يبدأ موسم زراعة محصول القمح منتصف نوفمبر الجارى، وتسعى وزارة الزراعة إلى تحقيق المستهدف من المساحة المزروعة هذا العام، والمقدرة ب 3.5 مليون فدان، حث السيد القيصر، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى المزارعين، على التوسع فى زراعته نظرا لأهميته الإستراتيجية فى تحقيق الأمن الغذائي وتقليل فاتورة الاستيراد، مؤكدا أن هناك تقاوي تكفي لزراعة 500 ألف فدان هذا الموسم. وفى المقابل ما زالت هناك مخاوف قائمة مما حدث خلال المواسم السابقة من مشاكل نقص الإنتاجية وانتشار الصدأ الأصفر، الأمر الذى يتطلب معه هذا الموسم ضرورة الالتزام بالخريطة الصنفية للمحصول، خاصة أنه من المتوقع أن يكون هذا الشتاء باردا إلى شديد البرودة وهى ظروف مثالية للصدأ الأصفر، وبناء عليه طالبت وزارة الزراعة المزارعين بالالتزام بالتوصيات الفنية الصادرة منها للحصول على أعلى إنتاجية وخاصة شراء التقاوى من المنافذ التابعة للإدارة المركزية لإنتاج التقاوى، التى توفرها تبعًا للسياسة الصنفية لكل محافظة مع زيادة الحقول الإرشادية حتى تكون نماذج تُحتذى للمزارعين فى كل المحافظات. التكلفة الفعلية ويبدأ موسم القمح، وسط نفس المشاكل التى يعانى منها المزارعون وشكوا بسببها كثيرا، بداية من أزمة الأسمدة والتقاوى، مرورا بمشكلة الرى والمناوبات، إضافة إلى مشكلة سعر المحصول كل موسم . ويرى عبدالعاطى عطية، مزارع، أن الدولة لا تنظر إلى التكلفة الفعلية للمحصول عند تحديدها للسعر الاسترشادي للشراء من الفلاح فقط تهتم بالأسعار العالمية، موضحا إن ما تم تحديده العام الماضى كان غير " مُرض" للفلاح ، مشيرا إلى أن إيجار الفدان وصل ل 11 ألف جنيه، إضافة مصاريف الرى والأسمدة والعمال وإيجار الآلات الزراعية، وهو ما لا يضمن هامش ربح للمزارع. وأضاف عبد العاطى، إن أجرة العامل الواحد حوالى خمسين جنيها فى الساعة الواحدة لدراسة القمح، إضافة إلي سعر الكيماوى والتقاوى والأسمدة التي لا توفر الجمعية الزراعية منها إلا شيكارتين فقط، بينما يحتاج الفدان الواحد إلى ثمانى شكاير، مما يضطر الفلاح إلى شراء باقى احتياجاته من السماد من السوق السوداء، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة لم توفر كامل احتياجات المحصول من الأسمدة، والتي تصل إلى 6 أجولة، توفر منها 3 فقط، مؤكدا أن زراعة هذا المحصول أصبحت مرهقة ومكلفة جدا للفلاح في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار الإنتاج. الإنتاجية بينما أكد السيد الخباز، مزارع ، أن محصول القمح يستغرق ما بين 5 و6 شهور ويحتاج إلي تكلفة عالية للتسميد ما يضيف أعباء كثيرة يواجهها الفلاح بمفرده ، مشيرا إلى ضعف إنتاجية الفدان على مدار سنوات متتالية بسبب الأمراض التى يتعرض لها المحصول دون وجود مساعدة من وزارة الزراعة لاكتشاف مثل هذه الأمراض واستبعاد البذور المصابة كالأصداء مبكرا والسيطرة عليها، لأنها تدمر المحصول، كما طالب بتوفير المبيدات اللازمة والآمنة وعودة الإرشاد الزراعى وعمل ندوات إرشادية لازمة لتوعية الفلاح بزراعة هذا المحصول الحيوى. وأضاف السيد، أن تكلفة زراعة فدان القمح وصلت إلى 2000 جنيه فى الوقت الذى تتسلم فيه الحكومة الإردب بسعر 1000 جنيه فقط، وهو سعر غير عادل بالنسبة للأسعار العالمية، ولا يشجع على استمرار الفلاحين فى زراعة محصول القمح، حيث توجد العديد من المشكلات التى تواجه المزارعين منها الرى، خاصة بعد ارتفاع أسعار السولار والبنزين الذي يعتمد عليه المزارع في تشغيل الماكينات، إضافة إلى جرارات النقل والدريس وكذلك ارتفاع أجور العمالة. السعر ويترقب المزارعون مشكلة سعر المحصول فى كل موسم، والتى تؤثر على زيادة