«ليه تحكموا بالشكل بس، الله جمال، خلق البشر بينهم فروق، خلق البشر بقلوب تحس، وخلقني بينكم وأداني كل الحقوق»… كلمات تلك الأغنية أداها الطفل عبدالرحمن عادل، متحدى الإعاقة البصرية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي في احتفالية اليوم العالمي لمتحدى الإعاقة في ديسمبر الماضى، هدفت الأغنية إلي مواجهة ظاهرة التنمر المنتشرة في المجتمع، والموجهة تحديدًا إلى متحدي الإعاقة. وبحسب آخر إحصائيات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فأن نسبة ذوى الاحتياجات الخاصة بين الشباب (18-29 سنة) تصل إلى 1.48% . بطولات .. وتنمر وتقول أية أيمن عباس، بطلة منتخب مصر في السباحة من فئة ذوي القدرات الخاصة، إن متحدى الإعاقة في مصر يتعرضون للتنمر بشكل مستمر، ليس فقط عن طريق التعرض إلي الإيذاء الجسدي، أو اللفظي، ففي كل مرة يحاول الآخرون مساعدة شخص يتحرك بكرسي متحرك، دائمًا يقولون لأهله ربنا يعينك ويقويك، أو ربنا يقومك بالسلامة. وأضافت: « أنا ليست مريضة لكى يقول لي أحد ربنا يقومك بالسلامة، فأنا فعلت ما لم يقم به الأسوياء، خاصة أنني حصلت على ميدالية برونزية في بطولة العالم، وأصبحت أصغر سباحة مصرية وعربية وإفريقية تتأهل إلي دورة الألعاب البارالمبية، على الرغم من أنني اتحرك بنصف جسمي فقط». وتابعت أية أيمن :« رغم كون بعض الناس يرون أنني مريضة فأنا أستعد إلي البطولة البارالمبية في طوكيو 2020، من خلال معسكر المنتخب»، لافتة إلي أنها تستيقظ يوميًا في الرابعة ونصف صباحًا. وأشارت إلي أنها بجانب تفوقها في الرياضة فهي تدرس إدارة أعمال في الجامعة الإمريكية، وتهوى الإخراج السينمائي، فضلًا عن مشاركتها في صناعة فيلم قصير عن قصة حياتها. تكريم.. وعضوية شرفية فيما قال أكمل محمود متولي، لاعب منتخب مصر في الجري لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، إنه مريض بضمور جزئي في المخ، ويوم ولادتي الأطباء أبلغوا والدتي بأنني سأموت قريبًا، ولن أكمل سنة واحدة في حياتي، إلا أنني اليوم عمرى 18 سنة واتمتع بصحة جيدة. وأضاف: « رغم أن لدى صعوبة في المشى فإنني حصلت على بطولة الجمهورية في الجري من خلال نادي الزمالك، وحصلت على عضوية شرفية من النادي، وتم تكريمي أكثر من مرة»، وأضاف أن عائلتي لم تكن تؤمن بي بالشكل الكافي، فأخي دائمًا كان ينظر إلي نظرة المهزوم، لكنني تمكنت من تحقيق إنجازات لم يتمكن من تحقيقها وهو من الأسوياء. وأشار إلي أن الإعاقة الحقيقية تكون في المخ وطريقة التفكير ، وليس في الجسد، أنا أرى نفسي مختلفا عن الآخرين ولست معاقا. ثقافة المجتمع فيما قال رانيا واصفي إحدى متحدى ذوي الإعاقة، إن التنمر يعتبر ثقافة في المجتمع، لأنه إساءة إلي الآخرين، وإصدار أحكام مسبقة عليهم، بداية من الدكتور الذي حكم علي بالموت منذ والدتى حتى الشوارع التي لا يوجد بها رامبات تساعدنى على الحركة بالكرسي. وأضافت رانيا، إنني ولدت بمرض نقص العناصر المكونة إلي العظام، فأصبت بهشاشة في العظام، وكنت اتكسر في بطن والدتي، والأطباء أبلغوا أبى وأمي إنني سأتوفى خلال أيام، لكن سنى حاليًا 34 سنة، لافتة إلي أن أكثر صعوبة واجهتها في حياتي هي التعليم. وأشارت إلي أن التعليم في مصر به تنمر ضد متحدي الإعاقة أيضًا، لأنني أضطررت إلي ترك التعليم في الصف الثالث الإعدادي بسبب أنني لا أمتلك القدرة على المذاكرة لوقت طويل، مطالبة بمراعاة ذوي القدرات الخاصة في المناهج التعليمية، وذلك وفقًا لظروفهم سواء كانت إعاقة جسدية أو ذهنية. وتابعت: «بعد أن تركت التعليم أخذت كورسات فوتوشوب وحاسب آلي لكى اتمكن من العمل، فضلًا عن تنمية مهاراتي في الصناعات اليدوية، وبالفعل شاركت في عدد كبير من معارض الإكسسوارات في الإسكندرية، وكان لدي إقبال كثيف من جمهور مواقع التواصل الاجتماعي على منتجاتي». سلوكيات سيئة وبدورها قالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن التنمر يعتبر واحدا من السلوكيات النفسية السيئة، والتى تؤثر سلبًا على الآخرين، وربما تؤدي إلي انتحار البعض، بسبب عدم تقبله لذاته، وإثارة الشعور بالضعف. واضافت أن التنمر هو شكل من أشكال الإيذاء والإساءة الموجهة من شخص إلي شخص أخر أقل منه في القوة، وفي الأغلب تكون القوة جسدية، لافتة إلي أن التنمر يتم من خلال الألفاظ أو التعدي الجسدي، بسبب عدم وعي الفرد بمدى الإيذاء الذي يسببه للآخرين. وتابعت :«أن تعمد إيذاء الشخص السوي إلي ذوي القدرات الخاصة، يكون نتيجة إلي ضعف الأول، وغيرته من كونه كامل الأعضاء الجسدية وعاجز عن تحقيق إنجازات قام بها متحدو الإعاقة، الأمر الذي يؤدي إلي إثارة الغيرة والحقد ومحاولة التعويض بالتقليل من شأن متحدي الإعاقة، وإثارة الشعور بالضعف والهزيمة لديه». وأكدت أن الشخص الذي يتعرض إلي التنمر إما أن يتأثر ويتعرض إلي الإكتئاب والهزيمة وينفر من الحياة وربما ينتحر، أو أن يتحدى الآخرين ويحقق مزيدا من الإنجازات في حياته، لافتة إلي أن متحدى الإعاقة يكون لديهم إرادة مضاعفة عن الأسوياء، مما يشعرهم باختلافهم. وطالبت:«بضرورة مراعاة متحدى الإعاقة في الفصول الدراسية، ومحاولة دمجمهم في المجتمع من خلال معاملاتهم دون حرج أو إشعارهم بالضعف، وقلة الحيلة، خاصة أنهم فئة منتجة في المجتمع». معاقبة المتنمرين فيما قال علي الجبالي، رئيس قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، إن المتجتمع المصري لديه ثقافة التنمر تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء على مستوى الطرق غير المؤهلة لهم، أو المواصلات، والمناهج التعليمية، إضافة إلي عدم تفعيل قانون متحدي الإعاقة الذي يمنحهم الحق في الحصول على حقوقهم في المجتمع. وأكد ضرورة عدم التعامل مع متحدى الإعاقة على أنهم مواطنون درجة ثانية، فهم لديهم نفس حقوق الأسوياء ولابد من صدور قوانين تعاقب المتنمرين، حتى يتم ضبط المجتمع، ونشر آليات التعامل السلمي بين المواطنين.