الاتحاد المنستيري: الزمالك استفسر عن محمود غربال وننتظر العرض الرسمي    طبيب نسا وتوليد ببني سويف يحاول إنهاء حياته بسبب مروره بأزمة نفسية    إسرائيل تقصف جنوب لبنان    مدبولي يصل القاهرة عقب المشاركة في النسخة ال17 لقمة مجموعة «بريكس»    وزير الخارجية الأسبق: العلاقة الأمريكية الإسرائيلية «منحازة» لا متطابقة    السفير الفرنسي بالقاهرة: ندعم مصر في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد    محافظ الغربية: متابعة يومية لإنهاء المشروعات وتحسين الخدمات.. ولن نسمح بأي تباطؤ    أحمد بلال: الأهلي وبيراميدز سيتنافسان على لقب الدوري.. والزمالك في المركز الثالث    الزمالك يكرم أيمن الرمادي ويمنحه درع النادي    استشاري نقل بري: الطريق الدائري الإقليمي ليس مسئولا عن الحوادث    شهيد لقمة العيش.. مصرع شاب في انفجار أسطوانة غاز تكييف بمحافظة دمياط    وزير البترول يبحث أسباب كارثة انقلاب البارج البحري أدمارين 12.. ويوجه بسرعة الانتهاء من التحقيقات ودعم أسر الضحايا    «كلام في السيما» يحتفي بالموسيقار علي إسماعيل بدار الأوبرا    قناة ON تحذف برومو برنامج مها الصغير كلام كبير    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    مرشحان في اليوم الرابع.. 7مرشحين يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس الشيوخ بالأقصر    محافظ الجيزة يعقد اللقاء الأسبوعي لبحث شكاوى المواطنين بعدد من الأحياء    المشدد 10 سنوات لعامل بتهمة حيازة حشيش وقيادته تحت تأثير مخدر بالقليوبية    استشهاد لبناني في غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت سيارة في صيدا    مصر تفوز على تونس وتتوج بالبطولة العربية للسيدات لكرة السلة    السفير التركي: زيارة "بويوكادا" للإسكندرية تجسد تعزيز التعاون العسكري مع مصر    فابيان رويز: نحترم ريال مدريد وسنقاتل على بطاقة نهائي المونديال بأسلوبنا    معتز وعمر وائل يتوجان ببرونزية التتابع في بطولة العالم للخماسي الحديث    مملكة الحرير.. الأشقاء يجتمعون مرة أخرى بعد انتشار الطاعون    التعليم العالي: فتح باب التسجيل بالنسخة الثانية من مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب    رئيس جامعة بنها يتفقد مستشفى الجراحة: تطوير ب350 مليون جنيه لخدمة مليون مواطن سنويا    تطورات الحالة الصحية للإعلامية بسمة وهبة بعد إجراء عملية جراحية    العثور على طبيب مصاب بجرح فى الرقبة داخل مستشفى بنى سويف الجامعى    تعليم الإسماعيلية تؤهل طلاب الثانوية لاختبارات قدرات التربية الموسيقية    شباب عُمان.. تتوج بجائزة مهرجان لوهافر للإبحار بفرنسا    إحالة الأم المتهمة بقتل أطفالها الثلاثة بالشروق للمستشفى النفسي    زحلقنا الأمريكان، مبارك يكشف في فيديو نادر سر رفضه ربط شبكات القاهرة بسنترال رمسيس    كشف حساب مجلس النواب في دور الانعقاد الخامس.. 186 قانونا أقرها البرلمان في دور الانعقاد الخامس.. إقرار 63 اتفاقية دولية.. 2230 طلب إحاطة باللجان النوعية    دينا أبو الخير: الجلوس مع الصالحين سبب للمغفرة    أجواء شديدة الحرارة ورطوبة مرتفعة.