محمد صلي الله عليه وسلم خاتم النبيين ورسول الله تعالي إلي البشرية أجمعين. بل إلي جميع الخلق. إنسهم وجنهم. وما خلق الله من خلق. وصفه الله تعالي بالخلق الرفيع. فكان مثلا أعلي للأخلاق. قال تعالي: "وإنك لعلي خلق عظيم" "القلم/4" وقد ظل محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم رمزاً للوفاء المطلق لكل شيء خاصة للمرأة لما لها من ضعف معروف وحنان دافق. ورسول الله صلي الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة لنا جميعا في كل أحواله ومواقفه خاصة موقفه مع أمهاته اللائي احتضنه وأرضعته وربيانه. وكل من كان له صلة رحم بأبيه أو أمه. عماته وخلاته وقريباته. أما عن أمهاته وصلته بهن. فقد ولدت "آمنة بنت وهب" - محمد صلي الله عليه وسلم وكان يتيم الأب حيث توفي أبوه. وهو حمل في بطن أمه - حيث كان في تجارة بالشام إلي غزة فلما عاد مرض وعرج علي أخواله من بني النجار في المدينة وتوفي فيها وبعد ولادته أرضعته "ثويبة" جارية أبي لهب بلبن ابنها مسروح قبل ان ترضعه حليمة في بني سعد التي أخذته في البادية ليظل معها ومع أسرته خمس سنوات. ثم عاد إلي أمه لتحضنه سنة واحدة حتي بلغ السادسة من عمره. فأخذته إلي المدينة ليزور أخواله من بني عدي بن النجار. ويزور قبر أبيه. إلا أنها توفيت هناك ولم يبلغ من العمر سوي السادسة. فحملته حاضنته "أم أيمن". وكانت جارية لأبيه "وتسمي بركة" وعادت به إلي جده عبدالمطلب في مكة ليتولي تربيته حتي الثامنة من عمره. فلما توفي كفله عمه أبوطالب. وهكذا ذاق صلي الله عليه وسلم مرارة اليتم عدة مرات. ولم يرشف من حنان الأمومة إلا اللمم.. وقد ظل صلي الله عليه وسلم يترحم علي أمه ويذكرها. ويذكر زيارته لبني النجار معها. وظل وفياً. باراً بها حتي آخر عمره رغم وفاتها وقد ذكر ابن سعد في "طبقاته الكبري" أن رسول الله صلي الله عليه وسلم في "عمرة الحديبية" حينما كان بالأبواء - عند قبر أمه - قال: "إن الله قد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه" فأتاه رسول الله صلي الله عليه وسلمه وأصلحه. وبكي عنده. وبكي" المسلمون لبكاء رسول الله صلي الله عليه وسلم. فلما سألوه قال: "أدركتني رحمتها فبكيت". وكان كلما ذكرها استغفر لها الله عسي أن يتقبل منه فيرحمها. كما كان يأمر ببر الوالدين. خاصة الأم أما ثويبه برضعته. فقد كان يصلها ويبعث إليها بالكسوة حتي توفيت عام 7ه. ثم سأل عن ابنها "مسروح" فعلم أنه توفي قبلها. أما مرضعته حليمة السعدية. فقد قدمت عليه بعد زواجه من خديجة رضي الله عنها بمكة وشكت جدب البلاد وهلاك الماشية. فكلم رسول الله صلي الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها فأعطتها أربعين شاه. وبعير ممهداً بهودجه فعادت بهم إلي بلدها. كما قدمت عليه في المدينة فأستأذنت عليه. فلما دخلت قال: "أمي. أمي" وبسط لها رداءه. فقعدت عليه. وحينما فُتحت هوازن وقسّم صلي الله عليه وسلم الغنائم بين المهاجرين والأنصار. قدم عليه وفد هوازن مسلمين. وكان فيها "عم النبي من الرضاع. وقد طلبوا منه رد نسائهم وأبنائهم وأموالهم فقال له رأس المتكلمين "أبوصرد زهير بن صرد": "إنما في الحظائر أخواتك وعماتك وخالاتك وبنات عمك وبنات خالاتك وأبعدهن قريب منك. بأبي أنت وأمي إنهن حضنك في حجورهن وأرضعنك بثديهن وتوركنك علي أوراكهن وأنت خير المكفولين" فرد النبي صلي الله عليه وسلم. وكذلك الناس رد عليهم سباياهم. ورد الناس معه سباياهم كذلك أكرم صلي الله عليه وسلم حاضنته أم أيمن "بركة" التي احتضنته في طفولته. ثم زوجها من زيد بن حارثة وظل يصلها حتي توفي. وكان يقول: "هذه بقية أهل بيتي" أما فاطمة بنت أسد بن هاشم "زوج عمه أبي طالب". حيث انتقل بعد وفاة جده عبدالمطلب إلي بيت عمه أبي طالب فكانت تحبه وتكرمه. وأسلمت هاجرت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي المدينة فكان يقدرها ويعتز بها فلما ماتت ألبسها قميصه واضطجع في قبرها ليهون عليها ولتكسي من حلل الجنة. وكان صلي الله عليه وسلم يصل عماته وخلاته وذوات رحمة كما كان يكرم "الشيماء". أخته من الرضاع التي كانت تحمله في طفولته. وكذلك اخوته من الرضاع. وقد التزم صلي الله عليه وسلمه بقول الله تعالي: "وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالولدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما. وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب أرحمها كما ربياني صغير" الإسراء/23. .24 لذلك كان يوصي بالأم وصية واجبة كما أوصي بصلة الرحم. قال صلي الله عليه وسلمه حينما جاءه رجل يستأذنه في الجهاد: "أحيّي والداك؟؟" قال نعم. قال: "ففيهما فجاهد" أخرجه البخاري ومسلم وكذلك أوصي بالأم حينما جاءه رجل فسأله: "يارسول الله من أحق بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال "أمك". قال ثم من؟ قال: "أمك" قال ثم من؟ قال: "أبوك" أخرجه البخاري ومسلم. كما روي عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "من سره أن يبسط الله في رزقه. أو ينسأله في أثره فليصل رحمه. أخرجه البخاري ومسلم. أين نحن من منهج رسول الله صلي الله عليه وسلم من صلته بأمهاته وذوي رحمه ونحن نري الآن من يطرد أمه من مسكنها ليحتله مع زوجته وأولاده. ومن تقتل أمها أو جدتها من أجل زواجها بآخر لم توافق عليه الأم. ومن يقتل جدته ليسرقها.. أين التربية الإسلامية والأسوة الحسنة التي أهملناها ففاجئنا المجتمع بهذه المصائب التي لم نرها في ماضي حياتنا. فلنرجع إلي القرآن الكريم والسنة النبوية وأوامر الله ورسوله لنحفظ ديننا ودنيانا والله الموفق.