تواجه جهود المصالحة التي تبنتها الحكومة السودانية، لوقف العدائيات بين القبائل المتنازعة بولايات دارفور، وكردفان، والنيل الأزرق، صعوبات كبيرة، نظرا لتجدد الاشتباكات القبلية والصراعات المسلحة بين الحين والأخر، على الرغم من توقيع اتفاقيات مصالحة، ووجود تعهدات من زعماء تلك القبائل بوقف نزيف الدم واللجوء للحوار، لحل الخلافات التي تطرأ دون عنف مسلح. ويبرز الانتهاك الصارخ لاتفاق المصالحة في دارفور، في أبهى صوره، بين قبيلتي “,”الرزيقات والمعاليا“,”- بشرق دارفور- فعلى الرغم من التوقيع على وثيقة المصالحة خلال أغسطس الماضي، بحضور النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه، لوقف نزيف الدم بين الطرفين، ما لبثت أن تجددت الاشتباكات من جديد، في اليومين الماضين، مما أدى لمصرع وإصابة نحو 86 شخصا من القبيلتين. كما جاءت دعوة الرئيس السوداني عمر البشير، بالقضاء على كافة الصراعات والنزاعات القبلية والجهوية بالولايات السودانية، خلال العام القادم 2014، والتي أعلنها مؤخرا، لتصطدم بتجدد تلك الصراعات القبلية من جديد، فضلا عن اندلاع مظاهرات غاضبة بولاية جنوب دارفور، احتجاجا على الغياب الأمني بالولاية، وسقوط ضحايا على أيدي عصابات مسلحة. ويؤكد المراقبون أن انتشار الأسلحة المتطورة، يعد من أبرز أسباب ارتفاع الضحايا في المواجهات بين قبيلتي “,”الرزيقات والمعاليا“,” نظرا للطريقة العشوائية التي تم بها تشكيل قوات “,”شبه نظامية“,” مما أدى لتفشي ظاهرة الاقتتال القبلي، وارتفاع أعداد الضحايا. وأشاروا إلى أن الصراعات القبلية المسلحة بين قبائل دارفور أدت إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في هذا الإقليم، الذي يقع في غرب السودان وتبلغ مساحته أكثر من نصف مليون كيلو متر مربع، ويقترب عدد سكانه من ستة ملايين نسمة، أغلبهم يمتهنون الرعي والزراعة. وتجلت صراعات القبائل في دارفور بين الرعاة والمزارعين، غذتها الانتماءات القبلية لكل طرف، واغلبها نزاعات على الموارد الطبيعية وتملك الأراضي، فضلا عن ادعاءات تملك الأبقار والثروة الحيوانية خاصة بين القبائل الحدودية مع دولة تشاد، كما راجت في إقليم دارفور بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة تجارة السلاح بمختلف أنواعه، مما أدى إلى تأزم المواقف واشتداد حدة الصراع القبلي نتيجة ازدياد أعداد لضحايا الذين يتساقطون بفعل التمادي المفرط وغير المبرر في استخدام الأسلحة، حتى في النزاعات البسيطة مما زاد من تفاقم المشكلات، وصعب من محاولات المصالحة التي غالبا ما تبوء بالفشل. ويقول والي ولاية شرق دارفور عبد الحميد موسى كاشا إن اتفاقيات المصالحة بين القبيلتين تمت بالفعل بمشاركة الفصائل المتنازعة، واشتملت على وقف العدائيات وحفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، مشيرا إلى أننا نعمل مع مختلف الجهات الأمنية المعنية ومع ووالي ولاية شمال دارفور، لدعم تلك لمصالحة لكي نقطع الطريق على الحركات المسلحة المتمردة التي تسعى لإفشال أي محاولة تساهم في عودة الاستقرار للإقليم. وأوضح كاشا أن صمود الاتفاق بين القبيلتين مهدد كما يقال“,” بشيطان التفاصيل“,” خاصة فيما يتعلق بفرض هيبة الدولة في مناطق النزاعات ونشر قوات محايدة بتلك المناطق لحماية المواطنين وممتلكاتهم. ولم يقتصر الأمر على الأزمة المتعلقة بإقليم دارفور على الساحة الداخلية للسودان، بل تعدى للاهتمام الأوروبي، حيث استضافت العاصمة الفرنسية باريس خلال اليومين الماضيين، اجتماعا للحركات الدارفورية، شارك فيه عدد من قيادات الحركات الموقعة على اتفاق السلام ووثيقة الدوحة لسلام دارفور، والذي خلص إلى ضرورة توحيد الجبهة الداخلية للإقليم، من خلال سرعة توحيد الفصائل والحركات في جسم واحد بحلول عام2014، كما تناول الاجتماع رؤى الحركات وتصوراتها حيال مستقبل العمل العسكري بدارفور، كما أوصوا بفصل الحركات الدارفورية عن قطاع الشمال. واستشعرت المنظمات الأوروبية المشرفة على الاجتماع حالة من الإحباط إزاء العملية السلمية في دارفور بعد عامين من توقيع “,”اتفاق الدوحة“,” وازدياد الأعمال العدائية والصراع بين القبائل، كما تشهد الدوحة - في نفس السياق - بعد غد الإثنين الاجتماع السادس الخاص بلجنة متابعة تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام بإقليم دارفور لبحث سبل إعادة الإعمار والتنمية بالإقليم. /أ ش أ/