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    إصابة 3 أشخاص فى مشاجرة بالأسلحة النارية بقنا    بحوث الإسكان يناقش تخطيط وتنفيذ مشروعات الساحل الشمالي والتغيرات المناخية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير العمل والاطمئنان على المرضى بالمستشفى الجامعي    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة بأقل التكاليف والنتيجة مبهرة    يحيى الفخراني يعود ب"الملك لير" على خشبة المسرح القومي.. عودة تليق بالأسطورة    بعد غياب 8 سنوات.. إليسا ووائل جسار يلتقيان في ليلة الأحاسيس بجدة    الشرطة الإسبانية تكشف نتائج التحقيقات الأولية حول وفاة جوتا    فودافون مصر تعزي "وي" في ضحايا حادث حريق سنترال رمسيس: "قلوبنا معكم"    الخميس.. الأوقاف تنظم 2963 مجلسا دعويا حول آداب دخول المسجد والخروج منه    مدير أوقاف مطروح: آفة العصر إدمان السوشيال ميديا وسوء استخدامها    «الوطنية للانتخابات»: 311 مرشحا لانتخابات الشيوخ على الفردي.. .ولا قوائم حتى اليوم    البحر الأحمر تشدد على تطبيق قرار منع استخدام أكياس البلاستيك وإطلاق حملات لحماية البيئة البحرية    ننشر أسماء أوائل الصف الثالث للتمريض بمحافظة مطروح للعام الدراسي 2024 - 2025    سمير عدلي يطير إلى تونس لترتيب معسكر الأهلي    وزير الكهرباء و"روسآتوم" يتفقدان سير العمل في مشروع المحطة النووية بالضبعة    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    فرص جديدة واستقرار مالي.. اعرف توقعات برج الحوت في الأسبوع الثاني من يوليو 2025    وزارة الأوقاف تخصص 70 مليون جنيه قروضًا حسنة بدون فوائد للعاملين    وفّر في استهلاكك وادفع أقل في فاتورة الكهرباء    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو حادث سير بالطريق الدائري وواقعة السير عكس الاتجاه    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    موعد مباراة تشيلسي وفلومينينسي في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البوابة" تكشف: بيع أسرار صناعة الدواء ل"شركات وهمية"
نشر في البوابة يوم 14 - 10 - 2015

عاملون ب«الإدارة العامة للصيدلة» أنشأوا مكاتب لتهريب «البوكسات» لأصحاب المصانع
أدوية «الفيروسات الكبدية» الأعلى سعرًا.. و«السوفالدى» ب 4 ملايين جنيه و«الهارفونى» ب 5 ملايين
سر التركيبة ب 100 ألف جنيه.. ولا وجود لتشريعات تجرم العملية
قليلون هم الذين يعرفون أن «الدواء» ليس مجرد نشاط استثمارى صناعى أو تجارة يتم خلالها عرض المنتجات والعبوات فى الصيدليات، لكنه عالم مشحون بالغموض وبيزنس تديره شبكات دولية ومراكز بحثية تنفق المليارات وتربح مئات المليارات، فهو نشاط يفوق فى سريته تجارة السلاح والمخدرات.
خبايا هذا البيزنس خرجت خيوطها من بين سطور التحقيقات فى إحدى القضايا، التى تورط فيها صيدلى يدعى «إسلام»، ألقى القبض عليه بتهمة «الاتجار فى ملفات الدواء»، أما القصة فتقول تفاصيلها إن الصيدلى أنشأ موقعا إلكترونيا لتسويق وبيع المعلومات الخاصة بتصنيع الدواء ومكوناته مقابل مبالغ مالية حسب الاتفاق وعوائد الصفقة.
كان من الممكن أن يتم التعامل مع قضية الصيدلى على أنها واحدة من القضايا العادية التى تحقق فيها نيابة الأموال العامة العليا، غير أن ما جاء فى أوراق المحضر رقم 452 لسنة 2015 وما جاء بمذكرة التحريات رقم 546 المعروضة على نيابة الأموال العامة بشأن القضية، فتح الباب على مصراعيه لتدفق الأسرار وأزاح الستار عن الغموض الذى أحاط بهذا البيزنس.
كشفت التحقيقات عن أن بعض الموظفين فى الإدارة العامة للصيادلة، قاموا بإنشاء مكاتب تسجيل بالمخالفة للقانون غرضها بيع معلومات «البوكسات» التى تحتوى على تركيبة الدواء ومواصفاته والمادة الفعالة به إلى بعض أصحاب الشركات والمصانع الذين يقومون بدورهم بالتقدم بملف جديد لتصنيع هذا الدواء، فيما عرف ب «صفقات تصنيع الدواء».
