هستريا الكلام ************ أمسك قلمى وأجول بين ضفتى الألف والياء وأحاذر تقلب موج الحروف وأقف أمام نطق بعضها همساً وبعضها وجوب وإحكام الشفاة كالباء ؛ وأنظر الى كوب شاى الصباح الصامت بإنتظار الحليب وقطعة السكر الواحدة لإبدأ رحلتى فارداً شراع الكتابة وابدأ بالمكان ميدان التحرير والتاريخ 25 يناير والحدث ثورة شباب. وتأملات ذهنية وفكرية ومحاولة لربط الحاضر والواقع بالماضى وهروبى المعتاد لخيال يتسهوينى ورياح تقود سفنى الى هستريا الكلام . وبعد ان اشعلت أول سيجارة وإنطلاق دوائر الدخان لترسم حالة أعشقها تارة وأثور عليها تارات أبدأ رحلتى بالكتابة بمقولة د. عتيق قالوا أنها عاقر فأنجبت مليون ثائر وكانت ثورة المليونيات لقهر الظلم وإسقاط نظام طالما ظن وتوهم أن الفساد له عمر وخالد بخلود الحياة. وكذب ظنهم وباء حلمهم أدراج الرياح وأعود مجدداً لكوب الشاى وسيجارتى ودوائر الدخان التى تملىء المكان متسائلاً أهى كانت إنفجار ثورة أم إنبجاس ثورة وأعاتب نفسى وألومها بل هى إنفجار ثورة قالوا سلمية ولاخلاف ولكنها تلونت بلون أحمر دم الشهداء ؛ قالوا أنهم عشرات وقلت أنهم ألاف ولكننا لانعلم عنهم شىء و نصدق حديثاً نتناقلة بين جدل وأسباب وتداعيات الثورة وهوجة كلام ؛ ونرتب حروف فى غير مكانها فكان الغلط واللغط الكبير بين تفسير منطقى وتفسير يستهوينا وهنا تشتد رياح الماضى لتقود سفنى الى ماضى سحيق و700 عام قبل الميلاد والمكان أمام سد مأرب وقوم سبأ .ونفس اللغط وتكرار نفس الأخطاء ؛ وتغير المسميات لتواكب حبكة تراودنا ونعشقها وندور فى فلكها كمدارت فكرية لها نفس المسميات ونفس الأكاذيب؛ ويتوارد لسمعى قصص فإنصت للإقتراب للراوى وإستبيان الحكاية وأستوضح الأسماء ورؤية وازيدها لمرتبة النبوئة لكاهنة الملك عمرو بن عامر الذى حكم اليمن قبل إنهيار سد مأرب والتى تدعى طريفة الخبر ورؤيتها فى منامها أن سحابة غشيت أرضهم وأرعدت وأبرقت ثم صعقت فأحرقت ما وقعت عليه، ووقعت إلى العارض فلم تقع على شيء إلا أحرقته. ففزعت طريفة الخبر لذلك ؛ وذعرت ذعرا شديدا وانتبهت وهي تقول: ما رأيت مثل اليوم قد أذهب عني النوم، رأيت غيما أبرق وأرعد طويلا ثم أصعق فما وقع على شيء إلا أحرق فما بعد هذا إلا الغرق. وقصت رؤيتها ونبوئتها للملك عمرو بن عامر وقالت علامة النبوئة الجرذان تأكل قواعد السد وتكثر فيه بأسنانها وأقدامها فينهار السد ويتشتت أهل البلاد فى ربوع الأرض والقحط يعم الأرض والخوف يملىء أنفس الناس .ويتوارد لسمعى شعر الأعشى ميمون بن قيس مؤكداً الرواية والحكاية والنبوئة وواعظاً فى بعض أبيات: وفي ذاك للمؤتسي أسوة ... ومأرب عفى عليها العرم رخام بنته لهم حمير ... إذا جاء مواره لم يرم فأروى الزروع وأعنابها ... على سعة ما بهم إذ قسم سعى جرذ فيهم ليلة ... فحان بهم جرفهم فانهدم وطار القيول وقيلاتها ... بيهماء فيها سراب يطم
وتخف الريح عن شراع سفنى وأمسك مقودها عائداً عبر الزمان وأتوجة الى خير بقاع الأرض مكةالمكرمة وكلام أًنزل من سبع سموات ومسطور الأيات فى سورة سبأ والأيات 15الى الأيات 19 فى كتاب لايأتية الباطل ومنزه عن الخطأ أو الزيادة والنقصان أنه كلام رب العالمين؛ قال تعالى فى محكم التنزيل بسم الله الرحمن الرحيم : ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) سبأ 15-19. ويتضح سبب انهدام السد بسبب طغيان قوم سبأ مما أضعفهم وفرقهم في الأرض وبالسيل وليس بالجرذان وتغنى الحكماء بالمثل ( تفرقوا أيدى سبأ) حينما خالف السبئيون شرع الله فكان سيل العرم وإنهدام السد كعقوبة إلهية وأعاود الرجوع الى واقعنا المعاصر وهل كان إسقاط النظام إلا غير عقوبة إلهية لكثرة الفساد أم كان لشجاعة للشباب وقد كان اقصى حلمهم إسقاط وزير للداخلية ؛ ومحاكمة قتله خالد سعيد وكلام رايح جاى فى الفيس أو ربما كانت الجرذان قضمت ساق رئيس فصرخ متنحياً ومردداً لم أكن أنتوى الترشح مجدداً وتلسع بواقى السيجارة سببابتى فأنفضها واعود الى واقعى وقد برد كوب الشاى وأمتلئت الغرفة بدخان أبيض وضاقت بأحرفى اقصوصات الحكاوى وهستريا الكلام ....