يعاني كثيرون من مرض "التهاب القولون التقرحي" وهو مرض مزمن يصيب الطبقة الداخلية لجدار القولون، ويتعرض له الشباب على وجه الخصوص بين 15- 30 عاما. ويرتبط حدوث التهاب القولون بزيادة التوتر، وتغيرات نمط الحياة والعادات الغذائية واقترابها من النمط الغربي بالإضافة لتطور وسائل التشخيص واكتشاف حالات كانت تمر سابقا دون تشخيص. يصيب التهاب القولون التقرحي المستقيم والجانب الأيسر من القولون وقد يمتد ليصيب القولون بأكمله والجزء الأخير من الأمعاء الرفيعة مع حدوث التهابات وتقرحات ونتوءات ببطانتها. ولم يجد العلماء سببًا لهذا المرض حتى الآن، وهناك نظريات ترجح دور العوامل الوراثية واضطرابات الجهاز المناعي وتغير تركيب ووظائف مخاط القولون، وربما عوامل أخرى متعلقة بالغذاء. هذا وقد أثبتت الدراسات أن حوالي 5-15% من أقارب الدرجة الأولى - خاصة التوائم - لمرضى التهاب القولون التقرحي يصابون بنفس المرض. قد تظهر أعراض القولون التقرحي أحيانا وتختفي أخرى وتختلف شدتها من مريض لآخر، وقد صنف الأطباء هذا المرض لأربعة أصناف: 1- التهاب مزمن ينشط أحيانا ويسكن أخرى في 70% من الحالات. 2- التهاب مزمن يتفاقم باستمرار بدون فترات تحسن في 10% من الحالات. 3- التهاب حاد جدا مع تمدد القولون في 10% من الحالات. 4- بقية المرضى يصابون بنوبة التهاب واحدة تؤدي إلى ما يشبه المناعة مع عدم رجوع المرض. ويشير الأطباء إلى أن الأعراض تشمل الإسهال المزمن والمتكرر المصحوب بدم وصديد، مع الشعور بالاحتياج للتبرز حتى بعد القيام به (الزحير) مع آلام أسفل البطن خاصة الجانب الأيسر ونقص الوزن. وربما يعاني بعض المرضى من آلام بالمفاصل، التهابات بالعين، التهابات بالقنوات المرارية، أو طفح بالجلد. ومن أهم مضاعفات هذا المرض النزيف وفقر الدم، تأخر النمو، انسداد الأمعاء، سرطان القولون، والتهاب القولون الحاد وتمدده. الفحوصات الدورية والإلتزام بالعلاج والمتابعة المنتظمة في مركز متخصص هي المفتاح لتجنب حدوث هذه المضاعفات. يتم تشخيص المرض عبر دراسة التاريخ المرضي وإجراء الفحص الإكلينيكي والإختبارات المعملية وفحص القولون بالمنظار الضوئي مع أخذ عينات نسيجية للفحص المجهري، بالإضافة للفحوص بالأشعات المختلفة. وقد يتشابه التهاب القولون التقرحي في أعراضه مع أمراض أخرى مثل "مرض كرون" والقولون العصبي وتدرن القولون وأورامه. وتساعد الفحوص السابقة على التفريق بينها وتأكيد التشخيص بدقة والتعرف على درجة نشاط وامتداد المرض. يمكن السيطرة على مرض التهاب القولون التقرحي لفترات طويلة إذا التزم المريض بالعلاج والمتابعة. ولكن لا يوجد له علاج جذري، ولا مدة محددة للعلاج. وتفيد الأدوية المتوافرة في تخفيف الالتهاب، وتصحيح النقص الغذائي، ومنع الانتكاسات، والحد من المضاعفات والإحتياج للجراحة. وتشمل مضادات الإسهال والساليسلات الأمينية والكورتيزونات وأدوية تثبيط الجهاز المناعي والأدوية الحيوية. كل هذه الأدوية يجب أن تستخدم بإشراف طبيب متخصص.