انطلقت، اليوم السبت، فعاليات الندوة العلمية "إعداد الأطفال للمستقبل"، التي ينظمها المجلس العربي للطفولة والتنمية، بالتعاون مع لجنة قطاع دراسات الطفولة ورياض الأطفال بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية، بحضور عدد من الخبراء والباحثين في مجالات الطفولة، والعاملين وموجهي ومعلمي رياض الأطفال بوزارة التربية والتعليم المصرية، إضافة إلى ممثلي المؤسسات المعنية والإعلام. وافتتح أعمالَ الندوة الدكتور حسن البيلاوي أمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية، بكلمةٍ ألقتها نيابةً عنه إيمان بهى الدين مديرة إدارة إعلام الطفولة بالمجلس، أوضح خلالها أن المجلس تأسس عام 1987 بمبادرة وتحت رئاسة الأمير طلال بن عبدالعزيز، متطلعًا أن يكون منظمة رائدة فى مجال حقوق الطفل بالوطن العربى، وإعداد طفل عربي قادر على المشاركة فى تنمية المجتمع، والتعامل مع المتغيرات العالمية المتسارعة، ويسعى لإيجاد بيئة عربية داعمة لحقوق الطفل في التنمية والحماية والمشاركة والدمج في إطار الأسرة والمجتمع. وأضاف البيلاوى أنه انطلاقًا من هذه الرؤية جاء اهتمام المجلس الاستراتيجي حتى العام 2020 ببناء نموذج تنشئة جديد للطفل العربي يقوم على تهيئة وتمكين وتعزيز قدرات الطفل حتى يتمكن من إعمال حقوقه وفق آفاق جديدة ترتبط بالتحديات الراهنة في المنطقة العربية، وفي إطار عملية تنمية شاملة مرتكزة على العدل الاجتماعي والمواطنة وبناء رأس المال البشري الفاعل والمستنير منذ سنوات عمره الأولى. وأكد أن هذا التوجه الاستراتيجي للمجلس يضع على قائمة أولوياته تنمية الطفولة المبكرة، باعتبار أن لهذه المرحلة أهمية كبرى في تطور الأطفال الشمولي وتطور قدراته، وإدراكًا بأن التأثيرات المترتبة على الرعاية والاهتمام اللذين يلقاهما الطفل في هذه المرحلة تستمر طوال حياته، موضحًا أن المجلس يقوم حاليًا بالشراكة مع كل من وزارة التربية والتعليم بمصر، وبرنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند" واليونيسف والجامعة العربية المفتوحة بتنفيذ مشروع قومي يرتكز على عدة أهداف تقوم على الارتقاء وتطوير وتنمية رياض الأطفال، وتعزيز قدرات المعلمات فى مجالات تحسين الاستعداد المدرسي لدى أطفال الروضة، وتنمية المهارات الحياتية لدى الأطفال. من جانبها أكدت الدكتورة ليلى كرم الدين، رئيس لجنة قطاع دراسات الطفولة ورياض الأطفال بالمجلس الأعلى للجامعات، أهمية إعداد الأطفال للمستقبل على ضوء دخول العالم الألفية الثالثة. وقالت: إن ما يميز هذا العصر من تقدم علمي وتكنولوجي سريع ومتلاحق يحتِّم إعداد الأطفال للتعامل معه والتفوق فيه، وعلى ضوء المنافسة الشديدة التي تميِّز هذا العصر والحرص الشديد على ألا يتخلف أطفالنا عن اللحاق به، ولتمكينهم من الصمود في مواجهة التحديات العديدة والكبيرة التي يفرضها القرن الحادي والعشرون ودخول العالم الموجة الثالثة للحضارة الإنسانية وهي موجة المعلوماتية، التي تتطلب تهيئة الإنسان كي يستطيع العيش والتعاون والتنافس فيها بالعديد من السمات والخصائص التي يطلق عليها اليوم "خصائص إنسان القرن الحادي والعشرين". وشهدت الندوة في جلستها الأولى عروض وتجارب المؤسسات ذات العلاقة، حيث قدَّم الدكتور محمود سليمان بالمجلس القومى للطفولة والأمومة لمحة عن جهود المجلس على مستوى الاستراتيجيات والبرامج والمشاريع وخطته المستقبلية من خلال تبني العمل على قضايا تمثل أولوية على أجندة الطفولة المصرية مثل الأطفال في وضعية الشارع، وعمالة الأطفال، والزواج المبكر، وجودة التعليم، والأم المُعيلة وتمكين الأُسر الفقيرة. كما عرض أحمد عبدالعليم، الباحث بالمجلس العربي للطفولة والتنمية، نموذج التنشئة الجديد الذي يتبناه المجلس ويرتكز على التسليم بأن الأطفال لهم حقوق تكفلها القوانين والمواثيق الدولية والعربية، وأنه من الضروري أن يكون الطفل هو "بؤرة" التركيز في كل مراحل وعمليات