في مثل هذه الأيام قبل أربع سنوات سقطت عاصمة الرشيد في أيدي الاحتلال وسط صدمة زلزلت نفوس غالبية الناس حتي في بلاد المحتلين، وتهليل بعض المخدوعين أو أبواق الاحتلال حتي في بلاد العرب.. ومازالت تتردد في الاذهان اصوات شائهة كانت تنعق مع سقوط القنابل العنقودية والقصف الصاروخي علي اخوتنا ابناء العراق السليب، مبشرة بشعار رددته الأبواق "شمس الديمقراطية سوف تشرق علي المنطقة من العراق"!! واتذكر الان كيف كان "بعضهم" يؤكد ان المحتلين سوف لن يمكثوا في العراق اكثر من ستة شهور تتم فيها "ازاحة النظام الديكتاتوري ومد مظلة الديمقراطية" ثم يعودون من حيث أتوا، هكذا!! كما لو ان الولاياتالمتحدة وحلفاءها متعهدو توصيل الديمقراطية الي الشعوب بنظام "هوم دليفري"! وكان هؤلاء يؤكدون علي أكذوبة انه لا مصالح للتحالف المحتل سوي دحر الارهاب ونشر الديمقراطية، وهي مصلحة - كما زعموا - تتقاطع مع مصالح أهل البلاد الحقيقيين، وان الامر ليس فيه اطماع ولا يحزنون، وكاذب من يقول غير ذلك، أو يجرؤ علي الإشارة الي تصريحات رموز الدول الاستعمارية انفسهم عن "اعادة رسم خريطة المنطقة"، ومخططات البترول، واطماع الشركات الاحتكارية في بترول العراق، وعقود اعادة الاعمار، او خطط بسط الهيمنة ونشر قواعد عسكرية في مواقع استراتيجية تتيح للولايات المتحدة وحلفائها ذراعا يسهل مدها نحو أي من دول "محور الشر" كما أسموه، بل ان من يحاول - مجرد المحاولة - التلميح الي هذه الاطماع لابد ان يكون من المهووسين بنظرية المؤامرة، ومن ذوي النفوس الشريرة الذين لا يرون في كل ما تقدمه "راعية الحريات في العالم" إلا الاطماع الاستعمارية ومخططات السلب والنهب..وحتي الان، وبعد انكشاف كذبة اسلحة الدمار الشامل، وتهاوي خدعة علاقة نظام صدام حسين بالقاعدة والارهاب، وسقوط ذريعة نشر الديمقراطية وحقوق الانسان، بدلائل لم تعد تقبل الشك، من "أبوغريب" الي وقائع امتهان حتي النواب العراقيين الذين وصلوا الي البرلمان بانتخابات باركتها سلطات الاحتلال ورعتها واشرفت عليها، وليس انتهاء بحالات مثل البريطانيين اللذين القي القبض عليهما وهما بسبيلهما الي القاء متفجرات متخفيين في ثياب عربية، وما وقع بعد ذلك من انتهاك قوات بريطانية "لسيادة" مركز الشرطة العراقي وتهريب البريطانيين! الغريب ان المهللين لكل ما يفعله الاحتلال لم تعرف وجناتهم حتي الآن حمرة الخجل!، بل ان بعضهم مازال يجد في نفسه ال.. "دعنا نقول الجرأة!" ليدعي أن قوات الاحتلال كانت تعتزم فعلا نشر الديمقراطية وتحقيق الاستقرار ثم العودة بسرعة من حيث أتت، لولا عمليات المقاومة التي يحلو لهم تسميتها بالارهاب.. هكذا! كما لو كانوا يتوقعون ان يخنع شعب عريق مثل شعب الرافدين ويجعل من ظهره مطية للمحتلين وعملائهم دون مقاومة! أربع حكومات في أربع سنوات أربع سنوات، كانت كفيلة باعادة شعب العراق العظيم الي ما يشبه العصور الوسطي، ففضلا عن سقوط مئات الآلاف من الاشخاص بين قتلي وجرحي واضطرار مئات الآلاف الآخرين للنزوح عن ديارهم، واغتيال عشرات العلماء البارزين جري تدمير البنية الاساسية التي بناها العراقيون عبر عشرات السنين "تم تدمير 2500 مصنع تمثل 65% من المشروعات العراقية"، كما نجح الاحتلال في اشعال شرارة الاقتتال الطائفي لتمزيق لحمة النسيج العراقي. وتجري التغطية علي عمليات المقاومة الحقيقية التي يشنها المقاومون الوطنيون الرافضون للاحتلال من مختلف الاتجاهات والانتماءات السياسية والفكرية والطائفية، بينما يتم التركيز علي عمليات "فرق الموت" المشبوهة التي تستهدف المدنيين ولا تحقق سوي اهداف المحتلين الداعمين لها، فاصبح من قبيل الروتين اليومي المعتاد اعمال العنف مختلفة المصادر ما بين انفجارات سيارات مفخخة او تفجيرات احزمة ناسفة او عبوات او هجمات بقذائف صاروخية فضلا عن اعمال خطف جماعي.