تقارير رقابية: شراء معدات بالملايين دون استخدام وإنشاء مراكز إرسال بلا جدوى تخصيص المشروعات بالأمر المباشر والقيادات الحالية تتجاهل الكارثة رغم وجود أخطاء ومخالفات «كبيرة» طبقا للتقارير الرقابية التى حصلت «البوابة» على نسخة منها فإن هناك 14.5 مليون جنيه تم إهدارها على مدار عقود متتالية فى إنشاء مراكز إرسال دون جدوى وتجهيزها بمعدات لا يتم است خدامها، علاوة على وجود مراكز وهمية لا أثر لها فى الواقع رغم وجودها على الأوراق كلفت خزانة الدولة ما يقرب من 700 ألف جنيه مقابل إنشائها، وعندما ذهبت إحدى الجهات الرقابية لفحص هذه المراكز لم تجدها على أرض الواقع. الشبيكات البداية من منطقة الشبيكات التابعة لمدينة مطروح، والتى أفادت التقارير الرقابية التى تم وضعها على مكتب عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون أنه تم إهدار نحو 42 مليون جنيه فى إنشاء مركز الإرسال الإذاعى والتليفزيونى بها، ليتم استخدامه لاحقا كموقع ناقل للإشارة بين مركزى إرسال سيدى برانى والسلوم. اللافت، بحسب ما ورد فى التقارير، أنه بعد إنشاء الموقع والانتهاء من جميع التجهيزات الخاصة به فى الفترة من عام 1999 إلى 2002، تبين عدم وجود جدوى من إنشائه فى تلك المنطقة النائية والخالية من أى تجمعات سكنية، خاصة أن المسافة بين مدينتى السلوم وسيدى برانى لا تتجاوز 80 كيلو مترا، ويتم تغطيتها بالخدمات الإذاعية والتليفزيونية من قبل مراكز الإرسال الموجودة فعليا فى المدينتين. المعلومات الخاصة بمركز الشبيكات توضح أن هذا المركز تم تشغيله عام 2005 كناقل للإشارة عن طريق استخدام الطاقة الشمسية نظرا لعدم وجود كهرباء فى هذه المنطقة النائية، وذلك بعد أن قام اتحاد الإذاعة والتليفزيون حينها بتوفير جميع التجهيزات الكهربائية الكاملة التى يتم تجهيزها لمراكز الإرسال الضخمة ليكتشف بعد ذلك عدم وجود كهرباء فى المنطقة نهائيا. وقام اتحاد الإذاعة والتليفزيون بالتوسع فى تجهيز الموقع بكافة التجهيزات مثل المبانى والاستراحات وغرف للأمن وصالات استقبال وعنابر لسكن العاملين وغرف للمحركات وغرف مواتير مياه وعدد 6 خزانات مياه شرب وإطفاء الحريق ولوحات كهربائية وأعمدة إنارة، وغيرها من الأمور التى تستدعى وجود معيشة فى هذه المنطقة النائية، غير أن الموقع يعمل ذاتيا بالطاقة الشمسية ولا يوجد به سوى فردين فقط للحراسة من بدو المنطقة، ولا يوجد أى أمن حقيقى تابع للاتحاد. رصدت تحقيقات الجهات الرقابية أنه نظرا للعوامل البيئية المحيطة بالموقع وكون المركز يقع على هضبة مرتفعة تبعد عن الطريق الرئيسى مسافة 2 كيلو متر، وعدم وجود طريق ممهد للوصول له فإن المبانى تعرضت للتشققات والشروخ بعد تجهيزها بتجهيزات فاخرة من رخام وزجاج وغيرهما، كما كشفت عن وجود خلل فى قاعدة الصارى الموجودة بالمركز، كما أن الكثبان الرملية غزت المكان بالكامل من الداخل والخارج وتعدى البدو على الموقع. الأغرب من المعلومات الواردة من الجهات الرقابية كان رد فعل القائمين على ماسبيرو الذين تجاهلوا تأكيد الجهات الرقابية على ضرورة دراسة كيفية استغلال مقومات الموقع الصالحة فى مواقع أخرى، بدلا من الصحراء، فتم تحويل الموضوع بالكامل إلى هيئة الرقابة الإدارية ونيابة الأموال العامة بالإسكندرية للتولى التحقيق فى الأمر قانونيا. مراكز إرسال غير مستغلة حالة أخرى من الإهمال وإهدار نحو 102 مليون جنيه من المال العام فى مراكز إرسال غير مستغلة وتكهين جميع المحطات العاملة بها، ومن أبرز هذه المراكز «مركز الإرسال الإذاعى.. الموجة المتوسطة AM بالغردقة» والذى أهدر بسببه 47 مليون جنيه تتمثل فى تكلفة إنشائه وضمنها 18 مليون جنيه قيمة الأصول المضافة فى 30/6/2010 عن