بيزنس البوكسات
خمسة أطراف تتصارع حول «البوكسات»، هى «المصانع والصيدليات والشركات ونقابة الصيادلة والإدارة المركزية للشئون الصيدلية المتمثلة فى وزارة الصحة»، وبمجرد فتح باب التسجيل لعلاج جديد قبل تداوله رسمياً بالأسواق، يشتعل الصراع بين الشركات سواء التى تمتلك مصانع ومعامل خاصة أو المصنعة لدى الغير على إنتاج العقار، البعض يمارسه بطرق ملتوية، خاصة أن الصندوق الخاص بتسجيل المثائل يسمح فقط ب12 مثيلاً مع ازدحام السوق بالشركات، والبالغة 1200 شركة مسجلة بمصر، تتسابق جميعاً للحجز أولاً، وهناك شركات تتنافس للدخول فى «بوكس» الدواء، دون أن تكون لديها نية إنتاج المستحضر، وتستغل الدخول للمتاجرة به بالملايين، فى حين أن سعره لا يتجاوز أكثر من 30 ألف جنيه.
ووصل بيزنس بيع «البوكسات» إلى وجود مواقع إلكترونية وإعلانات على «فيس بوك» تروج لبيع «البوكسات» التى تحتوى على تركيبات الأدوية، وتختلف الأسعار باختلاف نوع الدواء وبالتالى المرض الذى يعالجه، وتحتل أدوية علاج الفيروسات مرتبة متقدمة بين النوعيات المعروضة للبيع، خاصة فيروسات الكبد نظرا لارتفاع أثمان الأدوية المعالجة لها.
الطريقة المتبعة فى هذه التجارة المشبوهة تقوم على استحواذ إحدى الشركات على مكان فى «بوكس التسجيل» بالإدارة المركزية لشئون الصيدلة، بحيث تصبح هذه الشركة مالكة لحق إنتاج عقار معين، ثم تقوم ببيع الملف بملايين الجنيهات.
لم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للمصانع التى تستحوذ على ملفات تصنيع أحد أنواع الأدوية ثم يباع المصنع بملفاته «الجمل بما حمل» بملايين الدولارات، ووصلت آخر صفقة لشركة مشهورة إلى 800 مليون دولار، المتضرر الوحيد من هذه التجارة ليست الشركات التى لا تتعامل بنفس الطريقة أو تتاح لشركات بعينها دون غيرها أو المصانع التى تمثل سبوبة كبرى للشركات العالمية، ولكنه الاتجار بآمال المرضى وحقهم فى حصولهم على الجرعة الدوائية، والتى لا يتم إنتاجها بسبب الأماكن الوهمية التى يتم حجزها فى صندوق تسجيل الأدوية أو احتكار إحدى الشركات العالمية لإنتاج العقار وبيعه بأثمان باهظة.
قواعد اللعبة هى العلاقات الشخصية وشراء المعلومات التى يتم تسربيها من داخل الإدارة المركزية لشئون الصيدلة، وتباع المعلومة أو «سر التركيبة» ب 100 ألف جنيه سواء للشركات أو المصانع، والغريب أن كل المعلومات عن الشركات والمصانع التى تتاجر فى المعلومات الدوائية موجودة داخل الإدارة المركزية لشئون الصيدلة، لكنها لم تتحرك رغم أن عمليات البيع تتم جهارا نهارا.
تسجيل الدواء بنظام البوكسات أو الصناديق
نظام إنتاج الدواء فى مصر القائم على نظام البوكسات أو الصناديق، بمعنى أن كل صنف له أصناف مثيلة، فكل «صندوق للصنف الدوائي» يسجل وفقا لنظامين فقط هو «12 أو 3 شركات يسمح لها بالتقدم للإدارة المركزية لشئون الصيدلة إلى أن ينتهى تسجيل الشركات المتقدمة خلال 10 دقائق أو ساعة واحدة على حسب المنافسة والسرعة فى التسجيل».
وبعد حجز الشركات ملفات الدواء باسمها، تصبح مالكة الحق فى إنتاجه، وتسدد الرسوم المطلوبة والإجراءات، بعدها يتم بيع الملفات بملايين الجنيهات كما حدث فى السوفالدى، أوعقار الهارفونى الذى أدرجته وزارة الصحة حديثا لمرضى الالتهاب الكبدى الوبائى ووصل سعر ملفه ما بين 10 إلى 15 مليون جنيه.
