-خريطة 40 محطة كهرباء تنتج 23 ألف ميجاوات لا تكفي 94 مليون مصري ومتوسط الانقطاع في الشتاء 270 دقيقة -توصيات باستبعاد المستشفيات والإسعاف والمطافي ومحطات المياه والصرف من قطع التيار.. الكهرباء تستعين ببرنامج حسابي لمنع تكرار قطع التيار عن المنازل - 37 % من محطات الكهرباء بها مشاكل فنية.. والعجز وصل إلى 8 آلاف ميجاوات ويهدد بإظلام مصر في صيف 2014 - محطة الوليدية بأسيوط تفقد نصف إنتاجها في عشر سنوات بعد أن كانت أفضل محطة في الشرق الأوسط عام 2002 - 10 نقاط خطيرة تهدد أكبر محطات وسط الدلتا بالانهيار وفقد 4.5 مليار جنيه من آن لآخر تضطر وزارة الكهرباء لتخفيف الأحمال واللجوء إلى قطع الكهرباء عن المصريين تحت دعوى "مفيش كهرباء". من آن لآخر نرى مئات الآلاف من المصريين يضطرون لقضاء أعمالهم في الظلام لأن الشبكة القومية للكهرباء لديها عجز في "شوية كهرباء". شاهدنا المستشفيات تجري عمليات جراحية في الظلام.. شاهدنا قرى ونجوع تغرق في الظلام.. شاهدنا تلاميذ فقراء لم يستطيعوا أن يذاكروا دروسهم. وكالعادة.. تبدأ سلسلة من الاتهامات بين وزارتي الكهرباء والبترول، حتى اعترفت أخيرًا الكهرباء بالمشكلة ودعت الشعب إلى عملية "شد الحزام على الوسط" أثناء استخدام الكهرباء. الغريب أن من يتابع غرف التحكم التابعة للشركة القابضة سيجد أن المحطات لا تنتج ما يكفي حاجة المصريين فطوال شهري يناير وفبراير دائمًا ما يكون هناك عجز رغم اختفاء ظاهرة التكييف يصل إلى متوسط 2000 ميجاوات، فمتوسط الإنتاج 23000 ميجاوات، بينما أقصى حمل يصل في وقت الذروة إلى 25000 ميجاوات، وهو ما دفع مهندسو الكهرباء إلى الاعتراف بوجود أزمة حقيقية ستتحول إلى كارثة الصيف القادم 2014 ليصبح أكثر صيف إظلامًا. الغريب أن غرف المتابعة والتحكم في محطات الإنتاج والمرتبطة بالشبكة القومية للكهرباء بالربط بين شركات النقل والتوزيع دائمًا ما ترصد عجزًا يصل إلى متوسط 270 دقيقة عن المواطن المصري في فصل الشتاء، مما ينذر بصيف ساخن جدًا تضطر فيه الشبكة لقطع التيار عن المواطنين نحو 12 ساعة كاملة وفقا لتقديرات مهندسي المحطات الذين أكدوا على أن العجز سيتخطى 8 آلاف ميجاوات. ورغم أن الكهرباء أعلنت عن استراتيجية لتقليل حجم انقطاع الكهرباء عن المواطنين في أشهر الصيف من خلال تركيز فترة الانقطاع ببرنامج تخفيف الأحمال وترشيد الاستهلاك وهو برنامج حاسب آلي، موضحة أن البرنامج سيضع جدول للمناطق التي سيتم قطع التيار الكهربائي عنها، مما يمنع تكرار الفصل عن المشتركين، من خلال التنسيق مع التحكم القومي والتحكمات الإقليمية في عمليات الفصل والتوصيل للأحمال بما يحقق استقرار الشبكة الكهربائية، إلا أن مهندسي المحطات أكدوا على أن الإشكالية ليست في برنامج محاسبي ولكن الإشكالية الأهم "مفيش كهربا أصلا" حتى يتم تنظيم فترة انقطاعها. فقد انتهى خبراء المعلومات من إعداد قاعدة بيانات كاملة لشبكة الجهد المتوسط بالتحكمات المختلفة يضم كل البيانات الأساسية مع تحديد المناطق المغذاة من كل منها، حيث سيتم التعامل مع البرنامج من خلال إدراج مركز التحكم القومي لمقدار الأحمال المطلوب تخفيفها على مستوى الشبكة الموحدة بالكامل إلى البرنامج، وان البرنامج سيقوم بحساب الحمل