وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 20 إبريل بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    كوريا الشمالية تطلق نوعا جديدا من الصواريخ وتختبر "رأسا حربيا كبيرا جدا"    كانسيلو يعلق على خروج برشلونة من تشامبيونزليج وآخر الاستعدادات لمواجهة ريال مدريد    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين وتوك توك بطريق المنصورة بالدقهلية    آمال ماهر تشدو برائعة كوكب الشرق"ألف ليلة وليلة "والجمهور يرفض انتهاء الحفل (فيديو)    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    تخفيف الأحمال فى «أسبوع الآلام»    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب"اللا مسؤول"    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    حزب "المصريين" يكرم 200 طفل في مسابقة «معًا نصوم» بالبحر الأحمر    الخطيب ولبيب في حفل زفاف "شريف" نجل أشرف قاسم (صور)    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    صفقة المانية تنعش خزائن باريس سان جيرمان    منير أديب: أغلب التنظيمات المسلحة خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية.. فيديو    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا والعظمى في القاهرة 33 درجة    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    تعرف على موعد انخفاض سعر الخبز.. الحكومة أظهرت "العين الحمراء" للمخابز    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    بفستان لافت| ياسمين صبري تبهر متابعيها بهذه الإطلالة    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة الانقسام بين الكاثوليك والأرثوذكس في مصر
نشر في البوابة يوم 12 - 03 - 2013

· لأول مرة بطريرك أرثوذكسي يلقي كلمة في تنصيب نظيره الكاثوليكي
· مصالحة تاريخية لم تحدث منذ مجمع خلقيدونية 451
· إعادة إعلان الكنيسة القبطية الكاثوليكية
لم يكتفِ البابا تواضروس الثاني بحضور حفل تنصيب نظيرة القبطي الكاثوليكي إبراهيم إسحق، بل ألقى كلمة، وأثنى البابا تواضروس على مجهودات البطريرك الجديد في خدمة الكنيسة الكاثوليكية التي امتدت لعشرات السنوات لصالح الفقراء والمهمشين.
وقال البابا تواضروس: “,”اختيار مبارك، فقد سمعت كثيرًا عن مجهوداتك الخدمية، من الآباء الذين يخدمون في محافظة المنيا“,”.
وأضاف: “,”باسم الكنيسة الأرثوذكسية باسم الأساقفة، باسم كل الكنيسة نقدم تهانينا القلبية للبطريرك الجديد، ونبارك له ونصلي للمسيح أن يفرحه بالثمار الكثيرة التي تفرح قلب الله“,”.
وكان البابا تواضروس قدم هدية الكنيسة الأرثوذكسية للبطريرك الكاثوليكي الجديد، وكانت عبارة عن قلادة وصليب ذهبيين وتبادلا التهنئة والمصافحة.
هذا الحدث التاريخي قدم فيه البطريرك تواضروس الثاني مصالحة تاريخية لم تحدث منذ إعادة إعلان إعادة تأسيس الكنيسة القبطية الكاثوليكية 1788، ولمزيد من الفهم لابد أن نعود إلى ما بعد مجمع خلقيدونية، كان عدد الأقباط الكاثوليك (الخلقيدونيين) ليس بقليل حينذاك ويقصد بهم الذين قبلوا قرارات المجمع المسكوني الخلقيدوني المنعقد سنة 451 هم ينتمون فكريًا إلى التراث الفكري لمدرسة الإسكندرية، وبعد المجمع ذلك أصبح تراث الأقباط الكاثوليك تراثًا سكندريًا صرفًا، ولذلك كان طقسهم طقسًا سكندريًا (أي طقس قبطي) ولذلك حمل الأقباط الكاثوليك معهم قرارات مجمع خلقيدونية واستمروا فترة كبيرة يحتفظون بكنيستهم وبطريركهم (يقصد بطريرك الكنيسة الملكية الذي كان يباشر شئون الأقباط الكاثوليك).
