"ليلة القدر" هي ليلة سالمة آمنة حتى مطلع الفجر، وهي من الليالي التي فضل فيها المولى عز وجل الدعاء وجعل كل ساعاتها استجابة، وتعد من أهم الليالي والتي تأتي في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، وفيها أنزلت أول الآيات القرآنية على النبي محمد عليه الصلاة والسلام. وذكر الشيخ ابن عثيمين أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة، فالعلامات المقارنة منها: قوة الإضاءة والنور وطمأنينة القلب وانشراح الصدر من المؤمن والرياح تكون فيها ساكنة. وأما العلامات اللاحقة فذكر منها أن الشمس تطلع في صبيحتها من غير شعاع، ودلل لذلك بحديث أبي بن كعب أنه قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها" وأن المسلمين يكونوا محبين وهادئين وفي راحة. وسميت ليلة القدر بذلك الاسم لأنها تحمل عدة معانٍ في كلمة واحدة، القدر بمعنى المنزلة وذلك في قوله تعالى "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ". القدر بمعنى الحكم في قوله تعالى "وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا". القدر بمعنى المساواة في قوله تعالي "عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ". القدر بمعنى الحساب والقياس في قوله تعالي "وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ". القدر بمعنى القوة والتمكن في قوله تعالى "إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ". والدعاء ليلة القدر كما أوصى نبي الله صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: "يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني". ومن أفضال هذه الليلة، أنها ليلة العظمة والقدرة وذلك في قوله تعالى "وما نريهم من آية إلا وهي أكبر من أختها". كما أنها ليلة النور على نور في قوله تعالى "تنزل الملائكة والروح فيها"، حيث تنزل الملائكة بأعداد كبيرة وينزل معها الروح الذي جعله الله من نور، وطبقا للأبحاث التي أجريت فإن ليلة القدر تأتي في ليلة الأربعاء التي خلق الله فيها النور، ويكون الاحتفال بنزول النور (القرآن) في هذه الليلة. وهي ليلة العبادة الجماعية وذلك في قوله تعالى "تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا". وليلة توزيع الخير في قوله تعالى "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ". وليلة الحسابات الدقيقة، حيث تبين فيها معرفة السنوات القمرية بدقة ووجد 3 أنواع من السنوات القمرية، سنة 355 يومًا، وسنة 354 يومًا، وسنة 353 يومًا، وتأتي الأخيرة كل 8 سنوات. وكذلك ليلة السلام والأمن وذلك في قوله تعالي "سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ".