ثلاث قمم شهدتها السعودية خلال يومي العشرين والحادي والعشرين من مايو الجاري وهى قمة ثنائية "سعودية – أمريكية"، وأخرى "خليجية – أمريكية"، وثالثة "عربية - إسلامية – أمريكية"، وتواكب مع هذه القمم الثلاث توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية الاقتصادية والأمنية بين الولاياتالمتحدة والسعودية. وإذا كانت هذه القمم قد حوت الكثير من الدلالات والرسائل وحققت الكثير من المكاسب السياسية والاقتصادية والعسكرية لكل من واشنطنوالرياض على وجه الخصوص، فإن الدبلوماسية والسياسة المصرية قد حققت العديد من المكاسب سياسيًا واستراتيجيًا في الوقت الراهن وعلى المدى المنظور مستقبلًا. ويأتي في مقدمة هذه المكاسب، فرض الرؤية المصرية لصياغة إستراتيجية شاملة لمواجهة خطر الإرهاب من خلال تكثيف الجهود الدولية الساعية لوقف تمويل التنظيمات الإرهابية ومدها بالسلاح والمقاتلين وتوفير الملاذ الآمن لها، فقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام قادة العالم، أن الإرهابى ليس فقط من يحمل السلاح وإنما أيضًا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسى والأيديولوجى. هذا المذاق المصري للتعريف بالإرهابي هو تعريف شامل يقتضى بالتالي معالجة شاملة من كافة الدول العالمية بعيدًا عن المصالح القطرية الضيقة، وهذه الرؤية المصرية هي نفسها التي طرحها الرئيس السيسي أثناء خطابة الذي ألقاه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في أعمال دورته رقم 69 عام2014. ويكتسب المفهوم والرؤية المصرية للإرهابي أهمية كبيرة كونه يناقش ليس فقط الفعل الإرهابي، وإنما البيئة التي أفرخت هذا الإرهابي، من تمويل وتدريب وتسليح وقبل ذلك العمل على زرع العقيدة الإرهابية "الأيديولوجيا" التي هي أصل ومنشأ كل فعل، ولعل هذا الطرح المصري يلفت الانتباه إلى ضلوع دول أخرى في تمويل الإرهاب وتدريبة وتوفير الغطاء الإعلامي والأيديولوجي له. رؤية مصرية خالصة ثاني المكاسب المصرية من القمة الإسلامية الأمريكيةبالرياض، هو اللقاء الذي جمع الرئيس السيسي مع الرئيس الأمريكي ترامب، وهو اللقاء الثالث بين الجانبين، بعد لقاء حدث أثناء حملة ترشح الرئيس الأمريكى للرئاسة، ووقتها أكد ترامب والسيسى ارتياحهما لآراء بعضهما البعض. ثم كانت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للولايات المتحدةالأمريكية ومباحثاته مع دونالد ترامب، والتي أسست لتدشين صفحة جديدة في العلاقات بين القاهرةوواشنطن، تقوم ليس فقط على إعادة الدفء للعلاقات المصرية الأمريكية والتي وصلت لمرحلة الجمود في إدارة أوباما، وإنما تقوم على تأسيس شراكة استراتيجية بين البلدين، بما يصب في النهاية في خدمة قضايا الشرق الأوسط. وتكتسب هذه اللقاءات أهميتها كونها تعمل على تجسير الفجوة التي تركتها إدارة أوباما من جانب، ومن جانب آخر تعمل على تقريب وجهات النظر المصرية الأمريكية في معالجة قضايا الشرق الأوسط. ووفقًا للكثير من المراقبين فإن ثمة تناغم مصري أمريكي في استراتيجية مواجهة الإرهاب، فالسياسة المصرية تدعو لدراسة الإرهاب بمنطق مختلف، والعودة بالقضية إلى جذورها، فانحسار الدولة الوطنية ومؤسساتها أنتج فراغا، لا تملؤه سوى التنظيمات المتطرفة، بخطابها الطائفى والمذهبى الإقصائى، وممارساتها الإرهابية، وأن الإرهاب لا يمكن مواجهته سوى عبر مقاربة شاملة بكل الوسائل العسكرية وغير العسكرية والأمنية المتاحة. فضلًا عن أن المواجهة الشاملة لجذور الإرهاب، تتطلب وقفة حاسمة مع كل من يقامر برعاية ودعم التنظيمات الإرهابية، تحت أى مسمى أو ذريعة، فالرؤية المصرية لمحاصرة الإرهاب تتمحور حول منطق مهم، وهو أن تتوقف القوى الإقليمية والدولية التى انتهزت الوضع الحالى للمنطقة لمحاولة تعزيز نفوذها والقيام بتدخلات سافرة، سياسية بل وعسكرية وأمنية فى الشؤون العربية. وثالث المكاسب المصرية، أن قمم الرياض شكلت بيئة سياسية مناسبة وهيأت الأوضاع لعقد قمم مصرية مع العديد من قادة الدول المشاركة، حيث مارست الدبلوماسية النشطة جهودها في التواصل مع كافة الدول، وعقد الرئيس السيسي جملة من اللقاءات للتباحث بشأن سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية مع هذه الدول ومناقشة إمكانات وفرص التعاون المتاحة في مختلف المجالات وكيفية تفعيلها بما يحقق المصالح المشتركة.