تعلن «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية» في مطلع الاسبوع القادم النتائج النهائية لانتخابات المجالس المحلية في المحافظات. وقد جرت الانتخابات يوم السبت الماضي (20 ابريل) في 12 محافظة من 18 محافظة، نتيجة أن الانتخابات المحلية في محافظات اقليم كردستان الثلاثة(اربيل- السليمانية- دهوك) والذي يتمتع بالحكم الذاتي ستجري في وقت لاحق، كما تم تأجيل الانتخابات في «كركوك» التي يثور تنازع حولها بين اقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد لعدم صدور قانون خاص ينظم عملية التصويت فيها، واصدر نور المالكي رئيس الوزراء قرارا بتأجيل الانتخابات المحلية في محافظتي «الانبار» و«نينوي» بحجة «الوضع الأمني» حيث تشهدان احتجاجات متواصلة ضد حكومة المالكي، بينما يقول المراقبون إن القرار وراءه دافع سياسي للحيلولة دون انتخابات مرشحين سنة معادين للحكومة المركزية «التي يهيمن عليها الشيعة». تكمن أهمية الانتخابات المحلية في أنها تسبق الانتخابات النيابية التي ستجري في العام القادم، وتخوضها كل الأحزاب والكتل السياسية، والتي يعكس أغلبها انحيازات طائفية ومذهبية. فالشيعة يتوزعون بين «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نور المالكي، و«المجلس الأعلي الإسلامي» بقيادة عمار الحكيم و«التيار الصدري» الذي يقوده السيد مقتدي الصدر. والسنة ممثلة في «الحزب الإسلامي» و«قائمة التجديد» بقيادة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي اللاجئ خارج البلاد و«جبهة الحوار الوطني» بقيادة نائب رئيس الوزراء صالح المطلق. وهناك بالطبع قوي وكتل علمانية مدنية اهمها من الناحية الانتخابية «القائمة العراقية» والتي يغلب علي تشكيلها «السنة» ويقودها الشيعي العلماني «اياد علاوي» ، وهناك ايضا قائمة «تحالف العدالة والديمقراطية العراقي» بقيادة الحزب الشيوعي العراقي الذي يرأسه «حميد مجيد موسي» سكرتير لجنته المركزية وعدد من الاحزاب اليسارية والديمقراطية الصغيرة، ورغم أنه يقدم بالفعل برنامجا حقيقيا للتغيير إلا أن وجوده الانتخابي محدود نتيجة للاحتقان الطائفي والمذهبي. وجرت الانتخابات في ظل وقوع حوادث عنف في مناطق مختلفة خاصة في بغداد وكركوك والحلة والفلوجة والناصرية وتكريت، قام بها تنظيم القاعدة في العراق، وشمل اغتيال 15 مرشحا من طائفة السنة واستهداف تجمعات سياسية و«مدرستين في الحلة كانتا معدتين لتكونا من مراكز الاقتراع بقنابل مصنعة محليا»، ويعرض مرشحون آخرون للاختطاف أو الاصابة أو تلقي رسائل تهديد أو مكالمات هاتفية تطالبهم بالانسحاب. وخاض الانتخابات 8302 مرشحين من بينهم 2206 من النساء (26%) ينتمون إلي 265 منظمة و50 ائتلافا للفوز ب 378 مقعدا في مجالس 12 محافظة. وطبقا لبيانات المفوضية العليا للانتخابات فقد شارك في التصويت ستة ملايين و400 الف و777 ناخبا من نحو 13 مليونا و800 الف ناخب مسجل، أي بنسبة 50%. بينما قدرت منظمات عراقية راقبت الانتخابات نسبة المشاركة ب 46% فقط. وأيا كانت النسبة فهي تقل عن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية عام 2010 والتي بلغت 62%، وسجلت بغداد اقل نسبة مشاركة في هذه الانتخابات المحلية حيث لم تتجاوز 33%، وسجلت محافظة صلاح الدين أعلي نسبة مشاركة وهي 61%. وترجع الدوائر السياسية عدم الاقبال علي التصويب لوجود مناخ من عدم المبالاه بسبب خيبة أمل الناخبين في المجالس المحلية المنتخبة عام 2009 «إذ أن الافتقار الملحوظ للكادر المؤهل في مجالات الإدارة العامة، اضافة للفساد، دفع كثيرا من العراقيين إلي الشكوي من تدهورالخدمات العامة والرعاية الصحية والتعليم، اضافة إلي محدودية سلطات هذه المجالس المنتخبة. ورصد المراقبون احتلال المشاعر والانتماءات الطائفية والمذهبية المرتبة الأولي في العوامل المؤثرة في تصويت الناخبين. »فالحملات الانتخابية في المناطق الشيعية دارت حول القلق من الانتقام المحتمل للسنة في حالة عدم عودة المالكي والائتلاف الشيعي للسلطة، مما دفع الكثيرين للتصويت لصالح المرشحين الشيعة خوفا وليس بسبب البرامج السياسية» بينما لجأ الناخبون السنة للتصويت لصالح المرشحين السنة لإنهاء هيمنة الشيعة علي الحكومة. وتحدثت المنظمات التي راقبت الانتخابات عن خروقات تمثلت في استخدام أموال الدولة في الدعاية الانتخابية ، ومنع وكلاء الكيانات السياسية من التواجد داخل المراكز الانتخابية، والتصويت الجماعي، خاصة «التصويت الخاص» لعناصر الجيش والشرطة الذي تم قبل اسبوع من الانتخابات المحلية وشهد خروقات واسعة وتوجيهات من ضباط كبار لصغار الضباط والجنود للتصويت لقائمة المالكي. إلا أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تري أن هذه الخروقات لن تؤثر علي النتيجة النهائية!