أكد الشيخ أحمد دسوقي مكي، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، أن الله (عز وجل) اختص شهر رمضان بخصائص عظيمة دون غيره من الشهور، فهو شهر الصيام والقيام والقرآن، وشهر الانتصارات، شهر الجود والخيرات والبركات والنفحات، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم الخير كله، ولله (عز وجل) فيه عتقاء من النار وذلك في كل ليلة، ومن أفضل أيام وليالي هذا الشهر العشر الأواخر التي فيها ليلة القدر، والتي هي خير من ألف شهر. أوضح خلال ملتقى الفكر الإسلامي أمس الأربعاء، أن الحق سبحانه وتعالى جعل العشر الأواخر من شهر رمضان فرصة للمحسن أن يتزود فيها من الخيرات، وللمقصر أن يستدرك ما فات، فهي أيام مليئة بالنفحات الإلهية والعطايا الربانية التي امتن الله (عز وجل) بها على عباده الأتقياء، فحريٌّ بكلِّ مسلم أن يغتنم ليلها، وأن يستثمر نهارها، فهي موسم للطاعات والخيرات، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا; لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا)؛ لذا كان النبيّ (صلى الله عليه وسلم) يخص العشر الأواخر من رمضان بمزيد من العبادة والطاعة، والإقبال على الله (عز وجل). كما أشار إلى أنه يجب علينا أن نقتدي بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الكرام، في إحياء العشر الأواخر من رمضان بالعبادة والطاعة، في قيام الليل، والذكر، والاستغفار، وقراءة القرآن ومدارسته، والصدقات، وفعل الخيرات، والسعي في قضاء حوائج الناس، والتعاون على البرّ والتقوى... وغير ذلك من أعمال الخير والصلة، فقد كان النبيّ (صلى الله عليه وسلم) يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها من الأيام، فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشرُ شدَّ مئزرَه، وأحيَا ليله، وأيقظَ أهلَه)، ومعنى شد المئزر: أي اجتهد في العبادة وبذل وسعه فيها، وقيل: كناية عن اعتزال النساء، وفي رواية قالت: " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجتهدُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ ما لا يجتهدُ في غيرِه". وشدد أنه إذا كان الدعاء في شهر رمضان مستحبًّا فهو في العشر الأواخر منه أشدُّ استحبابًا، لعله يقع في ليلة القدر، فعن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) قالت: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: " قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى"، نسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يبلغنا ليلة القدر وأن يجعلنا من عتقائه من النار ومن المقبولين.