الأقباط الكاثوليك ودخول العرب مصر
وعند دخول العرب لمصر كان البطريرك القبطي الكاثوليكي يدعى كيرلس، وهو الذي كان يهتم بشئون الأقباط الكاثوليك وكان في أيامه ثلاثة أراخنة من الأقباط الكاثوليك وهم آمون وجرجس مينا وآمون آخر. وفي الحقيقة أن الأقباط الكاثوليك لم ينقطعوا من مصر كما تشهد على ذلك الوثائق، وهي بنهرين إما باليوناني والقبطي، أو اليوناني والعربي أو القبطي والعربي علاوة على المخطوطات والوثائق أيضا. التي تعود إلى أيام الإمبراطور هرقل (610-641) الذي رسم في عهده عدة أساقفة مصريين خلقيدونيين (أي أقباط كاثوليك) لسائر الأبرشيات في مصر وكانوا تابعين لبابا روما. وفي هذه الحقبة كان يوجد كهنة ومؤمنين مصريين ملكيين خلقدونيين أي أقباط كاثوليك. وفي سنة 706 عندما ارتقى البطريرك يوحنا الخامس السدّة الأورشليميّة، فكان مهتما بأساقفة وكهنة وشعب الأقباط الكاثوليك المنتشرين في بقاع مصر. وفي عهد الدولة الأموية ما بين سنة 724-727، وعامي 737-741 والسنة (750) أرسل الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك إلى عبيد بن الحجاب يأمره بتنصيب بطريرك للخلقيدونيين في مصر ووقع الاختيار على الأب قزما وتمّ تنصيبه في سنة 727. فاسترد هذا البطريرك بواسطة أمناء سر البلاط الأموي الكنائس الخلقيدونية التي أخذوها اليعاقبة واستولوا عليها بسبب سياسة عمرو بن العاص التي كانت ترمي لكسب ودّ اليعاقبة (الأرثوذكس) في مصر. وفي هذه الحقبة كان عدد الأقباط الكاثوليك قليل جدًا لا يتعدى الألفين في القطر المصري، ولم يكن لهم وقتئذ رعاة سوى كهنة نواب من البطريرك الملكي يهتمون بشئون الأقباط الكاثوليك المبعثرين في القطر المصري علاوة على بعض العائلات الملكانية التي تقطن في مصر القديمة. ولذا كان يلزم كل أسقف جديد ينتخب في الديار المصرية أن يذهب إلى مدينة صور في فينيقية لينال الرسامة الأسقفية إذ لا وجود لثلاثة أساقفة ملكيين في القطر المصري، وهو العدد المطلوب قانونيا للرسامة الأسقفية.
هارون الرشيد والأقباط الكاثوليك
وفي عهد والي مصر عليّ بن سليمان عبد الله بن عباس هدمت بعض الكنائس بمصر القديمة وقد أعيد بناؤها في عصر الخليفة هارون الرشيد (786-808) عندما صرح الوالي موسى نصير للمسيحيين القاطنين في مصر بتجديد الكنائس التي هدمها الوالي السابق، وكان البطريرك الخلقدوني بطليانس (767-801) الذي نقل من الرومي إلى العربي كتاب (فلاحة الأرض لأناطوليوس البيروتي)، وكان عالمًا بالشريعة وحاذقًا في الطب واستدعاه عبد الله بن المهدي إلى بغداد ليعالج إحدى محظيات الرشيد، فبرئت على يده، فوهب الخليفة لهذا البطريرك مالاً كثيرًا، وكتب له منشورًا برد جميع الكنائس والأديرة التي كان اليعاقبة “,”الأرثوذكس“,” أخذوها من الخلقيدونيين وتغلبوا عليها، فذهب البطريرك هذا ومعه المنشور واسترد كنائس وأديرة كثيرة، وكان الأقباط الكاثوليك حينذاك يحتفلون بمراسيم ليلة عيد الغطاس بكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بقصر الشمع كالآتي: يخرجون الأقباط الكاثوليك من هذه الكنيسة في ذات الليلة، فإذا قربوا إلى ضفة النيل، وعظهم أسقفهم باللغة العربية ثم استنزل نعم الله على الخليفة وأفراد البلاط الذين يريدونه، ثم كانوا يصلّون عائدين إلى كنيستهم بنفس الطريقة التي جاء بها حاملين الشموع والصلبان حيث كانوا يختمون صلواتهم وهذه الطريقة الطقسية تشبه طريقة الكنيسة القبطية اليعقوبية، وهذا العيد السيدي يحتفل به كل من الأقباط الكاثوليك والأقباط اليعاقبة في آن واحد وقد مثلت الكنيسة القبطية الكاثوليكية في المجمع المسكوني النيقاوي المنعقد سنة 787 في راهبها القس توما والأب أرسانيوس، وهما نائبان عن بطريرك الأقباط الكاثوليك ويكتب أبو الفضائل ابن الليث الكاتب الملكاني سنة 822 في دفتر المجلس في خلافة الآمر بأنه اهتم بدير يوحنا المعمدان وأبدى اهتمامًا خاصًا بالراهبات الكاثوليكيات اللاتي يعشن فيه، وقد مثلت الكنيسة القبطية الكاثوليكية في مجمع القسطنطينية الرابع المسكوني (869-870) في رئيس شمامستها (الأرشيدياكون) يوسف النائب البطريركي للأقباط الكاثوليك.