المساحات من زراعة القمح في الموسم الذى يليه بالزيادة تارة وبالنقصان تارة أخرى، فالحكومة تتجه للتسعير طبقا للأسعار العالمية التي تتأرجح ما بين الزيادة والانخفاض، مما يجعل مزارعى القمح فى ترقب مستمر، وقد حددت وزارتا الزراعة والتموين سعرا استرشاديا لتوريد محصول القمح لموسم 2022-2023 ب 1030 جنيها للإردب، وهو ما سيؤدى إلى المزيد من عمليات توريد القمح وفقا لتوقعات خبراء الزراعة والاقتصاد الزراعى، الذين يروا أن اعتماد 1030 جنيها للإردب مناسب ومشجع للفلاحين على زراعة القمح وتوريده بالموسم الجديد. من جانبه، أكد الخبير الزراعى، دكتور على محمد إبراهيم، بمركز البحوث الزراعية، أن القمح محصول استراتيجي، الأمر الذى يجعل المزارع يفكر كيف يستغل الأرض ويحصل على عائد مربح له، وهو أفضل من السعر بعد زراعة المحصول بالنسبة له، لان فى هذه الحالة عدد كبير من المزارعين يمتنعون عن التوريد، وهو ما حدث بالفعل الموسم الماضى، مشيرا إلى دعم الدولة للفلاح وتشجيعه على التوسع فى الحاصلات الزراعية، خاصة القمح، مطالبا بضرورة أن تعود الدولة كما كانت فى الثمانينيات ومطلع التسعينيات عندما كانت توفر مستلزمات الإنتاج ويتم خصمها فى نهاية كل موسم من المزارع، مما لا يحمله عبئا كبيرا بمعنى أن التكلفة كانت من العائد، الأمر الذى أصبح ضرورة ملحة فى ظل الظروف الراهنة، مؤكدا أن ال 1030 جنيها سعر قد يكون مربحا للفلاح ويساعده على التوريد، متوقعا زيادته ل 1040 جنيها، خاصة فى ظل ارتفاع تكاليف مستلزمات الزراعة بداية من تجهيز الأرض وحتى الحصاد. الاستيراد من جانبه، أوضح دكتور إبراهيم درويش، أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة المنوفية، إن مصر تنتج 55% من احتياجاتها من القمح، فيما تستورد 45 % من الخارج، الأمر الذى ينعكس على زيادة فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة، مؤكدا أهمية زيادة الإنتاج من خلال التوسع الأفقي بزيادة المساحات المزروعة وزيادة إنتاجية الفدان، إضافة لاستخدام طرق زراعة جديدة وتقليل الفاقد من المحصول سواء بمرحلة الحصاد أو التخزين أو صناعة الخبز. وأشاد بتوجيهات وزير الزراعة بضرورة توفير تقاوى المحاصيل الشتوية قبل الزراعة بوقت كبير مع توعية المزارعين باختيار أصناف التقاوى الجيدة المعتمدة طبقا للسياسة الصنفية، حيث يرى درويش، ضرورة شراء تقاوى القمح من أماكن موثوق بها وأتباع السياسة الصنفية الموصى بها لمنطقته وإتباع التوصيات الفنية المعلنة من وزارة الزراعة، مطالبا بسرعة صرف الأسمدة للمزارعين قبل الموسم بوقت كاف حتى يثق المزارع فى عدم وجود أى أزمات تتعلق بالأسمدة ويقبل على زراعة المحصول وزيادة المساحة. بينما يرى رضا إسماعيل، عضو الاتحاد التعاوني، ضرورة أن تقدم الدولة ممثلة فى وزارة الزراعة التقاوي والإرشاد والميكنة الزراعية، وأساليب جديدة للمكافحة وخلافه، لتشجيع الفلاحين على زراعة القمح، مشيرا إلى أن العام الماضى شهد زراعة مساحة 3.6 مليون فدان بينما المستهدف حاليا هو الوصول هذا الموسم إلى 4 ملايين فدان أو أكثر، موضحا أن هذه المساحة يمكنها إنتاج من 10 إلى 12 مليون طن قمح، وبعد مشروع الصوامع القومي لم يعد هناك هادر من هذه السلعة الإستراتيجية الهامة. وأشاد إسماعيل، بدور الدولة لتشجيع الفلاح لزيادة المحاصيل الإستراتيجية، خاصة بعد توجيهات الرئيس بخصوص التقاوي المعتمدة لمنحها للفلاح من أجل زيادة الإنتاجية، لتساعد على زيادة إنتاجية الفدان بقيمة أردبين، ويتم بيعها بسعر التكلفة، بالإضافة إلى استنباط تقاوي القمح، وزيادة الحقول الاسترشادية لتعليم الممارسات الزراعية كنوع من أنواع الإرشاد للتحسين من دخل الفلاح.