شهد لبنان منذ بداية عام 2020، مجموعة من الأزمات المتلاحقة، جعلت البلاد تصل إلى طريق مسدود سياسيا واقتصاديا. ووصفت الكثير من وسائل الإعلام العربية والأجنبية عام 2020 ب"السنة الكارثية" بالنسبة إلى لبنان، وأنها الأسوأ منذ الحرب الأهلية التي عاشتها البلاد بين عامي 1975 و1990. وشهد لبنان في 2020 احتجاجات شعبية عارمة وأزمة سياسية وانهيارا مصرفيا وماليا وكارثة اجتماعية، بالإضافة إلى تفشي فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت الذي خلف وفاة أكثر من 200 شخص وأحدث دمارا هائلا في العاصمة بيروت. احتجاجات شعبية تسببت بعض قرارات الحكومة اللبنانية بفرض حزمة ضرائب في 17 أكتوبر 2019 في اشتعال الأوضاع وخروج الاحتجاجات الشعبية في جميع أنحاء البلاد. وكانت حزمة الضرائب عبارة عن زيادة الرسوم على المشتقات النفطية والسجائر، وفرض رسم 6 دولارات على الاتصال بواسطة تطبيق واتساب. ثم بدأت الاحتجاجات في بيروت ومحافظات أخرى، وتخللها قطع للطرقات وتحطيم واجهات محال ومباني ومصارف، وإعلان إضراب مفتوح حتى تستقيل الحكومة. وفي نفس اليوم، قررت الحكومة التراجع عن فرض ضرائب على الاتصالات، إلا أن الاحتجاجات لم تهدأ، حتى تطور الأمر إلى اندلاع مواجهات مع القوى الأمنية والجيش أمام مقر مجلس الوزراء. واستمرت الاحتجاجات وقطع الطرقات خلال النهار وسط الإصرار على استقالة الحكومة، مرددين شعار "الشعب يريد إسقاط النظام". - استقالة الحكومة في 18 أكتوبر، خرج رئيس الحكومة سعد الدين الحريري وطالب المحتجين بمهلة 72 ساعة لحل الأزمة، وفي اليوم التالي استقال وزراء حزب "القوات اللبنانية" الأربعة. وشهدت الأيام التالية، مظاهرات حاشدة في ساحات الاعتصام في بيروت وخارجها. وتطور الأمر إلى إضراب المصارف والمؤسسات العامة وقطاع التعليم. ثم أعلن الحريري بعد اجتماع مجلس الوزراء من القصر الجمهوري عن ورقة إصلاحات جديدة، إلا أنها لاقت رفضا واستمر إصرار المحتجين على استقالة الحكومة. ومع فشل كل المحاولات الحكومية لاحتواء الشارع اللبناني تقدمت حكومة الحريري باستقالاتها في 29 أكتوبر الماضي، مما أدى لفتح الطرقات وإنهاء الإضراب مع دعوات إلى البقاء في الساحات. - تدهور سعر صرف الليرة انعكست الاحتجاجات السياسية في البلاد على سعر العملة، لتخسر الليرة اللبنانية نحو 85 بالمائة من قيمتها منذ بداية مايو، والآن يجري التداول عليها بسعر ما بين 8350 و8450 مقابل الدولار في السوق الموازية، على الرغم من ربطه رسميا مقابل 1515 ليرة. ولم تنجح إجراءات البنك المركزي في لبنان، لاحتواء تدهور سعر صرف العملة المحلية في السوق الموازية، ممهدة لتحرك آخر للمركزي لاستعادة السيطرة على أسعار الصرف. ووجد عشرات الآلاف من اللبنانيين أنفسهم خلال الأشهر الأخيرة، يخسرون وظائفهم أو جزءا من رواتبهم، ما رفع معدل البطالة بحسب إحصاءات رسمية، إلى أكثر من 35 بالمائة. - ارتفاع الأسعار ونتيجة لتدهور سعر صرف الليرة، وجد اللبنانيون أنفسهم أمام ارتفاعات غير مسبوقة للأسعار حيث وصل (التضخم) إلى نسبة 112 بالمائة خلال يونيو الماضي، بعد أن سجلت ارتفاعا 56.6 بالمائة في مايو السابق له. وحسب التقارير الصادرة، فإن لبنان أول بلد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشهد تضخما جامحا. و"التضخم الجامح" يحدث عندما يتجاوز معدل التضخم في بلد ما 50 بالمائة