عمليات استكمال وتدعيم وتجديد منشآت المركز. كشفت التقارير الرقابية أن المركز خضع لأكثر من عملية تدعيم وتجديد لمنشآته، وتم الاستلام النهائى للموقع بتاريخ 25 نوفمبر 2011، وأكدت التقارير أن استلام المركز كان ظاهريا فقط لعدم التخصص طبقا لما ورد بمذكرة مدير عام إرسال منطقة البحر الأحمر، والتى طلب خلالها إخلاء مسئوليته بخصوص عدم مطابقة المنفذ الفعلى بالمشروع للمواصفات القياسية، وطالب بتحميل المسئولية لمشروعات المباني، خاصة بعد انفجار تانك المياه الخاص بنظام الإطفاء الآلى للحرائق، مما ترتب عليه استخدام الطفايات اليدوية. المفاجأة أنه بتاريخ 20 أغسطس 2013 تم فك وتكهين جميع المحطات العاملة بالمركز والتى وصل عددها إلى 4 من طراز HARRIES، وذلك طبقا لمذكرة رئيس منطقة شمال الوجه القبلى والبحر الأحمر، ومنذ ذلك الحين أصبح المركز الذى تكلف 47 مليون جنيه دون استخدام، وتم نقل العاملين به لمركز آخر داخل الغردقة. مراكز إرسال أخرى تسكنها الأشباح أدى العمل دون خطة واضحة إلى إهدار 16 مليون جنيه من خلال «مركز الإرسال الإذاعى الموجة المتوسطة AM برأس غارب»، وفى 1 ديسمبر 2013 تم تكهين جميع المحطات العاملة بالمركز من طراز HARRIES، وتم نقل العاملين به إلى مركز الإرسال التليفزيونى برأس غارب، وأصبحت المبانى والمنشآت الكائنة خالية لا يسكنها سوى الأشباح، كما كشفت التقارير الرقابية أيضا عن إهدار ما يقرب من 650 ألف جنيه تتمثل فى تكلفة إنشاء مركز الإرسال الإذاعى بإدفو، وهو المركز المتوقف عن العمل تماما. وعلى نفس المنوال تكلف إنشاء مركز الإرسال الإذاعى ببرانيس 988 ألف جنيه طبقا لتقارير الجهات الرقابية، وتم تفكيك معداته وتكهينها فى 26 نوفمبر 2013 بعد تهالكها وتوقفها عن العمل تماما بسبب الإهمال، وتبلغ قوة العمل الفعلية لمحطات المركز أقل من «100 وات» فى حين أن القوة الافتراضية لتشغيلها تتطلب «2000 وات» على الأقل. هذا بالإضافة إلى مركز الإرسال الإذاعى بسيوة والذى تكلف مليون جنيه لإنشائه، إلا أن التقارير الرقابية رصدت تهالكه وعدم صلاحيته للعمل، ومحطة الإرسال الإذاعى بالسلوم والتى تكلفت نحو 571 ألف جنيه، لم يتم استغلالها أو تشغيلها، وأكدت التقارير الرقابية أن هذه المراكز جميعها متوقفة عن العمل منذ 4 سنوات ولم يتم استغلالها، ونفس الحال فى مركز الإرسال الإذاعى بالأنفوشى والذى تكلفت مبانيه وحدها نحو 187 ألف جنيه، إضافة إلى مبلغ 485 ألف جنيه قيمة محطات وأجهزة ومعدات بالمركز، فرغم صدور قرار بتاريخ 1 يونيو 2008 من مجلس الأمناء بوقف هذا المركز بناء على موافقة كتابية من وزير الإعلام الأسبق أنس الفقى، إلا أن الأمر لم ينفذ حتى الآن ولم يتم تحويل المركز إلى مركز احتياطى للإرسال التليفزيونى بالإسكندرية، ويتم استخدامه كمخزن لحلقة السمك المجاورة للمركز. مراكز وهمية.. سرقة علني تكشف التقارير التى يتجاهل ماسبيرو التعامل معها أن هناك عددا من مراكز الإرسال الوهمية التى لا وجود لها إلا فى الدفاتر والأوراق فقط ولا وجود حقيقى لها على أرض الواقع، وتكلفت ميزانيات هذه المراكز فى الأوراق والمستندات ما يزيد على 600 ألف جنيه، فعندما ذهب ممثلو إحدى الجهات الرقابية لمعاينة هذه المواقع لم يجدوها على أرض الواقع. الغريب فى الأمر أن جميع المراكز الموجودة على الأوراق فقط مكانها الساحل الشمالي، ومنها مركز بمارينا تكلف ما يزيد على 200 ألف جنيه، بالإضافة لمركز آخر بعجيبة تكلف ما يزيد على نصف مليون جنيه، ومركز أخير يوجد بسيدى كرير تكلف ما يقرب من 6 آلاف جنيه، ووصل إجمالى هذه المبالغ إلى ما يزيد على 600 ألف جنيه، وكشفت مصادر خاصة ل«البوابة» أن تجهيزات هذه الأماكن من معدات وشاشات عرض وغيرها دخلت إلى الفيلات الخاصة برئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ووزير الإعلام الأسبق أنس الفقى، فى الساحل الشمالي. وبتاريخ 7 يونيه 2007، تم إسناد مشروع إنشاء مراكز إرسال بالمقطم، لشركة وادى النيل للمقاولات، بموجب أمر إسناد 98/3، وقيمة التعاقد كانت فى البداية 45 مليونا و250 ألف جنيه، ومدة تنفيذ المشروع 18 شهرا طبقا لبنود التعاقد، اعتبارا من تاريخ تسليم الموقع خال من العوائق والموانع والذى تم فى 15 نوفمبر 2007، إلا أن الفساد الإدارى والمالى جعل اتحاد الإذاعة والتليفزيون يقبل تعديل القيمة التعاقدية للمشروع بإضافة 87 مليون جنيه ليصبح إجمالى القيمة التعاقدية بنحو 54 مليون جنيه بعد التعديل، وذلك بعد ظهور خطأ فى حسابات كميات الحديد المثبتة بمقايسة الأعمال، كما تم مد فترة التنفيذ لتصبح 43 شهرا بدلا من 18 شهرا، لتنتهى بذلك فى يونيه 2011، إلا أن الشركة الخاصة أوقفت العمل بموافقة رئيس مجلس الأمناء حينها، بحجة تأخر صرف مستحقات الشركة، وهو الأمر الذى ثبت فيما بعد مخالفته للحقيقة، حيث سدد اتحاد الإذاعة والتليفزيون 268 مليون جنيه تحت حساب دفعات مقدمة. ومن أبرز وقائع الفساد فى الصفقة، هو تعاقد اتحاد الإذاعة والتليفزيون مع مركز دعم التصميمات المعمارية والهندسية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، بأتعاب 47 ألف جنيه شهريا للإشراف على المشروع، وذلك رغم وجود إدارة مركزية لمشروعات المبانى تتبع اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وترتب على عدم تحرى الدقة فى الدراسات اللازمة للمشروع إهدار 11339 مليون جنيه بسبب زيادة كميات من المواد المستخدمة دون دراسة، هذا بالإضافة لإسناد توريد مهمات المشروع بالأمر المباشر لنفس الشركة القائمة عليه بمخالفة القانون، وكانت الإلحاقات فى أمر الإسناد بتكلفة 4949 مليون جنيه. وكشفت التقارير الرقابية وجهات التحقيق أنه رغم تشكيل لجنة من اتحاد الإذاعة والتليفزيون لمتابعة تنفيذ الأعمال، وبخلاف المكتب الاستشارى الذى تم التعاقد معه بالمخالفة للوائح الاتحاد، إلا أنه قد تبين وجود تحفظات وملاحظات شابت تنفيذ المشروع وتم إلحاقها بمحضر الاستلام الابتدائى بتاريخ 27/6/2011 وعددها 32 ورقة تضم ملاحظات، ورغم منح الشركة مدة شهرين لتلافى هذه الملاحظات، إلا أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون تحمل تكلفة الإصلاحات مرة أخرى رغم أن المتسبب بها الشركة المنفذة للمشروع، وسدد الاتحاد ما يقرب من 850 ألف جنيه، كما قام الاتحاد بصرف أتعاب الاستشارى خلال شهرين بعد الانتهاء من المشروع. العجيب فى الأمر، أنه رغم كل التجاوزات بالمشروع، إلا أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون وافق على زيادة مستحقات الشركة المنفذة للمشروع بإضافة مبلغ 348 ألف جنيه تحت مسمى «تعويضات ومستحقات المقاولين»، وهذا غير مقيد بمحاضر أعمال اللجنة المشكلة من ممثلى الجهات المعنية. وكشف تقرير رقابى أنه رغم ضخامة التكلفة الاستثمارية لمركز الإرسال الإذاعى والتليفزيونى الجديد بالمقطم، والتى بلغت بسجلات الأصول الثابتة نحو 117 مليونا و645 ألف جنيه، إلا أنه تبين بعد الفحص فى فبراير 2015 أن المشروع لم يحقق أى مردود أو عائدا اقتصاديا، وأصبح المركز يمثل طاقة عاطلة، وفقا لمحاضر الإثبات المحررة فى فبراير 2015 والتى رصدت وفصّلت الكوارث وراء هذا المشروع الفاشل، أهمها كان عدم الاستغلال الأمثل للاستديو المرئى الموجود بالطابق الأول بمبنى المركز، حيث يقدم من خلاله برنامجا واحدا فقط بمعدل تشغيل ساعتين فى اليوم، على الرغم من التكلفة الباهظة جراء تجهيز استديو فائق الجودة بموجب تعاقدات متعددة.