محافظ الإسماعيلية يتابع الاستعدادات النهائية لجولة إعادة انتخابات مجلس النواب    مصر ترفع مساهمة البترول والتعدين إلى 8% بحلول 2030    تشغيل تجريبي لمحطة حاويات البحر الأحمر بميناء السخنة    أمريكا تصر على انسحاب أوكرانيا من دونيتسك خلال مفاوضات برلين    استطلاع: 75% من الأوكرانيين يرفضون تقديم تنازلات كبرى للسلام مع روسيا    الإمارات والمفوضية الأوروبية يدعوان لإيجاد مسار للسلام على أساس حل الدولتين    نتنياهو يجتمع بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا في القدس    الجيش الإسرائيلي يعتزم هدم 25 مبنى سكنياً في الضفة الغربية    وزارة الرياضة تصدر بيانًا بشأن الزمالك    خاص| خلال ثلاثة أشهر.. الانتهاء من أزمة الكلاب الضالة في شوارع القاهرة    البحيرة تستعد لأمطار اليوم: المحافظ ترفع درجة التأهب بجميع المراكز والمدن    ضبط المتهمين في مشاجرة دامية بالبحيرة| فيديو    انهيار جزئي لمنزل من الطوب اللبن بقنا دون إصابات    السيطرة على حريق مخبز بلدى بنصر النوبة في أسواد دون خسائر    السبت، مناقشة رسالة الدكتوراه للفنان إبراهيم السمان بالمعهد العالي للفنون المسرحية    القاهرة الإخبارية: القنصلية المصرية في أثينا تستقبل أبناء الجالية للتصويت حتى 9 مساءً    رئيس جامعة بنها: الأنشطة الطلابية ركيزة أساسية في بناء شخصية الطلاب وتنمية مهاراتهم    رئيس لبنان: الاتصالات مستمرة لتثبيت الأمن في الجنوب من خلال المفاوضات    تراجع سعر الدولار أمام الجنيه بنهاية تعاملات الإثنين    محمد صلاح يخلد رقمه القياسي مع ليفربول    تأجيل محاكمة 56 متهما بالهيكل الإداري للإخوان لجلسة 11 فبراير    مساعي المغرب تنجح.. العيناوي يغيب عن مباراة روما أمام كومو    جائزة ساويرس الثقافية تعلن القوائم القصيرة لشباب الأدباء وكتاب السيناريو في دورتها الحادية والعشرين    موسم استثنائي.. دراما رمضان 2026 على طاولة مناقشات لجنة الدراما بالأعلى للإعلام    وزيرا الأوقاف والثقافة ورئيس شركة العاصمة يفتتحون متحف كبار القرّاء    5000 مكالمة للخط الساخن 105 خلال نوفمبر بنسبة استجابة كاملة    عاجل- رؤساء المجالس التصديرية خلال اجتماع مع رئيس الوزراء: توطين الصناعة وخفض الواردات لتعزيز الصادرات المصرية    ضبط تجار عملة خارج السوق المصرفية.. الداخلية تُشدد قبضتها على المضاربين    الدليل الكامل لامتحان اللغة العربية نصف العام 2025–2026 للمرحلة الابتدائية    ولي العهد السعودي والبرهان يناقشان جهود تحقيق الاستقرار بالسودان    «الصحة» تتفق مع «إيني» على إدارة وتشغيل مستشفيتين في مصر    فوائد تمارين الكارديو، تشد الجسم وتقوى عضلة القلب    وزير التعليم: إطلاق أول بنية وطنية موحدة لبيانات التعليم قبل الجامعي    عادل إمام يغيب عن تشييع جثمان شقيقته.. لهذا السبب    في ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. مسيرة فنان جسد التاريخ والوجدان    شيخ الأزهر ينعَى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    "صحة الشيوخ" تُسرّع دراسة إنشاء مستشفى جديد بحلوان بعد توقف القرار 3 سنوات    اتحاد التمويل الاستهلاكي: نمو مستدام وتراجع ملحوظ في التعثر رغم زيادة عدد العملاء 208%    عصام الحضري يحيي الذكرى الأولى لوفاة والدته    رئيس إسكان الشيوخ: نضع خدمات المصريين في مقدمة أهدافنا    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    الزمالك ينتظر انتظام عدي الدباغ في التدريبات الجماعية اليوم    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    جوجل توقع اتفاقاً للطاقة الشمسية فى ماليزيا ضمن خطتها لتأمين كهرباء نظيفة    أخبار مصر.. استبدال ضريبة الأرباح الرأسمالية بضريبة دمغة نسبية على تعاملات البورصة    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي لكرة السلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    استقرار أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 15 ديسمبر 2025    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول المضاعفات المتأخرة لمعالجات السرطان late effects of cancer treatments .
نشر في البداية الجديدة يوم 19 - 08 - 2013


التأثيرات على الدماغ و الجهاز العصبي المركزي
أثبتت الدراسات وجود علاقة ما بين الحقن الغِمدي ( intrathecal ) للعقاقير الكيماوية في السائل المُخّي الشوكي المحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، و بين نقص القدرات التعليمية و ضعفها لدى الأطفال، و يظهر ذلك بشكل أكثر شيوعا لدى الأطفال ممن تلقوا الجرعات العلاجية بالسن ما دون الخامسة من العمر، و تصبح في اغلب الأحوال جلية للعيان خلال فترات تمتد من سنتين إلى خمس سنوات عقب تلقي المعالجات، و تتركز بصفة خاصة عند الأطفال ممن خضعوا لتوليفة مشتركة من العلاج الكيماوي الغِمدي و العلاج الإشعاعي للدماغ.
و يظهر هذا النمط من العجز الذي يُعرف بالضعف المعرفي ( cognitive impairment ) بشكل تقليدي كانخفاض بمعدلات الذكاء بحوالي من 10 إلى 20 نقطة عند اختبارات قدرات التعلم، إضافة إلى مشاكل و صعوبات أخرى تشمل المهارات البصرية الحركية، و ضعف الذاكرة و تشتت أو نقص الانتباه و التركيز الذهني، أما ضعف المهارات غير اللغوية مثل الرياضيات، فيظهر على وجه الخصوص عند من تلقوا العلاج الكيماوي الغِمدي و العلاج الإشعاعي بصفة مشتركة، و رغم أن الأطباء يحاولون دوما التقليل من مثل هذه التأثيرات بتجنب إعطاء هذين العلاجين معًا، إلا أنه ثبت أن الحقن الغِمدي منفردا يمكنه أن يتسبب بحدوثها عند بعض الحالات.
كما يمكن للعلاج الإشعاعي سواء منفردا أو مشتركا مع العلاج الكيماوي أن يؤثر على مستوى الذكاء و الإدراك لدى الأطفال، و خصوصا من هم بسنّ المدرسة و بنفس الوتيرة، فقد يواجهون مصاعب بقدرات التعلم و غالبا بالمهارات اللغوية و الذاكرة، و التي يمكن أن تزداد سوءا بمرور الوقت، إضافة إلى الخمول و انخفاض سرعة معالجة المعلومات و بطء ردود الفعل، و تجدر الإشارة إلى أن ذلك يتناسب عكسيا مع عمر الطفل، فكلما كان اكبر سنا عند تلقي المعالجات كلما قلّ الضرر الممكن حدوثه.
و من تأثيرات العلاج الإشعاعي المهمة على الجهاز العصبي المركزي على المدى الطويل حدوث العجز في هرمونات النمو، مما قد يؤدي إلى صغر القوام و قصر القامة عن معدلها الطبيعي، و يُعد الأطفال المُعالجين بالعلاج الإشعاعي للجمجمة و العمود الفقري قبل سن الخامسة أكثر عرضة لمخاطر نقص النمو، و يعود ذلك إلى الأذى الإشعاعي الواقع على منطقة ما تحت المهاد بالدماغ أي الوِطاء ( hypothalamus ) و هي المسؤولة عن تنظيم النمو، و قد تدعو الحاجة أحيانا إلى استخدام الإعاضة الهرمونية بإعطاء هرمونات النمو التعويضية لمعالجة الحال.




التأثيرات على النمو
يُعد انخفاض وتيرة النمو الطبيعي خلال معالجات أورام الطفولة من المشاكل المعتادة، و قد يظهر قدر معين من التأخر عن هذه الوتيرة بشكل يتفاوت من طفل لآخر، و قد تصبح بعض الآثار، مثل قصر القامة، دائمة عند بعض الحالات كنتيجة لتأخر النمو الطبيعي، و في اغلب الأحوال يكون تأثير العلاج الكيماوي بإبطائه وتيرة النمو مؤقتا حين يُعطى منفردا دون العلاج الإشعاعي، و من ثم يعود اغلب المرضى للوتيرة الطبيعية في آخر الأمر، إلا أن تأثيرات الجرعات العالية من بعض العقاقير تبقى لوقت أطول.
و يمكن للعلاج الإشعاعي أن يتسبب في تأثيرات جدّية مباشرة على النمو الطبيعي للعظام و العضلات التي تدخل ضمن حقل الإشعاع، بما في ذلك إشعاع منطقة الرأس بطبيعة الحال، مما قد يؤدي إلى إبطاء وتيرة هذا النمو و التطور في أي مرحلة عمرية، فالعظام و الأنسجة الرخوة و العضلات و الأوعية الدموية، هي أنسجة حساسة للإشعاع خلال دورات النمو السريع، و لذلك يُعد الأطفال في سن تقل عن الخمس سنوات أو من يمرون بمرحلة البلوغ، التي تتسارع فيها بعض أنماط النمو، أكثر عرضة لمخاطر هذه التأثيرات، و إضافة إلى إبطاء النمو قد يظهر شيء من عدم التماثل بنمو الأعضاء، و مشاكل بالمفاصل مع ما يتبعها من الآم، و نشوء ما يُعرف بهشاشة و ترقق العظام ( osteoporosis )، إضافة إلى التأثيرات على الأسنان و تأخر نموها و التي تستلزم عناية خاصة بدورها.
و تجدر الإشارة إلى أن الكيفية التي يؤثر بها الإشعاع على هذا النمو لا تزال غير مفهومة على وجه الدقة، و لعل الإجابة تكمن في كيفية تأثيره على منظومة الغدد الصماء بالجسم و اختلال وظائفها بإفراز الهرمونات، و التي هي منظومة متعددة الجوانب و معقدة بالجسم البشري و سهلة التأثر بعلاجات الأورام، فكما هو معروف، تقوم الغدد الصماء، و منها الغدة الدرقية و الغدة الكظرية و المبايض، بإفراز الهرمونات في الدورة الدموية، و التي بدورها تقوم بحثّ و تحفيز العديد من الوظائف البدنية، مثل تحفيز عوامل البلوغ و الإخصاب و ضبط وتيرة النمو الجسدي، و بإختلال و إعاقة النظام الهرموني، ( سواء نتيجة الضرر المباشر للأعضاء المختلفة، مثل الخصيتين أو المبايض، أو للجزء الدماغي الذي يتحكم في أنشطة الغدد الصماء و الذي قد يتضرر جراء العلاج الإشعاعي لمنطقة الرأس و الرقبة )، يمكن أن تتطور تعقيدات مختلفة، مثل تأخر البلوغ أو ظهور علاماته مبكرة عن وقتها، و ضعف الخصوبة، و مشاكل إعاقة النمو و تأخر معدلاته، إضافة إلى التأثير على بُنية العظام و مدى طول القامة، و تأخر تحقيق البلوغ الكامل، و من المعتاد ظهور مثل هذا الانخفاض بوتيرة النمو بوضوح خلال الخمس سنوات الأولى عقب تلقي المعالجات في اغلب الأحوال.
و قد تساعد المعالجة بالإعاضة الهرمونية البديلة، بإعطاء جرعات من هرمونات النمو في إبطال و معالجة مثل هذه المضاعفات المؤذية للعلاج الإشعاعي، غير أنه ينبغي بطبيعة الحال دراسة هذا الخيار بتمعن شديد عند إعتباره بالحسبان، و تقصي مدى الحاجة إليه و عواقب استخدامه.
و بهذا الصدد من المفيد الإشارة إلى الغدة الدرقية و مضاعفاتها المحتملة، إذ أنها أكثر عرضة لخطر التأثر نتيجة العلاج الإشعاعي للرأس و الرقبة، فقد تطرأ علة نقص الإفراز الدرقي ( hypothyroidism )، حيث لا تتمكن الغدة الدرقية من إفراز الكمّ الكافي من الهرمون الدرقي، و التي من أعراضها التعب و الإرهاق الشديد و جفاف الجلد و ضعف الشعر، كما يمكن أن تظهر علّة فرط النشاط الدرقي ( hyperthyroidism ) و إن كانت نادرة، و التي تطرأ نتيجة زيادة إفراز الغدة الدرقية، الأمر الذي يستدعي ضرورة إجراء الفحص السنوي لوظائف الدرقية طوال العشر سنوات اللاحقة لانتهاء معالجات الأورام، لتقصي مثل هذه المضاعفات و استخدام البدائل الهرمونية إن دعت الحاجة.

