إن مبارك كان عاشقا للتجارة يستمع بعقد الصفقات التجارية العسكرية وهو ما كان يهم بريطانيا بالأخص وعندما ساءت العلاقات المصرية السوفيتية لم يكن في القاهرة احد يمكنه الاستمرار في التعامل والتحدث والتوسط بين السادات مع الروس سوى مبارك الذي يعرف اللغة الروسية جيدا تحدثا وكتابه وكان يمللك من الأصدقاء الروس في موسكو مالم يكن متوافرا للسادات نفسه وكذلك كان مبارك لة علاقات مع السعودية توصف بأنها علاقات خاصة جدا وهو السبب الذي جعلهم يوافقون سرا لدي وزارة الخزانة البريطانية علي الاستمرار في مساندة مصر في شخص مبارك بأن استمروا في دفع التزامات الضمان المالي السنوي المفروضة عليهم طالما استمرت المساعدات العسكرية لمصر حتى في قمة العلاقات مع مصر 1979 وعام 1980 وهو ما كشفته الوثائق الرسمية المثير أيضا إن العلاقة بين مبارك وبين لندن كانت متشعبة لحد كبير ومن المستندات السرية نجدها كانت مبنية علي التعاون المشترك بينهم وبينه كشخص وإنها كانت علاقة تبادل ونفع فبقدر الاستفادة التي حصل عليها مبارك سياسيا استفادت بريطانيا بالمليارات من وراء عقود المشتريات التي سيوقعها مبارك لحسابهم بعد ذلك حيث نجد أنهم في مقابل منح مصر ما تريده من معونات من مبارك إن ينظر ويقرر ويراجع العقود المصرية للمشتريات وهي العقود التي كان يتحكم فيها منفردا بالأخص ملف التطوير الجوي علي إن يوافق هو علي التوقيع علي شراء المعدات العسكرية البريطانية الصنع بجانب المعدات الأمريكية حتى تضمن لندن عميلا وسوقا جديدة بالشرق الأوسط لمبيعات الصناعات العسكرية البريطانية وهو ما تكشف عنة الوثائق الرسمية بشكل مباشر وأيضا دون تفنيد أسماء المعدات التي وافق مبارك علي طلبها في يوم الاثنين الموافق 2 يونيو 1980 تلقي الرئيس السادات أول تحذير من صديقه الرئيس الأمريكي جيمي كارتر تجاه النائب مبارك في شكل ملف كبير أرسله كارتر للسادات مع مندوب رفيع المستوي قابل السادات سرا وسلمه الملف الذي ضم مستندات شديدة الخطورة قبلت من يومها الحسابات لدى السادات وبدلت وجهه نظره تجاه نائبه محمد حسني مبارك في الواقع جاءت الخطوة بعد إن خطط كارتر بشكل مباشر لكشف النائب حسني مبارك أمام السادات والعمل علي فضح اتصالاته المريبة مع المرشح الرئاسي الأمريكي رونالد ريجان منافس كارتر الذي وجه يومها ضربة سياسية قاضية للحزب الديمقراطي برئاسة كارتر بسبب علاقاته العميقة مع نظام الخميني الذي تسبب في أزمة الرهائن الأمريكيين وأول ورقة في الملف الذي أرسله كارتر لصديقة الرئيس السادات حصلت عليها وكاله المخابرات المركزية الأمريكية من غرفة نوم مبارك بواشنطن بعد إن كتبها مبارك بالقلم الرصاص علي أوراق غرفته إلي رونالد ريجان منافس كارتر علي الرئاسة أثناء إقامة مبارك في واشنطن خلال الفترة من 23 مايو وحتى 26 مايو 1980 عندما أرسله الرئيس السادات برسالة شخصية منه إلي كارتر بشأن مفاوضات السلام والوضع النهائي في تلك الرسالة بعد إن نجح علماء معاملهم وخبرائهم في إظهار محتووها بدا مبارك وريجان وكأنهما يتفقان بكلمات تحمل أكثر من معني علي الخطوط العريضة لتولي مبارك حكم مصر خلفا للسادات في حالة فوز ريجان بالرئاسة وهو ما يتعارض مع فكرة ولاء مبارك الاعمي للنظام كما كان يعتقد الرئيس السادات وغيرة أما الأخطر فقد كان في تقدريهم وتشكل خطورة يستوجب معها حماية الرئيس السادات في مصر من نائبة حسني مبارك - السادات رغم دهائه وعمق تفكيره إلا أنه كان يحاول أن يهتم بصحته كثيرا بخلاف عبد الناصر الذي كان يعمل لآخر نفس ويقرأ كل ورقة وكل صغيرة وكبيرة والسادات