مجددا يفتح مسلسل «المغني» للكينج محمد منير الملف الشائك لمسلسلات السير الذاتية، حيث دائمًا ما يحيط دراما السيرة الذاتية الكثير من القضايا الجدلية والمشاكل الأسرية، تبدأ بالحقوق المادية للورثة، وتمتد لتطرح مدى حقهم في التدخل، سواء بقراءة العمل أو رفض وقبول الإطار الفنى الذي تقدم من خلاله السيرة. ولعل أقدم مسلسلات السيرة الذاتية كان قصة حياة عميد الأدب العربى طه حسين، المأخوذة عن درته الأدبية الأيام، وقد برع أحمد زكى في تقديم دور العميد، وإن كان المسلسل لم يدخل في عمق القضايا الشائكة في حياة العميد، مثل قضية كتابه المثير «في الشعر الجاهلي»، ثم نجد مسلسل العملاق عن حياة العبقرى عباس محمود العقاد، وقدم الدور محمود مرسي، ولكن المسلسل لم يحقق شعبية الأيام، وذلك لاحتواء الأيام على عناصر فنية عديدة، منها قصة نجاح المعاق رغم كل العقبات، ثم الأغانى المعبرة التي كتبها المبدع سيد حجاب وغناها على الحجار بتألق، وبعد أن بدأت المسلسلات بقصص أدباء ومفكرين. وجاء مسلسل أم كلثوم ليقدم نقلة نوعية هائلة في مسلسلات السيرة الذاتية، حيث حقق نجاحا كبيرا، بدءا من اختيار صابرين لتقوم بدور أم كلثوم في مفاجأة غير متوقعة، حيث كان الصراع بين نبيلة عبيد وإلهام شاهين على أشده لتقديم الدور الذي برعت فيه صابرين بشكل جعل المشاهد لا يتخيل أن هناك أحدا غيرها يصلح لتقديم هذا الدور، أما من حيث المضمون فقد حرص السيناريو على إبراز عيوب كل الشخصيات المحيطة بأم كلثوم، لتظهر هي في شكل ملائكي، وهى آفة معظم مسلسلات السيرة الذاتية التي تحرص على مثالية الشخصية، ولينسحب الصراع الدرامى للشخصيات الثانوية، حتى لا يفقد المسلسل بريق المتابعة وعناصر الجذب، وقد شوه مسلسل أم كلثوم شخصية منيرة المهدية لصالح شخصية أم كلثوم، ونتيجة للنجاح الكبير الذي حققه المسلسل افتتحت شهية المنتجين لتقديم سير ذاتية لنجوم آخرين، وجاءت أعمال مثل العندليب عن حياة عبد الحليم حافظ أو السندريلا عن حياة سعاد حسنى أعمالا هزيلة ركيكة لا ترقى أبدًا للمستوى الفنى الجيد، لذلك لم تحظ بإعجاب المشاهد أو تجذبه، وتكرر نفس الأمر في مسلسلات إسماعيل ياسين وليلى مراد، فلم يلقيا النجاح المتوقع، إلا أننا نجد سيرة درامية براقة جاءت في مسلسل أسمهان، قامت بدورها سلاف فواخرجي، الذي نجحت عناصره الفنية في تحقيق الإبهار المطلوب إلى جانب واقعية القصة، حيث لم نجد شخصية مثالية ملائكية كما هي العادة، بل وجدنا حياة إنسانة بكل العيوب. وجاء مسلسل الشحرورة صباح التي قامت بدورها كارول سماحة، ليقدم أيضا سيرة تبريرية للأخطاء الإنسانية، في حين أظهر كبرياء وغرور المطربة نور الهدى لتلمع شخصية صباح كإنسانة بسيطة، وفى هذا الإطار يأتى مسلسل المغنى لمحمد منير، وهو مسلسل لا يفهم المشاهد منه إن كان توثيقا لأن منير يقوم بدوره وطبعا كل الجميلات تقعن في غرامه، وهو أيضا بلا خطيئة، وأقول كفاية توثيق لسير الملائكة.