التنشئة الاجتماعية والثقافية، وتمكين الأطفال بالمعرفة والقيم والمهارات، والإقرار بالتشارك مع الأطفال لا من أجلهم، وحماية ومساندة الأطفال المعرَّضين للخطر، وإعداد الكبار وتنمية ثقافتهم التربوية، وصولًا إلى تنشئة إنسانية حقوقية من أجل تحقيق التنمية وبناء مستقبل أفضل للأطفال وللمجتمع. وعن التجربة اليابانية وتطبيقها في المدارس المصرية، قدمت الدكتورة راندة شاهين، وكيل وزارة التربية والتعليم، عرضًا حول النموذج الياباني (التوكاتسو) الذي يؤدي إلى أن ينظر التلاميذ إلى أنفسهم على أنهم مفكرون، والنظر بصورة موضوعية تجاه تفكيرهم وتفكير الآخرين، وتقدير واحترام الذات والثقة في القدرة على التفكير، وممارسة أنشطة لا تعتمد على قدرة الطالب في التحصيل العلمي أو الحفظ والتلقين، بل على إعمال العقل، وأنشطة تعمِّق الولاء بالوطن وتنمِّي القدرة على الاعتماد على الذات والعمل الجماعي والتفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين وحل المشكلات وإدارة الوقت والحوار. أما الجلسة الثانية فقد تضمنت عروضًا من الخبراء في مجالات عدة، منها تنشئة الطفل على التسامح للدكتورة أمل حسونة عميدة كلية رياض الأطفال بجامعة بورسعيد، أكدت خلالها دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في نشر ثقافة السلام والتآخي والتسامح واحترام وحب الآخرين والانفتاح على المجتمعات الأخرى ونبذ التعصب بجميع أشكاله. وقدّم الدكتور جمال شفيق أستاذ علم النفس الإكلينيكي بالمعهد العالي لدراسات الطفولة ورقة عمل حول سوء تغذية أطفال مرحلة ما قبل المدرسة ومدى تأثيره على نموهم النفسي والعقلي والجسمي، عرَض خلالها مفهوم سوء التغذية وأسبابه وأعراضه، وطرق علاجه والوقاية منه من خلال إمداد الجسم بالعناصر الغذائية والمعادن التي تنقصه بصفة خاصة، وعلاج أي اضطرابات صحية أخرى تكون قد نتجت عن سوء التغذية. وعن السمنة بين الأطفال قدّمت الدكتورة سوسن عبدالغني، أستاذ التغذية بجامعة قناة السويس، عرضًا عرضت فيه السمنة وأسبابها ومخاطرها، وطالبت بضرورة توفير إرشادات سلوكية وتغذوية لعلاج السمنة بين الأطفال، مِن أهمها حث الطفل على تناول الغذاء المتوازن، وتشجيعه على حرية الحركة وممارسة النشاط الرياضي المحبَّب إلى نفسه؛ لإبعاده قدر الإمكان عن الجلوس أمام التلفاز وأجهزة الكمبيوتر وألعاب الفيديو لفترات طويلة. وقدّمت الدكتورة صفاء الأعسر، أستاذ علم النفس بكلية البنات بجامعة عين شمس، ورقة عمل حول أهمية الاستعداد للمدرسة من منظور العائد والتكلفة، فالاستعداد للمدرسة يجب النظر له ليس فقط من منظور قيمي يتعلق بحقوق الإنسان في أن يحيا حياة كريمة وسعيدة، وإنما من منظور نفعي يتعلق بالتكلفة والعائد، في أوجه الأنفاق على الدعم الاجتماعي، وملاحقة الجريمة وغيرها من المشكلات الاقتصادية والصحية والاجتماعية التي تؤدي إلى تآكل رأس المال البشري كنتيجة مباشرة لتآكل رأس المال التعليمي. فالاستعداد للمدرسة ليس العصا السحرية إنما هو البذرة الصالحة للازدهار. وعرضت الدكتورة ليلى كرم الدين، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، رئيسة لجنة قطاع دراسات الطفولة ورياض الأطفال بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية، فى ورقة عمل حول إعداد الأطفال بالمستقبل، أهم الخصائص والسمات اللازمة لإنسان القرن الحادي والعشرين، وأهمية وحتمية البدء في كل الجهود اللازمة لتنمية تفكير الأطفال والإسراع من معدل نموهم العقلي مبكرًا ما أمكن في عمر الطفل خلال مرحلة ما قبل المدرسة، وأهم الطرق والأساليب والاستراتيجيات اللازمة لإعداد الأطفال للمستقبل وإكسابهم أهم الخصائص والمواصفات اللازمة لمواجهة ما يفرضه من تحديات، ودور الأسرة والمدرسة ومختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية في إعداد الأطفال للمستقبل وإكسابهم مختلف الخصائص والسمات اللازمة لمواجهة ما يفرضه من تحديات.