تمر البرازيل اليوم, مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 2 أكتوبر, بموجة من القلق والاضطراب السياسي مع وجود مخاوف بعدم اعتراف الرئيس بالانتخابات ورفضه تسليم السلطة حال خسارته. على مدى أشهر، هاجم بولسونارو آليات التصويت الإلكترونية في البرازيل متهمها بأنها قابلة بالتزوير رغم من عدم وجود أدلة تقريبًا، كما هاجم مسئولي الانتخابات في البرازيل مدعيًا أنهم متحالفون ضده, مصرحًا بأنه سيعترض على النتائج طالما لم يتم إجراء تغييرات في إجراءات الانتخابات. ويبدو أنه حصل على تأييد الجيش البرازيلي بهذا الصدد, بعد أن طلب من عشرات الملايين من أنصاره "الاستعداد للقتال". قائلًا في خطاب ألقاه مؤخرًا:" إذا لزم الأمر، سنذهب إلى الحرب". سياسية شعبية مع اقتراب التصويت في البرازيل, يوم 2 أكتوبر, تواجه البرازيل موجه سياسية شعبية تهدد نظامها الديمقراطي, موجة تشكيك يغذيها القادة الشعبويون والناخبون المستقطبون والمعلومات المضللة على الإنترنت. تستعد رابع أكبر ديمقراطية في العالم لاحتمال رفض رئيسها التنحي بسبب مزاعم الاحتيال التي قد يكون من الصعب دحضها. ومع ذلك، ووفقًا لتصريحات من أكثر من 35 مسئولا في إدارة بولسونارو لوسائل إعلام متنوعة: جنرالات عسكريين، وقضاة اتحاديين، وأعضاء في الكونغرس، ودبلوماسيين، فإن الأشخاص الموجودين في السلطة في البرازيل يشعرون بالثقة بأنه- في حين أن بولسونارو قد يشكك في نتائج الانتخابات، إلا أنه يفتقر إلى الدعم المؤسسي للقيام بانقلاب ناجح. دكتاتورية عسكرية أدى الانقلاب الأخير في البرازيل، في عام 1964، إلى دكتاتورية عسكرية وحشية استمرت 21 عامًا. "الطبقة الوسطى دعمته, ورجال الأعمال كذلك. أيدته الصحافة". قال روبرتو باروسو، قاضي المحكمة العليا ورئيس الانتخابات السابق في البرازيل:" لقد دعمتها الولاياتالمتحدة…حسنًا، لا أحد من هؤلاء اللاعبين يدعم الانقلاب الآن". وبينما يشعر المسئولون بالقلق من الأضرار الدائمة التي لحقت بالمؤسسات الديمقراطية في البرازيل — تُظهر استطلاعات الرأي أن خُمس سكان البلاد قد فقدوا الثقة في النظام الانتخابي —بعد انتشار العنف السياسي. ادعاءات بولسونارو بالاحتيال والرفض المحتمل لقبول الخسارة هي محض صدى لمزاعم حليفه دونالد ترامب، يشير المسئولون البرازيليون مرارًا وتكرارًا بهذا الصدد إلى الواقعة التي حدثت العام الماضي في الولاياتالمتحدة, أي الهجوم على مبنى الكونجرس الأمريكي كمثال لما يمكن أن يحدث في البرازيل. موجة عنف "كيف نسيطر على وضع مماثل؟" يقول أوشفيو بولسونارو، عضو مجلس الشيوخ ونجل الرئيس بولسونارو، في مقابلة مع صحيفة استاد إرمو البرازيلية, مشيرًا إلى احتمالية اندلاع موجة من العنف. مضيفًا :" في الولاياتالمتحدة, الناس تابعوا المشاكل في النظام الانتخابي، كانوا غاضبين وفعلوا ما فعلوه. لم يكن هناك أمر من الرئيس ترامب، ولن يكون هناك أمرًا لهم من الرئيس بولسونارو كذلك". في الشهر الماضي، وقع أكثر من مليون برازيلي، بمن فيهم رؤساء سابقون وأكاديميون كبار ومحامون وفنانون، على رسالة تدافع عن نظام التصويت في البلاد. كما أصدرت أكبر مجموعات الأعمال في البرازيل رسالة مماثلة. وفي أواخر الشهر الماضي, تولى قاضي المحكمة العليا، ألكسندر دي مورايس، منصبه كرئيس جديد للمحكمة المسئولة عن الانتخابات في البلاد وحذر من أنه سيعاقب كل من يهاجم العملية الانتخابية. رد عليه بولسونارو إنه يحاول حماية الديمقراطية في البرازيل من خلال تعديل تعزيز أنظمة التصويت. خلاف داخلي من بين المسئولين الذين تمت مقابلتهم من إدارة بولسونارو مع الإعلام الأمريكي دون الإفصاح عن هويته، قال المسئول إن هناك خلافا داخليا واسعا في إدارة بولسونارو حول ما إذا كان الرئيس اليميني يقوم بحملته المشككة بالانتخابات مدفوعًا بقلق حقيقي بشأن الاحتيال أو أنه لديه مجرد خوف من الخسارة, كل ذلك يأتي على ضوء تخلف بولسونارو عن منافسه لولا دا سيلفا في استطلاعات الرأي. ومع ذلك، هناك آمال متزايدة في انتقال سلس للسلطة إذا خسر بولسونارو. فحلفاؤه، بما في ذلك كبار المسئولين في القوات المسلحة،على وشك بدء مفاوضات مع السيد دي مورايس حول التغييرات في النظام الانتخابي البرازيلي المصممة