اتسع العالم بنا، واتسعت رؤانا، فكبرت أحلامنا واقتربت كثيرا من أناملنا. نحن الآن نعيش في وسط مدينة الزقازيق نسير ساعات طويلة على كورنيش بحر موسى بعد مشاهدة الأفلام بسينما سلمى، وبحر موسى هذا هو ترعة كبيرة تتلألأ على صفحاتها ليلا اضواء كلوبات بائعى الترمس والبطاطا ولا يخلو الكورنيش ايضا من بائعي السوداني والسميط، وكان يطل على هذه الترعة كثير من معالم المدينة الهادئة قهوة البورصة، وكان يرتادها كبار الاعيان يرتدون البدل البيضاء والمنشة في أيديهم، ومبنى البوستة وبجواره المطافئ وكنيسة ماري جرجس وبجوارها الجامع الكبير تتحد مآذنه بابراج الكنيسة في ملمح ديني رائع، وبجوارهما مبنى ضخم من طابق واحد وسلالم خارجية وكنا نقضى فيه الساعات الطويلة «دار الكتب». وكان الكورنيش يتجمل ببعض الكباري الصغيرة وكانت من الحديد كثيرا ما كان المسئول عنها يشد سلاسلها حتى تنفتح درفتي الكوبرى لتمر فيه المراكب الشراعية والتي كانت تأتي من صعيد مصر محملة بالبلاليص القناوي. وكان الكورنيش لا يخلو من بعض المعالم الأثرية مثل القناطر التسع وهي قناطر بنيت على ما أظن ضمن سلسلة القناطر على ضفاف نهر النيل أيام محمد علي باشا، كذلك كان هناك كوبري سوارس وكان يستعمل كموقف للحناطير وهي وسيلة المواصلات الوحيدة في تلك الفترة وسمى كوبري سوارس لأنه كان يمر عليه قطار ساويرس الذي كان يربط الزقازيق بباقي المدن المجاورة والذي كان يقل ركابه بمجرد أن تشير له بيدك.