المقرر تخفيفه من مراكز التحكم الإقليمية وكذا مراكز التحكم بشركات التوزيع وإرساله إلى الحاسب الآلي الخاص بكل منها عن طريق شبكة الاتصال المصاحبة للنظام. البرنامج سيقوم بالبحث والتحليل بقاعدة البيانات وإظهار بيان بالمغذيات التي يمكن فصلها والتي يتساوى مجموع أحمالها مع الأحمال المطلوب تخفيضها ويقوم بعرض التقرير وإظهاره على شاشة الحاسب لتنفيذه بمعرفة التحكم المختص، كما أن البرنامج سيقوم باستبعاد المغذيات والخلايا التي حدث بها انقطاع سابق وكذلك باستبعاد المغذيات التي تغذى الأحمال الحيوية "محطات المياه والصرف والمستشفيات والإسعاف والمطافئ" ثم يعرض قائمة أخرى من المغذيات والخلايا والتي تساوى أحمالها مقدار الأحمال المطلوب تخفيفها ويقوم بعرضها على شاشة الحاسب حتى يتم فصلها، إضافة إلى توصيل المغذيات والخلايا التي تم فصلها عند مرور 60 دقيقة على فصلها وذلك حتى لا تتجاوز مدة الفصل لاى مغذى أو خلية عن ساعة، ثم يقوم البرنامج بإعطاء بيان تفصيلي يومي لكل المناطق التي تم الإطفاء عنها وإظهار تبعيتها للشبكات والتحكم المختص. خريطة الكهرباء: من يتابع خريطة انتشار محطات إنتاج الكهرباء في مصر سيجد أن مصر بها خمس شركات لإنتاج الكهرباء تمتلك 40 محطة، أكبرها شركة القاهرة لإنتاج الكهرباء والتي تمتلك ستة محطات 5950 ميجاوات وهي (محطة شبرا الخيمة وشمال القاهرة وغرب القاهرة ووادي حوف وجنوب القاهرة والتبين)، يليها شركة وسط الدلتا التي تمتلك وتنتج 4777 ميجاوات من أربع محطات هي (طلخا والنوبارية والمحمودية والعطف) يليها شركة شرق الدلتا التي تنتج 3922 ميجاوات من عشر محطات وهي (الغردقه وعتاقة وابوسلطان وعيون موسى والعريش والشباب وبورسعيد وشرق بورسعيد ودمياط¬ وشرم الشيخ)، ثم شركة غرب الدلتا التي تنتج 3701 ميجاوات من سبع محطات هي محطات (مرسى مطروح وسيدي كرير وكرموز وابوقير ودمنهور والسيوف وكفر الدوار)، وأخيرا الوجه القلبي لإنتاج الكهرباء الذي ينتج 3468 ميجاوات من خمس محطات إنتاج وهي (الكريمات واسنا ونجع حمادي والمولديه وأسيوط). هناك أيضا المحطات المائية متمثلة في محطتي السد العالي وسد أسوان 1 و2 التي تنتج 2799 ميجاوات، ومحطات القطاع الخاص متمثلة في غرب خليج السويس والسويس وسيدي كرير وتنتج 2047، ومحطات الطاقة الجديدة والمتجددة التي تنتج 687 ميجاوات ومتمثلة في محطتي الزعفرانة التي تنتج طاقة الرياح والكريمات التي تنتج الطاقة الشمسية. من هنا يتضح أن إجمالي الطاقة الاسمية من خلال الوضع التصميمي للوحدات المنتجة في مصر يبلغ 27365 ميجاوات، أما الطاقة الحقيقية المنتجة فهي لا تتعدى 26305 ميجاوات نتيجة وجود أعطال دائمة في الوحدات أو تقادم الوحدات أو سوء مستوي العمرات أو الأعطال التي لا يمكن حلها أو نتيجة تأخر أعمال الصيانة أو استخدام المازوت، أي أن هناك 1060 ميجاوات مفقودة. ونتيجة لوجود مشاكل في عدد من المحطات القديمة وخروجها من الخدمة فان الطاقة الكلية المنتجة هي 23726 ميجاوات أي أن إجمالي الطاقة المفقودة بلغ 3639 ميجاوات، حيث شمل الخروج الاضطراري في شركة القاهرة الكبري 777 ميجاوات ووسط الدلتا 785 ميجاوات والطاقة الشمسية 120 ميجاوات وغرب الدلتا 23 ميجاوات، إضافة إلى حدوث بعض المشاكل الخاصة بالوحدات نتيجة للخروج المسند أو الخروج الاضطراري نتيجة مشكلة أدت إلى فقد 330 ميجاوات بالقاهرة الكبري و160 ميجاوات في شرق الدلتا و210 ميجاوات في وسط الدلتا وفي غرب الدلتا فقدت 110 ميجاوات. الغريب أن حدود استهلاك المواطن بلغت 31 ألف ميجاوات أي أن العجز الحقيقي في الشبكة تخطى 8 آلاف ميجاوات مما ينذر بكارثة حقيقية في صيف 2014 وعلى الأخص في شهر رمضان. مهندسو محطات الإنتاج العاملين في غرف التحكم والمراقبة رصدوا الأسباب الحقيقية لحدوث الأعطال في جميع شركات إنتاج الكهرباء في مصر والذي أثر بدوره على الإنتاج الفعلي للكهرباء بما يتماشى مع الاستهلاك وأدى إلى تكرار انقطاع الكهرباء عن المستهلك نتيجة للضغط خاصة في وقت الذروة وفي الصيف تحديدًا، وأعدوا تقارير كثيرة مدعمة بالمستندات وقدموها لوزراء الكهرباء المتتابعين منذ حسن يونس مرورًا ب"محمود بلبع" وأخيرًا المهندس أحمد إمام. التقارير الأولية أكدت أن قطاع الكهرباء والطاقة يمتلك خمس شركات للإنتاج وهي "القاهرة وشرق الدلتا وغرب الدلتا ووسط الدلتا والوجه القبلي"، تمتلك 10 محطات مهددة بفعل المشاكل الفنية وتمثل 25% من عدد المحطات وهي "شبرا الخيمة وغرب القاهرة والتبين وطلخا والعطف والنوبارية وعتاقة والكريمات والوليدية" وتنتج ما يقرب من 8783 ميجاوات تعادل 33.5% من الطاقة المنتجة. كما توجد خمس محطات تعاني من مشاكل خطيرة جدا وهي "شمال القاهرة وسيدي كرير وأبو قير والشباب الجديدة ودمياط الجديدة" تمثل 12.5% من عدد محطات توليد الكهرباء، وتنتج ما يقرب من 4393 ميجاوات أي ما يعادل 16.8% من حجم الطاقة المنتجة في مصر. فتعاني محطة شبرا الخيمة من تأكل مواسير الغلاية وتلفها مما أدى إلى كثرة التسريبات لعدم معالجة المازوت قبل استخدامة بالطريقة الصحيحة، كما تعاني محطة غرب القاهرة "ب" الكثير من المشاكل التي ظهرت في الكراسي ومانع التسرب، إضافة إلى تأكل "thurst bearing"، وارتفاع شديد في درجات الحرارة وزيادة الاهتزازات إلى حدود عالية، في حين تعاني محطة التبين 15 مشكلة خطيرة تهدد وحدتي المحطة، أبرزها وجود مشكلة في كيفية أداء الوحدات على الشبكة نتيجة المواصفات الخاطئه التي وضعها الاستشاري، والذي حدد قدرات المولد بجهود معينة وشروط توافق معينة، تلك الشروط وضعت المحطة في وضع خطير لأن قدرات المولد وشروط التوافق لا تتناسب مع حال الشبكة الموحدة. وفي وسط الدلتا ورغم إنها تمتلك أربع محطات فقط ألا إنها تعاني من كم كبير من المشاكل، أول هذه المشاكل في محطة طلخا ذات القدرة 750 ميجاوات والتي انفجرت، نتيجة وجود 10 نقاط خطيرة أهمها أنه لم يتم اختبار نظام التشغيل بالسولار إضافة إلى وجود تسارع على غرفة الاحتراق أدى إلى تدمير البلاط الموجود بالغرفة، كما توجد مشاكل في طلمبات النيل الخاصة بتبريد مكثف الوحدة البخارية بل أن فتره "الرلايابلتي" وهي اختبار دخول وثبات الوحدة لمدة شهر لم تتم، في حين تعاني محطة العطف من 10 نقاط تهدد وجودها من تهريبات داخلية من غلايتي استعادة الطاقة وضياع 125 ميجاوات، والتغاضي عن وضع بلوف عزل يدوية على كباسات الغازB وCرغم مطالبة مهندسى الهيئة المتكررة بإضافة تلك البلوف، لاستخدامها في حالة حدوث عطل في إحدى هذه