كما يتوقف سعر الملف على حسب السعر الذى حصل عليه، فكلما كانت تسعيرته أقل زاد سعر الملف، فمثلا الدواء الذى يحصل على تسعير 20 جنيها كسعر بيع للمستهلك، يصل بيع ملفه لنحو 3 ملايين جنيه، ومثيله لنفس النوع المسعر للمستهلك ب 30 جنيها يتم بيعه ب 2 مليون جنيه.
وتنشط هذه التجارة بين شركات «التول» أى شركات الأدوية المصنعة لدى الغير، والتى وصل عددها ل 1200 شركة، أما الشركات التى تقوم بالتصنيع فعليا فلا يتجاوز عددها 500 شركة فقط، بخلاف المصانع، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تحول لتجارة مشروعة على صفحات الإنترنت لبيع ملفات الدواء بالأسعار والعروض والأصناف الدوائية والأدوية الإكسبير «منتهية الصلاحية» بإشراف من بعض الصيادلة مثل موقع http://www.files.egyreg.com/
الحيلة الملعونة
وتلجأ الشركات والمصانع لتسجيل عدد كبير من الشركات لزيادة فرص استعلامها، حيث لا يسمح باستعلام الشركات إلا مرة كل 3 شهور، أما المصانع فيسمح لها بالاستعلام مرتين فى الشهر.
تجارة ملفات الدواء شأنها كباقى أنواع التجارة تخضع لقانون العرض والطلب، وأسباب انتعاشها هو تحديد عمليات إنتاج المستحضرات الدوائية داخل الشركات، وهى بدعة مصرية لأن هذا التحديد يصب فى صالح شركات بعينها، على عكس النظام العالمى الذى لا يسمح بتحديد عمليات الإنتاج، وما يستتبعها من تجارة فى تركيبات الأدوية، حسبما قال الدكتور محمد أشرف نائب رئيس شعبة الدواء.
وأشار «أشرف» إلى أنه لا بد من وجود وسيلة عرض إلكترونية لتوفير المعلومات بكل شفافية فى نظام التسجيل، بالإضافة لسياسات التسعير الخاطئة من خلال تسعير الدواء ب 3 و4 جنيهات على الرغم من ارتفاع أسعار الإنتاج، ما يتسبب فى تكبد الشركات لخسائر فادحة، فتتهرب لتسجيل أكبر عدد من الملفات للدواء وتتاجر فى عدد منها، وتنتج ملفا أو ملفين فى السنة حتى لا تقوم وزارة الصحة بإغلاقها.
كما تتم زيادة 20٪ من سعر الدواء كلما تأخر تسجيل رقم الملف لنفس الصنف الدوائي، فتختلف الأسعار ما بين 30 و40 و50 جنيها لنفس الصنف ما يشعل أسعار الملفات لتصل لملايين الجنيهات.
فيما يقول الدكتور محمد سعودى وكيل نقابة الصيادلة إن هذا النوع من التجارة يتجاوز عشرات الملايين من الجنيهات، وتتم أمام الجميع جهارا نهارا، أما السبب فهو عدم وجود تشريعات أو قوانين تجرم القيام بهذا النشاط، لذلك يحق لأى شركة بيع إخطارات التسجيل طالما تملك حقوقه ولها سجل تجارى وبطاقة ضريبية، كما تلجأ المصانع لتسجيل عدد أكبر من الشركات، كما هو الحال فى مصنع «فاركو» الذى يمتلك 3 شركات، لزيادة فرص التسجيل وحجز أماكن وهمية فى الصندوق الدوائي، إضافة إلى إسناد تسجيل الدواء فى مصر لجهتين هما الإدارة المركزية لشئون الصيادلة والمعهد القومى للتغذية، مطالبا بإنشاء هيئة عليا لشئون الدواء منفصلة عن وزارة الصحة.
وفى نفس السياق يقول الدكتور حلمى الضلع نقيب شركات الدواء، إن هذه التجارة ليست حكرا على الشركات فقط، بل هناك بعض المصانع لها أكثر من شركة تستخدمها لتسجيل أكثر من صنف دوائى فى الشهر، وبعد امتلاك الإخطار تبيع الملف عن طريق تسجيل إجراءات التنازل فى الشهر العقارى بأسعار رمزية للتهرب من الضرائب، كما أن الشركات والأصناف والأسعار كلها متاحة على الإنترنت، وعلى سبيل المثال وصل قيمة ملف «السوفالدى» ل4 ملايين جنيه والهارفونى ما بين 4 و5 ملايين جنيه.
ويفجر الضلع مفاجأة حين أكد أنه أرسل لرئيس الإدارة المركزية ومساعد الوزير لشئون الصيادلة قائمة بأسماء الشركات وأصناف الدواء التى تتم المتاجرة ببيع ملفاتها، وكان رده أن جهات سيادية أبلغته بهذه التجارة وحذرت من غياب القوانين والتشريعات التى تجرمها، وأضاف أنه يمكن لوزارة الصحة محاربة هذه التجارة بمنع تسجيل شركات جديدة، وعدم السماح لأى شركة بالتسجيل لملفات جديدة إلا بعد عمل 3 تشغيلات من الملفات التى سجلتها.
وأرجع الدكتور على عوف «رئيس شعبة الدواء» سبب انتشار هذه التجارة إلى سوء تقديم المعلومات المطلوبة فى الإدارة نفسها، علاوة على بيع المصانع وخاصة بعد امتلاكها لملفات دوائية تقدر بملايين الجنيهات، كما أن قيمة المصانع لا تتوقف على أصولها أو ماكينات الدواء، ولكن ترجع لقيمة الملفات الدوائية التى تمتلكها، بدليل أنه تم عرض مصنع للأدوية بمنطقة برج العرب بلغت قيمته السوقية 110 آلاف جنيه فقط، ولكن بعد تقدير قيمة الملفات الدوائية التى من المفترض أن ينتجها وصل سعره ل200 مليون جنيه.
فيما أكد الدكتور «حلمى الضلع» أن عمليات الاستحواذ وبيع الكيان ككل «الجمل بما حمل» خارج نطاق التجريم، فتلجأ الشركات لإنشاء مصانع ثم تستحوذ على ملفات وتسوقها للتحول لمجرد بوابة لتداول الملفات الدوائية بملايين الدولارات لصالح الشركات العالمية.
ويؤكد الدكتور «على عوف» أن السياسات الحالية تصب فى صالح الشركات العالمية التى تستحوذ على 58٪ من السوق الدوائية المصرية ومرشحة لتصل ل80٪ خلال السنوات الخمس القادمة، ما يمثل خطرا داهما على صناعة الدواء فى مصر، وخاصة فى أن ولاء هذه الشركات لبلادها فى المقام الأول والمرضى المصريين لا يمثلون لهم 1٪ من اهتماماتهم.
الصحة ترد
واجهنا الدكتور طارق سالمان رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيادلة بالمعلومات التى تدور حول بيع ملفات الدواء بعد تسجيلها فى الإدارة المركزية للصيدلة، فقال: «لا بد أن نوضح بعض النقاط فيما يخص مسألة بيع المستحضرات الصيدلية وما يثار حولها من لغط، فيعتبر المستحضر الصيدلى طبقا للقانون والقرارات الوزارية المنظمة لعملية تسجيل المستحضرات الصيدلية هو أصل من أصول الشركة صاحبة المستحضر ولها الحق فى التعامل عليه من حيث البيع أو الشراء، وعليه فإن دور الإدارة المركزية للشئون الصيدلية ينحصر حول منع استغلال القانون بصورة غير مناسبة، ومراقبة سوق الدواء لعدم الدخول فى أى صورة من صور الممارسات الاحتكارية، ونحن نحرص على وضع الضمانات التى تحكم تلك الممارسات حتى لا يساء استخدامها، كمنع عملية نقل ملكية المستحضرات التى ما زالت تحت التسجيل بالإضافة إلى ما تم اتخاذه من إجراءات احترازية فى القرار الوزارى الجديد رقم 425 لسنة 2015 المنظم لتسجيل المستحضرات الصيدلية البشرية، حيث اشترط عدم جواز نقل ملكية المستحضر الصيدلى المسجل إلا بعد مرور ثلاث سنوات على تاريخ تداوله بسوق الدواء المصرية، بالإضافة إلى كثير من الضمانات التى تضمنها هذا القرار من حيث ضمان إثبات الجدية من قبل الشركات التى تتقدم لتسجيل المستحضرات الصيدلية ودرءاً لمنع نقص أى مستحضر صيدلى يؤثر على صحة المريض».
وعن الجهود التى تتخذها الإدارة حول إتاحة المعلومات للتسجيل للجميع وبشكل واضح، قال «سالمان» إنه طبقا لما هو متبع وثابت فإن القوانين والقرارت الوزارية المنظمة لعملية تسجيل المستحضرات الصيدلية البشرية يتم نشرها فى الجريدة الرسمية فور إصدارها، وتكون متاحة للجميع هذا بالإضافة إلى أن جميع مراحل التسجيل لها لوائح تنفيذية يتم إبلاغ الشركات بها دوريا عن طريق الموقع الرسمى للإدارة المركزية للشئون الصيدلية وعن طريق البريد الإلكترونى الخاص بالشركات، وذلك تطبيقا لمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص، أما فيما يخص إتاحة المعلومات الخاصة بالمستحضرات الصيدلية فإنه بالفعل تم إنجاز قاعدة البيانات الخاصة بالمستحضرات الصيدلية المسجلة وهى إيضا متاحة على الموقع الرسمى للإدارة المركزية للشئون الصيدلية، كما أنه جار العمل على مشروع ميكنة إجراءات التسجيل بداية من التقدم بطلب الاستعلام لتسجيل المستحضر الصيدلى حتى الحصول على الرخصة التسويقية.
ويواصل «سالمان» لا بد أن نعرف ضخامة حجم سوق الدواء المصرية واعتباره من الأسواق الرائدة فى مصر والشرق الأوسط، حيث يبلغ عدد المصانع المرخصة «141» ويوجد «76» مصنعا تحت الإنشاء و«1095» شركة تول «تصنيع لدى الغير»، هذا بالإضافة إلى المستوردين للأدوية، كما يحق لكل مصنع قائم أو تحت الإنشاء التقدم بطلبين شهريا للاستعلام عن تسجيل أدوية بشرية، وطلب واحد لكل شركة تول أو وكيل مستورد لشركة أجنبية، ما يزيد عدد الطلبات التى تقارب «600» طلب استعلام لتسجيل أدوية بشرية شهريا.
وعن إنشاء شركات لزيادة فرص الاستفسار عن التسجيل، أكد «سالمان» أنه ليس من اختصاص الإدارة المركزية للشئون الصيدلية النظر فى تكوين الشركة من الناحية القانونية أو التجارية، حيث إنه يوجد قوانين يتم إنشاء هذه الشركات بموجبها، وما يعيننا فى المقام الأول هو النظر فى الهيكل التنظيمى لهذه الشركات ومدى توافقه مع الاشتراطات الصيدلية المنظمة لذلك، ويتم العمل حاليا على تقييم بعض هذه الاشتراطات الواجب توافرها لإنشاء الشركات بحيث يتم ضمان توافر جودة الخدمة وطرح دواء آمن وفعال بسعر تنافسى.
وأكد «سالمان» أنه طبقا للقرار الوزارى 425 لسنة 2015 فإنه يتم إلغاء إخطار التسجيل وسحب ترخيص المستحضر إذا لم يتم الإنتاج للمستحضرات المصنعة محليا أو الاستيراد للمستحضرات المستوردة، وذلك خلال 18 شهرا من تاريخ إصدار إخطار التسجيل النهائى طبقا لتقرير يتم تقديمه من الإدارة العامة للتفتيش الصيدلي، كما أنه يتم إلغاء تسجيل المستحضر الصيدلى إذا لم يتم الإنتاج بصفة متصلة لمدة عامين من تاريخ انتهاء صلاحية آخر تشغيلة إنتاجية.
الدكتور محمد عزب العرب المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء وصف الموضوع ب «بيزنس المناولة»، وهو مصطلح دارج يطلق على قيام المستثمر بضخ أموال فى إنشاء مشروع وبيعه بمجرد انتهاء التراخيص وخروج الإنتاج إلى السوق، وفى سوق الدواء انتشر هذا البيزنس على مستويين الأول من خلال الاتجار فى ملفات الدواء من قبل الشركات التى لا تملك مصانع، وتصّنع لدى الغير، وتقوم تلك الشركات بالحصول على تراخيص إنتاج الأدوية ثم تقوم ببيع الملفات التى بحوزتها بأرباح تصل إلى 500٪.
وقال «عز العرب» إن منظومة صناعة الدواء فى مصر تواجه تحديا خطيرا يتمثل فى انتشار ظاهرة عمليات تجارة وبيع الملفات الدوائية ويجب أن يعرف الجميع أن الدواء ليس كأى سلعة أخرى فهو سلعة استراتيجية يجب ألا تخضع للعرض والطلب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.