داهم جهاز الأمن الأوكراني أمس الثلاثاء، مكاتب قناة "روسيا اليوم" ووكالة "ريا نوفوستي" الروسيتين في كييف، وأوقف صحافياً بتهمة الخيانة، ما أثار غضب موسكو التي توعدت بالرد. وتأتي المداهمة في ظل علاقات متوترة بين موسكو وكييف منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم، واتهامها بدعم متمردين في شرق أوكرانيا في نزاع خلف نحو 10 آلاف ضحية. وتزامنت المداهمة والتوقيف مع تدشين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جسراً ضخماً، يوفر أول طريق بين القرم وروسيا. وقالت المتحدثة باسم جهاز الأمن الأوكراني إولينا غويتليانسكا إن وسائل الإعلام الروسية تُستخدم "في حرب متعددة الأشكال على أوكرانيا". وفي وقت سابق، اعتقل مراسل ريا نوفوستي، كيريلو فيشينسكي قرب منزله في كييف، وهو مواطن أوكراني يحمل جواز سفر روسي منذ 2015. وقال ممثل مكتب المدعي العام إيغور بونوشوفني للصحافيين: "حالياً، الوصف الأولي للجريمة الجنائية، التي ارتكبها الصحافي، هي الخيانة". واتهم نائب رئيس جهاز الأمن الأوكراني فيكتور كونونينكو الصحافي بالسفر إلى القرم في 2014 لإعداد تقارير "تخريبية" قبل التعاون مع المجموعات الانفصالية في شرق أوكرانيا. وقال كونونينكو إن الصحافي الموقوف حصل بموجب قرار من بوتين على وسامٍ "من أجل عودة القرم" تقديراً لعمله الصحافي. وأشار إلى أن فيشينسكي حصل على تمويل وفير لأداء عمله. وقال: "بإمكاننا القول اليوم إنه حصل على 53 ألف يورو في الشهر للقيام بأنشطة من هذا النوع" مضيفاً: "وزعت الأموال لاحقاً على المجموعات والأشخاص المتورطين. وكان هذا سبب عمليات التفتيش". وأدانت روسيا فوراً العمليات واعتقال فيشينسكي. وعلق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بالقول: "في حال كانت أفعال أجهزة انفاذ القانون الأوكرانية مرتبطة بطريقة ما بعمل هذه المؤسسات الإعلامية مهنياً، فسيكون ذلك أمراً مشيناً ومخزياً". وشدد على أن "أي عمل يستهدف وسائل الإعلام الروسية غير مقبول" مؤكداً أن الحكومة الأوكرانية: "قمعت حرية التعبير" مراراً. وحذر من أن موسكو "ستدافع بقوة عن مصالح وسائل الإعلام الروسية" في أوكرانيا. ومن جهته، دعا مدير المجموعة الإعلامية الرسمية روسيا سيغودنيا المشرفة على روسيا اليوم وريا نوفوستي إلى الإفراج عن فيشينسكي مؤكداً ضرورة الكف عن "ملاحقة" وسائل الإعلام الروسية في أوكرانيا. ونقلت ريا نوفنوستي عن دميتري كيسليف "ليست المرة الأولى التي يدوس فيها نظام كييف الحقوق الأساسية والحريات عبر ملاحقة الصحافيين". وربطت من جهتها رئيسة تحرير روسيا اليوم مارغريتا سيمونيان بين المداهمة والتوقيف وافتتاح الجسر الجديد، وكتبت على تويتر: "قررت كييف الثأر منا بسبب جسر القرم". وحسب أجهزة الأمن الأوكرانية، تقع مكاتب ريا نوفوستي وروسيا اليوم في نفس المقر وسط كييف. ويعمل في مكتب ريا نوفوستي بكييف، ما يقارب 15 صحافياً يتولى عدد منهم إرسال الأخبار إلى موسكو، والقسم الآخر برئاسة فيشينسكي يدير موقع ريا.كوم.يو إيه، الموجه للجمهور الأوكراني. وتتهم كييف على الدوام روسيا بتوظيف وسائل إعلامها العامة خاصةً القنوات التي يتابعها جمهور واسع في المناطق الناطقة بالروسية في أوكرانيا، لتأجيج المشاعر الانفصالية وضرب الثقة في الحكومة الحالية المؤيدة لأوروبا. وكانت كييف منعت بث القنوات الروسية الرئيسية على أراضيها، وعطلت أبرز مواقع التواصل الاجتماعي الروسية، وطردت العديد من الصحافيين الروس. يُذكر أن أوكرانيا جاءت في 2018 في المرتبة 101 على لائحة الترتيب العالمي لحرية الصحافة، من أصل 180 دولة وتحتل روسيا المرتبة 148 على اللائحة نفسها.