استطاع الكاتب والشاعر الراحل إبراهيم المازني، أن يفرض نفسه وسط عمالقة جيله، وتميّز أسلوبه بسخرية لم تكن معهودة في ذلك الوقت، وتحرر شعره من القيود والقوالب الثابتة، وكان جمعه بين الثقافة الإنجليزية والعربية سببًا في المفهوم الجديد الذي شارك في وضعه للأدب العربي الحديث. ولد إبراهيم عبد القادر المازني عام 1889 في القاهرة، ويرجع نسبه إلى قرية كوم مازن بمركز تلا بمحافظة المنوفية بعد تخرجه من المدرسة الثانوية كان يُريد دراسة الطب أسوة بأحد أقاربه، ولكنه ما إن دخل صالة التشريح فقد وعيه، واتجه بعدها إلى دراسة الحقوق التي زادت مصاريفها، فاضطر إلى الالتحاق بمدرسة المعلمين. عمل المازني بعد تخرجه بالتدريس، ولكنه ما لبث أن ضاق بقيود الوظيفة، إضافة إلى بعض الوشايات، فاعتزل التدريس وعمل بالصحافة حتى يستطيع أن يكتب بحرية، فعمل بجريدة الأخبار مع أمين الرافعي، ثم محرر بجريدة السياسة الأسبوعية، وجريدة البلاغ مع عبد القادر حمزة، وانتشرت كتاباته ومقالاته في العديد من المجلات والصحف الأسبوعية والشهرية، كذلك قام بترجمة العديد من الأشعار من الإنجليزية إلى العربية، وتم انتخابه عضوًا في كل من مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمي العربي. اطلع المازني على العديد من الكتب الخاصة بالأدب العربي القديم، وكذلك الأدب الإنجليزي، وعمل على قراءة كتب الفلسفة والاجتماع، وقام بترجمة الكثير من الشعر والنثر إلى العربية حتى قال العقاد عنه "إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أديبًا واحدًا يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعرًا ونثرًا"؛ كذلك يُعّد من رواد مدرسة الديوان وأحد مؤسسيها مع عبد الرحمن شكري، وعباس العقاد، وتحرر في شعره من الأوزان والقوافي، ودعا إلى كتابة الشعر المرسل؛ في الوقت نفسه اتجه المازني للنثر، وأدخل في أشعاره وكتاباته بعض المعاني المقتبسة من الأدب الغربي، وتميز أسلوبه بالسخرية والفكاهة، لتأخذ كتاباته الطابع الساخر، وعرض من خلال أعماله الواقع الذي كان يعيش فيه من أشخاص أو تجارب شخصية، أو من خلال حياة المجتمع المصري في هذه الفترة، وكان ذلك برؤيته الخاصة بعيدًا عن التكلفات الشعرية والأدبية. توقف المازني عن كتابة الشعر بعد صدور ديوانه الثاني عام 1917، واتجه إلى كتابة القصة والمقال، لكنه قدم العديد من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة منها روايتي "إبراهيم الكاتب، وإبراهيم الثاني "، ومقالات "أحاديث المازني"، و"الجديد في الأدب العربي" بالاشتراك مع طه حسين وآخرين، وحديث الإذاعة بالاشتراك مع عباس محمود العقاد وآخرين، كما نال كتاب "الديوان في الأدب والنقد" الذي أصدره مع العقاد عام 1921 شهرة واسعة، كما قام بترجمة مختارات من القصص الإنجليزي، وترك إرثًا كبيرًا قبل أن يتوفيَّ المازني في التاسع من أغسطس عام 1949.