أضحت المرافق الطبية هدفا متكررا لهجمات نظام الرئيس السوري بشار الاسد في قمعه للثوار المطالبين بإنهاء حكمه خلال عمر الثورة الذي تجاوز العامين ونصف العام ، وتشير تقارير دولية الى ان نظام الاسد دمر نحو ثلث المستشفيات السورية إضافة الى اعتقال المئات من العاملين فيها. وقالت صحيفة “,”الجارديان“,” البريطانية الاثنين ان مجموعة من 55 من الأطباء وأصحاب المهن الطبية، بما في ذلك ثلاثة من الحائزين على جائزة نوبل، يحذرون من أن نظام الرعاية الصحية في سوريا يوشك على الانهيار بسبب الهجمات على المستشفيات، واعتقال العاملين الذين بدأوا في الفرار من البلاد، ومنع المنظمات الإنسانية من الوصول إلى المرضى، وتابعت الصحيفة ان تحذير الاطباء جاء في رسالة تنشرها مجلة “,” لانسيت “,” الطبية البريطانية يوم الجمعة ، وتقول الرسالة أن أجزاء كبيرة من سوريا معزولة تماما عن أي شكل من أشكال المساعدة الطبية ، ويقول الموقعون على الرسالة ينتمون الى قارات العالم الخمس، ان الأرقام تشير الى ان 469 العاملين في مجال الصحة مسجونون حاليا كما أن 15 ألف طبيب فروا من البلاد، ففي مدينة حلب، اكبر مدن سورية يوجد 36 طبيب فقط مقارنة بخمسة آلاف قبل بدء الحرب الأهلية. واضاف الاطباء “,”اننا نشعر بالفزع إزاء عدم حصول المدنيين المتضررين على الرعاية الصحية، والاستهداف المتعمد للمرافق الطبية والأفراد ، انه من واجب مهنتنا الأخلاقي والمعنوي توفير العلاج والرعاية لأي شخص في حاجة اليه، وعندما لا نستطيع أن نفعل ذلك شخصيا ، فنحن مضطرون للتحدث علنا لدعم اولئك الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة المنقذة للحياة “,”. واشارت الجارديان الى ان الموقعين على الخطاب من دول لديها وجهات نظر مختلفة حول الأزمة في سوريا، بما في ذلك روسيا، الصين، البرازيل، الولاياتالمتحدة، والمملكة المتحدة. وقال الموقعون على البيان أن التركيز الحالي على التدخل العسكري ، في أعقاب الهجوم بالأسلحة الكيميائية على ضواحي دمشق الشهر الماضي ، لا يجب ان يقلل من الحاجة لمساعدة ضحايا النزاع. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فقد تم تدمير 37٪ من المستشفيات السورية كما اصيبت 20٪ من المستشفيات بأضرار بالغة ، ويقول الموقعون ان النساء يلدن دون مساعدة طبية، ويتم اجراء العمليات الجراحية لإنقاذ الحياة من دون مخدر، ولا يتم تطعيم الأطفال وضحايا العنف الجنسي لا يجدون مكانا يلجأون إليه، كما أن المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، بما في ذلك السرطان، لا يتلقون أي رعاية ، وكان هناك بالفعل وباء الحصبة الذي يجتاح بعض مناطق شمال سوريا، وزيادة مقلقة في حالات الإسهال الحاد وتابعت الرسالة انه “,”لتخفيف الضرر الواقع على المدنيين من هذا الصراع والهجمات المتعمدة على نظام الرعاية الصحية ، ودعم زملائنا، نحن ندعو الحكومة السورية وجميع الأطراف المسلحة للامتناع عن مهاجمة المستشفيات وسيارات الإسعاف والمرافق الطبية والإمدادات والمهنيين الصحيين والمرضى “,”. ويطالب الأطباء الموقعون على الرسالة بحصول المرضى على العلاج وبمحاسبة مرتكبي هذه الهجمات ، وتقول الرسالة انه يتعين على الحكومات الداعمة الطرفين المتناحرين في الحرب الأهلية استخدام نفوذها لوقف الاعتداءات وعلي الجهات المانحة الدولية والأمم المتحدة أن تفعل المزيد لزيادة الدعم لشبكات الطبية السورية . وفي تقرير لوكالة “,”إنتر برس سيرفس“,” في مايو الماضي، قالت الوكالة ان نظام الأسد محا ثلث المستشفيات في البلاد. وقالت الوكالة ان الرعاية الصحية في سوريا عقبات كبيرة ، نظراً لأن نظام الصحة العامة في سوريا قد تم تفكيكه الى حد كبير بعد إستهدافه من قبل نظام الأسد ،وأكدت الوكالة ان نظام الرعاية الصحية قد أصبح هدفاً متعمداً في القتال الدائر في سوريا، مما يشكل تحديات رئيسية في وجه التصدي للأزمات الإنسانية ومشاكل اللاجئين الصحية الناتجة عن هذه الحرب . ووفقاً لتصريحات ستيفن كورنيش - المدير التنفيذي لمنظمة “,”أطباء بلا حدود“,” في كندا - مؤخراً في حلقة نقاش في واشنطن، “,”إن الهجمات المنهجية في سوريا قد خدمت بالتأكيد الغرض منها“,”. و أضاف ، “,”لقد تسببت (هذه الهجمات) في هروب العديد من العاملين في المجال الطبي، وتدمير أعداد كبيرة من المستشفيات وتوقف خدمات الرعاية الصحية العامة بقدر كبير “,” . ووفقاً لمركز توثيق الإنتهاكات، وهي منظمة حقوقية سورية مقرها دمشق، فإن 469 من العاملين في مجال الصحة مسجونون حالياً في سوريا ، ويقدر توم بوليكي - الزميل البارز في معهد الأبحاث “,”مجلس العلاقات الخارجية“,” بواشنطن- أن حوالي 30,000 طبيب سوري قد خرجوا من البلاد . وفي تقرير شهر مارس، إتهمت لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا نظام الأسد وجماعات المعارضة بالإستهداف الإستراتيجي للمرافق الطبية والعاملين على حد سواء. ومثل هذه الهجمات محظورة بموجب إتفاقيات جنيف التي تمنح المستشفيات والطواقم الطبية كامل الحماية من النيران المعادية . هذا ولا يتسبب إستهداف نظام الرعاية الصحية السوري فقط في حرمان من المصابين خلال المعارك من الرعاية اللازمة وعلى وجه السرعة، ولكنه أدى أيضا إلى تفاقم أزمة الصحة العامة الناجمة عن سوء الأحوال المعيشية لمخيمات اللاجئين خارج سوريا وبالإضافة إلى الاستهداف المنظم للمرافق الطبية السورية، تذكر التقارير أنه يجري “,”تفكيكها“,” لخدمة الأغراض العسكرية . كما يقول الخبراء فإن العاملين في مجال الصحة قد أصبحوا غير مجهزين للتعامل مع هذه المشاكل المتزايدة، كما يجري تقويض قدراتهم بسبب الشكوك في ولائهم . وبينما تحاول المنظمات الإنسانية إيجاد حلول للتحديات الصحية والمساعدات الإنسانية، يبدو المراقبون متحدين في دعوتهم للمجتمع الدولي لزيادة الضغط على كلا الجانبين لإيقاف هجماتهم على المستشفيات والطواقم الطبية واحترام المعايير الإنسانية الدولية.