شهريا على مدى فترة من الزمن. وارتفعت تكاليف الأغذية والملابس بما يقارب 200 بالمائة حسب بيانات رسمية أوردها بنك الاعتماد اللبناني (حكومي)، مما دفع المواطنين إلى توفير احتياجاتهم الأساسية عبر مقايضتها الملابس والأثاث في ظل انهيار العملة. - تداعيات كورونا مع تفشي فيروس كورونا، أصبح الاقتصاد اللبناني أمام تحد حقيقي، لا سيما أمام مدى استطاعة احتوائه، ليفاقم الأوضاع الاقتصادية للبلد. وتسببت جائحة كورونا إلى جانب التداعيات الأخرى، في انكماش الناتج المحلي اللبناني بنسبة تفوق 12 بالمائة خلال عام 2020، بحسب تقديرات حكومية. - الدين العام يقع لبنان تحت عبء الدين العام الذي يناهز 92 مليار دولار ما يعادل نحو 170 بالمائة من قيمة الناتج الإجمالي المحلي. وبحسب مراقبون يحتاج لبنان إلى الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار، بينها 11 مليار أقرها مؤتمر "سيدر" الذي عقد في باريس في 2018، ولكن في ضوء برنامج إصلاح اقتصادي لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن. - تعثر سداد سندات وفي ظل الحالة التي تمر بها البلاد تخلف لبنان في مارس الماضي، وللمرة الأولى في تاريخه، عن تسديد مستحقات بقيمة 1.2 مليار دولار من سندات اليوروبوندز التي تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 30 مليار دولار. دفع ذلك، إلى اللجوء لطلب مساعدات دولية من المانحين الدوليين ومؤسسات التمويل الدولية. - الاحتياطي الأجنبي أفادت بيانات رسمية لمصرف لبنان المركزي، بأن احتياطات النقد الخارجية للبلاد انخفضت بنسبة 6.5 بالمائة على أساس شهري خلال يوليو الماضي إلى 30.8 مليار دولار. كان احتياطي العملات الأجنبية سجل انخفاضا بنسبة 7 بالمائة على أساس سنوي في 2019 إلى 37.77 مليار دولار، فيما إجمالي الاحتياطي الخارجي بما فيه الذهب نحو 51.66 مليار دولار بنهاية العام الماضي. - تعثر مفاوضات صندوق النقد تعثرت المفاوضات بين صندوق النقد الدولي ولبنان مؤخرًا، للحصول على قرض بقيمة 10 مليارات دولار، بسبب خلاف بشأن حجم الخسائر المالية أحدث توترا بين الحكومة والمصرف المركزي والبنوك التجارية ومشرعين من الأحزاب السياسية الرئيسية في لبنان. - انفجار مرفأ بيروت في ظل الأزمات التي تعيشها لبنان جاء تفجير مرفأ بيروت، ليخلق نقصا محتمل في السلع الأساسية وتعطل حركة التجارة مع العالم الخارجي. وأسفر الانفجار الضخم، عن سقوط أكثر من 200 قتيلا ونحو 6 آلاف جريح، إضافة إلى عشرات المفقودين تحت الأنقاض، بجانب دمار مادي هائل. وأعلنت الحكومة اللبنانية، إجراء تحقيق، فيما دعا رؤساء حكومات سابقون، بينهم سعد الحريري ونجيب ميقاتي، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية أو عربية لتحديد أسباب الانفجار. ويعتبر المرفأ مخزنا مؤقتا لعديد السلع الرئيسية، كالحبوب بأنواعها، إذ تصنف أرض المرفأ على أنها موقع التخزين الأكبر في لبنان للحبوب والمواد الغذائية والدواء وغيرها. أزمة تشكيل حكومة جديدة منذ استقالة حكومة سعد الحريري في 29 أكتوبر من العام 2019، لم يتمكن لبنان من الاتفاق على حكومة لبنانية جديدة وذلك بسبب إصرار بعض الحركات والأحزاب السياسية الموالية لحزب الله اللبناني على تسمية وزارات بعينها، الأمر الذي أدخل البلاد في أزمة سياسية كبيرة وعدم القدرة على تشكيل حكومة لانتشال البلاد من الوضع الراهن.