استضافت قاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة فعاليات الملتقى السنوي الرابع للإعاقة والإبداع، والذي يقام تحت عنوان "الرعاية النفسية والاجتماعية والثقافية للمبدعين والموهوبين من ذوي الإعاقة"، بمشاركة الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق، وأستاذ علم النفس الإبداعي بأكاديمية الفنون، والدكتورة غادة عبدالرحيم مدرس علم نفس بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة ومدير عام جريدة البوابة نيوز ومستشار جامعة سوهاج، والدكتور أيمن عامر رئيس رابطة الإخصائيين النفسيين ومقرر المؤتمر، والدكتورة صفية عرفات نيابة عن الدكتور محمد عبد الحافظ رئيس مركز ثقافة الطفل، والدكتور فؤاد أبو المكارم مدير مركز البحوث والدراسات النفسية. وقال الفنان عمرو سليم ضيف شرف الملتقى في حديثه بالجلسة الافتتاحية "جدتي هي أول من اكتشفت في موهبة الموسيقى، فكانت تعزف على آلة العود وكانت يصدر صوتا رائعا فكان مصنوع من خشب الورد" وتابع خلال كلمته التي حملت عنوان "تجربتي مع الموسيقى" أن جدته بدأت في تعليمه المقامات الموسيقية وهو في سن 4 سنوات وذلك قبل دخول المدرسة "وفي أول حصص لي في الموسيقى كان داخلي شخص راغب في الإبداع الموسيقى وهو الشيء الذي أبهر أستاذ الموسيقى في المدرسة حيث قضيت الثلاثة السنوات الأولى من المدرسة أعزف على آلة الأكورديون لأنني كنت اعزف بيد واحدة". وروى سليم "في فترة الإعدادية كنت اذهب لشارع محمد على وكان همي أن أدني نقود حتى اتعلم المزيكا، حتى وصلت لمرحلة الثانوية العامة وحصلت على جائزة أحسن عازف بيانو على مستوى الجمهورية، وعند دخولى الجامعة التحقت بمسابقة العزف وكنت أعزف على آلة الأكورديون وكانت مكونة من مدحت عاصم وأحمد صدقى ومحمد الموجي وكانت أقل درجة لي هي 96 % وأكبر رقم كان 100% وحصلت على جائزة أفضل عازف خلال سنوات الجامعة"؛ ولفت إلى أن والده فوجئ بحبه للموسيقى وقدرته على العزف بعد أن تخرج من الجامعة "كان من الصعب الاعتراف له بأنني أقوم بتعلم الموسيقى، وجاء ذلك بعد أن تخرجت من الجامعة وصارحته بأنني أريد أن أقوم بعمل فرقة موسيقية". وتابع ضيف الملتقى "وقتها كونت فرقة صغيرة مكونة من الدكتور عصمت نصار وعاطف أمام وعمرو فؤاد وهشام محمد العربي ابن محمد العربي الرقاق وكانت الفرقة تعمل على إعادة توزيع الأغاني التي تم نسيانها، كما كان هدفى أن أقوم بعمل أفكار جديدة مثل ظهور الدويتو، وللميديلي وهي عبارة عن تركيبة اغاني مجمعة مع بعضها لخروج ديوتو جديد وكانت من تأليفي مثل تجميع أغاني شادية وفريد الأطرش وعبد الحليم، ولفت إلى أن ظهور تلك التركيبة أثارت ضجة كبيرة وقتها". وشهدت الجلسة الأولى من الملتقى موضوع العلاج بالموسيقى لذوى الإعاقة، ورأس الجلسة الدكتورة فادية علوان ومقرر الجلسة الدكتور فؤاد أبو المكارم، وتناولت الدكتورة فادية علوان حديثها حول التجارب التي قدمت للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال عدة محاور وهي الدمج التعليمي كيفية اكتشاف الموهبة لدى الأطفال ذوي الإعاقة بالإضافة الى الكشف المبكر عن الأطفال وقدمت الدكتورة غادة عبدالرحيم بحثًا حول العلاج بالموسيقى لذوي الاحتياجات الخاصة. أكدت الدكتورة عبير أنور الأستاذ المساعد بقسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة القاهرة والتي قدمت ورقة البحث الأدب النفسي الموجه للأطفال "الإعاقة نموذجا"، أن الأدب النفسي للأطفال يعالج قضايا يومية يتعرض لها الأطفال باستمرار وهو في الخارج يشترط أن يقدم به أحد متخصص في الأدب النفسي الذي بدأ قديما لكي يواجه مشكلات الأطفال البسيطة إلى أن تحول إلى علاج الحوادث الكارثية التي يتعرض لها، وأوضحت أنور أنه منذ عام 1994 والى وقتنا هذا أن القضية المستحوذة على الأطفال هي المشاكل العنيفة التي تقع عليهم، وأن كتب الأطفال التي صدرت اتجاه علاج الأطفال مازالت قليلة جدا وان معظم الكتابات النفسية تكون من غير متخصصين "فمثلا علي ماهر غير متخصص بعلم النفس إلا أنه كتب الأستاذة منار ومها تبتسم للشموع حازم والشموع الخضراء، فاطمة المعمول كتبت عن الإعاقة البصرية، نتمنى الدعم والكتابة كن أجل هؤلاء الأطفال". ولفتت الدكتورة غادة مبارز، الباحثة فى علاج متلازمة داون، إلى أن هناك نوعين للأمهات التي يعانين من مرض أولادهن بمتلازمة داون أن تهمله وتجنب نفسها التكلفة الباهظة لعلاجه وتعليمه وإما ترفض الاستسلام وتقوم بصرف أموال باهظة بتكلفه 30 أو 40 ألف جنيه في مرحلة رياض الأطفال حتى تتمكن من المرور إلى بر الأمان؛ مؤكدة أنها تساعد الأمهات على احترام آدمية الطفل المريض وعلى اكتشاف قدرات كل أم حتى تصبح قادرة على علاج الأزمات التي يمر بها الابن المصاب بمتلازمة داون. وأشارت الباحثة إلى أن أطفال متلازمة داون أصبحوا الآن يحصدون الجوائز في السباحة والإعلام والتنس والكرة وأنهم بدون مرض يعوقهم عن تأديبية الأعمال مثل رحمة خالد التي أصبحت أول إعلامية متلازمة داون والدافع وراء ذلك هو الاهتمام فقط بمهارتهم التي تجعلهم متميزين رغم إعاقتهم. وقالت الدكتورة وفاء متولي، موجه التربية النفسية بإدارة الدقي التعليمية، إن رصد التوجهات العامة للكشف عن الموهوبين من المعاقين بصريا من خلال كشف الستار عن التوجه العام لنتائج البحوث ورصد التوجه العام للجهود المؤسسية؛ وأضافت أن المبرر الأساسي هو الإعاقة البصرية والتي تمثل إعاقة قوية قد تمنع المصاب من سهولة اي نشاطات حتي لو بسيطة إلا أنها إعاقة حسية لا تؤثر علي تلقيه للعلم أو ابتعاده عن إطار العمل؛ وتابعت: يجب أن نرفع أدائه العملي تدريجيا حتى يتغلب عن إعاقته ولكن إذا لم نكتشف مواهب المعاقين بصريا فهنا نفقد جزء بشري كبير ذو إثر فعال في مجتمعنا وان نبتعد عن وجود صورة نمطية سلبية عن المعاقين بل يجب أن نبتسم ونتفاخر بذلك، موضحة أن الفترة الزمنية حيث تم حصر ما أجري من بحوث علمية كان غير كافي وأرى تكثيف الجهود أمر هام ويجب الاهتمام بضخ معلومات للقائمين بالرعاية لذوي الإعاقة. وقالت الدكتورة غادة عبد الرحيم، مدرس علم نفس بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة ومدير عام جريدة البوابة نيوز ومستشار جامعة سوهاج: أتشرف بأنني أول من حصل على درجة الدكتوراه في مصر والشرق الأوسط المتخصصة في علم النفس والموسيقى، وبعدها حصلت عليها الدكتورة شيماء عبد العال في نفس التخصص؛ وتابعت أنها عندما حصلت على درجة الماجستير كانت كلية التربية النوعية أول كلية تصدر لائحة في العلوم والتنمية المتخصصة وأنه تم مؤخرا فتح المجال في الدراسات العليا وهناك العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه. وتطرقت عبد الرحيم خلال كلمتها إلى تاريخ العلاج بالموسيقى لذوي الإعاقة، حيث قالت "إن تاريخ العلاج بالموسيقى ليس حديثا، وإنما يمتد لأيام المصريين القدماء منذ أكثر من 7 آلاف عام قبل الميلاد، فهناك العديد من جداريات المعابد التي تثبت استخدام المصريين القدماء للموسيقى، وذلك عن طريق الآلات الموسيقية الوترية والإيقاعية للمرضى، وذلك لاعتقادهم أن الإنسان المريض تسكنه أرواح شريرة؛ فلذلك استخدموا الموسيقى لطرد تلك الأرواح"؛ مؤكدة أن العلاج بالموسيقى قد شهد تطورا على مر السنوات والذي تحول في فترة من الفترات إلى ما يسمى ب"الزار" والذي يتم عمله إذا مر أحد الأشخاص بمرحلة نفسية صعبة. وتابعت عبدالرحيم أنه بعد الحرب العالمية الثانية بدأت تأخذ فكرا آخر بعد انتشار فكرة موسيقى الشارع، حيث بدأت الموسيقى تدخل المستشفيات لعلاج المرضى النفسيين ومصابي الحروب، وعلى الرغم من كل ذلك لم تخرج العلاج للموسيقى باعتبارها علم حتى عام 1974 وهو العام الذي تم تأسيس فيه علم العلاج بالموسيقى والذي بدأ على يد العالم هانز هوج وهو طبيب متخصص في الأمراض العضوية وبدأ في عمل رابطة في فيينا بجمع مجموعة من الأطباء وعلماء النفس والموسيقيين والذي سمي "العلاج بالموسيقى"؛ وأضافت "أما على مستوى العربي فبدأت الفكرة منذ عصر ابن سينا والفرابي، حيث كانوا يستخدمون الموسيقى في التهدئة خاصة استخدام آلة العود في حفلات السمر وذلك للخروج من الحالة النفسية السيئة، كما انتشرت العديد من مراكز العلاج بالموسيقى مثل المركز الوطني في العلاج بالموسيقى وفي الكويت تم إنشاء وحدة الطب التطبيقي والتي استخدمت العلاج بالفن والعلاج بالموسيقى"؛ ولفتت إلى أنها كانت تعمل في منظمة "كاتش" وهي منظمة انجليزية وتعمل في الكويت والتي كانت تستخدم للموسيقى في العلاج قبل إجراء العمليات الجراحية الدقيقة للأطفال وهو ما سمي بالطب الطبي؛ مؤكدة أن هناك اجتهادات كثيرة في مجال العلاج بالموسيقى وهناك العديد من الأبحاث والرسائل العلمية وهي جميعها مجهودات عظيمة لإثراء دور الموسيقى في العلاج. وأضافت "كان من أهم رواد هذا المجال هي الدكتورة نبيلة ميخائيل والتي قامت بعمل أول رسالة دكتوراه عن العلاج بالموسيقى والتي حملت عنوان علاج مرضى ضغط الدم المرتفع بالموسيقى، هذا بالإضافة إلى الدكتورة آمال صادق والتي أصدرت كتاب غاية في الأهمية والذي حمل عنوان سيكولوجية الموسيقى ودور الموسيقى في تنمية جميع النواحي الاجتماعية والنفسية والعصبية والبيئية للأطفال؛ مؤكدة أنها تأمل في استكمال مسيرة هؤلاء العظماء، وأنها ستكمل هذا الطريق". ولفتت إلى أن الموسيقى لها دور كبير في تنظيم حركة الطفل الذي لديه ما نسميه ب"فرط الحركة" وان هؤلاء الأطفال لم يسلط عليهم الضوء على الرغم من تواجدهم في جميع المنازل، حيث أن هناك فروق ما بين الطفل الذكي الشقي والطفل الذي لديه فرط في الحركة، مشيرة إلى أن الموسيقى تنقسم إلى قسمين هي الإيقاع والزمن، وأنها استطاعت استخدام جهاز الميترو نوم والذي يعرفه جميع الموسيقيين، في تنظيم وتهذيب حركة الأطفال وفقا للإيقاعات الموسيقية من خلال ضبط حركة الطفل. واختتمت بتوجيه رسالة إلى الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم بضرورة إدراج