يقول البعض إن زمن المعجزات ولى وانتهى، إلا أن المعاناة، تفتح لنا طريقا لصنع المعجزات، وليس أشد معاناة من الانفجار الذى ضرب مرفأ بيروت، على أى إنسان، حيث تأثر العالم كله بمشاهد مصورة، لحرائق وأنقاض وأشلاء، فما ظنكم بطفل يتلمس الدقائق الأولى في حياته، وانتقل من رحم أمه إلى جحيم نترات الأمونيوم. حطم التفجير الذى وقع في الرابع من أغسطس الجارى البشر والحجر، امتد إلى الرُضع حيث تأثرت عائلة إدموند خنيصر، بالانفجار المروع حينما كانت ترقد زوجته إيمانويل البالغة من العمر 28 عاما، بغرفة العمليات في مستشفى سان جورج تنتظر مولودها جورج، واستعد "خنيصر" لتسجيل اللحظات الأولى لفلذة كبده في الحياة، إلا أنه التقط بدلا من ذلك الدمار الذى طال كل منطقة ببيروت. وفى وصف تلك المشاهد المروعة داخل المستشفى قالت الزوجة إيمانويل، "رأيت الموت بعينى... قفز السؤال (هل انتهى كل شىء؟) كنت أتلفت حولى، وأنظر للسقف، لا أنتظر سوى سقوطه علينا". وظنت الأم أنها النهاية، ولن ترى جورج، إلى أن أزال الطاقم الطبي الدماء وشظايا الزجاج المحطم وحملوا، مدفوعين بفطرتهم، إيمانويل التى كانت على وشك الإصابة بالإغماء إلى الممر، واهتزت بشدة من الأعماق، وقالت إنها كانت تعلم أن واجبها التركيز على الولادة. لم تؤمن إيمانويل بالأمل أكثر من تلك اللحظات، وكفرت باليأس وحدثت نفسها قائلة "يجب أن يأتي إلى الحياة.. يجب أن أكون قوية جدا"، وقال خنيصر الذي كان يركض متنقلا بين زوجته وأمه إن هدفا واحدا كان في ذهنه، وهو نقل ابنه الوليد جورج إلى بر الأمان، وبالفعل انتقل إلى مستشفى خارج العاصمة مباشرة وجرت أخيرا إجراءات غسل الوليد جورج وتنظيفه، وفقا ل"رويترز". وصل المولود الجديد إلى الحياة، في الوقت الذي غادرها 19 شخصا بينهم ممرضة، ووالدة الأب إدموند خنيصر، التيدى أصيبت بستة كسور في الضلوع وثقب في الرئة، وممرضة، بسبب انفجار المرفأ. وقال إدموند وهو يعرض صور ابنه على صفحة أنشأها له على موقع إنستجرام يطلق عليها معجزة الطفل جورج إن "جورج مميز للغاية. إنه نور في الظلام". وأضاف كانت "ولادة وسط الحطام".