أكد عدد كبير من الدبلوماسيين والخبراء عدم وجود فائض مائي لاستصلاح أراض زراعية نتيجة أزمة المياه التي تمر بها مصر مؤكدين أن الخلاف حول مياه النيل هو خلاف «سياسي» بالدرجة الأولي وليس خلافا «مائيا». دعا عدد آخر لإنشاء مجلس قومي منفصل عن الحكومة لحماية نهر النيل، وكشف البعض عن قانون جديد لنهر النيل تعرضه الحكومة داخل مجلس الشعب خلال الفترة القادمة لخطورة الموضوع والحاجة إلي قانون لحماية النيل، ودعا الخبراء إلي تحسين العلاقات المصرية - الأفريقية. جاء ذلك خلال المؤتمر السنوي الذي عقده المجلس المصري للشئون الخارجية تحت عنوان «الأمن المائي المصري.. الواقع والمستقبل» والذي شارك فيه عدد كبير من الخبراء والدبلوماسيين والمسئولين، حيث أكد أسامة الباز خلال الجلسة الافتتاحية أن هناك دولا عربية تدعم دول حوض النيل مما يؤثر علي العلاقات المصرية معهم، فيما أشار المستشار عبدالعاطي الشافعي رئيس لجنة حوض النيل بالمجلس المصري للشئون الخارجية أن مصر لا تملك قطرة فائضة للاستصلاح الزراعي في ظل ثبات حصتها من مياه النيل 55 مليار متر مكعب، فيما أكد هاني رسلان الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح لاستعادة علاقتها مع دول حوض النيل ولكنها تسير ببطء وأشار إلي حجم التبادل التجاري بينهما الذي وصل إلي 520 مليون دولار، فيما طالب رسلان بتحسين العلاقات بشكل أكبر بإرسال شيخ الأزهر لهم والتعاون الرياضي وزيادة الاستثمارات معهم ورفض بعض الحضور تحميل أمريكا وإسرائيل مسئولية الموقف المتأزم والاستناد لنظرية المؤامرة وطالبوا بالتفكير في المستقبل وتحجيم إهدار مياه النيل فيما أكد المستشار الشافعي تعرض ألف و600 متر مكعب للإهدار سنويا وهاجم المصانع والشركات الواقعة علي الشواطئ النيلية وتسئ التصرف مع مياه النيل وأكد أن مصر تهدر 40% من حصتها في الزراعة و30% استخدام منزلي، و40% استهلاك صناعي وطالب بإنشاء مجلس قومي منفصل عن الحكومة لحماية نهر النيل. فيما كشفت الجلسات عن مفاجآت خاصة بدول حوض النيل ومستقبل مياه النيل من خلال دراسات مقدمة من خبراء المياه والجيولوجيا حيث أكد د. خالد عبدالقادر عودة أستاذ علم طبقات الأرض بجامعة أسيوط خلال عرضه أنه لا خطورة علي منابع نهر النيل أو حصة مصر منه من خلال حسبة علمية تؤكد أنه لا يمكن منع النيل من الحبشة أو أوغندا لأن معني ذلك هو غرق الاثنين وأنه إذا تم قطع النيل الأزرق ستغرق شرق السودان وهو لا يحدث إلا في حالة واحدة هي الحرب وأن المياه التي تأتي لمصر «حصتها» موجودة رغم أنف الجميع لأنها مصب. وطالب د. خالد بضرورة وجود قوات مصرية وسودانية لحماية النهر الأساسي «الأزرق»، وأضاف أنه لا يمكن زراعة أرض السودان لأن معظمها صخور نارية لا تصلح للزراعة، وحذر من زيادة معدلات البخر داخل «بحيرة السد العالي» لارتفاع درجة حرارة الأرض درجتين خاصة أنها مغلفة فيزيد فيها البخر أكثر من المياه الجارية واقترح عمل فرع داخل مصر يرجع مياه النيل بالطمي بنسبة 25% و75% وطالب كل إقليم بالاعتماد علي موارده، والاستفادة من مياه الأمطار التي تسقط علي الساحل وتصل إلي 15 مليار متر مكعب ولا تستفيد وزارة الري سوي بمليار واحد منها. وأكد د. مغاوري شحاتة دياب - الخبير الجيولوجي - أن الحديث عن «غرق الدلتا» ما هو إلا خدعة وأن شواطئ الدلتا لن تغرق، لأننا قادمون بعد حقبة صغيرة إلي دورة باردة وعول علي علم المناخ السياسي الذي يخلق الذعر في نفوس البلاد وأن الحديث عن الغرق ما هو إلا صراع سياسي بين الدول الصناعية والمستهدف منها الصين لأنها أعظم دول العالم في الانبعاثات الغازية. بينما أشار د. ضياء القوصي وكيل أول وزارة الري سابقا إلي تحديات مصر أمام مشكلة المياه ومنها الزيادة السكانية والعلاقة بدول المنبع وانفصال الجنوب والتغيرات المناخية، وأكد أن نصيب المواطن في مصر 700 متر مكعب في السنة بينما في عمان 200 متر مكعب وفي إسرائيل 100 متر مكعب في إشارة لأهمية استغلال المتاح فقط من المياه خاصة أن إجمالي محطات مصر من المياه في اليوم 25 مليون متر مكعب وهو رقم كبير، ولهذا دعا القوصي للاستفادة من اتجاه الدول في كفاءة استخدامها للمياه خاصة من خلال العائد الاقتصادي لإنتاجها وأضاف أن المتر مكعب من المياه يصنع 100 جرام و200 جرام سكر و2 كيلو جرام من القطن و5 كيلو جرامات موالح و10 كيلوجرامات من الخضراوات وكيلو جرام واحد من الحبوب. وأعلن د. القوصي عن شراء السعودية لمليون فدان في السودان وأن قطر أخذت جزءا من الأراضي الكينية لزراعتها وبالتالي نحتاج إلي التفكير في كل هذه الأحداث. وفي الحلقة النقاشية أكد د. السيد فليفل عميد معهد الدراسات الأفريقية السابق أن الاتفاقيات الخاصة بدول المنبع هي اتفاقيات حدود وبها نقاط تتعلق بمياه النيل وهو ما يزيدها حصانة لارتباطها بالحدود ودعا إلي إعادة توزيع السكان في مصر والدخول إلي الصحراء أمر لا مفر منه وأن مشروع السد العالي به خطط للمياه لم يتم تنفيذها حتي اليوم وأن الحكومات المصرية المتعاقبة مسئولة عما نحن فيه الآن، وأكد أننا في حاجة لبناء اعتماد متبادل مع جنوب السودان وشماله لأنه «مفاتيح» الموضوع. وفي كلمته أكد د. محمود أبوزيد وزير الري السابق وعضو مجلس الشعب الحالي ضرورة التعرف علي أسباب وصول مصر إلي هذا الموقف خاصة أننا وصلنا في الاتفاقية لأكثر من 97% منها. وأن فريق التفاوض حاول الحديث عن الأمور التي في صالح مصر من خلال هذه الاتفاقيات خاصة مع بنود المناقشة وهي: الإخطار المسبق، التصويت، الأمن المائي، وأن مصر أشارت لعدم إنشاء مشروعات تضر بها والأخذ برأيها في أي مشروعات جديدة وتم التوصل إلي ثلاثة سيناريوهات وكان في صعوبة علي الاتفاق رغم أنهم كانوا علي وشك الانتهاء من الاتفاقية، وأكد أبوزيد أن اللجنة المفوضة تمكنت من حساب كمية المياه التي يستهلكونها وكانت نسبة أكبر من نسبة مصر في صور أخري من مياه جوفية وآبار وكان اعتراض مصر الأساسي علي الإشارة إلي الحوض أو المجري نفسه. وطرح الصحفي أيمن عبدالوهاب فكرة التكامل مع دول المصب والمنبع لاعتماد مصر علي الزراعة والمياه واعتمادها علي الرعي بشكل أكبر وأننا لابد أن نقدم صفقة لمخاطبة الجماهير في هذه البلدان لتكوين شبكة مصالح ثقافية لتوقعه استمرار سيناريو التصعيد من أوغندا لهذا نحتاج لإدخال مجموعة من الأوراق الضاغطة. بينما وصف د. أنور عبدالملك ما يحدث «بنكبة سودة» داعيا لحل المشكلة عاتبا علي السياسات المصرية تجاه دول الحوض بعد أن كانت مصر تسعي لتحديث الأوضاع السياسية في الحبشة بما أسماه الآن «غياب مصر عن النيل». ودعا البعض لتحويل الخطاب الحكومي بين دول حوض النيل لخطاب شعبي.