لم يكن "مجنون شغل" وبالتالي عندما كانت هذه التقارير ترفع إليه كان يحيلها إلي نائبه مبارك ومن هنا استغل مبارك هذه الفرصة لمعرفة كل كبيرة وصغيرة وأصبحت "بطن البلد مفتوحة أمامه" وكان نشيطا يجلس ليل نهار يشتغل ويتعلم ويقرأ ويعرف تفاصيل الأمور ومداخل البلد خاصة أنه كان قبل أن يتولي منصبه هذا يجهل بأمور عديدة وليس لديه أي دراية بها حتى عندما كان يأتي القائد العام للقوات المسلحة المشير أحمد بدوي للسادات بحركة التغييرات والتي بالطبع تتضمن خروج بعض القيادات عن العمل كان يحيلها أيضا إلي مبارك وبالتالي كان مبارك يستغل هذا الأمر لصالحه والتعظيم من مكانته وسيطرته داخل القصر الرئاسي.فقد توقف السادات قليلا وتذكر شكوى وشكوك بدت حقيقة ضد مبارك كان السادات قد سمعها عددا من المرات من الوزير الدفاع المصرى الجديد في الواقع كانت شكوى وشكوك المشير احمد بدوي وزير الدفاع الجديد يومها من تدخل مبارك في كل كبيرة وصغيرة بشأن المشتريات قد نبهت عقل السادات ولان الفريق كمال حسن علي كان قد ترك لتوه وزارة الدفاع ليتولي وزارة الخارجية وبسبب خبرته الطويلة في الدفاع وللانه عاصر مبارك منذ بداية تعيينه نائبا في 14 ابريل 1975 فقد دعاه السادات وسأله بشكل مباشر عن حقيقة شكوى احمد بدوي وشكوكه ضد النائب مبارك وهل سمع هو أو كان شاهدا علي تصرفات من هذا النوع لنائبة وعندما ضغط السادات وأصر علي الحصول علي إجابات شافه وأجابه كمال حسن علي بالإيجاب وان مبارك يسيطر بالفعل علي المشتريات بطريقة مثيرة للجدل فقد فؤجئ كمال حسن علي بالسادات يطلب منه يذهب فورا ليخبر مبارك ليترك القصر الرئاسي ويذهب إلي بيته حتى يقرر الرئيس استدعائه للعمل مرة أخرى وفي خضم غضبه يستدعى الرئيس السادات اللواء فوزي عبد الحافظ سكرتيره الخاص ويطلب منه كتابة قرار جمهوري عرف بالقرار 119 لسنة 1981 أمر فيه السادات بمنع البريد الرئاسي السري عن مبارك مع إسناد المهمة إلي منصور حسن وزير الدولة لرئاسة الجمهورية وهو المعروف انه سياسي مصري كان وزيرا للثقافة والإعلام من 1979 حتى 1981 ووزيرا لشئون الرئاسة عام 1981 وللان كمال حسن علي كان يعرف إن مبارك ليس سهلا فقد فضل إن ينصحه إن يأخذ أجازة في قري مجاويش السياحية الجميلة بالبحر الأحمر حتى يهدأ السادات ففهم مبارك ما يدبره له السادات وما قصد كمال حسن على إن يبلغه إياه وراء رسالته الرقيقة علي الفور لم يفكر مبارك كثيرا بل بدأ حملة شرسة للاتصال بأصدقائه في لندنوواشنطن ليذكرهم بما بينهم من اتفاقات تاتشر وريجان وهما من اقوي حلفائه وتثبت المستندات نصوص كلماته الشخصية لهما فضغط الاثنان بكل قوة من اجل إنقاذه إما السادات بسبب ضيق الوقت وخوفه من الهزة العنيفة التي يمكن إن تسبب فيها خروج مبارك فجأة من دائرة المفاوضات مع إسرائيل فقد قرر مرة أخري إرجاء قراره النهائي بشأن نائبة مبارك حتى تنتهي الانتخابات الأمريكية ويتمكن من استرداد كامل ارض سيناءالمحتلة من إسرائيل طبقا لمعاهدة السلام الموقعة في 26 مارس 1979 حتى ما كان يدور في رأس الرئيس السادات بشان نائبة مبارك تناولته المستندات البريطانية السرية مع تقدير إن مبارك كان سينتهي أمره في حالة فوز جيمي كارتر صديق السادات بفترة رئاسية ثانية بالبيت الأبيض وعليه كان لازما علي رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر إن تتدخل سريعا للإنقاذ حليفها القوي في القاهرة النائب محمد حسني مبارك -- كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبير في القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية