الحزب جماعة من الناس لها شغل وتوجه وفعل اجتمعت عليه، لكن طائفة من الطواف جماعة لها مهمة أو مهنة تقوم بها مُسْتَخْدَمَةٌ لا يُنْظَر منها لغيره، وفئة من الافتئات عدو معارض لك خارج عنك لا تقابله إلا في مواجهة وحرب، وفرقة من الفرق قد تكون تفرق في الشيء فيجتمع بعمل كل فرقة، أو افتراق عنه فيكون فيه شتات الأمر وضياع كل شيء، والفصيل من الفصل تفرق من شيء لازالت فيه على صلة ووصل، إنها فصائل تخرج من تحت عباءة واحدة كلها قائمة تحت أمره، كفصيل الناقة توقف عن الرضاع لتوه، لكنه لازال خلف أمه. والشيعة من شيوع الخبر وذيوعه يقوى، حتى يكون أدعى لصدقه، التشيع ركون إلى فرد وفكر به يقوى ويظهر من به تشيع. الحزب في الأصل جماعة لها توجه تبلغه بجد واجتهاد، فحتى يكون للحزب قيمة لا تنظر إلى ما فيه من جدل أو كثير كلم، ولكن انظر لفعله وجهده في الحصول على ما يصعب بدون مثابرة وجهد أن تحصل عليه. فلم يكن الحزب طائفة يعهد إليها بدور تؤديه، فلكل طائفة مهنة تمتهنها، قد كانت ولم تكون إلا لما تعارف الناس إلى حاجتهم إليها، لكن اختلاق دور للحزب ليس دورا، وإنما هو إقصاء له عن دوره وفعله. ولم يكن حزبا من تشيع إلى من أغدق عليه، ولم يكن حزبا من كانت مصالحه للناس ضداً مفتأتا عليهم، ولم يكن حزبا من لاذ بالجدران مفترقا عن كل ما يدعى إليه، بل لم يبلغ الحزب فصيلا، إذا كان منفصلا لا يحكمه إلا صوت نفسه، لم يرقب في الناس نبضا، ولم يسمع احتجاجهم عليه، ولو كان صوت الناس للسامعين كالبرق يرعد. ولم يكن أصحاب الحزب أشياع، أي أصحاب شعارات تستميل الناس، أو أقوال وخطب ووعود تجذب الأسماع، أو تنظير براق مأخوذ من بلاد حازت على احترام الناس، الحزب يقوى بوسيلته وفعله، لكنه لا يتجر بضميره، بل يُضمِره ويراه الناس من خلال فعله. فلم يعرف العرب في لغتهم حزب تشيع، أي تقوى بغيره من الأحزاب التي لم تكن إلا فكرا، فأضاف من فكره عليهم حتى يبلغ في الناس قوة. ولم يُعْرَف في اللغة حزب له دين وآخر بغير دين، والمفترض أن الحزب عمل والعمل بذل، أي أداء لما ترى أن له حق عليك. وقل اعملوا، فإن العمل عند الله منظور إليه. هذا والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم