت تحدث داخل الجينات أو تؤثِّر على وظيفة الجين. كالمتوقع، تكون أكثر التغيُّرات تدميرًا هي أكثرها نُدرة. نحمل كلنا قليلًا من هذه التغيُّرات، لكن تشير الدراسات إلى أن المصابين بانفصام الشخصية يحملون عددًا أكبر من المعدل الطبيعي. مرة أخرى، ترتبط العديد من الجينات المهمة بأمراض كالتوحد.
في الشهر الماضي، سمع الباحثون في المؤتمر العالمي عن علم الوراثة النفسي في هامبورج بألمانيا أن الجينات المرتبطة بانفصام الشخصية لا يبدو أنها تشكل جزءًا من مسار واحد، بل تشير إلى عمليات مهمة؛ كعمل الجهاز المناعي وليونة التشابكات العصبية وتنظيم مجموعات الجينات خلال النمو المبكر للمخ.
أثار هذا جدلًا بشأن ما إذا كان بلولير محقًّا، وإذا ما كُنَّا بدأنا في تعريف الأمراض في متلازمته. إذا كان الأمر كذلك، فإن فهم علم الوراثة سيكون مفتاحًا لا للتشخيص فحسب بل أيضًا لإعداد عقاقير تستهدف الآليات الجزيئية بدلًا من الأعراض الإكلينيكية. فيما يخص بول، ربما يعني هذا عدم النظر إليه بعد الآن على أنه شخص يعاني انفصام الشخصية يُحتمل أن يستجيب لعلاج شامل. بدلًا من ذلك، يمكن القول إنه شخص لديه طفرة نادرة تحتاج إلى علاج معين. وإذا كان لدى بول أخٌ يعاني اكتئابًا، أو ابنة أخ أو أخت تعاني الصرع، ويشتركون معه في الطفرة نفسها، فربما يستجيبان أيضًا للعلاج نفسه.
إذن ماذا بعد؟ لدينا قائمة متزايدة من الطفرات النادرة، ويُحتمل العثور على المزيد، إلا أن تأثير هذا على الرعاية الصحية سيعتمد على أمرين: الأول هو نسبة مَن يعانون طفرة نادرة واحدة على الأقل (التقديرات لانفصام الشخصية تقترب من 5 بالمائة وأكثر من 10 بالمائة في التوحد). ثانيًا — والأهم من ذلك — التأثير التراكمي لكل طفرة على احتمال الإصابة بالمرض.
في بعض الحالات، تؤثر إحدى الطفرات بعمق على آلية جزيئية مهمة؛ مما يسبب خطر الإصابة بانفصام الشخصية أو يزيده بشدة. في الغالب، يرجح أن يأتي المرض نتيجة للعديد من الطفرات الموروثة أو الجديدة المصحوبة بعوامل بيئية — كالضغط العصبي — أكثر من كونه نتيجة لطفرة واحدة. وفي الواقع، يحتمل أن يشتمل خطر الخلفية الجينية على مئات أو حتى آلاف الآثار الوراثية الخفية التي يطلق عليها تعدد أشكال النيوكليوتيد المفرد، بحيث يكون لكل منها إسهام ضئيل في خطر الإصابة.
تطرح الاكتشافات أيضًا أسئلة كبيرة: هل أكثر المتأثرين هم مَن يعانون أكثر الطفرات حدة؟ كم عدد الآليات الوراثية المستخدمة؟ ما أفضل أهداف العلاج؟ هل يوجد أفراد لديهم خطر وراثي ضئيل تعتمد أسباب انفصام الشخصية أو بواعثه لديهم على التعرض لمخدر الحشيش أو — لنقُل — ضغوط الحياة؟ ما الذي سنتعلمه عن النمو الطبيعي للمخ ووظيفته؟ ستكون الإجابات مهمة لنا جميعًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.