أجرت مجلة "سيكولوجي توداي" البريطانية بحثا عن الحب وما يقتضيه من تنازلات نفسية وشخصية وتساءلت خلاله هل يجب تقديم قلوبنا وأرواحنا للآخرين مقابل الحب؟ وشرحت المجلة "أن مصطلح" الروح " يشير إلى شيء أكبر من "القلب"، فبينما يركز القلب أساسا على الحب والمشاعر بشكل عام، فتشير الروح إلى شخصية الإنسان في مجملها وحياته بشكل عام، فمن غير الواضح بالضبط ما نعنيه عندما نقول إننا نعطي قلوبنا وأرواحنا للآخرين، وكيف يمكن أن نقدم شيئا هو جزء أساسي منا؟. ويرى البحث أنه من الضروري توضيح طبيعة هذا العطاء في ضوء النماذج الثلاثة للعلاقات العاطفية، وهى "الاهتمام"، "الانصهار"، و"الحوار"، فيما يمكن النظر إلى ثلاثة أنواع مختلفة من العطاء العاطفي: كالعطاء من جانب واحد، الانصهار التام، والعطاء الذى يطور ويثرى شخصيتنا. وتكشف المجلة البريطانية - في سياق بحثها – أن النموذج الأول للحب، وهو الاهتمام، يعد النموذج السائد للحب، فمع التسليم بأهمية الاهتمام بالطرف الآخر، إلا أن النموذج يركز على تضحيات يقدمها طرف لآخر حتى وإن كانت على حسابه وراحته، مضيفة أنه في ظل انتشار نموذج الحب من جانب واحد ما تزال مجتمعاتنا تميز بين الجنسين، غالبا ما تكون المرأة هى الطرف المحب المضحي من أجل إنجاح العلاقة مع شريك حياتها. وتشرح مجلة سيكولوجي توداي البريطانية، النموذج الثاني للعلاقات العاطفية بالقول: "هو الانصهار الذي يعد تنازلا من أحد الطرفين عن استقلاله الشخصي، ليصبح الزوجين شخصا واحدا، ويصبح الاندماج الكامل هدفا ورغبة بين الجانبين. وتضيف المجلة أنه غالبا ما يتم فهم مثل هذا الارتباط بأنه يمثل هوية واحدة مشتركة، ليصفه الفيلسوف اليوناني أرسطو، بأن كل فرد من البشر هو نصف يبحث عن النصف الآخر المفقود، لكى يصبح كيانا كاملا مرة أخرى. وتشير المجلة إلى أن النموذج الثالث، هو نموذج الحوار لتطوير ذواتنا من خلال العطاء المتبادل، حيث يعتبر هذا النموذج أن الأنشطة والخبرات المشتركة يجب أن تكون في مركز علاقة الحب، موضحا، إسهام التواصل بالحوار في تطور طرفي العلاقة، فضلا عن نمو وتطور العلاقة بين الجانبين، فعندما تحب شخص ما، فإنك تقوم بتطوير ذاتك من خلال التفاعل بشكل وثيق مع طرف آخر، ويقتصر العطاء في هذا النموذج على المعاملة بالمثل. ووفقا لمجلة "سيكولوجي توداي" البريطانية، فإن نمو وتطور الشخصية بشكل عام، يأتي من خلال تعامل الأشخاص مع وجهات النظر وهويات الآخرين، وبذلك تنمو مداركهم وتتطور شخصياتهم، وبالمثل فإن التفاعل مع شريك الحياة يساعد على تطور هوية كل طرف ونضج وجهات النظر الخاصة به. وبهذا المعنى، فإن لا يعد تطوير وتنمية الذات أمرا أنانيا، مشددة على أن هذا النموذج من الأخذ والعطاء يلعب دورا أساسيا في الشعور بالانتماء، من خلال رؤية كل طرف للآخر باعتباره جزءا لا غنى عنه. وتختتم المجلة البريطانية تحقيقها قائلة، تنطوي علاقة الاهتمام على عطاء من جانب واحد وغالبا ما يكون غير محدود، وعلاقة الانصهار المتبادل تشمل العطاء بلا حدود بكل من القلب والروح، فعلاقة الحوار تعني التطور المتبادل والعطاء المقيد من القلب وأحيانا من الروح لكن بشروط.