سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في ثالث أيام حرب العراق على "داعش".. بدء التحرش الطائفي في معركة تحرير الموصل.. البيشمركة الكردية تمنع قوات الحكومة من العبور إلى "بعشيقة" بسبب عبارات شيعية على راياتها
ظهرت قوات الجيش العراقى المتجهة إلى الموصل، وهى حاملة على مدرعاتها ومركباتها أعلامًا ورايات، مكتوب عليها عبارات ذات دلالات شيعية، كما منعت قوات البيشمركة الكردية قوات تابعة للحكومة المركزية من المرور إلى بعشيقة شمال شرقى الموصل بسبب تلك الرايات، ولم يسمحوا لهم بالمرور إلا بعد إزالتها، مما زاد التخوفات من أن تتحول معركة تحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش إلى معركة طائفية بسبب الحشد الشعبى المدعوم من إيران. وبينما مثل رفع تلك الرايات أبرز الاشتباكات على جبهات الموصل بين قوات البيشمركة والقوات العراقية، زاد من صورة الطائفية تلك الهتافات والصياح بأسماء ومدلولات شيعية عند إطلاق القذائف والصواريخ على مواقع «داعش» في الموصل من قبل تلك القوات النظامية. وإثر تلك الاشتباكات، أعرب محللون سياسيون عن تخوف جديد، وهو بدلا من حل ميليشيات الحشد الشعبى بعد القضاء على تنظيم داعش فقد تندمج هذه الميليشيات المسلحة في الجيش النظامى للعراق، وهنا سيصبح الجيش طائفيا بالأساس، بدلا من أن يكون جيشا وطنيا مجردا من أي انتماءات سياسية أو عرقية أو دينية. ويزيد من هذه التخوفات التي بدأت تتحول إلى واقع على مسرح الأحداث، إضفاء الشرعية على ميليشيات الحشد الشعبى من الحكومة العراقية، ووضعها تحت أمرة القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية، بهدف كان أساسه تطهير المواقع والبلدان العراقية التي كانت تحت سيطرة «داعش». ولكن بمجرد السماح لميليشيات الحشد الشعبى بمواجهة «داعش» بصورة رسمية، تحولت فيما بعد المواجهات مع «داعش» إلى أعمال انتقامية طائفية من عناصر الحشد الشعبى ضد المسلمين السنة والمسيحيين، في المناطق التي حرروها من تنظيم داعش، مثلما جرى في محافظة الأنبار وغيرها من المناطق. وفى ظل تعقد المشهد بالطائفية الداخلية، لم يسلم العراق من التدخلات الخارجية الطائفية أيضا التي تبرز من جارتيه، إيران الشيعية، وتركيا السنية، ما أكد الطابع الطائفى لمعركة الموصل، طبقا لمصالح كل دولة ومحاولة فرض هيمنتها، فقد قوبل الوجود التركى في الأراضى العراقية بمعارضة شديدة من الحكومة العراقية، وبشكل خاص من أحزاب الشيعة وزعمائهم، فقد جاءت تركيا بحجة «حماية الأشقاء العرب والتركمان السنة». على الصعيد الإنسانى أصبح التخوف والهلع من جانب المنظمات الدولية يطفو على السطح، بعد أن أعربت الأممالمتحدة عن قلقها من احتمال نزوح وتشريد مليون عراقى من مدينة الموصل، من جراء العمليات العسكرية الجارية هناك، خصوصا أن هناك احتمالا كبيرا أن يطول أمد العملية في ظل وجود ما يقرب من 4000 مسلح من جهادي «داعش»، قد يلجئون في مرحلة قادمة إلى حرب الشوارع والعصابات والمفخخات والقنص. أما التخوف الأكبر فهو ما نبهت إليه منظمة «الصليب الأحمر» من احتمال وارد لاستخدام «داعش» الأسلحة الكيميائية، خصوصا أنه استخدمها في مناطق قريبة من الموصل ضد قوات البيشمركة الكردية من قبل، طبقا لتوماس لوثر، رئيس مكتب منظمة الهجرة الدولية في العراق، الذي أعلن أن المنظمة بدأت في شراء الأقنعة الواقية من الغازات بحسب إمكانياتهم المحدودة. وبدخول المعركة يومها الثالث، تواصل القوات العراقية تقدمها على جميع محاور المدينة، وأعلن الجيش العراقى أنه أصبح على مقربة من مركز المدينة بعد دخوله قضاء الحمدانية. وذكرت قيادة قوات مكافحة الإرهاب أن التحالف يمهد لعملية اقتحام برية لناحية برطلة، وهى من أكبر النواحى شرق الموصل، إلا أن المحور الأصعب في المعركة هو وجود مليون ونصف المليون محاصرين بالموصل ويخشى أن يستخدمهم «داعش» كدروع بشرية. كما تواصل قوات البيشمركة تقدمها بالسيطرة على مزيد من القرى المحيطة بالموصل، تحت غطاء جوى مكثف من طيران التحالف بمشاركة فاعلة من تركيا. من جانبه، أعلن متحدث باسم البنتاجون أن سكان الموصل «محتجزون رغمًا عنهم»، من جانب عناصر تنظيم داعش الذين يستخدمونهم «دروعًا بشرية» على وقع الهجوم الذي تشنه القوات العراقية. وقال جيف ديفيس، إن المدنيين محتجزون في المدينة «منذ أسابيع عدة، ولم نشهد تغييرًا» في هذا الوضع منذ بدء الهجوم الإثنين الماضى. وأضاف: «ليس هناك نزوح كبير للمدنيين، والسبب هو احتجازهم بالقوة». وثمة مخاوف كبيرة على مصير مليون ونصف المليون شخص يعيشون في الموصل خلال المعركة. وطالبت منظمات إنسانية عدة بإقامة ممرات آمنة تتيح للمدنيين الفرار من المعارك، خصوصًا أن القوات العراقية تحاصر المدينة. على صعيد آخر، تلقى مئات المسيحيين في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراقى، خبر تقدم القوات العراقية في مدينتهم قراقوش الواقعة جنوب الموصل بالرقص وإشعال الشموع في الكنائس. بعد أن كانوا اضطروا للفرار منها حين سيطر عليها تنظيم داعش قبل سنتين. وفى كنيسة مار شيمون «مار سمعان» في أربيل احتشد رجال ونساء وأطفال للصلاة على نية تحرير مدينتهم، وقد حمل بعضهم شموعا في أيديهم، قبل أن يخرجوا للاحتفال على وقع الأغانى وحلقات الرقص. وتمكنت القوات العراقية من الدخول إلى قراقوش (15 كلم جنوب شرق الموصل) التي سيطر عليها تنظيم داعش في أغسطس 2014. وسيطرت القوات العراقية على العديد من أحياء قراقوش، لكن مقاتلى تنظيم «داعش» لا يزالون يتحصنون في أحياء أخرى. وقراقوش هي أكبر مدينة مسيحية في العراق، وكان يعيش فيها 50 ألف شخص عشية استيلاء الجهاديين عليها في أغسطس 2014 في هجوم دفع بالغالبية العظمى من أبنائها إلى الفرار. وتتقدم القوات العراقية بصورة رئيسية عبر جبهتين، المحور الجنوبى من الموصل حيث تتحرك قوات حكومية انطلاقا من قاعدة القيارة، والشرقى الذي تتقدم من خلاله قوات البيشمركة الكردية. ومن المحور الجنوبى تتحرك قوات ببطء على امتداد نهر دجلة، وتتطلع للوصول إلى قرية حمام العليل، فيما تنتشر على مقربة من قراقوش.