تستضيف إيطاليا يوم الجمعة القادمة الاحتفال بيوم البيئة العالمي 2015 تحت شعار "7 مليارات حلم في كوكب الأرض .. فلنستهلك بعناية" حيث سيركز يوم البيئة العالمي هذا العام على ضرورة احترام القدرة الاستيعابية للكوكب وإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة، وجميع الجوانب التي لها أهمية قصوى إذا كنا نريد حقا ضمان الرخاء والرفاهية على مستوى العالم . وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد حددت عام 1972 يوم 5 يونيو للاحتفال بيوم البيئة العالمي. ويعد يوم البيئة العالمي بمثابة الأداة الرئيسية التي تحفز الأممالمتحدة من خلالها الوعي العالمي بشأن البيئة، وتشجع الاهتمام والعمل السياسي بشأن البيئة، كما يعطي منظورا إنسانيا للقضايا البيئية، لتمكين الناس ليصبحوا عوامل نشطة لتحقيق التنمية المستدامة، كما يدافع عن الشراكات متعددة أصحاب المصلحة في دعم البيئة. وأشار غيان لوكا وزير البيئة الإيطالي إلى أنه لشرف لإيطاليا للعمل جنبا إلى جنب مع برنامج الأممالمتحدة للبيئة لقيادة الاحتفالات العالمية ليوم البيئة العالمي لعام 2015. وقال لوكا، إنني أؤمن بشدة بالمنافع التي توفرها نماذج الاستهلاك والإنتاج المستدامين من حيث الفرص الاقتصادية، والشمولية، والعمالة، والمرونة وجودة الحياة. وقال "لدينا فرصة فريدة للاستفادة من النطاق الدولي والمتعددة الأبعاد الذي يوفره معرض إكسبو ميلانو لعام 2015 لتحفيز التفكير والعمل بصورة أكبر بشأن هذه الموضوعات في ضوء القرارات الحاسمة التي سيتم اتخاذها في وقت لاحق من هذا العام مثل: وضع جدول أعمال التنمية لفترة ما بعد عام 2015 في سبتمبر، واتفاق جديد بشأن تغير المناخ في ديسمبر". ومن جانبه، أشار أكيم شتاينر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة إلى أن الدول الصناعية تعد مسئولة عن الجزء الأكبر من استهلاك الموارد في العالم، إلا أن أنماط الاستهلاك غير المستدامة أصبحت أكثر انتشارا في جميع أنحاء العالم، مع توقع إضافة 3 مليارات مستهلك من الطبقة المتوسطة إلى عدد سكان العالم بحلول عام 2030، ويأتي الكثير منهم من بلدان ذات اقتصادات ناشئة. وقال شتاينر "يعد إنتاج الغذاء من أكثر الأمثلة وضوحا لأنماط الاستهلاك غير المستدامة، مع إهدار 1.3 مليار طن من المواد الغذائية سنويا، في حين يعاني ما يقرب من مليار شخص من نقص التغذية .. وتعد هذه هى القضية التي يساعد برنامج الأممالمتحدة للبيئة في معالجتها مع شركاء مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) من خلال حملة مشتركة لمكافحة إهدار الطعام وهى حملة ( فكر. وكل. ووفر)، ونحن سعداء لتركيز موضوع معرض إكسبو 2015 أيضا على النظم الغذائية المستدامة". وأضاف "أن يوم البيئة العالمي يوفر لنا فرصة هامة لتحديد الحلول لإعادة هندسة الثقافة الاستهلاكية لدينا من أجل إنشاء مجتمع مستدام يكون لديه ما يكفي للعيش بشكل جيد مع البقاء ضمن قدرة الكوكب على التجدد. لقد حان الوقت للنظر بجدية في أفعالنا التي تؤثر على كوكبنا وصحتنا، ومستقبلنا، ومستقبل أطفالنا". ويشير تقرير أحدث دراسة علمية حذرت من أن موارد الغذاء على كوكب الأرض قد وصلت إلى أقصى مداها، مما يهدد العالم الذي يزداد عدد سكانه بسرعة بالمجاعة. وأشارت الدراسة إلى أن قمة إنتاج الغذاء