تحل علينا اليوم ذكرى ميلاد الفنان الكبير إسماعيل ياسين، الذي لا يزال حاضرًا في وجدان الجماهير رغم مرور فترة طويلة على رحيله، بعدما صنع لنفسه مكانة فريدة في تاريخ الفن المصري والعربي، كأحد أهم رواد الكوميديا الذين رسموا البسمة على وجوه الملايين. من حلم الغناء إلى طريق الكوميديا ولد إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر عام 1912 بمدينة السويس، وكان مولعًا منذ طفولته بالفن وخاصة الغناء، حيث كان يعشق أغنيات الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب ويطمح أن يكون مطربًا، ومع بلوغه السابعة عشرة شد الرحال إلى القاهرة بحثًا عن حلمه، لكنه اصطدم بظروف قاسية اضطرته للعمل صبيًا في مقهى بشارع محمد علي، ثم وكيلًا بمكتب محاماة، قبل أن يقوده القدر إلى عالم الفن من باب مختلف. بداية المشوار مع بديعة مصابني كانت نقطة التحول الحقيقية في حياته عندما التقى بالمؤلف الكوميدي أبو السعود الإبياري، الذي أصبح توأمه الفني وشريك مشواره الطويل. فقدمه إلى بديعة مصابني، لينضم إلى فرقتها ويبدأ في إلقاء المونولوجات الساخرة، وهو الفن الذي برع فيه حتى صار نجمًا إذاعيًا لامعًا في الثلاثينيات والأربعينيات. من الأدوار الثانية إلى البطولة كان أول ظهور له في السينما من خلال فيلم "خلف الحبايب"، ثم توالت أدواره الثانوية في أعمال مثل "القلب له واحد" و"علي بابا والأربعين حرامي". ومع منتصف الأربعينيات لفتت موهبته أنور وجدي، الذي منحه أول بطولة مطلقة في فيلم "الناصح"، لتبدأ بعدها انطلاقته الكبرى. إسماعيل ياسين في الجيش والبحرية والسماء بداية من عام 1955 تكون ثلاثي شهير جمع بين إسماعيل ياسين وأبو السعود الإبياري والمخرج فطين عبد الوهاب، نتج عنه سلسلة من الأفلام التي حملت اسمه مثل: "إسماعيل ياسين في الجيش"، "إسماعيل ياسين في البوليس الحربي"، "إسماعيل ياسين في الأسطول"، "إسماعيل ياسين في الطيران"، وغيرها، والتي لا تزال تعرض حتى اليوم وتلقى إقبالًا واسعًا من المشاهدين. نجم شباك التذاكر بلا منافس خلال الخمسينيات عاش إسماعيل ياسين عصره الذهبي، حيث أصبح النجم الأول لشباك التذاكر، وبلغت شعبيته ذروتها حتى وصل إلى تقديم 16 فيلمًا في عام واحد. واستطاع أن يحول ملامحه البسيطة إلى مصدر كوميديا فريد جعله الأقرب لقلوب الجمهور. على خشبة المسرح إلى جانب السينما، أسس إسماعيل ياسين فرقته المسرحية عام 1954 بمشاركة أبو السعود الإبياري، وقدمت الفرقة أكثر من 50 مسرحية على مدى 12 عامًا، قدمت بشكل شبه يومي وحققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، لترسخ مكانته كأحد أهم صناع المسرح الكوميدي في مصر.
إرث خالد قدم إسماعيل ياسين خلال مسيرته أكثر من 166 فيلمًا، وظل حتى رحيله عام 1972 رمزًا للبهجة والكوميديا الراقية، إذ ارتبط اسمه دومًا بالضحكة البريئة والمواقف الساخرة التي تعكس البساطة وخفة الظل. واليوم، وبعد أكثر من قرن على ميلاده، يبقى "أبو ضحكة جنان" حيًا في قلوب محبيه، أيقونة لا يبهت بريقها ولا ينطفئ حضورها.