الإخوان قادمون أكثر من شكل من أشكال استعراض القوة، قامت به جماعة الإخوان المسلمين في الفترة الأخيرة، بينها افتتاح المركز العام الجديد للجماعة في مقر هائل وفخم بالمقطم وسط حشود إعلامية دولية ومحلية، فضلا عن مشاركة من معظم القوي السياسية وعدد من المرشحين للرئاسة، وآلاف من المشاركين. قبلها بأيام نشر حزب الجماعة «الحرية والعدالة» أسماء مؤسسيه، وفي 27 محافظة ومدينة، وفي ملحق إعلاني بجريدة الأخبار في ثماني صفحات لا تقل تكلفته عن أربعة ملايين جنيه بعد أن تقدم بأوراق إشهار الحزب، في مظاهرة إعلامية أخري حرص قادته فيها علي التفرقة بين الحزب والجماعة، مع أن مؤسسيه هم أعضاء في الجماعة، وقادته من بين أعضاء مكتب الارشاد بها مما يجعل التساؤل عن الفرق بين الحزب والجماعة، معلقا دون إجابة، اللهم إذا كانت الجماعة تهدف في خطابها الإعلامي والدعائي إلي التفرقة بين الجهتين، التحايل علي قانون الأحزاب الجديد، الذي يحظر تشكيل أحزاب دينية! برز خطاب الاستعلاء والشعور بالقوة لدي جماعة الإخوان المسلمين في أعقاب ثورة 25 يناير، وبعد أن كان قادة الإخوان يقولون إنهم يستعدون للانتخابات التشريعية القادمة للفوز بنحو 20% من المقاعد، ارتفعت النسبة في الآونة الأخيرة لتصل إلي 50%، وبعد أن أكدوا أنهم لن يقدموا مرشحا للرئاسة ، صرح بعض قادتهم بأنهم يعيدون التفكير في ذلك، كما أعلن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أحد قادة الجماعة نيته عن الترشح وتستميت «الجماعة» الآن من أجل منع تأجيل الانتخابات البرلمانية، التي باتت علي يقين أنها ستحصل علي أغلبية مقاعدها، بحكم تأثيرها الواسع في الأوساط الإسلامية الفقيرة التي تشكل أغلبية المصوتين، كما حشدت أنصارها من القانونيين لوصم المطالبين بتأجيل الانتخابات البرلمانية بأنهم ضد إرادة الشعب التي أسفر عنها الاستفتاء علي المواد الدستورية، وضد الإعلان الدستوري الذي يحكم به المجلس العسكري في الفترة الانتقالية. في افتتاح المركز العام للإخوان المسلمين قبل أيام، قال فضيلة المرشد العام للجماعة د. محمد بديع إن الجماعة تحمل راية الدولة المدنية بمرجعيتها الإسلامية. وبرغم التناقض البادي في مفهومي الدولة المدنية والمرجعية الإسلامية، الذي لم تحرص الجماعة أبدا علي فك طلاسمه، وتفسيره علي أرض الواقع، والرد علي تساؤلات، هل هذه الدولة ذات المرجعية الإسلامية ستطبق الحدود مثلا، وهل ستفرض الحرية علي غير المسلمين، وهل تقبل بقبطي أو امرأة رئيسا للجمهورية؟ وما شكل الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية التي يريدونه، هل هي إيران أم السعودية أم السودان أم طالبان سابقاً؟ حملت تصريحات أخري لفضيلة المرشد العام اجابات قاطعة، حين صرح قبل أيام من افتتاحه المركز العام، بأن «عصر لا دين في السياسة قد انتهي، وأننا بإزاء عصر آخر لا يفصل فيه الدين عن السياسة»!! معني ذلك أننا مقبلون علي برلمان إسلامي، إذا ما تم التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها، يشرع فيه الإخوان المسلمون لدستور دولة دينية، يخفضون من وطأة دلالاتها بتسميتها «دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية»، ولا بديل أمام دعاة الدولة المدنية، سوي توحيد الجهود لكل القوي الديمقراطية، خلف مطلب تأجيل الانتخابات البرلمانية عاما واحدا، والمطالبة بلجنة وطنية مستقلة غير منتخبة لوضع الدستور القادم.