قد تحققت فعلا لعدد كثير من أهم المحاصيل والأغذية التي يعتمد عليها الإنسان ابتداء من الذرة والأرز والقمح وانتهاء بالدجاج واللحوم، ما يعني أن إنتاجها العام يقل تدريجيا. ووجدت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعتي يل وميتشيغان الأميركيتين ومركز هلمهولتز الألماني للدراسات البيئة أن إنتاج 16 من أصل 21 نوعا من الغذاء الأساسي للإنسان قد وصل إلى قمته بين أعوام 1988 و2008. وتدنى بالفعل إنتاج أغذية أساسية مثل البيض واللحوم والخضراوات وفول الصويا. فقد وصل إنتاج الدجاج إلى قمته عام 2006، بينما وصل إنتاج كل من الحليب والقمح إلى قمته عام 2004، ووصل الأرز إلى ذلك عام 1988. وقال الباحثون إن الجانب الخطير في تدهور إنتاج الغذاء يتمثل في أن الغذاء الأساسي للإنسان قد بدأ بالنضوب خلال فترة تاريخية قصيرة نسبيا. ويعني وصول الإنتاج إلى قمته أنه يبدأ في التباطؤ وليس الانحسار، إلا أنه ومع ذلك يعتبر مؤشرا رئيسيا على فقدان القوة الإنتاجية الدافعة للحصول على ذلك الغذاء. وأرجعت الدراسة هذا التدني في إنتاج الغذاء إلى ازدياد استهلاكه نتيجة زيادة عدد سكان العالم وانحسار الأراضي الزراعية لبناء المساكن، وتقدم الصناعة وشق الطرق. ورغم أن الباحثين في ميدان الغذاء غالبا ما يتكلمون عن استبدال غذاء بآخر، أي أنه وحالما يأخذ غذاء ما بالنضوب فإنه يمكن التوجه إلى استخدام غذاء آخر، فإن جيانغو جاك ليو الباحث في جامعة ميتشيغان المشارك في الدراسة قال إن المشكلة تتمثل في أننا نشهد اليوم نضوب عدة أنواع من الغذاء في وقت واحد، وعلى البشرية أن تتقبل حقيقة أننا نصل إلى قمة إنتاجنا من الغذاء المتجدد. بدوره، قال رالف سيبلت الباحث في مركز هلمهولتز، لقد وجدنا قمة محددة لإنتاج 9 من 10 أنواع من المحاصيل الزراعية التي تغذي العالم أي أن المحاصيل وحتى الأنواع المتجددة منها لن تستمر إلى الأبد في إنتاجها. ويتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9 مليارات نسمة عام 2050 ما يتطلب ضعف ما ينتجه العالم من الغذاء حاليا وفق تقديرات أكاديمية كاليفورنيا للعلوم، خصوصا مع توسع شريحة الطبقات المتوسطة في الصين والهند وازدياد استهلاكها للحوم التي يتطلب إنتاجها استغلال أراض أكثر غالبيتها زراعية. وقال باحثو أكاديمية الغذاء إنه من الصعب مضاعفة إنتاج الغذاء في العالم إلا أنه من الأسهل تقليل هدره الذي تصل نسبته إلى أكثر من 30 % من كل الغذاء المنتج. ودعا عدد من العلماء إلى إدراج قضية الأمن الغذائي العالمي ضمن أبرز القطاعات التي تتعرض للتهديد بفعل التبدلات المناخية الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، مشيرين إلى أن الخطر بات يتهدد الإنجاز الأساسي للبشر خلال مسيرتهم التاريخية، وهو نجاحهم في إنتاج الغذاء بكميات كبيرة. وزاد من أهمية التحذير الذي أطلقه العلماء عبر رسالة في دورية "العلوم" واقع أن عدد البشر تجاوز قبل أشهر حاجز 7 مليارات نسمة، وهو مرشح للتزايد في وقت تتراجع فيه الموارد الطبيعية. وقال جون بدنغتون كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، وهو أحد المساهمين في الرسالة يجب على قطاع الزراعة العالمي أن يتمكن من إنتاج المزيد من الأغذية لتلبية متطلبات الأعداد المتنامية من البشر، ومن ذلك يشير العلماء إلى التبدلات المناخية وخطرها المتزايد على الزراعة والغذاء. وأشار التقرير إلى أن تأثيرات المناخ ظهرت خلال الصيف المنصرم من خلال موجات الجفاف القاسية التي ضربت مناطق في الصومال والولايات المتحدة، والتي نتج عنها مجاعة كبيرة في القرن الأفريقي. ولكن الجفاف ليس العامل الوحيد، بل يمكن لارتفاع حرارة الأرض التسبب بزيادة نسب الرطوبة، ما يؤدي خلال الشتاء إلى عواصف مدمرة وفيضانات كما جرى في باكستان عام 2010، ما أدى إلى مقتل الآلاف وتدمير المحاصيل الزراعية ورفع أسعار المواد الغذائية الأولية إلى معدلات غير مسبوقة حول العالم. وأرجع التقرير ذلك إلى تزايد نسب الكربون في الجو مما قد يؤدي إلى تدمير المحاصيل إلى جانب استخدام مصادر المياه المستنزفة بشدة لأغراض صناعية أو لخدمة المزارع المتخصصة بإنتاج اللحوم. وتشير أحدث تقديرات منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "فاو" إلى أن العالم يحتاج زيادة الإنتاج الغذائي 60% عام 2050، بهدف تلبية احتياجات سكان العالم الذين سيبلغ عددهم نحو 9 مليارات نسمة. ودعا جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام للمنظمة، إلى ضرورة إحداث نقلة نوعية في إنتاج الغذاء لمواجهة التحدي المتمثل في إشباع المزيد من سكان الكرة الأرضية، مع استخدام أقل من موارد الأراضي والمياه والطاقة، ثمة حاجة إلى تضافر الجهود وتعبئة استثمارات لدعم واسع النطاق على امتداد العالم للتحول إلى نظم الزراعة المستدامة وتحسين الممارسات لإدارة الأراضي. وأوضح دا سيلفا، أن تغير المناخ وزيادة التنافس بين المواد الغذائية وغير الغذائية من المنتجات الزراعية مثل استخدامات الطاقة الحيوية، يطرح تحديات أشد تعقيدا بالنسبة لمستقبل التغذية. وقال إن النظم الغذائية في العالم يتعين أن ترتقي إلى مستويات كفاءة أعلى بكثير في استخدامها للموارد الطبيعية، وخصوصا في حالة المياه والطاقة والأراضي بما في ذلك الحد من الخسائر الغذائية والهدر، داعيا إلى بذل الجهود لحماية وحفظ واستعادة الموارد الطبيعية، والتنوع البيولوجي، ووظيفية النظم الأيكولوجية وذلك لمواجهة الزيادة السكانية. ويشير تقرير الأممالمتحدة إلى أنه في عام 2011، تجاوز عدد سكان العالم 7 مليارات نسمة، وفيما بين عامي 2010 و2014، ازداد عدد سكان العالم بمعدل 1.2% سنويا. وأضاف التقرير أن أفريقيا وآسيا ستكونان مسئولتين عن 90 % من النمو السكاني في العالم فيما بين عامي 2014 و2050، وسيحدث نحو 40% من النمو السكاني في أقل البلدان نموا في العالم. وطرحت الأممالمتحدة 5 أهداف رئيسية استراتيجية لتركيز أنشطتها وتوجيه عملها، وتشمل النهوض بقطاعات الزراعة والغابات ومصايد الأسماك كي تصبح أكثر إنتاجية واستدامة، وتمكين عمليات التحول إلى تطبيق نظم زراعية وغذائية أعلى كفاءة. وتلفت أحدث تقديرات الفاو إلى استمرار انخفاض مستويات الجوع في العالم، إذ يقدر أن حوالي 805 ملايين شخص كانوا يعانون من نقص التغذية المزمن في الفترة 2012-2014، وذلك أقل بأكثر من 100 مليون مما كان عليه الوضع على مدى العقد الماضي، وأقل بما قدره 209 ملايين مما كان عليه الوضع في الفترة 1990- 1992. كذلك انخفض معدل انتشار نقص التغذية في الفترة ذاتها من 18.7% إلى 11.3% على المستوى العالمي. وأوضحت الفاو أن نصف سكان العالم يعانون من نقص سوء التغذية، من بينهم 160 مليون طفل دون الخامسة يعانون من التقزم الغذائي (قصر القامة الناتج عن سوء التغذية)، بينما يعاني أكثر من مليار شخص من نقص المغذيات الدقيقة، فيما تغلب السمنة على نصف مليار غيرهم. وقد نبهت تقارير الفاو إلى إهدار 30% من إجمالي الإنتاج الغذائي العالمي سنويا، وهو ما يعادل 1.3 مليار طن من المواد الغذائية التي تكفي لتلبية احتياجات ملياري نسمة. وقال نائب رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ميشال مورداسيني "إن الفاقد من الغذاء يظل مرتفعا على نحو لا يمكن القبول به، ويضر أساسا صغار المزارعين الأشد عرضة لآثاره، وشدد مورداسيني على ضرورة أن تتاح الحلول الممكنة لهذا الإهدار بأسعار معقولة لجميع المزارعين، خاصة الصغار. من جهتها، أكدت ماريا هيلينا سيميدو، نائبة المدير العام لشئون الموارد الطبيعية لدى "فاو"، أن عدم هدر المواد الغذائية يعني أيضا عدم هدر الموارد المستخدمة في إنتاجها. وألحت سيميدو على ضرورة الحد من الهدر والخسائر عن طريق تلافي العوامل المؤدية إلى ذلك، وفي المقام الأول أن يصبح هذا الهدف أولوية للجميع، لا سيما أن أكثر من 800 مليون شخص في العالم ما زالوا يعانون الجوع يوميا. وقال هيرويوكي كونوما المدير العام المساعد للمنظمة في منطقة آسيا والمحيط الهادي إن الطلب على الغذاء سيرتفع سريعا خلال العقود القليلة المقبلة مع تجاوز عدد سكان العالم 9 مليارات نسمة وتحسن الأنظمة الغذائية مع تزايد الثراء. لكن مع تزايد الحاجة لمزيد من الغذاء ينخفض إنفاق العالم على البحوث الزراعية وهو ما دفع كثيرا من العلماء للتشكيك في إمكانية أن يجاري إنتاج الغذاء نمو الطلب عليه. ونبه كونوما من أنه إذا فشلنا في تحقيق هدفنا وحدث نقص في الغذاء ستظهر مجددا مخاطر الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والحروب الأهلية والإرهاب وقد يتأثر أمن العالم برمته. وأضاف أن التحدي ملح بشكل خاص في الدول النامية التي تحتاج لزيادة محاصيلها بنسبة مذهلة تبلغ 77 %. وأوضح أن أكثر من نصف مليار شخص سوف يقعون فريسة للجوع المزمن في منطقة آسيا والمحيط الهادي حتى إذا أنجزت المنطقة أهداف الألفية للتنمية الرامية لخفض نسبة الفقراء إلى 12% من السكان. وبرغم التقدم في مكافحة الفقر عالميا لا يزال نحو 842 مليون شخص في العالم يعانون من سوء التغذية، ويعيش نحو ثلثيهم في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ويعاني 1 من بين كل 4 أطفال تحت سن الخامسة من ضعف النمو بسبب سوء التغذية. وحددت الفاو خيارين رئيسيين هما زيادة مساحة الأراضي القابلة للزراعة وتعزيز معدل الإنتاجية. لكن الأراضي القابلة للزراعة المتاحة مستغلة بالكامل تقريبا كما تباطأت معدلات نمو الإنتاج خلال العقدين الماضيين. وخلال الثورة الخضراء في الثمانينيات زادت إنتاجية الأرز والقمح 3.5% سنويا لكن المعدل انحصر بين 0.6 و0.8% خلال 20عاما الماضية. ويتدهور الأمن المائي في دول كبيرة منتجة للغذاء مثل الصين وينجذب كثير من المزارعين للتحول من إنتاج الغذاء إلى إنتاج الطاقة الحيوية وهو خيار يحظى بالقبول لخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي تتسبب بدورها في التغير المناخي. ويتدهور الوضع بسبب تغير المناخ حيث تؤدي الأحوال الجوية السيئة إلى تدمير المحاصيل. ففي الأعوام الثلاثة الماضية منيت كل من أستراليا وكندا والصين وروسيا والولايات المتحدة بخسائر كبيرة في المحاصيل بسبب الفيضانات وموجات الجفاف. وتقول الفاو إن الأسعار تهديد آخر للأمن الغذائي حيث يحد ارتفاع وتقلب أسعار الغذاء من قدرة الفقراء على الحصول على الغذاء في حين يتسبب ارتفاع أسعار النفط في تضخم تكلفة الإنتاج. وقد أعلن البنك الدولي في أحدث تقريرعن «مراقبة أسعار الغذاء» أن العالم يفقد أو يهدر الربع أو ما يصل إلى الثلث من كل ما ينتجه من غذاء للاستهلاك البشري، وذلك استنادا إلى تقديرات منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" ومعهد الموارد العالمية. وفي المناطق التي يتفشى فيها نقص التغذية مثل أفريقيا وجنوب آسيا، يعادل هذا الفاقد المذهل 400 إلى 500 سعر حراري للفرد يوميا وما يصل إلى 1520 سعرا حراريا في العالم المتقدم. ويوضح جيم يونغ كيم رئيس مجموعة البنك الدولي عن هذا الوضع أن مقدار الغذاء الذي يفقد أو يهدر على مستوى العالم يبعث على الشعور بالخزي، فملايين من الناس في أنحاء العالم يخلدون إلى النوم كل ليلة وهم جوعى، ومع ذلك فإن ملايين الأطنان من الغذاء ينتهي بها المطاف في صناديق القمامة أو تفسد في الطريق إلى الأسواق. ويجب علينا معالجة هذه المشكلة في كل بلد من أجل تحسين الأمن الغذائي وإنهاء الفقر. ويشير تقرير مراقبة أسعار الغذاء إلى أن أسعار الغذاء العالمية انخفضت 3 % خلال ربع العام الماضي لكنها مازالت قريبة من ذروتها التاريخية وذلك لارتفاع الغلة من محاصيل القمح والذرة والأرز إلى مستويات قياسية، وزيادة المعروض، وارتفاع المخزونات العالمية. وسجلت أسعار الغذاء المحلية كالعادة تفاوتا كبيرا فيما بين البلدان، مع استمرار استقرار الأسعار في عدد من المناطق، وتفاوتها في شرق آسيا وجنوبها من جراء العوامل الموسمية وسياسات المشتريات ونقص الإنتاج المحلي. ووفقا للتقرير فإن مؤشر البنك الدولي لأسعار الغذاء في يناير 2014 كان يقل 11 % عن مستواه قبل عام، و18 % عن أعلى مستوى له على الإطلاق سجله في أغسطس 2012. غير أن حجم الانخفاض الذي طرأ على الأسعار في ربع العام الأخير يبلغ نصف مثيله في الربع السابق (بين يونيو وأكتوبر 2013). وهبطت أسعار القمح بنسبة 15 % في هذا الربع، وهو ما أبطل أثر زيادات سجلت في وقت سابق (لاسيما في أكتوبر 2013)، وانخفضت الأسعار العالمية للذرة 2 % ليصل عدد الشهور المتعاقبة من التراجع السعري للذرة إلى 9 أشهر. ومن المتوقع أن تنحسر الضغوط على أسعار الغذاء في الأجل القصير، مع توقع أن تشهد ظروف المحاصيل الاتجاهات المعتادة في الأشهر القادمة. غير أن المخاوف المتصلة بظروف المناخ في الأرجنتينوأستراليا وأجزاء من الصين، وارتفاع أسعار النفط، وتوقع طرح تايلاند كميات من مخزونات الأرز في الأسواق تتطلب الاستمرار في توخي اليقظة والحذر. إن الاستهلاك بعناية يعني العيش داخل حدود الكوكب لضمان مستقبل صحي حيث يمكن تحقيق أحلامنا. فالرخاء البشري لا يحتاج إلى تكبد الأرض خسائر بيئية. فالعيش بطريقة مستدامة يعني بذل المزيد من الجهد وأفضل ما بوسعنا وبتكلفة أقل. كما أنه يعني معرفة أن ارتفاع معدلات استخدام الموارد الطبيعية والآثار البيئية التي تحدث ليست بالضرورة ناجمة عن النمو الاقتصادي.