مضاعفات الإبصار و السمع
قد تتأثر القدرة البصرية بعدة طرق نتيجة المعالجات، خصوصا عند وجود الورم بموضع يتلامس مع العيون أو قريبا منها، إذ أن لبعض العقاقير تأثيرات سُمية على العيون و قد تؤدي إلى نشوء تعقيدات مختلفة و إن كانت مؤقتة، مثل تشوش الرؤية و ازدواجيتها و نشوء علة الماء الزرقاء ( glaucoma )، كما أن العلاج الإشعاعي الموجه لمنطقة العين قد يسبب علة إعتام عدسة العين أو كدر العين ( cataracts )، إضافة إلى أن الإشعاع، حين يُسلط على العظام قرب العينين، قد يسبب ضعفًا و قصوراً بنموها مما يؤدي إلى تشوهات بنمو الوجه قد لا تبدو واضحة في بعض الأحيان.
كما يمكن للبعض من معالجات السرطان التسبب في نشوء مشاكل بالقدرات السمعية و فقد لحاسة السمع خلال فترات لاحقة عقب انتهاء المعالجات، فمثلا يمكن للعقاقير الكيماوية من فئة مركبات البلاتينيوم، مثل عقاري سيسبلاتين ( cisplatin ) و كاربوبلاتين
( carboplatin ) التسبب في تلف بالشعيرات الحسية بالأذن الداخلية مما يؤدي إلى حدوث الفقدان الحسي للسمع، بينما يمكن أن تطرأ نفس هذه المضاعفات عند تلقي العلاج الإشعاعي للرأس خصوصا إن كان موجها لجذع الدماغ أو الأذنين، إضافة إلى نشوء الصمم التوصيلي ( conductive hearing loss ) الناتج عن تراكم الشمع أو السوائل أو نشوء الإلتهابات أو حدوث التصلب بالأذن الخارجية و الوسطى، كما أن العمل الجراحي بدوره قد يؤدي إلى نشوء مضاعفات السمع عند إجراء عمليات بالدماغ أو الأذنين أو بمواضع مرتبطة بالأعصاب السمعية.
و تجدر الإشارة إلى أن بعض الأدوية المساندة قد تؤثر على القدرات السمعية و يمكنها زيادة مضاعفات العقاقير الكيماوية على السمع، و من أمثلة ذلك بعض المضادات الحيوية مثل جينتامايسين ( gentamicin ) و توبرامايسين ( tobramycin ) و بعض أنواع مدرات البول مثل اللاسيكس ( lasix ) أو ايديكراين ( edecrin ).
و لذلك فمن المهم جدا إجراء الفحوصات الدورية للقدرات البصرية و السمعية أثناء تلقي المعالجات و لسنوات عقب إنتهائها، لتقصي مثل هذه التأثيرات، الأمر الذي سيمكّن من تغيير أو تعديل الخطط العلاجية مبكرا تلافيا لمضارها، و قد يصبح من الضروري بطبيعة الحال التوصية بإجراء بعض المعالجات لدى بعض الحالات، مثل إزالة كدر العين أو استخدام النظارات أو الاستعانة بالأجهزة السمعية.


تأثيرات الأجهزة التناسلية و النمو الجنسي
عند الذكور :
للعلاجين الكيماوي و الإشعاعي المقدرة على تخفيض إنتاج الحيوانات المنوية، و للجرعات الإشعاعية المنخفضة و بعض أنواع العقاقير الكيماوية حين تعطى منفردة تأثير مؤقت على معدلات الإنتاج، بينما تؤدي الجرعات الإشعاعية العالية و العديد من خطط العلاج الكيماوي المكثفة إلى نقص دائم و نهائي، و يؤثر نقص معدلات إنتاج الحيوانات المنوية سلبا بطبيعة الحال على الخصوبة و المقدرة على الإنجاب، و هذا أمر مهم يؤخذ في الحسبان قبل المباشرة بمعالجات السرطان عند المراهقين، حيث يمكن التفكير في حفظ المني ببنوك الأعضاء بحيث يتمكن المريض من الإنجاب لاحقا بالوسائل الاصطناعية.
و لوحظ أن الأطفال الصغار ممن تلقوا معالجات الأورام في أعمار بعيدة عن سن البلوغ هم اقل عُرضة لحدوث العجز في إنتاج الحيوانات المنوية، و بصفة عامة و بالنسبة للكثيرين لا يمكن التكهن بشكل جازم عن مدى تأثرهم بمعالجات الأورام و هم في طريقهم إلى مراحل البلوغ، و قد ثبت عند بعض الحالات أن انخفاض معدلات إنتاج المنويات يحدث بشكل مؤقت، إذ ارتفعت معدلات التعداد إلى المستويات الطبيعية عقب مُضي 15 سنة من انتهاء المعالجات.
و من جهة أخرى يمكن أن تظهر مضاعفات أخرى نتيجة تلقي العلاج الإشعاعي للدماغ، تشمل حدوث تبدلات في مستويات الهرمون الذكري الرئيسي التستستيرون ( testosterone )، الأمر الذي يؤدي إلى تأخر أو العجز عن إكمال مرحلة البلوغ، أو ظهور علامات البلوغ المبكر، إضافة إلى احتمال نشوء العجز الجنسي و خمود الرغبات و علة العنة، و من الممكن تحقيق نتائج ايجابية برصد هذه التغيرات و مراقبتها بعناية و معالجة تأثيراتها مبكرا.
عند الإناث :
تختل وظائف المبايض نتيجة تأثيرات كل من العلاج الإشعاعي للتجويف البطني و العلاج الكيماوي، و يعتمد مدى هذا الاختلال الوظيفي بشكل كبير على العمر و مرحلة البلوغ عند التشخيص و أثناء المعالجة، و لوحظ أن البنات اللائي لم يصلن مرحلة البلوغ عند تلقي المعالجات هم اٌقل عرضة لنشوء مثل هذه الاضطرابات، و من البديهي أن تتم حماية المبايض حين يكون الإشعاع لتجويف البطن ضروريا، إذ انه إضافة إلى تأثيره على خواص البويضات و بنيتها السليمة، يُضعف من مقدرة الرحم على حمل البويضات بالشكل الطبيعي خلال مراحل الحمل و حتى انتهائه.
كما يمكن للعلاج الإشعاعي للدماغ أن يؤثر على الهرمونات الضرورية لوظائف المبايض، و هذه التأثيرات بدورها تؤدي إلى عدم انتظام الحيض، و حدوث تغيرات في مراحل إنتاج البويضات، إضافة إلى البلوغ المبكر.
و مع أن بعض أنواع العقاقير الكيماوية تسمح بالنمو العادي، و التقدم بمراحل البلوغ و أداء الوظائف بشكل طبيعي عقب انتهاء المعالجات، إلا أن مخاطر ظهور مضاعفات العلاج الكيماوي لا تزال قائمة، و هي تشمل تأخر الطمث و انقطاع الحيض المبكر، و ضعف الخصوبة.
الإنجاب :
من الطبيعي أن يشعر الأطفال المرضى بالسرطان عقب إنتهاء المعالجات بمخاوف كثيرة تتعلق بمدى مقدرتهم على الإنجاب في المستقبل، و بمدى المقدرة على الاحتفاظ بالجنين و استمرار الحمل حتى الولادة، و من ثم إنجاب ذرية سويَة و بصحة جيدة، و رغم أن اغلبهم قادرون على إنجاب أطفال أصحاء و بدون تعقيدات إلا أن المخاطر تظل قائمة، حيث يمكن لضعف الخصوبة و انقطاع الطمث المبكر و المضاعفات العلاجية التأثير على أطوار الحمل و الولادة، و قد تكون الظروف أكثر ملائمة للحمل خلال السنوات المبكرة من الشباب لتعزيز فرص حصول حمل ناجح، و يُنصح دوما بالاستشارة الطبية المتخصصة حول الإنجاب و الخصائص الوراثية عند الشروع في تكوين عائلة.
و من ناحية أخرى لا تزال الدراسات جارية لمراقبة تطورات الأجنّة و مخاطر التشوهات الخلقية المحتملة عند ذرية الناجين من السرطان، و حتى الآن لم تثبت نتائج الدراسات الحديثة وجود علاقة متينة بين الأمرين، أي المعالجات و المخاطر، رغم أن الكثير من المخططات العلاجية قد تتضمن استخدام عدة عقاقير، و بجرعات لم يثبت أنها مأمونة على الذرية المستقبلية للأطفال المُعالجين.




التأثيرات على القلب و الجهاز القلبي الوعائي ( cardiovascular system )

تربط الأبحاث بين العقاقير الكيماوية المعروفة بفئة الانتراسايكلين ( anthracyclines ) و حدوث انخفاض في الأداء الوظيفي للقلب و الأوعية القلبية عقب انتهاء معالجات الأورام، و مع أن لبعض الأنواع الأخرى مخاطرها على الأوعية القلبية ( cardiovascular ) غير أنها ليست بنفس مستوى التأثير، كما أن العلاج الإشعاعي لمنطقة الصدر يٌعتبر أيضا مخاطرة على القلب، و بطبيعة الحال تساهم العديد من العوامل في تحديد نسبة الخطورة، مثل الجرعات الكلّية المتلقاة، و قنوات الحقن و نوع العقار و عمر الطفل عند تلقي المعالجات، و تُعد العناية الحريصة بمراقبة فاعلية القلب في أداء وظائفه من المسائل المهمة جدا، نظرا لعدم وجود أعراض تشخيصية استدلالية، و لا يمكن التقصي عن التعقيدات و المشاكل الممكن وجودها سوى بإجراء الفحوصات الخاصة بالقلب، مثل تخطيط صدى القلب ( echocardiogram ) باستخدام الموجات فوق الصوتية، و بإجراء الفحوصات الدورية، ليتسنى الكشف عن أية مضاعفات محتملة مبكرا و من ثم معالجتها إن اقتضت الحاجة.
و تجدر الإشارة إلى أن الدراسات السريرية لا تزال جارية لتقصي مدى الاستفادة من الأدوية التي ثبت أنها تحمي القلب و توصف للبالغين ممن يتلقون علاجا كيماويا مشابها، و التي قد تكون مفيدة للأطفال بنفس القدر.




التأثيرات على الجهاز التنفسي
تُعد إختلالات الجهاز التنفسي من المشاكل المعتادة عند الأطفال ممن تلقوا العلاج الإشعاعي لمنطقة جدار الصدر، و التي تتضمن تناقص حجم الرئتين، و تليف الأنسجة الرئوية ( fibrosis )، ( و يستخدم هذا العلاج بصفة خاصة عند معالجة أورام هودجكن، و لدى الحالات التي تطورت لديها أورام ثانوية بالرئة انتقلت من مواضع أخرى )، و من التعقيدات المتوقعة أيضا نشوء التهابات الأنسجة الرئوية أو علة ذات الرئة ( pneumonitis )، و التي من أعراضها المبدئية السعال الجاف و صعوبة التنفس، و يمكن أن تصبح المضاعفات أكثر حدة عند دمج العلاج الإشعاعي و بعض أنواع العقاقير الكيماوية، التي يمكن أن تتسبب بمثل هذه المضاعفات، مثل عقار بليومايسين ( bleomycin )، و الجدير بالذكر أن تعقيدات الجهاز التنفسي يمكن أن تظهر عقب مرور سنوات عديدة من انتهاء المعالجات، و إن كانت تظهر عادة بشكل مبدئي خلال فترة تتراوح بين السنة إلى السنتين.
و بطبيعة الحال ثمة معالجات متوفرة للمساعدة في التخفيف من أعراض ذات الرئة ( pneumonitis ) إضافة إلى مشاكل تليف الأنسجة ( fibrosis )، و تساعد المتابعة الدقيقة و بعناية في تحديد المرضى الأكثر عرضة لنشوء هذه التأثيرات، و بالتالي إجراء بعض الفحوصات الخاصة لديهم بشكل دوري، إضافة إلى الاستشارة الدورية لطبيب اختصاصي بأمراض الرئة .


حول نشوء الأورام الثانوية
يعتبر الناجون من السرطان بصفة عامة أكثر عرضة لخطر نشوء أورام ثانوية خلال حياتهم المستقبلية، و بدرجات تتفاوت من طفل لآخر، و هم أكثر عرضة لتطور الأورام التي تظهر عند الكبار عادة كلما تقدم بهم العمر، و تعتمد نسبة الخطورة بطبيعة الحال على العديد من العوامل، أهمها نوع الورم الأصلي المُعَالَج، و نوع العلاجات المتلقاة، ( فمثلا تظهر نسبة أعلى لتطور أورام ثانوية بمواضع الإشعاع لدى استخدام العلاج الإشعاعي )، إضافة إلى العوامل الوراثية، و تأثيرات التقدم في السن و الظروف الحياتية المختلفة، و الظروف البيئية، و العوامل الشخصية لكل طفل.
و كما سلفت الإشارة، تتراوح نسبة الخطورة و العرضة لتطور ورم ثانوي غير الورم الأصلي المُعالج بعد فترات متفاوتة بين 3 % إلى 12 % خلال العشرون سنة التالية لتشخيص و معالجة أيٍ من أنواع أورام الطفولة، و تفيد بعض التقارير الطبية عن إمكانية نشوء اللوكيميا النخاعية الحادة عند الأطفال ممن تلقوا جرعات مكثفة من العلاج الكيماوي لمعالجة مختلف الأورام، خصوصا معالجة اللوكيميا الليمفاوية الحادة، و أشارت بهذا الصدد إلى أنها تنشأ عادة خلال ثلاث سنوات بالمتوسط عقب تشخيص اللوكيميا الليمفاوية، و تشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة قوية بين نشوء اللوكيميا النخاعية الحادة و بين استخدام جرعات عالية و لفترات طويلة من العقارين ايتوبوسايد ( etoposide ) و سايكلوفوسفامايد ( cyclophosphamide )، و الذي يُعتقد أيضا بوجود علاقة بينه و بين تطور سرطان المثانة الثانوي خلال سنوات لاحقة لدى بعض الحالات.
و من ناحية أخرى أفادت بعض التقارير الطبية عن خطر نشوء أورام دماغية ثانوية عند تلقي العلاج الإشعاعي للجمجمة ( cranial radiation ) خصوصا إن تم استخدامه لدى الأطفال بسنّ تقل عن الخمس سنوات، و تُعد الأورام الدبقية
( gliomas ) من أكثر أنواع الأورام الدماغية الممكن ظهورها، كما تفيد التقارير عن خطر تطور سرطان الغدة الدرقية ( thyroid cancer ) عند إشعاع الرقبة، و خصوصا لدى معالجة أورام هودجكن.
و قد أفادت نتائج إحدى الدراسات الطبية التي شملت 9100 طفلا ناجيا، و التي استهدفت تقصي مدى تطور أنواع أورام العظام لدى الناجين، بأن خطر تطور أورام العظام الغرنية ( osteosarcoma ) بلغ نسبة 2.8 % عند الحالات التي شملتها الدراسة، و تركزت النسبة لدى المُعالجين من أورام جذيعات الشبكية الموروثة ( hereditary retinoblastoma ) حيث بلغت 14.1 %، و لدى المُعالَجين من مجموعة أورام يوينغ حيث بلغت نسبة 22.1 %، و تشير الدراسة إلى أن نسبة الخطورة تركزت بين المرضى المُعالجين بجرعات عالية من العلاج الإشعاعي و الاستخدام المكثف للعقاقير الكيماوية من فئة عناصر الألكلة ( alkylating agents ) دون غيرهم ( 1 ).
و تخلص دراسة أخرى مشتركة لعدة مراكز طبية متخصصة إلى أن نسبة الخطورة لنشوء أورام ثانوية عند الأطفال المعالجين بنجاح بلغت 9.2 % خلال العشرين سنة التالية عقب تشخيص الورم الأصلي و معالجته، و بلغت نسبة الأورام الغرنية ( sarcomas ) الثانوية حوالي 6.5 % و لم يتطور أي منها لدى المُعالجين بجرعات مخفضة من العلاج الإشعاعي ( 2 ).
كما تربط العديد من الدراسات الطبية المتوسعة بين تلقي المعالجة الإشعاعية لكامل الجسم ( total-body irradiation )، و المستخدمة خصوصا عند عمليات التهيئة لزرع نُقى النخاع العظمي، و بين تطور أورام صلبة ثانوية، و خلصت إحداها إلى أن النسبة بلغت حوالي 8.3 % خلال 13 سنة من انتهاء المعالجات ( 3 ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.