جذبت الحرب القائمة في سوريا كثيرا من الوجوه الجديدة أو "الجهاديين المحدثين" في الأراضي الإسبانية. ومن بين 17 إسبانيا، رصدتهم دراسة قدمها "معهد الكانو الملكي" عن الإسبان المشاركين في الحرب السورية، يوجد ثلاثة أو أربعة عناصر فقط يمتلكون مسيرة سابقة في الجهاد الإسلامي. لكن الآخرين تم تجنيدهم في العام الماضي بإغراء مزدوج. أولهما المشاركة في الجهاد ضد نظام الأسد، والثاني هو المساعدات المالية التي تتلقاها عائلات المجاهدين. ويتم التجنيد بشكل أساسي في مدينة "سبتة" الخاضعة للحكم الإسباني، ويتم التدريب في معسكرات سرية داخل الأراضي المغربية وفي بيوت بقلب مدينة سبتة. وبعد الوصول إلى سوريا عن طريق الحدود التركية، ينضم الأفراد الذين تم تجنيدهم إلى (جيش النصرة) و الجمهورية الإسلامية بالشام والعراق) وبشكل أقل إلى (الحركة الإسلامية بالشام). ويعتبر "مهند علم الله الدباس" أبرز الوجوه الثلاثة المعروفة للسلطات الأمنية الإسبانية. وهو يوجد في سوريا حاليا برفقة ابنه القاصر، وحاصل على الجنسية الإسبانية، لكنه من مواليد سوريا. ويقوم حاليا بمهام تنظيمية ولوجيستية بالتعاون مع جبهة النصرة. وكان الجباس قد حوكم بتهمة الاشتراك في تفجيرات 2004 في مدريد، ورغم إدانته من المحكمة الوطنية، إلا أن المحكمة العليا الإسبانية قامت بتبرئته. ويقوم الدباس بتحديد وجهة ومهام الجهاديين الإسبان في سوريا حسب القدرات الجسدية والتدريبات التي مروا بها. ويتم اختيار أصحاب البنية الضعيفة للمهام الانتحارية، حيث تم رصد ثلاثة إسبان نفذوا مثل هذه العمليات التي أسفرت عن مئات الضحايا. بينما يشارك أصحاب البنية القوية والتدريب المتقدم في المهام القتالية. وتفرق دراسة (معهد الكانو الملكي) بين من يذهبون إلى سوريا للانضمام إلى تنظيمات تابعة للقاعدة، وبين من يذهبون للانضمام إلى الجيش السوري الحر. ويقدر المنضمون إلى هذا الأخير ب25 شخصا قادمين من إسبانيا. لكن تغير الظروف على الأرض قد يؤدي إلى تغيير جهة الولاء والقتال ضمن صفوف القاعدة وفروعها. ولا يقتصر الجهاديون القادمون من إسبانيا على من يحملون جنسيتها فقط. فقد رصدت الشرطة ما يقرب من 90 جهاديا سافروا إلى سوريا. وكلهم من أصل مغربي ويقيمون بشكل شرعي في إسبانيا. وكانوا يقيمون في مدن مختلفة مثل "مالاجا" في الجنوب، و"جيرونا" في أقصى الشمال الشرقي، و"أليكانتي" في الشرق، و"مدرديد" العاصمة. ويتم نقل هؤلاء إلى معسكرات سبتة ليتم تدريبهم على حمل السلاح، بالإضافة إلى دروس دينية من زعماء التنظيم في المدينة الصغيرة. وحسب قوات مكافحة الإرهاب الإسبانية يقتصر التدريب على حمل الكلاشينكوف، وعلى التصويب وقراءة خريطة واستخدام الراديو. ويعتبر الحاصلون على هذا التدريب البسيط البدائي لقمة سائغة أمام أي جيش نظامي مثل الجيش السوري. وحسب تقارير صحفية غير مؤكدة، لا يحصل المحاربون القادمون من إسبانيا على أي مقابل مادي، بل إنهم يدفعون تذاكر الطيران وثمن السلاح من جيبهم الخاص. وفي سوريا لا يقدم لهم سوى المأكل والمأوى. وحسب المخابرات الإسبانية. لو صح وجود مثل هذه الفئة من الجهاديين القادمين من إسبانيا، فهم أكثر دافعا للخوف حال عودتهم لأوروبا وحصولهم على تدريب جيد في الحرب السورية. وحسب تحريات وتحقيقات الشرطة الإسبانية، وعن طريق رصد المكالمات الهاتفية للشبكات التي تم تفكيكها في شهري يونيو وسبتمبر الماضيين في سبتة، لا يستبعد الجهاديون شن (الحرب المقدسة) في أوروبا. ويعتبر هذا هو الهاجس الأساسي لأجهزة المخابرات في أوروبا والولايات المتحدة. أن يقوم المحاربون المشاركون في الحرب السورية بالعودة إلى بلاد مثل بلجيكا وإسبانيا وبريطانيا للقيام بعمليات تفجيرية داخلية. وكانت الشرطة الإسبانية قد قامت بعمليتين موسعتين في شهري يونيو وسبتمبر الماضيين لتفكيك شبكة تجنيد الجهاديين في مدينة سبتة الخاضعة للحكم الإسباني. وفي العملية الأخيرة تم القبض على "ياسين أحمد العربي" الشهير ب"بيستو"، ويعتبر قائد الخلية التي تقوم بتجنيد المجاهدين في سبتة والمدن المغربية القريبة منها.