لمعالجة الانتقادات الأمنية التي قدمها الرئيس، وهو ما صرح به ثلاثة قضاة اتحاديين ومسئول كبير في الحكومة, الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم للإعلام. قالوا في تصريحاتهم إن بولسونارو سيتراجع عن هجماته على نظام التصويت إذا وافق مسئولو الانتخابات على بعض التغييرات التي طلبها الجيش البرازيلي. بينما صرح سيرو نوغيرا، رئيس أركان القوات المسلحة البرازيلية, "لديّ ثقة كاملة في النظام الانتخابي في البرازيل. هذا لا يعني أيضًا أنه معصوم من الخطأ…أنا متأكد، كما يقول الرئيس، أن الناخبون سيكون لهم كلمتهم الحاسمة". تأثر الناخبين كان لتلك الانتقادات من جانب الرئيس تأثير خطير على الناخبين, منذ شهر يونيو الماضي، ذكر مستخدمو تويتر البرازيليون آليات التصويت في البرازيل أكثر من ذكرهم لقضايا للتضخم أو برامج الرعاية الاجتماعية فيما يتعلق بالانتخابات، وشغلت منصة تويتر أحاديث حول أسعار الغاز بنفس القدر تقريبًا، التي كانت نقطة رئيسية للنقاش السياسي، وفقًا لتحليل أجراه باحثون في مدرسة اتصالات مؤسسة جيت أوشيليو فارغاس. أظهر استطلاع للرأي الشهر الماضي أن 32 % من البرازيليين يثقون في نظام التصويت بدرجة أقل, بينما لا يثق به 20 % على الإطلاق. وجدير بالذكر ن أنصار بولسونارو المتشككون في النظام الانتخابي, هم على درجة عالية من التسليح. لقد سهل السيد بولسونارو على المدنيين شراء الأسلحة النارية بموجب قيود أكثر مرونة لممارسي الصيد، والآن يمتلك أكثر من 670.000 برازيلي أسلحة بموجب تشريعات بولسونارو، أي 10 أضعاف ما كان عليه الوضع قبل خمس سنوات. ينقسم معسكر مؤيدي بولسونارو بين فريقين: فريق يشجع الرئيس على التوقف عن مهاجمة آليات التصويت لأن القضية لا تحظى بشعبية لدى الناخبين الأكثر اعتدالًا المهمين في ترجيح فرصه الانتخابية, خصوصًا أن الاقتصاد البرازيلي بدأ في الانتعاش نسبيًا، مما قد يساهم في إعادة انتخابه، وفقًا لما ذكره اثنان من كبار مستشاري الرئيس للصحافة البرازيلية. وهناك الفريق الأخر، بقيادة جنرالات عسكريين سابقين، قدم للرئيس معلومات مضللة وحثه على مواصلة التحذير من الاحتيال المحتمل. دعا مسئولو الانتخابات العام الماضي الجيش للانضمام إلى لجنة تحسين أنظمة الانتخابات. واقترح الجيش إجراء سلسلة من التغييرات، لكن مسئولي الانتخابات قالوا إنه لا يمكن تنفيذها في الوقت المناسب للتصويت بحلول شهر أكتوبر. قراصنة الكترونيين يشعر الجيش بالقلق من أن القراصنة الإلكترونيين يمكنهم زرع البرمجيات الخبيثة في آليات التصويت, والتي من شأنها أن تخدع نظام المحاكاة الخاص بآلية الانتخاب الإلكتروني. وبهذا الصدد علق خبير في أمن الانتخابات أن مثل هذا الاختراق يمكن تصوره ولكنه غير محتمل. وأشار دي مورايس، الرئيس الجديد للمحكمة المشرفة على الانتخابات، إلى أنه سيكون منفتحًا على التغييرات في نظام التصويت على الرغم من ضيق الوقت قبل حلول موعد الانتخابات. ولطالما كان بولسونارو على خلاف مع دي مورايس، الذي قاد التحقيقات في مزاعم تضليل المعلومات وتسريبات المواد السرية التي تورط الرئيس وحلفاؤه فيها. وانتقد بولسونارو السيد دي مورايس باعتباره ذا دوافع سياسية، وقال في تجمع حاشد العام الماضي إنه لن يلتزم بعد الآن بالأحكام القضائية الصادرة عن هيئة يرأسها دي مورايس، وهو ما تراجع عنه لاحقًا. لذلك كان من المتوقع أن يؤدي صعود السيد دي مورايس لقيادة المحكمة الانتخابية البرازيلية إلى تفاقم التوترات. النظام الانتخابى يتفق كثير من المراقبين أن الرئيس البرازيلي لن يتراجع عن التشكيك في النظام الانتخابي البرازيلي حتى يتأزم الوضع السياسي عند إجراء العملية الانتخابية. ويقول فيلبي تالاو, المحلل السياسي والصحفي, أن بولسونارو يتمتع بعقلية فاشية ذكية تتصرف بحنكة في ظل الصراعات المتفاقمة, وبالتالي فإن تشكيكه بالنظام الانتخابي ليس سوى محاولة لفرض حالة استقطابية حادة تحشد أنصاره المسلحون نحو العنف, حين تُعلن خسارته المؤكدة أمام دا سيلفا, ورغم استبعاد كثيرين لفكرة حدوث الإنقلاب العسكري لصالحه, فلا شك أن موجة عنيفة في الشارع البرازيلي تلحق إعلان نتيجة الانتخابات في البلاد, قد تؤدي لتدخل عسكري صعب التنبؤ بحدوده.