الوصول السريع الي المعلومة اصبح احد الملامح المميزة لعصر تكنولوجيا المعلومات. ومن المنطقي الا تغيب المكتبات عن هذا الركب. وقد استضافت مكتبة الاسكندرية مؤتمرا عالميا بحث جهود اطلاق مكتبة رقمية عالمية تعمل بمثابة بوابة علي الانترنت للولوج السريع والمجاني الي عالم الابداع والمعرفة. وشارك باحثون ومتخصصون من مختلف ارجاء العالم في المؤتمر الدولي الثاني حول المكتبة الرقمية العالمية والذي عقد تحت عنوان "نحو بناء مكتبة رقمية عالمية لحفظ المعرفة الإنسانية وإتاحتها". واستعرض المؤتمر الخطوات التي قطعتها العديد من الدول والمؤسسات العلمية العالمية وفي صدارتها مكتبة الاسكندية لتحقيق حلم المكتبة الرقمية العالمية كما ناقش العديد من الابحاث والاوراق التي تناولت التحديات التي تواجه المشروع. كتبت - مواهب عبد الرحمن: يقول الدكتور اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية بأن المؤتمر يشكل دعامة أساسية للمكتبة الرقمية العالمية والتي تعتبر بمثابة بوابة لدعم الإبداع والوصول المجاني للمعرفة الإنسانية، حيث سيتم عمل توسعات فيها لتشمل جميع الموارد المعرفية والرقمية التي يقوم بإنتاجها شركاء المكتبة في إطار مشروع "المليون كتاب" والذي تتبناه مكتبة الإسكندرية. واشار الي ان تلك البوابة ستصبح في المستقبل القريب مدخلا لمحتوي المكتبات الرقمية علي مستوي العالم الذي يضم جميع فروع المعلومات المتاحة بجميع اللغات. وقال انه علي الرغم من وجود غزارة معلوماتية عابرة لحدود الدول والقارات، فإن شبكة المعلومات الدولية مازالت تفتقر إلي مصدر مهم للمعلومات الا و هو المعلومات المتوافرة داخل الكتب التي صدرت من قبل وحتي أثناء العصر الرقمي مؤكدا علي أهمية المكتبات التقليدية في الحفاظ علي التراث وهوية الثقافة عبر العصور. وأضاف انه مع انتشار تقنيات الكتب الإلكترونية، فإن فكرة المكتبات الرقمية بدأت تنتشر سريعا في الغرب، يدعمها في ذلك التطور السريع في تقنيات حفظ المعلومات وترقيمها واستعراضها والبحث فيها، إضافة إلي توافر الإنترنت كبنية تحتية يمكن بواسطتها الربط بين المستخدم وبين المكتبات الرقمية المختلفة موفرة بذلك فضاء معلوماتيا رحبا. واشار د.سراج الدين الي ان مكتبة الاسكندرية تتبني في هذا الإطار عددا من المشروعات الرقمية والتكنولوجية التي تحقق لها ريادة علي مستوي عالمي في هذا المجال ومنها المعمل الرقمي وأرشيف الإنترنت بالاضافة الي مشروع المليون كتاب فضلا عن موسوعة المحاضرات الفائقة التميز (الألف محاضرة) والمكتبة الرقمية لتاريخ مصر الحديث ومشروع طاقة في الجدار ومشروع وصف مصر واخيرا مشروع مدخل التنمية. خطوة اولي ومن جانبه قال الدكتور راج ريدي من جامعة كارنيجي ميلون بالولايات المتحدة ان العالم يسعي نحو مكتبة رقمية عالمية تكون متاحة للجميع في أي مكان حيث إن الفرد في المستقبل لن يذهب إلي المكتبة وإنما ستكون المكتبات متاحة لكل فرد أينما وجد . واضاف أن مشروع المليون كتاب الذي تقوم به مكتبة الإسكندرية مع شركائها من جميع أنحاء العالم هو خطوة أولي لتحقيق تلك الغاية حيث إن مليون كتاب تعتبر أيضاً جزءا ضئيلا من حجم المعرفة الإنسانية. وأشار ريدي إلي الدور الذي تساهم به كل من الهند والصين في رقمنة المعرفة الإنسانية وفي مشروع المليون كتاب سواء الدعم المادي الذي يصل إلي الملايين من الدولارات أو الدعم التقني والمساهمة الفعلية في المسح الضوئي لعشرات وألوف من الكتب من خلال مراكز تكنولوجية متخصصة في الهند والصين. ومن جانبه قال دكتور ماودي لاي عميد كلية الطب في جامعة زيانج بالصين أن المؤتمر الدولي الثاني حول المكتبة الرقمية العالمية يأتي استكمالا للمؤتمر الأول الذي عقد بالصين والذي أكد علي حيوية إتاحة المعرفة الإنسانية بشكل رقمي للجميع وهو أيضا ما يقوم عليه المؤتمر الثاني الذي يركز من ناحيته علي مشروع المليون كتاب الذي تتبناه مكتبة الإسكندرية مع عدد من الشركاء الدوليين من الصين والهند والولايات المتحدة مؤكدا علي أن الصين تبذل الكثير من الجهود فيما يتعلق بالمكتبة الرقمية العالمية سواء من الناحية المادية أو التقنية مؤكداً أن هذا يأتي في إطار الحرص علي الحفاظ علي المعرفة الإنسانية وتطويرها. اما الدكتور هوراتي شيفالينجابا وزير التعليم بولاية كارنتكا الهندية فأشار الي أن مجمل الجهود الهندية في مجال رقمنة المعرفة والدور الذي تقوم به في إطار المكتبة الرقمية العالمية ومشروع المليون كتاب يؤكد أهمية تكنولوجيا المعلومات في العصر الرقمي وأهمية وجود مثل تلك الجهود الرامية لحفظ وإتاحة المعرفة الإنسانية. تحديات واشكاليات وقدم المشاركون في المؤتمر عددا من الاوراق الأبحاث العلمية المتعلقة بالمكتبة الرقمية العالمية ورقمنة المعرفة ومن اهمها الورقة التي تقدم بها الدكتور أتون مانجستل من إيطاليا وتتحدث عن المكتبات الرقمية كحجر زاوية لاستيفاء المعرفة حيث ان الثورة التكنولوجية غيرت مفهوم ومعني المكتبة ليصبح له مغزي جديد فالمكتبة الرقمية أصبحت تبعث بالمعلومة من أي مكان وفي أي وقت شاء الباحث. اما الدكتور دانيت كلانسي مدير مشروع جوجل للبحث عن الكتب فقدم ورقة تتحدث عن فهرسة الكتب في العالم والتحديات لمشروع جوجل في هذا الصدد لتحقيق هدف إتاحة كل الكتب في العالم، وجعلها قابلة للبحث. وقدم الدكتور جيمس بيكر، مدير مركز الاختراعات في الحديث واللغة ورقة تتحدث عن مشروع طويل الأمد من خلال جمع وتوثيق مليون ساعة من الحديث المسجل، والهدف من هذا جمع مادة أساسية وجوهرية لمائة لغة علي الأقل. لذلك فإن المركز يبحث عن شركاء من المؤسسات والجامعات المختلفة. وناقشت الورقة التي تقدم بها الدكتور زينج زياو هوي من جامعة تسينجوا في بكين بالصين الممارسات والإشكاليات المفتوحة لمشروع رقمنة المليون كتاب. ومن أجل هذا الهدف تم تأسيس مركز الرقمنة بالصين في مارس 2003 كجزء من المكتبة الرقمية بجامعة تسينجوا.