سعدتُ مؤخرًا بقراءة كتاب "الفنون الكتابية: الكتاب المقدس أعظم وثيقة جمالية" لقداسة البابا تواضروس الثانى، وهو كتاب موسوعى متميز يقع فى 382 صفحة، نُشرت طبعته الأولى عام 2011 ونُشرت طبعته الثانية عام 2014، وهو عبارة عن جانب من دراسة الفنون الكتابية التى يزخر بها الكتاب المقدس، ويقول قداسة البابا فى مقدمة كتابه: "يعتبر الكتاب المقدس وثيقة جمالية بالمقام الأول؛ إذ نجد فيه كل أشكال الجمال ومستوياته، والتذوق الإنسانى لكل الفنون، ودراسة الفنون أحد المتع التى يزخر بها كتابنا المقدس فى عهديه" ويقول قداسته فى موضع آخر: " يستقى علم دراسة الفنون الكتابية كل أصوله وجذوره من شروحات وتفسيرات وتأملات الآباء عبر حياتهم المُعاشة فى الكتاب المقدس، وكيف فهموا الكلمة المقدسة وما فيها من صور جمالية متنوعة ورائعة ومدهشة جعلت أسفار الكتاب المقدس بمثابة "روضة للنفوس" بحسب تعبير القديس يوحنا ذهبى الفم" ويتناول هذا الكتاب مقدمة تمهيدية عن تعريف الفن والفنان، والفرق بين الفن والمهنة وملامح العمل الفنى، بالإضافة إلى سمات العمل الفنى موظفًا ذلك لخدمة وإيضاح الفنون الكتابية؛ ويظهر ذلك بصورة جليّة عندما يعرض قداسة البابا الفنون الكتابية مقسمة إلى قسمين: الأول فنون أدبية مسموعة متمثلة فى النصوص، والثانى فنون جمالية مرئية ملموسة متمثلة فى الخليقة، أما عن الفنون الأدبية فيعرض ويحلل لنا قداسة البابا الفن الشعرى الموزون والفن الحِكَمى المتمثل فى الحِكَم والأمثال، والفن التشريعى المتمثل فى القانون، والفن القصصى المتمثل فى التاريخ، بالإضافة إلى الفن النبوى المتمثل فى النبوات، والفن الرؤيوى المتمثل فى الرؤى، وأخيرًا وليس بآخر الفن الرسائلى المتمثل فى الرسائل. أما عن الفنون الجمالية المرئية والملموسة (الخليقة) فيقدم قداسة البابا تواضروس للقارىء الطبيعة، والفلك، والمملكة النباتية، والمملكة الحيوانية بالإضافة إلى فن الأسماء والأرقام، بل عرض للقارى فن الموسيقى والفن التشيكلى واخيرًا فن الألوان. ويعرض قداسته كل هذه الانواع السابقة الذكر من خلال الكتاب المقدس وهدفه-على حد قوله- بيان مدى الجمال فى الأسفار وما فيها من أحداث وتفاصيل ورموز مخفية بين السطور والتى نصل اليها بالتعبير والدراسة والتأمل.