سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد اعتراف "الأزهر" بالتقصير في التجديد.. خبراء يضعون روشتة لثورة الفتاوى المعاصرة: إلغاء المركزية.. تأهيل الأساتذة والمفتين للتمييز بين الواجب والواقع.. ومندوب في كل مدينة
تركت كلمات الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر التي أدلى بها في افتتاح مؤتمر "التكوين العلمي والافتائي للأقليات المسلمة" والذي انعقد يومي 17-18 من أكتوبر الجاري، حالة من الجدال والتخبط لدى البعض الذي فسرها بثورة افتائية معاصرة يدعو إليها شيخ الأزهر لمواجهة الجماعات الإرهابية التي استطاعت الوصول إلى عقول الشباب واستدراجهم وسط جمود المؤسسات الدينية وعجزها عن مواكبة التحديات، حيث وجه خبراء ومعنون بالشأن الإسلامي، بضرورة أن تواجه المؤسسات الدينية كلمات "الطيب" بقدرٍ من الحكمة والتدبر والسعي إلى تنفيذها على أرض الواقع بجدية والبعد عن الشو الإعلامي. وقال الدكتور ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامي: إن شيخ الأزهر، لم يقصد في كلمته دار الإفتاء، وإنما قصد الفتاوى المتواجدة في الوقت الحال، مشيرًا إلى أن الفتاوى المتواجدة في الحياة وكثير منها تفتقد إلى الواقعية". وأشار "إبراهيم" إلى أن دار الافتاء ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر وغيرها من دور الافتاء في العالم لم تستطع أن تصل إلى المواطن العادي والبسيط بحكم مركزيتها، وأن أول ما يفعله هو الذهاب إلى إمام المسجد لأخذ الفتوى منه، ما يتطلب وجود فرع لها في كل محافظة ومدينة، كي تتمكن من تحقيق التطور المنشود لدار الافتاء. ولخص المفكر الإسلامي "روشته" لتأهيل دار الافتاء، بأن يكون هناك تأهيلًا جيدًا لجيلٍ من المفتين والفقهاء الجدد، للجمع بين الواجب والواقع، وأن يتحدثوا بلغة عصرهم، دون أن ينقضا أصول الشريعة؛ ثانيًا إلغاء المركزية، وأن يكون هناك مركز كبير على الأقل في كل محافظة، ويكون هناك مندوبًا للإفتاء فيها؛ إلى جانب تدريب أئمة المساجد على الفتوى، وعمل دورات كل سنتين، واختبارهم في ذلك، لأن المواطن يذهب إلى إمام المسجد ليسأله عن إحدى الفتاوى، فيجب أن يكون الإمام مؤهلًا لذلك؛ مشددًا على تدريب كل أساتذة الجامعات بالأزهر الشريف، كونهم مستفتيين، ويعلمون الطلبة الذين سيكونون في يومٍ من الأيام بعمل الفتوى". وشدد "إبراهيم" على ضرورة إعداد كتب للفقه الحديثة، ويكون هناك إصدارات حديثة، لافتًا إلى أن هناك العديد من الفقهاء المحدثين الذين ألفوا كتبًا في الفقه المعاصر". بينما علق دكتور عبد الحليم منصور، وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، على دعوات الأزهر لثورة إفتائية، قائلًًا: "إن نحن بحاجة إلى تأهيل القائمين على الفتاوي، فمن المعلوم أن للفتوى فروعا في القاهرة والمحافظات، والقائمون على أمر الفتوى في هذه الأماكن يحتاجون دومًا إلى دورات تدريبية وتأهيلية ليكونوا قادرين على مواكبة الجديد، لاسيما في المسائل التي يفرزها الواقع والتطور العلمي الحديث وهذا يحدث بالفعل من خلال الدورات التي تجريها دار الافتاء ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. وأوضح منصور، ل"البوابة"، أن دار الافتاء تصل إلى المواطنين من خلال الإعلام المقروء والمسموع والمرئي من خلال نشر هذه الفتاوي في الصحف والمجلات، ومن خلال البرامج التي يجب أن تخصص لنشر الفتاوى التي تهم المواطنين، ومن خلال إصدار دوريات متتابعة سنوية ونصف سنوية بسعر مناسب لتكون في متناول المواطنين. واستبعد ما يقال عن دعوة الأزهر هي دعوة للتمرد على التراث الإفتائي، موضحًا: "أن لا توجد دعوة للتمرد على التراث الافتائي، ذلك أن التراث يمثل قيمة مهمة في حياة المسلمين والأمة التي لا ماضي لها لا حاضر ولا مستقبل لها، ومن ثم فيجب على المفتين الاستعانة بالتراث فيما يمكن الاستفادة به الآن، مشيرًا إلى أن الأمور المستجدة التي تحتاج إلى تجديد الفكر والفتوى، فيمكن فيها تجديد الفتوى وعدم الاعتماد على الفتاوى القديمة التي بنيت على عرف ماض يناسب ذلك الزمان والمكان القديم، أما اليوم فنظرا لتجدد الاعراف فيحتاج الأمر إلى نظر جديد لتغير ظروف الزمان والمكان واعراف الناس وتطورات حياتهم. وتابع: " أن الفتوى كما يعلم الجميع تتغير بتغير الزمان والمكان والشخص والحادثة، ومعنى ذلك أن الواقع الجديد يفرض امرًا جديدًا، تراعي فيه أحوال الناس وعوائدهم، ونذكر على ذلك مثالا أن النبي جاء إليه شاب يساله عن تقبيل زوجته في نهار رمضان فنهاه ولم يرخص له، وجاء إليه شيخ يسأله عن نفس السؤال فرخص له ذلك يقول الصحابة فنظرنا فإذا الذي منعه شاب وإذا الذي رخص له شيخ على هذا النحو توائم الفتوي حال الناس وظروفهم، فضلا عن مراعاة فقه الواقع، ومحاولة إنزال الفتوى عليه بشكل صحيح حتى تتنزل الفتوى على قلوب المواطنين بردًا وسلامًا". واتهم الدكتور عبد الفتاح إدريس، استاذ الفقه المقارن بالأزهر، الدار بالاهتمام بالشو الإعلامي، والترويج بادعاءات باطلة أنها تستطيع الرد على ألف فتوي يوميًا، وهو أمر مبالغ فيه، قائلًا:" لو صدقت في ادعائها، ما أتانا أحد ليستفتينا"، مطالبًا المسؤولين عنها بأن يعملوا بعيدًا عن الإعلام، وأن يكون هناك تأهيل كافي لبعض رجالها على التواجد بين الناس وافتائهم بصورة صحيحة بعيدًا عن المؤتمرات والشعارات الرنانة.