رخص الله سبحانه وتعالي للمريض الافطار في رمضان وذلك حفاضاً علي حياته وسلامته. وعلي المريض العمل بهذه الرخصه الإلهية. فالمرض يشكل عبئا علي الجسد والصيام مشقة والله سبحانه وتعالي أرحم من أن يكلف أحداً فوق طاقته لكن الامراض كثير وعلاقتها بالصيام متفاوتة. والمريض قد لا يكون لديه من الخبرة والمعرفة. لينظرالي طبيعة مرضه ويحدد: هل لديه القدرة علي الصيام ام لا؟ لذا فالطبيب هو الوحيد الذي يمكنه أن يحدد من هو المريض. الذي يفطر ومن الذي يمكنه أن يصوم. والامراض المزمنة التي يجب مراعاتها بشدة اثناء الصيام هي امراض الجهاز التنفسي والمصابون بامراض الربو والتهابات الشعب الهوائية المزمنة وامراض ضيق النفس. وأمراض الجهاز الهضمي وقرحة الاثني عشر ومرض الامساك المزمن ومرض التهاب الكبد الوبائي وهبوط ضغط الدم والفشل الكلوي وغيرها من الامراض التي سنسعي جاهدين الي بيان كل حالة من الصيام او عدمه. من أصحاب الأعذار الذين يلحقون بالمرض من وجه وإن خالفوهم من وجه آخر الشيخ الكبير الذي وهن العظم منه وبلغ من الكبر عتيا. ويجهده الصوم ويلحق به مشقة شديدة. ومثله المرأة العجوز التي أضعفها الكبر. فحكمهما واحد بالإجماع. ويلحق بهما من ابتلي بمرض مزمن إذا لحقته بالصوم مشقة. وهو الذي لا يرجي برؤه من مرضه والشفاء منه وفقا لسنة الله الجارية علي الأسباب والمسببات. وإن كانت القدرة الإلهية لا يعجزها شيء. فهؤلاء لا صوم عليهم بلا خلاف. وقد نقل الإجماع علي ذلك الإمام ابن المنذر. ولا يشترط في إباحة الفطر لهؤلاء أن ينتهي أحدهم إلي حالة لا يمكنه فيها الصوم. بل الشرط الذي يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها. والدليل علي إباحة الفطر لهم قوله تعالي: "وما جعل عليكم في الدين من حرج". وقال في آية الصيام: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر". ثم إن هؤلاء نوع من المرضي. فالشيخوخة مرض. وقد جاء في الحديث: ¢ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء إلا الهرم¢. والأصل في الاستثناء أن يكون متصلا. والمريض الذي لا يرجي برؤه مريض علي كل حال. إنما فارق المريض العادي بأنهما لا يستطيعان القضاء لأن الشيخ لا يعود شبابا حتي يمكنه أن يقضي. وذا المرض المزمن لن يجد فرصة للقضاء مدام مرضه ملازما له علي الدوام. وإنما عليهما الفدية طعام مسكين. روي البخاري عن عطاء أنه سمع ابن عباس: "وعلي الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" قال ابن عباس: ليست منسخوخة. هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما. فيطعمان عن كل يوم مسكينا. وروي عن عبد الرزاق أنه يقرؤها: "وعلي الذين يطوقونه" أي يكلفونه ويتجشمونه بمشقة. وقد قرأت بها عائشة وغيرها من السلف. "المصنف لعبد الرزاق "4/220-224" بتحقيق المحدث حبيب الرحمن الأعظمي". وجاءت عنه روايات أخري تفيد أن الآية منسوخة. ولكن حكمها باق بالنسبة للكبير الفاني. قال ابن كثير: فحاصل الأمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح المقيم بإيجاب الصيام عليه بقوله: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه". وأما الشيخ الفاني الهرم الذي لا يستطيع الصيام فله أن يفطر. ولا قضاء عليه لأنه ليست له حال يصير إليها يتمكن فيها من القضاء ولكن يجب عليه إذا أفطر أن يطعم عن كل يوم مسكينا إذا كان ذا جدة؟ فيه قولان للعلماء: أحدهما: لا يجب عليه إطعام لأنه ضعيف عنه لسنه فلم يجب عليه فدية كالصبي لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها. وهو أحد قولي الشافعي - وهو قول مالك وأيده ابن حزم-. والثاني وهو الصحيح وعليه أكثر العلماء: أنه يجب عليه فدية في كل يوم. كما فسره ابن عباس وغيره من السلف. علي قراءة من قرأ: "وعلي الذين يطيقونه" - لعلها يطوقونه- أي يتجشمونه. كما قال ابن مسعود وغيره. وهو اختيار البخاري". "انظر تفسير ابن كثير "1/215" ط الحلبي. وقد يلحق بهذا النوع من أصحاب الأعذار من كان يمتهن الأعمال الشاقة التي لا قدر معها علي الصوم. مثل عمال المناجم أو الأفران أو غيرهم ممن لا يستطيعون الصوم ولا يجدون فرصة للقضاء. فهم يفطرون ويفدون. فإن كانوا يستطيعون القضاء في فصل الشتاء مثلا حيث يقصر النهار ويبرد الجو ولا يصعب عليهم الصوم جاز لهم الفطر في الحال. ووجب عليهم القضاء في المستقبل. ومثلهم من يتعيش من عمل قائم علي السفر مثل السائق والطيار والبحار إذا لم يجد أحدهم فرصة لقضاء فيفطر ويفدي. والفدية طعام مسكين.