الموسيقى العلاجية في مختلف مراحل التعليم باعتباره أن هذا العام عام التعليم، كما أوصت بأن العلاج بالموسيقى أصبح ضرورة مشددا على أن الأبحاث التي تقدم بالمؤتمر ستخرج بتوصيات يجب العمل عليها وتفعيلها والا تظل حبيسة الادراج. وقال الفنان طارق الدسوقي خلال كلمته بالجلسة الثانية من الملتقى إن الجهل هو أخطر آفة تعاني منها المجتمعات؛ مؤكدا على الأهمية الشديدة للملتقى "الذي يخص فئة عزيزة على قلوبنا والتي تتعاظم أعدادها في الآونة الأخيرة والتي تخطت ال15 مليون مواطن مصري؛ وتابع "عندما كنا صغار تربيت على أن هناك ثالوث تعاني منه دول العالم الثالث وهما الفقر والجهل والمرض، ولكنني عندما كبرنا اكتشفت انه الجهل والجهل والجهل، فإذا قضينا على الجهل استطعنا التغلب على الفقر والمرض، فهناك جهل ديني وسياسي وثقافي ومع في، وأن هذا الجهل هو السبب الرئيسي في كل ما نعانيه وإذا طبقنا هذه المقولة على مشكلات المعاقين فإننا نستطيع التغلب عليها". وأكد الدسوقي على أن هناك مشاكل عديدة تواجه ذوي الإعاقة "فإننا أمام قضية جهل بقضية ذوي الإعاقة والتي تبدأ من الأسرة في كيفية التعامل مع أطفالهم سواء كانت إعاقة ذهنية أو بصرية أو سمعية أو بصرية أو شعور بعض الأهالى بالخزي ما يجعلهم حبيسي المنازل"، مشيرا إلى أن هناك جهل من نوع آخر هو الجهل المجتمعي والمتعلق بكيفية التعامل معهم، كما أن هناك جهل ثالث والمتعلق بالقائمين على الأمر والذين يصدرون قوانين لا يتم تنفيذ 1%منها على أرض الواقع. خاصة المتعلقة بتوفير أكواد الاتاحة الهندسية في الشوارع والأماكن العامة". ولفت الدسوقي إلى أنه صاحب فكرة "ملتقى أولادنا" حيث قال إنه عندما كان رئيس مهرجان الإبداع الفني للطفل المعاق فكر في تعميم الفكرة وجعله مؤتمر دولي، وكان وقتها قد ذهب إلى الأولمبياد الخاصة والتي كانت ترأسها الدكتورة أمل مبدى باعتبارها جهة تتعامل دوليًا مع ذوي الإعاقة من مختلف الدول "وكان طموحي وقتها بعمل مهرجان يشارك فيه 1000 طفل من ذوي الإعاقة من كافة أنحاء الجمهورية، ووقتها أعجبت بالفكرة كثيرا وطلبت مني ترك الملف والتصور للمهرجان، ولكنني فوجئت بعدها بظهور "ملتقى أولادنا" والذي يقام تحت رعاية رئيس الجمهورية، والذي ترأسه الدكتورة سهير عبد القادرة "ملتقى أولادنا أخذ الشكل العرضي ولم يحدث بالهدف الذي كنت اطمح لتحقيقه". وشهد الملتقى تسلم الموسيقار عمرو سليم، ضيف الملتقى، درع كلية الآداب بجامعة القاهرة، حيث قام الدكتور شاكر عبد الحميد والدكتور أيمن عامر بتسليمه الدرع؛ كما قام الدكتور أيمن عامر بتسليمه لوحة تذكارية مكتوبة بطريقة برايل في ختام الجلسة الافتتاحية؛ كما شهد الملتقى كذلك تكريم الدكتورة غادة عبد الرحيم، مدرس علم النفس بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة ومدير عام جريدة البوابة نيوز ومستشار جامعة سوهاج، في ختام الجلسة الأولى، وذلك لمشاركتها الفعالة في الملتقى، وعملها الدؤوب من أجل تطوير الرعاية النفسية والاجتماعية والثقافية للموهبين ذوي الإعاقة، وقام بمنحها شهادة التكريم الدكتور فؤاد أبو المكارم مدير مركز البحوث النفسية، والدكتور أيمن عامر مقرر الملتقى والدكتور شاكر عبدالحميد والدكتور أحمد الشربيني عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة.