سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في اليوم العالمي للغة العربية.. القرآن الكريم ثبت النموذج المثالي للفصحى واستمرار توالد اللهجات وراء التباين بين مستوياتها.. الاحتلال البريطاني وضع خطة للقضاء عليها في مصر
اللغة العربية هي إحدى اللغات السامية، وهناك الكثير من الآراء حول اصولها ونشأتها لدى قدامى اللغويين العرب، فيذهب البعض إلى أن يعرب كان أول من أعرب في لسانه وتكلم بهذا اللسان العربي فسميت اللغة باسمه، وورد في الحديث النبوي أن نبي الله إسماعيل بن إبراهيم أول من فتق لسانه بالعربية المبينة وهو ابن أربع عشرة سنة. وارتبطت اللغة العربية في القرن السادس ميلادي بالشعر الجاهلي ولغته، وبالقرآن في القرن السابع الميلادي، ثم دونت النصوص الإسلامية بدءًا من القرن الأول الهجري، ويمكن القول إن اللغة المعنية هنا هي لغة عرب الشمال، والتي أضحت لغة التراث الثقافي العربي الإسلامي. وفي هذا الإطار نجد أن الفقيه والباحث اللغوي محمد عبيد الله، قد سبق أغلب الباحثين في زمانه إلى تفصيل أصول اللغة من خلال البحث في الحروف وجذورها، فأصدر كتابا مرجعيا في هذا الشأن عرف باسم (فقه الحروف)، استند فيه إلى معجم ألفاظ القرآن الشهير، وخصنا بخواص ومنحنا مزايا لا نظير لها فكانت اللغة على رأس تلك المزايا، الامر الذي أهل علماء اللغة أن يكونوا على علم ودراية بمراتب أهل الأرض وملائكة السماء، ومرجع هذا يعود إلى كمال اللغة وفصاحة اللسان، ومن الجدير بالذكر ان اللغة قد نشأت في عهد آدم لقوله "وعلم آدم الأسماء كلها"31 البقرة، ثم فسدت اللغة مع تقلب الزمان لقوله تعالى: "أتجادلونني في أسماء۬ سميتموها أنتم وآباؤكم مَّا نَزَّلَ ألله بِها مِن سلطان۬ۚ" اية 71 سورة الأعراف. وقد اعاد القرآن تنظيم اللغة وجمع شتاتها، ثم وقف على حروفها كما هو معلوم من فواتح السور "وكذلك أوحينا إليك قرءانًا عربيًا لتنذر أم القرى ومن حولها" * آية 7 سورة الشورى، وحيث أن أم القرى أول منازل الإنسان فقد بقيت فيها بقايا من بلاغة اللغة وفصاحة اللسان، وتناثر حولها الكثير من المفردات لقوله تعالى "ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون (27) قرآنًا عربيًا غير ذي عوج لعلهم يتقون"، اي ان كافة مفردات القرآن عربية خالصة متوازنة منضبطة في إطار اللغة، مفصلة في فصائل وأسر، كما نراه في (الطير والطائرة والطيار والطيران)تجدها منطوية تحت جذر واحد، في حين لو نظرت إلى هذه المسميات في اللغة الإنجليزية وجدتها مختلفة متنافرة. فاللغة بوجه عام هي الفكر المنطوق وهي الأداة التي تنقل المفاهيم وتحمل الأفكار ويتم التعبير بها عن العواطف والمشاعر، فاللغة العربية هي لغة حضارية وانسانية ومن أقدم اللغات في العالم ويتحدث بها ملايين من البشر وهي تعد من اللغات المعروفة باسم "اللغات السامية " فهي لها جذور متأصلة وثابتة وكانت الادارة الرئيسية لنقل الثقافة العربية بين الاجيال عبر عصور طويلة بل ولها تأثير قوي وواضح كمفردات وتراكيب لغوية على اللغات الاجنبية حيث دخلت بعض الكلمات العربية الي العديد من اللغات الاوروبية وغير الاوربية. ولان اللغات هي همزة الوصل بين الشعوب ووسيلة الاتصال والمشاركة الفعالة لذلك نادت منظمة الاممالمتحدة بضرورة الحفاظ على تعدد اللغات كما تبنت العديد من الإجراءات منذ عام 1946 حتى يومنا هذا لضمان فعالية التواصل بين شعوب العالم. وبناء علي ذلك اعتمدت الاممالمتحدة لشئون الاعلام الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم الذي يحتفل في 21 فبراير من كل عام وبناء علي ذلك مبادرة من اليونسكو للاحتفال بكل لغة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة قرر الاحتفال باللغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام. الاشكالية بين اللغة العربية الفصحى واللغة العامية واللهجات العامية: هناك فكر سائد انا احد الاسباب الرئيسية لضعف اللغة العربية هي اللغة العامية واللهجات المحلية وبالتالي هناك تعارض وتناقض بين اللغتين، ما يضيف أزمة إلى أزمات التناقض التي نعيشها في العالم العربي ويقول الباحثون ان القرآن الكريم قد ثبت النموذج المثالي للفصحي عند حدها الأسمى في الكمال والجلال والجمال وان اللهجات بطبيعتها تميل الي التوالد والنمو كأي كائن حي وهو ما خلق فرقا شاسعا بين فصحي العربية ولهجاتها المتعددة. والحقيقة لا يوجد أي تناقض على الإطلاق فاللغة العربية الفصحى هي اللغة المستخدمة في المجالات المنضبطة والتي لا تصلح العامية لها فهي لغة الفكر العلم والثقافة، فالمجالات الفكرية والمؤلفات العلمية والاكاديمية والصحفية والتقارير والنشرات تحتاج لها وذلك لضمان وصول المعني والدلالات بدقة. اما اللغة العامية واللهجات المحلية فهي لغة الحياة والتخاطب اليومي وإظهار المشاعر والأحاسيس وكل أشكال التعبير التلقائي، فاللغة الفصحى لا تصلح لهذه المجالات وستكون حائل للتواصل في أحسن الحالات ومجال للسخرية في اسواها. التحديات التي واجهت اللغة العربية: أولى التحديات التي واجهت اللغة العربية كان منذ أيام الاحتلال البريطاني علي مصر، حيث تم اكتشاف أول الأعمال الاحتلال هو وضع الخطة لتحطيم اللغة ذلك واضحا في تقرير لورد دوفرين عام 1882 عندما قال "إن امل التقدم ضعيف في مصر ما دامت العامة تتعلم اللغة العربية الفصيحة"، وكانت الغاية لتحقيق هذا الهدف هو ان يكون نظام التعليم السائد في البلدان العربية يتم باللغة الإنجليزية وتطبيق مناهج اللغات الأوروبية ومحاولات لطمث اللغة العربية الفصحي ويحل محلها اللغة العامية واستعمال الحروف اللاتينية بدلا من الحروف العربية واستخدام الالفاظ الاجنبية واقحامها في سياق العبارات. عوائق تطور اللغة العربية: إهمال الجانب الوظيفي لاستخدام اللغة العربية وعدم تنمية المهارات اللغوية المطلوبة في الحياة العملية وتعليم اللغة العربية منفر وغير متطور وضعيف مع غياب التدقيق اللغوي وانتشار ركاكة الأسلوب والتهجئة الخاطئة بجانب عدم إضافة مصطلحات جديدة فاللغة تكون حية عندما تكون في حالة تفاعل مع اللغات الأخرى والمطلوب ان تواكب اللغة التطور البشري وتطور وسائل ومعارف وان تتصل بالواقع والمتغيرات، نقص برمجيات تعليم اللغة العربية وعدم استعمال الناطقين بها واستخدام لغات اجنبية في التعامل في مختلف المناسبات والاعمال، فكل ذلك يؤثر علي مكانة اللغة العربية.