الكباسات وعزلها يدويًا، إضافة إلى توقف الكباسات والفلاتر عن العمل، وانسداد جوانات مبردات المياه. كما دخلت محطات شرق الدلتا العشرة دائرة الخطر، بعد أن تعرضت إحدى المولدات بمحطة عتاقة المطلة على خليج السويس إلى الانفجار وقد حمل التقرير قيادات المحطة لأنهم قاموا بالاستمرار في تشغيل المحطة رغم سماعهم صوت احتكاكات خفيفة مما يعني أن هناك انفجارا محدودا بالمحطة وكان يجب إيقافها لإعادة ترميم العزل، كما أن مسئولي الشركة قاموا بشراء أجهزة بأكثر من 2 مليون جنيه غير مطابقة للمواصفات حدثت بها أعطال عقب تركيبها بأشهر قليلة، حيث قام قسم صيانة الكهرباء بتوريد وتركيب وحدة كلور وإنتاج مادة الصوديوم "هيبوكلورايت" برقم فاتورة 383 لعام 2008 ولم تعمل سوى لستة أشهر. أما محطات الوجه القبلي الخمس فقد رصد الجهاز المركزي للمحاسبات الكثير من الدمار الذي حدث لغلاية الكريمات المركبة وكان من المفروض أن تتحمل الشركة الصانعة تكاليف الإصلاح، ورغم ذلك اضطرت شركة الوجه القبلي أن تتحمل التكاليف، وما حدث في كريمات 3 بالغلاية حدث قريب منه في كريمات 4 ولكن في التربينه ومازالت التوربينة خارج الخدمة لدخول مواد غريبة على التوربينة، وعندما سئل الجهاز المركزي للمحاسبات عن من يتحمل التكاليف كان رد الشركة الادعاء بان شركة التأمين هي التي ستتحمل التكاليف وهذا غير صحيح. أما محطة الوليدية في مدينة أسيوط فكانت حتى عام 2002 أفضل وأكفأ محطة بالشرق الأوسط وكان إنتاجها 630 ميجاوات، ولكن بدأ العبث بالمنظومات عام 2002 وبدأت المشاكل بعد إيقاف مراوح الغازات بالوحدتين، ثم تلفت الوحدة الأولى والثانية وهبط إنتاجها من 630 إلى 200 ميجاوات بعد أن دمر الفرن بالغلاية تدريجيا وتوقفت مئات المرات للإصلاح دون جدوى وهبط إنتاجها إلى النصف ورغم تكرار الإصلاحات لم تعد الوحدة لطبيعتها، والغريب أن المدير العام المسئول عن المحطة قُدم فيه عدد من البلاغات 258/2004 و11/2004 حصر أسيوط. وحتى المحطات الجديدة التي بنتها مصر في آخر 10 سنوات لم تسلم هي الأخرى من عوامل التدمير، وعلى الأخص محطات الكريمات2 والكريمات3 بالوجه القبلي، إضافة إلى محطة النوبارية 1و2 وطلخا 750 ميجاوات، والعطف بوسط الدلتا، وشمال القاهرة وغرب القاهرة والتبين بالقاهرة، وسيدي كرير وأبو قير الجديدة بغرب الدلتا لإنتاج الكهرباء، والشباب الجديدة ودمياط الجديدة بشرق الدلتا لإنتاج الكهرباء. وأول الأسباب التي تهدد المحطات الجديدة هي ما يسميه خبراء هندسة محطات الكهرباء "عقود اللونج ترم" وهي عقود قامت بها الهيئة مع الشركات المصنعة للتوربينات لعمل صيانة وعمرات للتوربينات لفترات زمنية، ولتلك العقود مجموعة من العيوب أولها أن هيئة الكهرباء ملتزمة باستلام قطع الغيار بسعر الشركة رغم وجود قطع غيار مماثلة لبعض الأجزاء في السوق الدولية بسعر أرخص، وثانيها أن هيئة الكهرباء ملتزمة بتغيير الأجزاء التي تحددها الشركة المصنعة بغض النظر عن أن كانت تلك الأجزاء صالحة للعمل أم لا، كما أنه لا يحتوي على ضمان لما بعد العمرات أي أنه في حاله تأخر مدة العَمرة أو انهيار أحد الأجزاء بعد العَمرة لا تكون الشركة المصنعة مسئولة عنها وهذا ما حدث في محطة النوبارية بالوحدة الغازية رقم 3.