كابل جوجل للإنترنت ضربة لمصر.. ومزاعم بأنه يمهد لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية!!! مصر ثانى أكبر ممر عالمى لكابلات الإنترنت بعد الولاياتالمتحدة القطاع الخاص يطالب بالمشاركة فى البنية التحتية والقضاء على احتكار المصرية للاتصالات للبنية التحتية كابل جوجل يستهدف مسارات بديلة لازدحام مسار قناة السويس أثار تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الاثنين قبل الماضى حول اعتزام شركة جوجل توسيع شبكة الألياف الضوئية الخاصة بها من خلال فتح ممر عالمى جديد لحركة الإنترنت عن طريق مد كابل جديد ينطلق من الهند مرورا بسلطنة عمان ثم المملكة العربية السعودية، ثم إسرائيل وينتهى فى القارة الأوروبية عبر محطة إنزال فى إيطاليا، جدلا واسعا على اعتبار أن تمديد الكابل يعتبر ضربة لمصر التى تعتبر ثانى أكبر ممر عالمى لكابلات الإنترنت. وتكهن البعض زاعمين أن قيام جوجل بتمديد هذا الكابل له اعتبارات سياسية عديدة من بينها التمهيد لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية!!!، واستغل آخرون الفرصة لإلقاء اللوم على الشركة المصرية للاتصالات، متهمين إياها بالمغالاة فى فرض رسوم أسعار مرور الكابلات مما تسبب فى "تطفيش" شركة جوجل، وإجبارها على تمديد الكابل من السعودية لإسرائيل مباشرة للهروب من جحيم الرسوم الباهظة التى ستضطر لدفعها فى حال مر الكابل الجديد عبر الأراضى المصرية. وأشار تقرير وول ستريت جورنال إلى أن كابل جوجل الجديد الذى سيربط الهند بأوروبا، يعتبر أحدث إنجاز فى عالم البنية التحتية للإنترنت عبر العالم من جوجل، التى تستهدف زيادة قدراتها التنافسية لمواجهة الطلب المتزايد على شبكات إنترنت أكثر سرعة. بلو رامان وأشارت المعلومات التى ذكرتها الصحيفة أن الكابل الجديد المسمى "طريق بلو رامان" سيمتد تحت الماء، لمسافة تزيد على 8000 كيلومتر، مع توقعات أن تصل تكلفته إلى حوالى 400 مليون دولار ، وفقا لحسابات شركة Salience Consulting وهى شركة اتصالات مقرها إمارة دبى بدولة الإمارات. وأضاف التقرير متوقعا أن تبحث جوجل عن شركاء لتمويل الكابل، بما فى ذلك توقع مساهمة شركة الاتصالات العمانية، وشركة تليكوم إيطاليا، واللتان سوف تتكفلان بتمويل المشروع، مقابل الحق فى استخدام البنية التحتية للألياف البصرية. واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن المشروع قيد الدراسة، وسيحتاج لإتمامه إلى موافقات من الهيئات التنظيمية لقطاع الاتصالات فى الدول التى سيمر بها قبل البدء فى التنفيذ. مصر والإنترنت تعتبر مصر أحد أهم المراكز العالمية لمرور كابلات الإنترنت البحرية، حيث يمر بها 17 كابلا، وفقا لخريطة الكابلات البحرية، مما يجعلها تحتل المركز الثانى على مستوى العالم بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية من حيث عدد الكابلات البحرية التى تمر خلالها (حوالى 17 % من إجمالي عدد الكابلات البحرية حول العالم)، نظرا لما تتميز به مصر من موقع جغرافى فريد يربط بين أوروبا وآسيا، وأفريقيا، مما يجعلها نقطة تلاقى مثالية لكابلات الإنترنت البحرية على مستوى العالم. ونظرا للاستثمارات الضخمة التى تتطلبها صناعة الكابلات البحرية، والعوائد التى تدرها قامت الشركة المصرية للاتصالات على مدار العشرين عاما الماضية على المشاركة فى عدة كابلات، كما تمتلك عددا من الكابلات الأخرى. وفى عام 2018 أعلنت الشركة عن استحواذها على كامل أسهم شركة: "مينا للكوابل البحرية"، كما وقعت فى نفس العام اتفاقية لخدمة دول جنوب القارة الأفريقية. كما أصبحت المصرية للاتصالات مؤخرا شريكا فى تحالف مشروع الكابلات البحرية Africa2، من خلال شراكة مع تحالف يضم 7 من مقدمى خدمات الاتصالات العالميين، لإنشاء الكابل البحرى Africa2 بطول 37 ألف كيلومتر، وهو الكابل الذى يربط أوروبا والشرق الأوسط مع 16 دولة أفريقية، ويستهدف توفير مسار جديد يربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط إلى جانب مسارات برية أخرى موازية لقناة السويس، وذلك باستخدام تقنيات جديدة تسمح بنشر ما يصل إلى 16 زوجا من الألياف البصرية داخل الكابل الواحد بدلا من ثمانية. وأعلن المهندس عادل حامد، الرئيس التنفيذى العضو المنتدب للشركة المصرية للاتصالات أنه بمجرد بدء عمل الكابل الجديد سيكون قادرا على نقل ما يصل إلى 180 تيرابت من البيانات فى الثانية الواحدة، مما سيساهم فى تحسين خدمات الإنترنت فى مصر بشكل غير مسبوق. سانت هيلينا وفى نوفمبر الماضى، وقعت الشركة المصرية للاتصالات اتفاقية مع حكومة جزيرة سانت هيلينا البريطانية الواقعة قبالة الساحل العربى للقارة الأفريقية لربط الجزيرة بنظام كابلات الألياف البحرية عبر نظام الكابلات البحرية Equiano بحيث يبدأ تقديم خدمة الإنترنت فائق السرعة لسكان الجزيرة بحلول عام 2022. وبموجب الاتفاقية ستكون المصرية للاتصالات أول شركة تزود سكان الجزيرة بوصلة ألياف ضوئية يبلغ طولها 1140 كيلومترًا. ويشير د. خالد نجم، وزير الاتصالات الأسبق إلى أن مصر عضو فى عدة مشروعات كابلات ألياف بحرية من بينها تحالف الكابل البحرى SEA-ME-WE 5 الذى يوفر سعة تصل إلى 38 تيرابت فى الثانية، إضافة إلى عضويتها فى تحالف الكابل البحرى Asia-Africa Europe 1، الذى يمتد بطول 25 ألف كم ويربط جنوب شرق آسيا بأوروبا بسعة 100 جيجابت فى الثانية. رسوم مرور الكابلات أوضح مصدر بالشركة المصرية للاتصالات أن الشركة نجحت فى زيادة حصة مصر من عرض النطاق الترددى من الكابلات فى عام 2019 فقط لتصل إلى 2.6 تيرابت فى الثانية، لم تستخدم منها مصر إلا حوالى 1.9 تيرابت فى الثانية فقط. ومقابل ذلك حققت الشركة إيرادات تزيد على 2.9 مليار جنيه كرسوم مرور للكابلات خلال العام المالى 2019 طبقا للبيان المرسل من الشركة لإدارة البورصة المصرية. وبلغت نسبة هذه الإيرادات حوالى 10% من أرباح الشركة فى الربع الأول من العام الحالى 2020. وارتفعت نسبة مساهمة رسوم مرور الكابلات فى إيرادات الشركة من 6.62 % عام 2008 إلى 17.39 % عام 2019، مما يوضح مدى الاهتمام الذى توليه إدارة الشركة لخدمات الكابلات. من النحاس إلى الفايبر اعتمدت الشركة المصرية للاتصالات خطة شاملة للاستغناء عن الكابلات النحاسية، وإحلال كابلات الألياف الضوئية محلها (مشروع توصيل الفايبر إلى المنازل)، وتم ضغط مدة تنفيذ المشروع إلى عامين فقط بدلا من أربعة أعوام باستثمارات 17 مليار جنيه للعامين 2019 و 2020، تضاف إلى حوالى 26 مليار جنيه تم استثمارها على مدار السنوات الخمس الماضية، ليصل بذلك إجمالى استثمارات المشروع إلى 43 مليار جنيه منذ عام 2014. وقد أتت تلك الخطة ثمارها على غير المتوقع عندما اجتاح فيروس كورونا العالم، وارتفعت بشكل مفاجئ معدلات استخدام الإنترنت خصوصا خلال فترات حظر التجول، مما كان له أثر ملحوظ على استقرار خدمة الإنترنت رغم الضغط غير المتوقع على الشبكة، خاصة أن وزارة الاتصالات بداية من عصر المهندس ياسر القاضى، وزير الاتصالات السابق، وصولا إلى عهد الوزير الحالى د. عمرو طلعت، تبنت استراتيجية واضحة وطويلة الأمد لمضاعفة متوسط سرعة الإنترنت عريض النطاق من 5 ميجابت فى الثانية فى 2018، إلى 17 ميجابت فى الثانية فى 2019، ثم 20 ميجابت فى أوائل العام الحالى، وصولا إلى 30 ميجابت فى الثانية وفقا لتأكيدات وزير الاتصالات د. عمرو طلعت. حرب القطاع الخاص استغل البعض إعلان شركة جوجل عن خطتها لتمديد الكابل البحرى من السعودية عبر خليج العقبة إلى إسرائيل بدلا من المرور بقناة السويس لتوجيه سهام الاتهام بالتقصير والمغالاة فى الأسعار للشركة المصرية للاتصالات المملوك 80 % من أسهمها للدولة جاء على خلفية امتلاك الشركة للحق الحصرى فى تأسيس البنية التحتية للاتصالات فى مصر. ورغم الأهمية الاستراتيجية لقرار منح الشركة الوطنية الحق الحصرى فى العمل فى مجال تمديدات البنية التحتية، إلا أنه من الواضح أن العديد من الأطراف لا يعجبهم استمرار الشركة الوطنية الوحيدة فى احتكار هذا الحق، خصوصا، وأن العديد من شركات الاتصالات العاملة فى السوق أبدت رغبتها فى الحصول على رخص مماثلة للمصرية للاتصالات، ووجهت طلباتها بالرفض. ويبدو أن موجات الهجوم الموسمى على الشركة المصرية للاتصالات لن تتوقف ما لم تذعن الحكومة المصرية لمطالب الشركات الخاصة التى تحاول بكل قوة الضغط على الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات لمنحها هذا الحق، على الأقل لرغبتهم فى الحصول على نصيب من كعكة العوائد أو التخلص من دفع المزيد من الرسوم للمصرية للاتصالات مقابل استئجار سعات إنترنت منها، وقد كشف الدكتور عمرو بدوى الرئيس الأسبق للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات عن نوايا البعض بشكل واضح (بعد تركه مهام منصبه) إذ قال: "إن مشاركة القطاع الخاص أو شركة ثانية على الأقل فى تأسيس البنية التحتية للألياف الضوئية سيحسن بالتأكيد من الجودة والأسعار بشكل كبير". ابحث عن المستفيد تأتى هذه التصريحات رغم قيام المصرية للاتصالات بمنح القطاع الخاص مساحة للاستثمار فى تطوير البنية التحتية للألياف الضوئية. ففى العام الماضى 2019، أصدر الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات رخصتين لشركتى فودافون الإنجليزية، واتصالات الإماراتية لتسريع مد كابلات الألياف الضوئية فى التجمعات العمرانية المغلقة (الكومباوندات). ويؤكد مصدر مسئول من الشركة المصرية للاتصالات أنه من الممكن أن نتفهم الهجوم الكاسح ضد المصرية للاتصالات، لكن من غير اللائق الزج بها كشركة وطنية واعتبارها سببا أصيلا فى قيام شركة جوجل بتمديد كابل من السعودية مباشرة إلى إسرائيل عبر خليح العقبة، فهذا المسار هو الأقصر منطقيا، فضلا عن أن وجود 17 كابلا تمر عبر قناة السويس يعتبر سببا كافيا يدفع جوجل للتفكير فى مسار بديل غير مزدحم، وليس بالضرورة بسبب تعنت المصرية للاتصالات فى فرض رسوم باهظة، أو لأن جوجل تستهدف مد جسور التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل عبر كابل إنترنت!!!، إذ أن هذا المنطق غير صحيح، لأن الربط المباشر أو غير المباشر لا يؤثر من الناحية التقنية على سرعة أو جودة خدمة الإنترنت. ما لم يكن وراء إثارة تلك الاتهامات حاجة فى نفس أصحابها تستهدف النيل من الشركة الوحيدة المملوكة للحكومة المصرية العاملة فى القطاع.