افتتحت أعمال ورشة العمل "نحو خطاب ديني لمواجهة الفكر التكفيري وإرساء ثقافة السلام.. تشخيص ومعالجة" التي ينظمها المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والأمنية والعسكرية بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية في الفترة من 28 إلى 29 سبتمبر بحضور أربعين شخصية من مختلف الدول العربية وممثلين عن مختلف الأديان والطوائف. ومن الجدير بالذكر أن هذه الورشة تأتي في إطار إستراتيجية مكافحة الإرهاب والفكر التكفيري التي تتبناها مكتبة الإسكندرية منذ العام 2012 داخل مصر وفي جميع الاقطار العربية. ألقت الكلمة الافتتاحية د. بدرة قعلول مدير المركز الدولي٬ وجاء في كلمتها أن هذا الملتقى الاقليمي يسعى إلى تأسيس خطاب ديني معتدل لمواجهة ثقافة التهميش والاقصاء فقد كشفت العديد من الاحصاءات التي قام بها مختصون ما للخطاب الديني المتعصب من دور في تغذية النزاعات سواء بين الديانات السماوية أو داخل الديانة الواحدة. لذا تأتي ضرورة كشف انزلاقات هدا الخطاب والحرص على تنويع المشاركين للخروج بميثاق تونس للخطاب الديني المعتدل من أجل بناء السلام. ورغم أن تونس تعد حاليا في نظر العديد هي المصدر الأول للإرهاب٬ إلا إن هذا الملتقى يأمل في تصحيح صورة تونس كمصدر للسلام. ثم جاءت كلمة لدكتور عبد الجليل بن سليم وزير الدولة للشئون الدينية والذي أطرى على هذا التجمع النخبوي والذي يهدف لمناقشة الخطاب الديني وعلاقته بالشأن العام وهو الموضوع الذي يهم الديانات السماوية والوضعية على حد سواء. وأكد بن سليم على أن حكومة الوحدة الوطنية في تونس وضعت في أولويات ميثاق قرطاج الاهتمام بهدا الموضوع. ودعا الوزير المختصين من جميع المجالات والاختصاصات الاهتمام بدراسة ظاهرة تصدير تونس لعدد أكبر من الجهاديين إلى سوريا. وأشار إلى الدور الكبير الذي لعبته تونس في التاريخ الإسلامي على مستوى التنظير للتاريخ والادب وكونها مهد المذهب المالكي، وبالتالي لا يمكنها إلا إن تنشر الإبداع الفكري والحضاري. ورغم الاضطرابات السائدة في المنطقة العربية، إلا إنها من أكثر المؤهلين لإنجاح التجربة الديمقراطية والقضاء على الإرهاب. كما نوه إلى المحاولات التي تقوم بها الوزارة لاستئناف الدراسة في جامعة الزيتونة. وفي كلمة ممثل الجالية الكاثوليكية بتونس أنطونيو ماتنياس آشار إلى ضرورة ترجمة الآقوال إلى آفعال ومخططات حيث آن السلام لا يبني من خلال المؤتمرات. كما ذكر أنه في 20 سبتمبر الماضي التقى230 فرد من ممثلي الديانات المختلفة في مدينة سيريزي الإيطالية من أجل الصلاة للسلام والاتفاق على محاربة الإرهاب. وجاء هذا الاجتماع انطلاقا من أنه لا توجد ديانة تريد الحرب والدمار. كما أكد على ضرورة أن تمثل مثل هذه الندوات صوت من لا صوت له وتطالب بحقوقهم باسم المحبة والاخوة. واستطرد قائلًا إنه يجب دعوة المتطرفين التونسيين لمراجعة أفكارهم واحتوائهم للسير في سبيل السلام. وأشار الدكتور خالد عزب رئيس قطاع الخدمات والمشروعات المركزية بمكتبة الإسكندرية في كلمته بالجلسة الافتتاحية إلى أن مثل هذه الفعاليات الثقافية تؤكد على آن العمل العربي المشترك لا زال ممكنًآ في ظل تراجع التعاون العربي على مستويات عدة. وأوضح أن الخطاب الديني المعاصر ينبغي له آن يآخذ في الاعتبار السياقات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي نعيشها، ومن ثم يجب علينا بناء فقه الواقع الجديد، أي الاستغتاء عن الخطاب القديم الذي لا يتناسب مع معطيات العصر. كما آشار إلى وجوب قتح حوار صريح وواضح حول التعايش السلمي في المجتمعات العربية الذي يقوم على مبدأ احترام الإنسان وهو من مقاصد الشريعة الإسلامية. وفي ختام كلمته، تمنى من الحضور استغلال فرصة هذا الملتقى للازدياد من المعرفة وتصحيح المغالطات السائدة.