تعالت في الفترة الأخيرة الأصوات التي تتهم البنوك الاسلامية بمسئوليتها عن جزء من التضخم الذي تشهده أسواق المنطقة وقد يبدو هذا غريبا إلا أنها حقيقة يؤكدها الكثيرون من الخبراء. واستند الخبراء في رأيهم إلي أن أسلوب المصارف الإسلامية يختلف عن البنوك التقليدية في نوعية خدمات العمليات الائتمانية التي يقدمها البنك الاسلامي.. فهناك المضاربة والاجارة والاستصناع والسلم والقرض الحسن والمرابحة حيث يعتبرون الأخيرة من مصادر التضخم الاساسية نظرا لأن معظم البنوك الاسلامية تركز عليها دون غيرها من أنواع الخدمات المصرفية من خلال أن تقوم هذه البنوك بشراء السلع المختلفة ثم تقوم ببيعها إلي العميل بالأجل علي أن يسدد وفقا لنظام الأقساط بفائدة مركبة. وعلي الرغم من أن السوق المصرفية المحلية قد لا تكون متوسعة في مجالات المعاملات الاسلامية بالصورة التي عليها في الخليج إلا أن الاتهامات الأخيرة قد تكون من محددات نمو هذه البنوك خلال الفترة القادمة خصوصا مع وجود اتجاهات قوية لزيادة دورها في القطاع المصرفي المصري. وتذكر دراسة حديثة صادرة عن جامعة الملك خالد بالمملكة العربية السعودية أن المرابحة ليست السبب الرئيسي في التضخم في المنطقة، ولكنها لها دور فاعل في زيادة الأسعار حيث إن التضخم يبدأ صغيرا يمكن تحمله أو مجاراته حتي تصله يد المرابحة عندها يخرج عن السيطرة تماما لأنها تضمن طلبا فعالا ولكنه وهمي علي حد وصف الدراسة. تذكر الدراسة أن البنك يشتري السلع من السوق الحاضرة ليبيعها آجلا للعميل الذي يقوم ببيعها مرة أخري بسعر السوق الحالي ونظرا لوجود عميل آخر في الانتظار فإن البنك أو غيره يقوم بالشراء مرة أخري ليبيعها إلي عميل آخر، فالكمية ثابتة لكنها تتحرك بسرعة هائلة في السوق محدثة طلبا وندرة علي السلعة هي في الأصل مفتعلة وغير حقيقية حتي هذه المرحلة لا تتأثر الأسعار بقوة وإنما بشكل هادئ لكنها تتجه صعودا علي أية حال. وتستطرد الدراسة قائلة إنه حتي يحدث طلب حقيقي للسلعة محل التداول هنا لا تستطيع الكمية المتوافرة تغطية احتياجات السوق الحقيقية، التي تشكل الطلب الحقيقي وتسهم في تناقص المعروض من السلعة، الأمر الذي يجعل العروض غير قادرة علي تلبية طلبات المرابحة، التي تحتاج إلي كميات كبيرة أيضا نظرا للطلبات المتزايدة علي هذا النوع من التوريق ومع ارتفاع الاسعار يزداد التوريق توهجا والطلب كثافة وتختل التوازنات. تضيف الدراسة أن سوق المرابحة في حاجة إلي كميات معينة من السلع يجب أن تتوافر في السوق بشكل دائم حتي تستطيع البنوك تلبية طلبات المرابحة فإذا لم تستطع السوق الحقيقية تغطية هذه الكميات نظرا لوجود الطلب لحقيقي، الذي يسهم في تناقص المعروض بدلا من ثباته فإن الاسعار تتجه صعودا بشكل عنيف هذا ما أعتقد أنه يحدث الآن في سوق الحديد وبقية المعادن الاساسية. تطالب الدراسة مؤسسات النقد المسئولة في المنطقة بأن تتخذ إجراءات أكثر حزما تجاه البنوك التي تتعامل بالمرابحة في سوق السلع وتمنع مثل هذه العمليات، خاصة في فترات ارتفاع الاسعار حتي تهدأ الأمور وتعود السوق إلي التوازن من جديد. "الاسبوعي"رصد آراء الخبراء والمصرفيين حول هذه الاتهامات وتأثيرها المتوقع علي النمو خاصة أن التجربة التي خاضتها البنوك التجارية في إنشاء فروع للمعاملات الإسلامية تعد من أهم التجارب التي أشبعت رغبة عدد كبير من العملاء الذين يبحثون عن تحقيق الرضا الالهي والربحية أيضا. أشاروا إلي أن هذه التجارب نجحت بدرجة ملموسة وأنها ستكون رائدة العمل المصرفي المعاصر في ظل التوجه العالمي نحو اقرار صور للمعاملات المالية تواجه التضخم وخالية من الفائدة، واعترضوا علي محاولة بعضهم التقليل من أهمية البنوك الاسلامية في المستقبل لأن المؤشرات في صالحها. الممارسات العملية يري الدكتور أيمن فرج باحث اقتصادي بجامعة القاهرة أن الممارسات العملية حتي الآن لم تحقق الهدف من إنشاء البنوك الاسلامية ولعل ذلك يرجع إلي التصور الخاطيء لمؤسسي البنوك الإسلامية بأنها لا تخرج عن كونها بنوكا تجارية من دون سعر فائدة.. وعدم صبرهم علي خطوات وضع الاسس القوية للبناء والتغيير والتحول الكبير في المجتمع ولعل الخلل والقصور ناتج من أخطاء التطبيق أو من الترخيص في الصورة المثلي للنموذج الذي كان ينبغي أن يطبق.. فكل التجارب المصرفية الاسلامية حتي الآن لم تلتزم بأساسيات وعناصر النموذج الذي كان مطروحا أول مراحل الدعوة لهذه المؤسسات.. وهناك الكثير من المشكلات التي اعترت ممارسات البنوك الاسلامية من جانبي الموارد والاستخدامات منها أن عملاء البنك عبارة عن شريحة ضيقة من المجتمع كذلك طبيعة ودوافع هذه الشريحة تحد من امكان حدوث التنمية لأن استخدامات البنوك المحكومة بطبيعة وأنواع الودائع تحد هي الأخري من إحداث التنمية ومن ربط البنك بالمجتمع.