وكان المعز لدين الله الفاطمي يفضل اليعاقبة، وخلفه ابنه العزيز في الحكم (976-996) فواصل سياسة أبيه في التسامح، وتزوج من مسيحية خلقدونية وأنجب منها بنتا سماها “,”ست الملك“,” وكانت تعطف على المسيحيين مثل والدتها، وكان يحب زوجته حبًا كبيرًا لا حد له حتى جعله يعمل برأيها إلى حد جعلته يصدر أمرًا مخالفًا للقانون، وهو تعيين أرسانيوس مطرانا للقاهرة وفيما بعد صار بطريركًا خلقيدونيا بالإسكندرية سنة 1000 وأورستوس الذي أقيم بطريركا لمدينة أورشليم. ويسرد لنا مخطوط قبطي كُتب في عهد بن طولون أن: “,”ابن طولون لم يكن يعامل جميع طبقات الشعب على قدم المساواة، فكان يفضل الأتراك على بقية المسلمين، والكاثوليك على سائر المسيحيين، وكان يميل إلى اعتبار بطريرك اليعاقبة خصمًا خطيرًا له..“,”.
كنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك
في حبرية البابا ليون 9 (1049-1054) راسل قداسته جميع الكاثوليك القاطنين في أنطاكيا والإسكندرية وقال: متلهفا على هذا الانقطاع، متسائلاً عن سبب ابتعاد خليفة القديس بطرس العظيم عن جسم الكنائس، وانقطاع صوته عن مجامعها، وامتناعها عن المساهمة في مشاكلها الإكليريكية، مبينا الفائدة التي تنجم عن مثل هذا التعاون من حيث التوجه الأخوي الرسولي، ومن هنا بدأ يذكر اسم الحبر الروماني في الأواشي والذبتيخا للطقس الإسكندري الأورشليمي والأنطاكي وعلى أثر ذلك وجدنا مخطوطًا بدير أنبا مقار ببرية شيهيت بوادي النطرون – القاهرة، وهذا المخطوط يحوي نص أوشية المجمع على حسب الطقس القبطي. واللافت للنظر أنه يذكر اسم الحبر الروماني كليستينوس2 ( 1143-1144). وقد أوفد البابا ليون 9 في يوم 6 يوليو 1054، الكاردينال هامبرتوس، أسقف سيلفاكانديا ومعه قاصدان بابويان، وأن هذا الفريق ذهب إلى مدينة القسطنطينية لكنيسة الحكمة. وشق هذا الفريق البابوي طريقا إلى هيكل هذه الكنيسة ليضع نص الحرم. ضد بطريرك القسطنطينية ميخائيل كيرولاريوس (1043-1058) وهذا الفريق البابوي يغادر المكان فورا وعند خروجه من الباب الغربي للكنيسة عينها نفض الكاردينال المذكور الغبار عن قدميه قائلاً: “,”ليشهد الله وليحكم وقد لحق به أحد الشمامسة ورجاه أن يسترجع هذه الوثيقة، ولكن الكاردينال رفض وسقطت هذه الوثيقة في الشارع“,”.
ولم يتوقع أحد أن يكون هذا التصرف المأساوي سبب هذا الانشقاق العظيم بين الشرق والغرب، ومازالت الكنيسة تعاني آثاره وتتحمل أوزاره إلي يومنا هذا. فلقبوا الأقباط الكاثوليك منذ هذا الحدث الأليم بالمصريين الخلقيدونيين الملكيين الخاضعين للكرسي الرسولي. فكان بطريرك الطائفة الملكية اعتبرته الدولة المصرية موظفًا رسميًا من زعماء أهل الذمة المصريين. وقد حددت الوثائق سلطان البطريرك الملكي الذي كان عليه أن ينظم طائفته علاوة على تنظيم جماعة الأقباط الكاثوليك الأقلية في العدد وبين الدولة ثم تنظيم الشئون الداخلية لجماعته وفقًا لقوانين شريعة طائفته وشريعة الأقباط الكاثوليك. وكما كان من سلطته الإشراف على الكنائس والأديرة وتعيين الأساقفة والرهبان والكهنة التي تخدم كلتا الملتين أي ملكيين - أقباط كاثوليك.
فكانت السلطة المدنية سنتذاك تستدعي بطاركة الطوائف المسيحية في مصر لمجلس السلطان بالقلعة فأقيم في السنة 1141 مجلسا في القلعة وهو يحتوي على أمور تتعلق بالطوائف المسيحية في مصر، واللافت للنظر أننا وجدنا اسم بطريرك قبطي كاثوليكي واسمه فيلوثاؤس الذي كان مهتمًا بشئون الأقباط الكاثوليك المنتشرين في بقاع مصر وفي شهر فبراير 1195 لما قصد مرقس الثاني البطريرك الملكي (1180-1290) مدينة القسطنطينية ورآه تيودورس بلسمون (1185-1195) البطريرك البيزنطي أن يقدم الذبيحة الإلهية وفقا للتقاليد العريقة لكنيسة الإسكندرية، أنكر عليه ذلك وادعى أنه ينبغي على كل الكنائس أن تقتفي آثار روما الجديدة (القسطنطينية) وتقيم الذبيحة الإلهية على طريق القديسين العظيمين ومصباحي الإيمان القديس يوحنا ذهبي الفم والقديس باسيليوس الكبير، فاضطر البطريرك مرقص لأن يتخذ ليتورجية القسطنطينية ولعل ذلك جعل أنافورا القديس باسيليوس تنتشر في مصر ولكن لم يرض الأقباط الكاثوليك التابعون للكرسي الرسولي بتغيير ليتورجيتهم التي كانوا يقدرونها لكاروز الديار المصرية القديس مرقس الرسول فذهب عدد لا بأس به من الأقباط الكاثوليك ليصلي لدى الكنيسة القبطية اليعقوبية (الأرثوذكسية)، وعلى أثر ذلك نجد أولئك المنضمين للكنيسة عينها أخذوا تراثهم الكنسي الخاص بهم وصلّوا به في كنائسهم بالإضافة لتراث هذه الكنيسة فنجد من ضمن هذا التراث الذي أدخل على تراث الكنيسة القبطية اليعقوبية هو نص لحن تبكيت يهوذا الذي يُقال بعد قراءة الإبركسيس في باكر خميس العهد في أسبوع الآلام فقد قيل هذا اللحن لأول مرة في الكنيسة القبطية اليعقوبية من جماعة الأقباط الكاثوليك المنضمين لهذه الكنيسة عينها في باكر خميس العهد الموافق 4 برمودة لسنة 911 للشهداء أي 30 مارس لسنة 1195 وأخذ يلحن هذا اللحن بكلماته المعروفة حتى دون لأول مرة في المخطوط رقم 106/طقس بمكتبة دار البطريركية الخاص بطقس الميرون سنة 1374 وذلك في عهد البطريرك غبريال الرابع (1370-1378)
فتمسك العدد الباقي من الأقباط الكاثوليك بطقوسه وعقيدته، والذي يدهش في ذلك أن ما بعد رفضوا الأقباط الكاثوليك أنافورات الطقس البيزنطي وتمسكهم بطقسهم وجدنا في إحدى المخطوطات أنهم كانوا يصلون بالثلاثة قداديس وهي القداس الأول للقديس باسيليوس الكبير أسقف قيصرية كبادوكية (329-379) والقداس الثاني للقديس غريغوريوس النازينزي أسقف القسطنطينية (330-390) والقداس الثالث المنسوب لكاروز الديار المصرية مرقس الإنجيلي (21ق.م-68) ثم نسب فيما بعد على حسب التقليد الكنسي لخليفته القديس كيرلس الإسكندري (340-444) ونرى ذلك الحدث في المخطوطات اليونانية في دير القديسة كاترينا بسيناء وعلاوة على ذلك يخبرنا الكاتب محمد عفيفي بأن الكنيسة القبطية الكاثوليكية ظلت محتفظة بالطقس الإسكندري وارتباطها بكنيسة روما وقرارات المجمع الخلقيدوني حتى مجيء الرهبان الفرنسيسكان لمصر ليقوموا برعايتهم كراعية بلا بطريرك.
الكرسي البطرسي يعيد الكرسي الاسكندري للأقباط الكاثوليك في 19 يونيو 1899:
بعد رقاد الأنبا أغابيوس بشاي، أقيم الأب أنطون ناداب (1880-1889م) نائبًا رسوليًا منتدبًا من عام 1880- 1889. ومن بعده تعين الأب سمعان برايا (1889-1892) نائبًا رسوليًا منتدبًا في 5 يوليو 1858م ومن بعده عُين الأب أنطون كابس (1892-1895) نائبًا رسوليًا في 28 نوفمبر 1892. وقد استدعى هذا النائب الرسولي الأب جرجس مقار يوسف سيدهم إبراهيم الذي سيصبح فيما بعد البطريرك كيرلس مقار الثاني. وعينه مدرسًا بالمدرسة الطائفية المجاورة للدار البطريركية بدرب الجنينة وأقيم الأب جرجس مقار أسقفًا نائبًا رسوليًا على الطائفة بتاريخ 15 مارس 1895م واتخذ اسم كيرلس وصار لقبه كيرلس مقار أسقف قيصيرية فيلبس ونائب رسولي على الكنيسة المرقسية الإسكندرية. وقد قسمنا القطر المصري للكنائس القبطية الكاثوليكية وعين على كل قسم كاهنا كالتالي:
أولا: الوجه البحري ويقوم بإدارته القس يوسف صدفاوي.
ثانيا: إقليم المنيا والفيوم وبني سويف ويقوم بإدارته القس بولس قلادة.
ثالثا: إقليم أسيوط ومن طما إلى سوهاج ويقوم بإدارته القس أثناسيوس سبع الليل.
رابعا: والجزء الباقي من مديرية جرجا أي ما بعد سوهاج ويقوم بإدارته القس أنطون كابس.
خامسا: إقليم قنا واسنا يقوم بإدارته القس أنطون بسطوروس.
وكانت رغبة الحبر الأعظم البابا لاون 13 (1878-1903) أن يدعم الكنيسة القبطية الكاثوليكية بمدرسة الإكليريكية لتخريج ككهنة لهذه الطائفة. التي كان عدد أفرادها لا يتجاوز 4 أو 5 آلاف مؤمن، 800 في القاهرة ، ويقوم على خدمتهم نحو 12 كاهناً. وكان أيضا قداسة البابا مهتمًا بالعمل التربوي لخدمة شباب الديار المصرية. وتأسست مدرسة العائلة المقدسة للآباء اليسوعيين بالقاهرة، وكان بها قسم خاص لتثقيف وتكوين الإكليركيين الذين سيصبحون كهنة الغد وفي حبريه البابا لاون الثالث عشر ازدهرت الكنيسة القبطية الكاثوليكية الذي أعاد مجدها الغابر، وذلك بتجديد الكرسي الإسكندري وتثبيته بإصدار البراءة البابوية المصدرة بالعبارة المسيح الرب في 26 نوفمبر 1895.
وفي يوم 29 مارس 1896، عين الحبر الروماني أسقفين. واحد لأبرشية المنيا وهو الأب يوسف صدفاوي الذي اخذ اسم الأنبا مكسيموس صدفاوى، والثاني لإيبراشية طيبة ومقر كرسيه طهطا وهو الأب بولس قلادة برزي واخذ اسم الأنبا إغناطيوس برزي.
وقد اجتمع الثلاثة في أوائل مايو 1896 لأجل شئون الإيبراشيات الثلاثة التي تسير في تقدم وازدهار وكتبوا تقريرًا في ذلك الأمر وأرسلوه للكرسي البطرسى، اسردوا فيه احتياج لطائفة القبطية إلى مدرسة إكليريكية، وعرض الأساقفة أن يكون مقرها طهطا أو تعتبر معقل الكثلكة في الصعيد علاوة على أنها مقر الدار الأسقفية للأنبا إغناطيوس برزي.
فلبى الحبر الأعظم طلب الأساقفة بكل ممنونية وتبرع قداسته بما يكفي لشراء ألفين وأربعمائة متر مربع، كرم نخلة بك يسي عميد الطائفة عامذاك تبرك بقطعة أرض مساحتها ألف ومائتا متر مربع ملاصقة للأولى لتكون حديقة للمدرسة. وتم وضع الحجر الأساسي 25 يناير 1897م.
وأما الافتتاح الرسمي لهذه المدرسة الإكليريكية الذي تم في 15 نوفمبر عام 1899 ودعيت باسم القديس لاون الكبير معرفة بالجميل للحبر الروماني البابا لاون الثالث عشر للطائفة القبطية الكاثوليكية.
وقد عقد المجمع الإسكندري العام في 11 يناير 1898م إلى 3 يونيو 1898 –صدق الكرسي البطرسي على ما تضمنه 23 أبريل 1899م. تم شراء مطبعة وحروف قبطية عربية وطبع فيها باللغتين العربية والقبطية. الكتب الطقسية كلها الأول منها 24 نوفمبر 1899م. وقد عينه قداسة البابا لاون الثالث عشر بطريركًا على الكرسي الإسكندري في 19 يونيو 1899. تم تجليسه بالإسكندرية في الكاتدرائية الجديدة 31 يوليو 1899م. واعترفت به الحكومة المصرية بهذا التعيين بأمر عالٍ 29 يناير 1900. ومن هذا التاريخ يوجد بطريركان للأقباط، واحد للأقباط الكاثوليك، والآخر للأقباط الأرثوذكس على كرسي الإسكندرية.
البطريرك الأنبا كيرلس الثاني مقار يوسف سيدهم إبراهيم (1867-1921)
ولد جرجس مقار، في بلدة الشناينة – أسيوط، في يوم 17/1/1867م، وفي السنة 1878 تقرر الحاقه بالكلية الإكليريكية الشرقية التابعة لجامعة القديس يوسف بلبنان. وأجاد اللغات اللاتينية والعبرية واليونانية والفرنسية، علاوة على اللغتين القبطية والعربية. وحاز على الدكتوراه في الفلسفة واللاهوت. ورسم كاهنا في شهر يونيو 1891 عن يد المطران غود انزيوبو نفجلى، النائب الرسولي لللاتين بلبنان متخذا اسم الأب جرجس مقار. واستدعاه المنسنيور أنطون كابس (1842- 1896) النائب الرسولي المنتدب لطائفة الأقباط الكاثوليك وعينه مدرسًا بالمدرسة الطائفية المجاورة للدار البطريركية بدرب الجنينية بحي الموسكي - القاهرة. وبقي في التدريس من سنة 1893- 1894. وأقيم أسقف ونائب رسولي للطائفة بتاريخ 15/3/1895 واتخذ الأب جرجس مقار اسم كيرلس وصار لقبه “,”الأنبا كيرلس مقار أسقفا فخريا لقيصرية فيلبس ونائبا رسوليا على الكنيسة المرقسية بالإسكندرية. وبعد ذلك عُين الأنبا كيرلس مقار مديرا رسوليا لبطريركية الإسكندرية في ذات البراءة التي بها أعاد البابا لاون 13(1878- 1903) البطريركية للأقباط الكاثوليك الصادرة بتاريخ 26/11/1895م وتلي البطريرك مقار خمسة بطاركة هم :مرقص خزام لأنبا إسطفانوس الأول وإسطفانوس الثاني وأنطونيوس نجيب (الذي استقال) وصولاً للأنبا إبراهيم إسحق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.